تحدثت مجلة فورين بوليسي الأمريكية عن كتاب " شهادتي " لأحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري الأسبق الذي أوضح فيه أن الرئيس السابق حسني مبارك كان مرتبكًا عند علمه بالمظاهرات التي اندلعت في يناير 2011. أشارت الصحيفة إلى أن "أبو الغيط" قال أن مبارك لم يظهر اهتمامًا كبيرًا، وعندما اقترح الراحل عمر سليمان الذي كان يرأس جهاز المخابرات المصرية وقتها اجتماع مع مسئولين بارزين لتنسيق الردود على الاحتجاجات المحتملة لم يرد "مبارك" ولم يتفاعل بطريقة فهم منها أنه ليس قلقًَا.
قالت الصحيفة أنه بالإضافة إلى قصة أبو الغيط، قام مسئولين مصريين بارزين بسرد قصصهم بشأن ما حدث، وتوضيح التوتر داخل نظام مبارك، وأسباب فشله في سحق الاحتجاج، وأن الرئيس مبارك عجوز للغاية، ويعتمد على رؤية ابنه جمال مبارك.
أوضحت الصحيفة أن إدارة "أوباما" قدمت لأبو الغيط في عدة مناسبات وجهة نظرها بشأن كيفية تعامل نظام مبارك مع الأزمة، وأعتقد الوزير أن الحكومة الأمريكية تحاول استخدام نهج الشرطي الجيد والشرطي السيئ، وأخبر أبو الغيط سليمان بأن " البيت الأبيض يظهر صارمًا للغاية ضد الحكومة بينما هلاري كلينتون رئيسة الوزراء الأمريكية، والوزارة أظهروا بعض المرونة" وأجاب سليمان " هذا هو التوزيع التقليدي للأدوار".
أظهرت الصحيفة انه كان هناك لاعبون آخرون يقومون بحماية مصالحهم فأخبر "طنطاوي" رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق "أبو الغيط"، أن الجيش لن يقوم بالتضحية بسمعته للحفاظ على نظام مبارك.
وكشف أبو الغيط عن أنه اقترح على مبارك في 2010 أن يشارك "جمال" في البرلمان، وكان الإخوان المسلمون وقتها القوى المعارضة تحصل على حوالي 20 % من البرلمان، وقتها أجاب مبارك بحدة قائلًا "، هذا هراء .. سوف يقطعونه إربًا .. ألا تعلم ما يحدث في البرلمان؟ ".
أما عن موقعة الجمل التي شكلت بداية النهاية لنظام مبارك، قام أبو الغيط بالاتصال بسليمان لمناقشة سفك الدماء في التحرير، واتفق المسئولان أن الرئيس ليس أمامه سوى التنحي، وقال سليمان أنه لا يستطيع إعلان ذلك علنيًا فسوف يتم اتهامه بإجبار مبارك على التنحي ليحصل هو عليها.
وسرد أبو الغيط حوارًا دار بينه وبين سليمان أكد فيها الأخير أن هناك خطة حقيقية لجعل "جمال" رئيسًا، ولكن مجلس الأمن الوطني لن يوافق على ذلك، وأنه لم يعمل مع جمال، مؤكدًا " إنهم يريدون التخلص مني ويبذلون الكثير من الجهد بشأن هذا الصدد "، يضيف أبو الغيط أنه يؤمن أن سليمان كان يشير إلى سوزان مبارك زوجة الرئيس السابق، وربما تحمل هذه المناقشة علامة لماذا تم تجاهل سليمان من قبل المؤسسة العسكرية بعد سقوط مبارك، فيقترح سليمان وجود عدم توافق بينه وبين طنطاوي بشأن جمال مشيرًا أنه في حالة أن جمال أصبح رئيسًا " كان طنطاوي هو الوحيد الذي سيعمل معه".
أما عن 11 فبراير الذي شهد تنحي مبارك يقول أبو الغيط أنه أمضي صباح هذا اليوم يتحدث مع سليمان، وأحمد شفيق، الذي قام مبارك بتعينه رئيسًا للوزراء بعد بدء المظاهرات يحاولون التفاوض من أجل خروج مبارك، وقال سليمان أن الرئيس السابق سوف يذهب إلى منزله في شرم الشيخ.
وفي محاولة لإنقاذ الموقف استدعى سليمان أبو الغيط لاجتماع في قصر الاتحادية في الواحدة ظهرًا، وكان القصر محاصرًا من قبل المتظاهرين، يعترف أبو الغيط ، قائلا أنه وصل للاستنتاج المنطقي "لقد تغير العالم. "
في النهاية، تلقى سليمان مكالمة من مبارك الذي انتقل وقتها لشرم الشيخ، أمره أن يقول لطنطاوي أنه منحه صلاحية الإشراف على إدارة البلاد، وعندما تم إبلاغه بالأمر أحجم طنطاوي عنه، كتب أبو الغيط " لقد فهمت من المكالمة الهاتفية أن طنطاوي لا يريد وضع الجيش في السلطة، ومن ثم قال طنطاوي لمبارك أنه يحتاج لمطالبة طنطاوي مباشرة، وفي النهاية ذهب هو وشفيق إليه لإعلامه بدوره الجديد.