ذكرت صحيفتان أمريكيتان في عدديهما الصادرين اليوم الإثنين أن محادثات المآتة الأخيرة بخصوص البرنامج النووي الإيراني كشفت مدى عمق الفجوات القائمة بين إيران والقوى الغربية. فقد رأت صحيفة "ذي كريستيان ساينس مونيتور" أن الجولة الأخيرة من المحادثات النووية التي تمت بين إيران والقوى الغربية نهاية الأسبوع الماضي في كازاخستان كشفت الفجوات العميقة التي لا تزال قائمة بين الجانبين.
وأوضحت الصحيفة - في تقرير لها نشرته اليوم وأوردته على موقعها الإلكتروني - أن المحادثات النووية التي جرت في مدينة "المآتة" الكازاخية بين إيران ومجموعة دول (5+1)، التي تضم أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين بجانب ألمانيا - عكست مدى عمق الانقسامات وحجم التوقعات غير المتطابقة بينهما.
وأفادت بأن مسئولين من كلا الجانبين أكدوا أن محادثات ألماتي الأخيرة لم يسبق لها مثيل من حيث الكثافة والعمق موضحين أنها شهدت عقد اجتماعات استغرق كل منها ما بين 30 إلى40 دقيقة بين دبلوماسيين بارزين من إيران وأمريكا".
وقالت "إنه بدلا من تضييق الهوة التي لطالما كانت سببا في إفساد الجولات السابقة من المحادثات النووية بين إيران ومجموعة دول (5+1)، بدت محادثات المآتة عازمة على توضيح جسامة التحديات الدبلوماسية التي لا تزال تطفو على السطح أكثر من أي وقت مضى".
وأشارت الصحيفة إلى أن الغرب يصر على مطالبة بضرورة أن تتخلى إيران عن تخصيب اليورانيوم تحت نسبة 20% - وهى الخطوة التقنية اللازمة لتطوير السلاح النووي - وأن توقف تشغيل منشأة "فوردو" المشيدة تحت الأرض، وذلك في مقابل تخفيف بسيط للعقوبات المفروضة عليها.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن المحلل الإيراني البارز بمجموعة الأزمات الدولية علي فائز قوله "إن قطع خطوط الاتصال والتصورات الخاطئة المتبادلة بين الجانبين يهدد في حقيقة الأمر بتدمير العملية الدبلوماسية برمتها".
وأضاف فائز "أن الخلافات بين الجانبين لا تزال متسعة بحجم المسافة القائمة بين أول خطوة ونهاية اللعبة, مشيرا إلى أن هناك ثمنا باهظا سيدفع إذا ما تم الإعلان عن فشل أو ضيق أفق احتمالات التوصل إلى اتفاقية.
ومضت "مونيتور" لتقول "إن أجواء محادثات المآتة شابها في حقيقة الأمر إصدار تصريحات شديدة اللهجة من كلا الجانبين، حيث سعى كل طرف لتأكيد أن الطرف الآخر بحاجة إلى العودة إلى وطنه وإعادة تقييم أفكاره"، مشيرة إلى أنه لم يتم تحديد موعد لإجراء جولة جديدة لكن هناك احتمالات بأن تصدر قرارات حول سبل استئنافها خلال أيام.
ونقلت الصحيفة عن أحد المسئولين الأمريكيين قوله "إنه من الإنصاف أن نقول إن إيران بدت مستعدة فقط لتقديم خطوات ضئيلة للغاية إزاء وضع قيود على برنامجها النووي، بينما ترغب في المقابل في الحصول على مكافآت هامة، وهو ما لا يقدم أساسا واقعيا للتقدم".
بدورها، سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على الأسباب التي تقف وراء اختيار كازاخستان لإجراء الجولتين الأولى والثانية من المحادثات النووية بين إيران والقوى الغربية، واعتبرت أن الجانبين، رغم عدم اتفاقهما على شئ جوهري، إلا أنهما أكدا أنهما وجدا المكان المناسب للجلوس فيه والاختلاف حول رؤية كل منها إزاء البرنامج النووي الإيراني.
وذكرت الصحيفة - في تقريرها الذي بثته على موقعها الالكتروني - أنه من منطلق عدة أسباب، اعتبرت كازاخستان الأرض المناسبة لإجراء مثل هذه المحادثات؛ فهي تطل على بحر قزوين الذي تشترك فيه مع إيران بجانب خبرتها الطويلة مع القضايا النووية.
وأشارت الصحيفة إلى أن كازاخستان كان ينظر إليها إبان فترة حكم الاتحاد السوفيتي على أنها مكان الاختبار الرئيسي لأكبر الترسانات الذرية في العالم بشكل دفع الشعب الكازاخي إلى معايشة تجربة مريرة مع تسرب الإشعاعات النووية.
وقالت "إنه عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، ورثت كازاخستان مخزونات كبيرة من الأسلحة النووية لكنها تخلت عنها طواعية، مما قدم نموذجا جيدا في يد القوى الغربية التي تحاول إقناع إيران بتحجيم طموحاتها النووية".
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن كازاخستان تعد اليوم المنتج الأكبر لليورانيوم في العالم، وهو ما ساعدها على استخدام هذه التكنولوجيا في الصناعات النووية المدنية من خلال التنسيق الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.