كان يوم الحادي عشر من يناير لعام 2011، في كامل قوته وثقته،حتى أنه أبعد العشرات من العمال الساهرين على راحته حتى لا يشوهون الإستراحة الشهيرة بشرم الشيخ،حيث كان يستقبل وفداً من كبار الزوار العرب. هكذا تبدأ صحيفة "فورن بوليسي" روايتها لسقوط الديكتاتور في ذكرى ثوره 25 يناير. واستكملت الصحيفة، "إلا أن وزير الخارجية التونسي إضطر إلى الرجوع مسرعا إلى بلده وترك الوفد فور سماعه بوجود تداعيات "ثورة" ببلده، وفي الوقت نفسه تنشر صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" في مصر دعوات للخروج في تظاهرات أعادت بعدها سيناريو "ثوره تونس". اقتربت القمة العربية التي حضر الوفد من أجلها على الإنتهاء، وهنا سأل وزير الخارجية - وقتها- أحمد أبو الغيط، رئيس المخابرات، عمر سليمان،"هل ناقشت إحتمال حدوث إحتجاجات مع الرئيس؟"، فأجاب عمر، "لا ". ونشر "أبو الغيط" في كتابه "شهادتي" أن مبارك عندما سمع بالأمر لم يهتم به حتى أنه لم يرد عليهم في الكلام، مما يعني أنه لا يقلق. وتشير الصحيفة في روايتها إلى أن وزير الخارجية لم يكن هو الوحيد ممن كانوا حول مبارك و تحدث عن تلك الفترة، بل عدد آخر كبير قام الكاتب الأمريكي "برادلي هوب" بالإستعانه بهم في كتابه،" آخر أيام الفرعون". وقالت الصحيفة إن كل هؤلاء المسؤولون صوروا في رواياتهم "مبارك" كشخص سلبي، وأنه آخر من قد يلجأ له أحد في النصيحة، كما كتب أبو الغيط نصاً في كتابه،" مبارك كان كبيرا في السن، وكان يعتمد بقدر كبير على جمال، أصغر أبناءه، والذي نشط بشكل ملحوظ منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة، كما أن جمال كان يقضي فترات طويلة مع والده في القصر". وكشفت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد تحدث مع وزير الخارجية أكثر من مرة ليخبره عن وجهه نظره في كيفية إدارة الأزمة بمصر، إلا أن الوزير أخبر عمر سليمان لدى عودته أن الرئيس الأمريكي كان حازما وجادا في حديثه على عكس وزيرة خارجيته "هيلاري كلينتون" التي كانت أكثر مرونه في التعامل، وهنا رد عليه سليمان قائلا،" إنها الطريقة التقليدية في التعامل". وانتقلت الأحداث بعد ذلك لمراسم تأدية قسم رئيس الوزراء الجديد"أحد شفيق" الذى حضره المشير حسين طنطاوي ، حيث دار بينه وبين أبو الغيط حوار بدأه المشير قائلا،" إن هناك بعض الأقاويل بدأت تسري أن مبارك يريد إستخدام الجيش للسيطرة، وهذا لن يحدث..فالجيش لن يخسر سمعته من أجل ذلك، ورد عليه أبو الغيط مؤيدا، "الجيش لا يقتل المواطنين وإلا فقد شرعيته." وأصر جمال على حمايه والده مهما كلفه الثمن، فهو أراد أن يُبقيه في السلطة، حيث كان يرى نفسه في نفس المكان، لكن مبارك لم يعترف بذلك، بل ونفى إحتمال أن يأخذ جمال السلطة، وهنا تتدخل رواية أبو الغيط- أن مبارك قال له وقتها ،"هل تظنني مجنون لأضع إبني في السجن..هذا مستحيل"، فاقترح وزير الخارجية على مبارك أن يدع جمال يدخل الانتخابات البرلمانية 2010، لكن مبارك رفض ذلك أيضا معللا أن نسبة الاخوان المسلمين في البرلمان 20% والذين -بحسب قوله- سيقطعونه إرباً.."ألا تعرف ماذا يحدث داخل البرلمان؟!" ورن هاتف ابو الغيط صباح 2 فبراير، ليقول له المتصل،" إنهم سيحرقون مصر" فنظر من شرفته ليجد مجموعة من الجمال والخيول متجهة صوب التحرير، إنها موقعه الجمل ،"آخر محاولات النظام في البقاء وفض المظاهرات بأي وسيلة، نتج عنها اكثر من 600 مصاب و 11 شهيد. "بداية النهاية"..هكذا وصفت الصحيفة موقعه الجمل، حيث يقول أبو الغيط أنه إتصل بسليمان بعدها ليناقشا الوضع وكان قرارهما أن الرئيس عليه الآن أن يتنحى، حتى وإن كانت هناك خطة حقيقية موضوعة لنقل السلطه إلى جمال ، فإن الرأي العام لن يقبل ذلك . وقالت الصحيفة إن الخطاب الأخير الذي تنازل فيه مبارك عن صلاحياته لعمر سليمان جاء "متأخرا" كما كتب أبو الغيط، وأنه علم بعد ذلك أن جمال حاول التلاعب فيه، حتى يكون مرضياُ لكل الأطراف. وأضافت "تطور الأمرسريعا حتى جاء 11 فبراير،هاتف مبارك سليمان ليخبره بأنه يريد نقل السلطات لطنطاوي لكن الثاني لا يريد ان يقبل بالمسؤوليه، فذهب بعدها سليمان وشفيق إلى المشير ليقنعانه ويشرحا له دوره الجديد، ثم أتم سليمان النهايه بظهورة على شاشات التليفزيون ليعلن "تنحي الرئيس".