هناك العديد من الأقلام و الكتب حرضت على الثورة سواء جهرا أو بالإشارة ، هؤلاء كانوا موروثنا فى النداء بالتغيير و التنديد بالظلم فى كل العصور ، على اختلاف لون كل منهم فى الكتابة و لكنهم اشتركوا فى أن الكلمة " سلاحهم للتغيير " . محفوظ المتتبع لأعمال محفوظ الروائية يجده يعتني كل الاعتناء بالشأن العام والسياسة، ويبشر بالثورات ، ثورات " الحرافيش " التي يجب أن تنال حظها من العدالة الاجتماعية. و رواياته التاريخية في " كفاح طيبة " و ثورة المصريين ضد الهكسوس " ، وعن محاكمة الحكام ، ومساءلة الاستبداد كتب في " أمام العرش ". عن رواياته الفلسفية و الواقعية نجده في " الكرنك " يرفض الاستبداد العسكرى ، و اختار محفوظ مقهى " الكرنك " ليصبح المكان الرمزي للمجتمع المصري كله ،. ورغم أن ثورة "يوليو" رفعت شعارات الحرية والكرامة،وخلصت الشعب من الشعور بالذل والهزائم؛ فآمنوا بها وتغنوا بها بدرجات متفاوتة، وصارت الثورة محور حياتهم واهتماماتهم، ودارت حولها ثرثراتهم ونقاشاتهم، إلا أن الثورة ظلمت الشعب الذي تمثل في رواد " الكرنك " فنجد السلطة تمارس القهر باسم حماية الثورة . أما فى " بداية و نهاية" ، فشباب الحارة من المتعلمين الذين يتمردون على الواقع رغبوا في التغيير، تغييرجذري يقلب الأوضاع رأساً على عقب، مما يهدد محمود الأكرم شيخ الطريقة ويقضي على نفوذه قضاء مبرماً، بل ويهدد بانهيار بيت الأكرم"البيت الكبير" ومؤسس الطريقة. " و " ثرثرة فوق النيل " التي توقعت نكسة عام 1967 و " المرايا" أو حتى نصوصه الأخيرة في السنوات الأخيرة له مثل " أصداء السيرة الذاتية " و" أحلام فترة النقاهة ".جميعها أعمال دقت نواقيص الثورة و الخروج على الظالمين " عباس محمود العقاد " كتب يوما عن الأمم السجينة و ضحايا الملوك فقال : - قمْ يا ملكُ .. واشهدْ ضحاياكَ الكِثارَ
- فإذا الحصيلةُ ضَلّةٌ .. وعمايةٌ .. وتهتكٌ ..وتخلفٌ ودمارُ.. يتبعه دمارْ قمْ واشْهَدَنْ صَرْعاكَ خَرّوا.. لا ذمارَ.. ولا وقارْ سحقتْهمو دعْواكَ .. والأممُ السجينةُ.. حين هبَّتْ نارُها ذاتُ الأُوارْ غُذِيت بريحٍ صرْصَرٍ.. فَغَدَتْ سعيرًا فى سُعارْ فشهدْتَ مصرعَ بعضِهمْ .. والبعْضُ أنتَ صرعْتهمْ مِنْ قبلِ أن يلْقَوْا مصيرَهُمُ البئيسَ ألا ترى؟
بهاء طاهر عن الأعمال التى سطرت قبل الثورة بأعوام قليلة نبدأ بالأدب ، و رائعة بهاء طاهر " واحة الغروب " وفيها يدق بهاء طاهر ناقوس الخطر محذرا من الخطر الذي يطبق على مستقبل مصر في ظل الأوضاع التي كانت قائمة حين صدرت الرواية عام 2006 .
يرصد بهاء طاهر التناقض الذي يمثل شرخا في شخصية المثقف المصري ، الثوري ، الضعيف ، الذي يقف دائما " في منتصف شيء ما " ، المثقف الذي يكره الحكومة لكن إذا أوفدته الحكومة مأمورا حاكما لواحة سيوة فإنه مستعد لجلد أهالي الواحة وسجنهم كما فعل أسلافه لكي يستوفي للحكومة الضرائب المقررة ، إنه يشفق على سكان الواحة لكنه مستعد للعمل معهم بمبدأ مستر هارفي الإنجليزي " فرق تسد " وذلك بإلقاء بذور الفتنة بين القبيلتين اللتين تقطنان في الواحة بحيث تسهل عليه السيطرة .
يلخص طاهر أزمته بعبارة واحدة : " لا ينفع في هذه الدنيا أن تكون نصف وطني ونصف خائن ، نصف شجاع ونصف جبان " . وفي روايته الجميلة يضع بهاء طاهر ثقله كله خلف شخصية " مليكة " ابنة الواحة ، رمز الفن والذكاء والنهم للعلم والجرأة على تحطيم التقاليد البالية ، لكن " مليكة " الطائر الحر الوحيد تموت بطعنة سكين ، وهي طعنة يحذرنا بها بهاء طاهر من مصير مؤلم ، يحذرنا بعنف ، لكي نفيق ، وننتبه ، ونتحرك . سلماوي فى رواية " أجنحة الفراشة" التى صدرت قبل الثورة في 2010, يتحدث سلماوي فى فصولها الأخيرة عن ثورة عارمة تقوم فى ميدان التحرير يقودها الشباب، الذين يتواصلون عبر الإنترنت ويطلب من الجيش أن يتدخل لقمع الثورة ولكنه يرفض . يصنع الراوي تواز بين شخصيات الرواية فى بحثها عن نفسها وبين البلد الذى يمر هو الآخر بمرحلة البحث عن الذات، فتتشكل الحركات السياسية المطالبة بالتغيير وتنتشر المظاهرات فى كل مكان، وحين يصل الوطن إلى الخلاص أخيرًا من حكم الحزب الفاسد والمتسلط يكون أبطال الرواية أيمن قد عثر على أمه التى كان يبحث عنها، وتكون ضحى قد تخلصت من زواجها الفاشل الذى فرض عليها رغمًا عنها فتحولت على حد قولها من يرقة رخوة لا حول لها ولا قوة إلى فراشة جميلة نمى لها جناحان فصارت قادرة الآن هى والوطن على التحليق فى السماء. أعمال معارضة " أوان القطاف " لمحمود الورداني ( 2002 ) والرؤوس التي بترت من مطلع التاريخ وانتهاء بشهدي عطية الشافعي ، و رواية " طريق النسر" لإدوار الخراط ( 2002) التي عاد فيها إلي الخمسينات ليقدم حلقة حزبية من طلبة وعمال يجرفها الشوق إلي الثورة والعدل . أتذكر رواية محمد ناجي " الأفندي " ( 2008 ) التي عرى فيها ناجي الواقع الاجتماعي والثقافي من خلال " حبيب الله " وهو شاب أنهى تعليمه بكلية العلوم قسم الفيزياء ، لكنه يرمى بعلمه وثقافته وراء ظهره ويندفع بحثا عن القيمة التي يقدسها المجتمع الفاسد ، أي إلي البحث عن المال ، يعرى ناجي أمامنا مجتمعا أصبح شعاره " إدفع وافعل ما تشاء " ، اقتل ركاب عبارة وادفع واهرب من الحكم ، ادفع الرشوة وقم بالاستيلاء على الأراضي في أفضل المناطق ، ادفع واهرب من المحاكمة إذا قتلت راقصة ، إنه مجتمع كامل ، قام الأدب الحقيقي بتعريته . أما فى (خريف الديابة ) للروائى والقاص محمد فوزى الصحفى بمجلة المصور ، رصد كثير من المسكوت عنه من قضايا الفساد والظلم الاجتماعى والقهر وزواج السلطة بالمال .
الأسواني فى الكتب التى أغلبها أخذ منحى سياسى ، فتعالت أيضا دعوات التغيير و دحض الظلم ، فنجد كتاب " لماذا لا يثور المصريون " لعلاء الاسوانى فى 2010 ، يقول فيه " في داخل كل مقموع يكمن طاغية صغير يتحين الفرصة لكي يمارس ولو لمرة واحدة الاستبداد الذى مورس عليه "
في هذا الكتاب يختار لنا الكاتب علاء الأسواني المجموعة الأولى من مقالاته الصحفية الجريئة والتي نشرها على صفحات جرائد مصرية عديدة حتى 2008. وفيها يتناول همومًا مصرية شغلتنا جميعًا في تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر. يناقش الأسواني ويحلل أوضاع المصريين أمام حكّامهم، والزمن الصعب الذي يعيشونه. ويستعرض أبرز الأفكار السياسية والأزمات الديمقراطية التي لفتت انتباه كل مهموم بمستقبل...moreيناقش الأسواني ويحلل أوضاع المصريين أمام حكّامهم، والزمن الصعب الذي يعيشونه. وما شهدته الساحة السياسية العربية من تغيرات عنيفة في تلك السنوات القلقة ..
Bottom of Form كما كتب أيضا " هل نستحق الديمقراطية ؟ " 2010 ، قائلا " إن تعبيرات (إهانة رموز الدولة) و (تكدير السلم الإجتماعى ) و (الحض على ازدراء النظام ) و (إثارة البلبلة) إلى آخر هذه التهم السخيفة هى من مخترعات الأنظمة الاستبدادية للتخلص من المعارضين وتكميم الأفواه حتى يفعل الحاكم المستبد ما يريده فى الوطن والناس فلا يجرؤ أحد على مساءلته”
و " لا يمكن أن يستعيد المصريون أخلاقهم الطيبة إلا إذا استعادوا إحساسهم بالعدل .. ولن يتحقق العدل أبدا وهذا النظام السياسى الفاسد جاثم على صدور المصريين بالقوة .. يقمعهم ويزور إرادتهم وبنهب حقوقهم ويتسبب فى إفقارهم وقتلهم . لن يتحقق العدل إلا بتطبيق ديمقراطيه حقيقية .. عندئذ سيستعيد المجتمع صحته ويستعيد المصريون إيمانهم بالقانون والأخلاق..” " بلال مع بلال فضل و شهادة على العصر قبيل إسقاط نظام مبارك فى كتاب " أليس الصبح بقريب " ، يقول فيه " يا سادة ، قبل أن تفتحوا أحضانكم للعالم ، افتحوا أحضانكم للشعب ،فماذا يستفيد الإنسان لو كسب العالم و خسر شعبه !!؟ "
يجمع هذا الكتاب نخبة من أهم مقالات بلال فضل التي سبقت إنفجار الثورة حيث نشرت في ظل القمع الذي تعرضت له الصحافة والإعلام المصري في الأعوام الأخيرة التي سبقت الثورة والتي بقيت فيها أصوات قليلة تكتب في الصحافة المصرية بنفس درجة الجرأة بعد أن تم إغلاق صحف معارضة وبرامج فضائية وتكميم أفواه العديد من الكتاب. وتساعد المقالات بتسلسلها على تكوين فكرة عن تطور الأحداث في مصر في تلك ا يجمع هذا الكتاب نخبة من أهم مقالات بلال فضل التي سبقت إنفجار الثورة التى نشرت في ظل القمع. العم جلال من الأعمال الساخرة لا نغفل عمنا جلال عامر و كتابه " استقالة رئيس عربى " فى 2010 ، و يقول فيه “الإخوان و الوطني هما طرفي مقص هذا الشعب المسكين” ، "الحروب مثل الثورات يخطط لها الدهاة وينفذها الشجعان ويتسلم جائزتها اللامؤاخذة” .
هل المشكلة في حكامنا فقط أم أنها في "الترزي" وفي "القماشة" أيضاً فالعيوب مشتركة.. فإذا غيرنا "الترزي" كيف نغير "القماشة"؟ إذن بين الحكام والشعوب عيوب مشتركة لذلك أقول دائماً أن التغيير الحقيقي يبدأ بسبورة الفصل (التعليم) وصندوق الأنتخابات (الديمقراطية) وكلاهما بالمصادفة في معظمه لونه أسود إلا بعض "الأخضرار" الذي يبعث الأمل في مستقبل أفضل.. وللأمانة فإن بعض "الشعوب" مثل بعض و يقول و يقول " بين الحكام والشعوب عيوب مشتركة لذلك أقول دائماً أن التغيير الحقيقي يبدأ بسبورة الفصل (التعليم) وصندوق الأنتخابات (الديمقراطية) وكلاهما بالمصادفة في معظمه لونه أسود إلا بعض "الأخضرار" الذي يبعث الأمل في مستقبل أفضل.. وللأمانة فإن بعض "الشعوب" مثل بعض "الحكام" ترفض أن تتغير فلازالنا نناقش الآن نفس القضايا التي كنا نناقشها منذ مائة عام.. مثل قضايا المرأة والهوية المصرية وعلاقة الدين بالدولة.. ولم يحدث في التاريخ أن أستقال رئيس عربي ففي حالة "جمال عبد الناصر" أسماها "تنحى" وفي حالة "سوار الذهب" أسماها "تسليم عهدة" ويظل تدخل الطبيعة بالوفاة هو فقط التغيير فمن لا يمشي بالدستور يمشي بالدكتور " فهذا الكتاب محاولة لتشخيص حالة وطن يعاني من حكامه وشعوبه أيضاً من خلال مجموعة مقالات نشرها في جريدة "المصري اليوم" تحت عنوان (تخاريف) . قنديل من الكتب الممنوعة التى ثارت على النظام السابق و على رأسه مبارك و لم تنشر سوى بعد الثورة ، نجد كتب د.عبد الحليم قنديل -المنسق العام لحركة كفاية- أهمها "ضد الرئيس" ، وكتاب "الرئيس البديل 2010 ، و كتاب " الأيام الأخيرة "2008 و فى مقدمته يقول الكاتب " هل يحكم الجيش ؟ هل يحكم الإخوان ؟ هل يحكم جمال مبارك ؟ هل من طريق لمرحلة انتقال سلمى من حكم العائلة إلى حكم الشعب ؟ " كلها أسئلة معلقة برسم نهاية وشيكة لنظام انتهى إلى الإفلاس التام . بنجدة الأقدار ، أو بيقظة الناس ، أو بالإنزلاق إلى انفجار اجتماعى . و بتكلفة دم لا يريدها أحد لهذا البلد .
يشهر الدكتور عبد الحليم قنديل الكارت الاحمر فى وجه مبارك فى كتابه "كارت أحمر للرئيس" 2009 معللا ذلك بأنه أمر طبيعي لنظام أقصى إنجازاته التاريخية، هو أنه جعل المصريين يكرهون مصر ويهربون منها وأنه جعلهم "نفايات بشر" ينتظرون الموت المستعجل في بلادهم أو على أرصفة الغربة.