خلقت التسريبات التي سبقت انعقاد محادثات ألماتا 2، يومي 5 و 6 إبريل الجاري، والتي تعلقت بتفاصيل المقترح الذي تقدمت به الدول الست الكبرى لإيران في محادثات ألماتا 1 في فبراير 2013، جو من التفاؤل حول ما يمكن أن تنتهي إليه هذه المحادثات، وإمكانية بدء المفاوضات بين إيران وهذه الدول على أساس ذلك المقترح، بخاصة مع تزايد تأثير العقوبات الاقتصادية على الاقتصاد الايراني. ولكن تكشف تفاصيل المحادثات، التي انتهت جلساتها في 6 إبريل، عن استمرار "الفجوة" بين مواقف إيران والدول الست، على نحو حال دون تحديد موعد للمحادثات التالية أو مكانها، كما كشف عن ذلك نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف. وترجع هذه الفجوة، إلى أن ما تطرحه إيران مرتبط ب"تعليق" تخصيب اليورانيوم عند 20% وليس "وقف" التخصيب، كما اقترحت الدول الست (الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين)، استنادا لتمسكها بحقها في تخصيب اليورانيوم، وفق معاهدة حظر الانتشار النووي التي هي طرف فيها، في حين ترى الدول الغربية أن هذا الحق لا يمارس إلا وفق شروط محددة، تضمن الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وهو ما تسعى لوضعه من خلال المحادثات مع إيران. ونظرا لتمسك الدول الست بهذا الموقف، تسعى إيران من حين لآخر لتوسيع المحادثات لتشمل دولا قد تدعم موقفها، وهو ما يلاقى عدم قبول من الدول الست. ويعد هذا الخلاف هو المسئول الرئيسي عن توقف المحادثات بين الجانبين في يونيو 2012، وعدم تحقق تقدم حقيقي في المحادثات منذ استئناف الجولة الجديدة منها في فبراير الماضي. مقترح ألماتا1: شمل المقترح الذي تقدمت به الدول الست، في محادثات ألماتا1 وقف إيران تخصيب اليورانيوم عند نسبة 20% واتخاذ اجراءات كفيلة باغلاق مفاعل فوردو، ونقل مخزون ايران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى خارج إيران، في مقابل تخفيض الحظر المفروض على التجارة والذهب والمعادن وغيرها من الصادرات الإيرانية، وضمان حرية عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقد خضع هذا المقترح لمناقشة من الخبراء الإيرانيين في تركيا في مارس الماضي، ويشير مسئولون أمريكيون إلى أن الإيرانيين ناقشوا المقترح بالتفصيل، واستمرت المناقشات مدة 12 ساعة متواصلة، ولكن لم يتم اتخاذ قرار "سياسي" بعد من القيادة الإيرانية لاعتماد هذا المقترح أساس للتفاوض مع الدول الست. رغم عدم تحقق أي نتائج "جوهرية" في محادثات ألماتا 2، إلا أن تقييمات المسئولين الأمريكيين تشير إلى اعتبار انعقاد هذه المحادثات في حد ذاته "خطوة للأمام"، بخاصة أنها أوضحت أبعاد الموقف الإيراني من مسألة التخصيب، استنادا للمقترح الذي تقدم به كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي، والذي صرح في نهاية جولة المحادثات 6 إبريل باستعداد بلاده التعامل مع ملف التخصيب كموضوع للتعاون مع الدول الغربية لإعادة بناء الثقة. وتشير عدة تصريحات لمسئولين أمريكيين، نقلتها وكالة رويترز للأنباء إلى المرونة التي أبداها الجانب الإيراني في هذه المحادثات، برغم عدم تحقق انجاز فيها، وإلى اختلاف طريقة تعاملهم مع مقترحات الدول الغربية عن المحادثات السابقة، وهو ما يمكن إرجاعه إلى حاجة إيران لرفع العقوبات المفروضة عليها، والتي تسببت في رفع معدلات التضخم خلال ال 12 شهرا الماضيين، ليبلغ 31.5%. ورغم أن التوقعات تشير الى عدم انعقاد محادثات جديدة قبل انتخابات الرئاسة الايرانية المقرر عقدها في يونيو 2013، ليس لمحورية دور الرئيس الايراني في التفاوض مع الغرب، حيث يعد المرشد هو الشخصية المحورية، ولكن نظرا لما يصاحب الانتخابات من تعقيد لعملية صنع القرار، ومن ضغوط داخلية قد تحول دون استعداد القيادة لتقديم تنازلات حقيقية للغرب، إلا أنه من المتوقع أن تنعقد محادثات بين الدول الغربية الست لمناقشة المقترح الايراني بخصوص قضية التخصيب. لاتزال الدول الغربية تتعامل مع المحادثات، وما يمكن أن يترتب عليها من مفاوضات، كخيار رئيسي في التعامل مع قضية البرنامج النووي الايراني، وذلك في ظل تراجع احتمالات اللجوء للخيار العسكري، وذلك برغم أن المحادثات لم تحدث تقدم "كبير"، ولكنها كما أكد أحد المسئولين الأمريكيين لم يحدث انهيار بصورة كلية.