أجرت صحيفة المصري اليوم حوارا مطولا مع المفكر السياسى د. مصطفى الفقى، تطرق فيه إلى قضية ترشيحه كأمين عام للجامعة العربية، ودور الجيش فى تنحى الرئيس السابق ،وتخلى أمريكا عنه،كما سرد قصة خلافه مع سوزان مبارك التى طردته من المجلس القومى للمرأة . وقال الفقى إنه قبل رحيل الرئيس مبارك رشحا أمينا عاما للجامعة العربية، لأنه قد استقر فى ذهن مصر أن المرشح يجب أن يكون وزيرا، وهذا غير صحيح، وليس عليه ميثاق، والأمين العام الأول للجامعة لم يكن وزيرا، وتحدثت إلى دوائر سياسية من عدة دول عربية تفكر فى شخصى لتولى هذا المنصب باعتبارى كنت مندوبا دائما لمصر فى جامعة الدول العربية، وكنت أيضا ومازلت نائبا لرئيس البرلمان العربى، حيث تستمر صفتى لحين إجراء الانتخابات القادمة، ولكن مصر رشحت د.مفيد، وحتى الآن لم تتضح ردود الفعل فى هذا الشأن، ولا أعتقد أن الخارجية المصرية متحمسة لترشيحه، لكن القرار فى النهاية للمجلس العسكرى. ويضيف: وأعتقد أن فرص مصر فى الحصول على هذا المنصب هذه المرة يحكمها أمران، أولهما الحماس العربى للثورة المصرية وهذا عنصر إيجابى، أما الثانى وهو غير إيجابى فهو الشعور بالرغبة فى تدوير المنصب. واشار الفقى أن الوزير احمد أبو الغيط لم يكن متحمسا على تنصيبى امينا عاما للجامعة العربية، وتركت الأمر لله والمجلس العسكرى. مبارك والجيش .. علاقة انسانية وسئل الفقى عن تصريحات هيكل من أن هناك مركزا مناوئا للثورة فى شرم الشيخ رأيه فقال إن الدنيا تغيرت فلا عودة لما قبل 25 يناير، إنما ربما يكون هناك علاقات إنسانية وأتوقع أن يسأل رئيس المجلس العسكرى عن الرئيس، إنسانيا، وغيره، لكن هذا الأمر ليس له بعد سياسى. جمال مبارك .. وافتقاد الكاريزما وقال الفقى عن شخصية جمال مبارك إنها كانت متحفظة ولا يبتسم كثيرا ولا يضحك ولا يداعب الناس، وهذا جزء كبير من "فقر الكاريزما" عكس والده الذى كان أحيانا يداعب من حوله.. أما جمال مبارك فهو شخصية جادة جدا، ومتحفظ فى التعامل مع الناس. وهم أمريكا وسراب القوة الخارجية وعن تخلى أمريكا عن مبارك يقول الفقى "المتغطى بأمريكا عريان"، وهذه حقيقة.. الذين يراهنون على قوة خارجية إنما يراهنون على السراب والوهم، لا يحميك إلا شعبك فى النهاية.. وهذا ما حدث فى ثورة 25 يناير. ويضيف : وأرى أن أداء أمريكا كان مضطربا مترددا لا يخلو من انتهازية، وكانت مواقفهم تمضى مع بوصلة ميدان التحرير، فإذا وجدوا أن موقف الرئيس بدأ يعتدل وهناك قدر من السيطرة تحدثوا عن الانتقال السلمى للسلطة على مدى طويل، وأبدوا فى مرحلة معينة ثقتهم فى قدرة الرئيس على السيطرة على الأوضاع، ثم إذا سمعوا بغير ذلك وجاءتهم تقارير من سفاراتهم أو رجالهم بأن الأمور تتجه إلى عكس ذلك نجدهم يتحدثون عن "الرحيل الآن..الآن". ثورة تونس التشجيعية وعن ثورة تونس وتأثيرها على مصر يقول: اعتبرت ثورة تونس تشجيعاً قوياً لمن يفكر فى ذلك، لأن النظام التونسى كان "بوليسى شديد القبضة"، وبالتالى مجرد إقصاء الرئيس بن على وخروجه كسر حاجز الخوف لدى كثير من قطاعات المصريين تجاه الأحداث التى جرت فى 25 يناير وما بعدها. الرئيس راحل واشار إلى أن القوات المسلحة كانت تتصرف من منطلق وطنى وتحمى الشرعية بمعناها الواسع، وهى شرعية الشارع، وليست شرعية المقعد، و يقول: عندما تأكدت أنها لن تضرب المتظاهرين، أيقنت أن الرئيس راحل. طنطاوى لمبارك: أوقف حمامات الدم وعن دور الجيش فى تنحى مبارك يقول : قرأت أن المشير قال للرئيس السابق "أنا تلميذك أرجوك اتخذ قرارا وأوقف حمامات الدم". ويضيف: تصوروا أن الأمور لم تنته إلى هذا الحد؟. هنا يظهر الفارق بين مبارك والقذافى، فالرجل تصرف فى النهاية من أجل حقن الدماء المصرية. وسئل الفقى عن أكثر الأخطاء التى ارتكبها النظام السابق فقال: إنه قد ترك مساحة للحركة تحت مسمى تطوير الحزب، بينما أدى الأمر إلى تدخل كبير فى إدارة مرافق الحياة بمنطق إدارة الشركات وليس قيادة الأوطان، وأنا كتبت مقالا أنبه فيه إلى ذلك. ويضيف : عندما سئلت هل يعامل الناس فى الحزب السيد جمال مبارك كرئيس قادم؟"، فأجبت على الفور: "نعم"، واعتبرها جميع الناس عملية "انتحار سياسى" من جانبى.. فقضية التوريث أضرت، وما تلاها من تعديلات دستورية، وما تلاها من تشكيلات برلمانية. كل هذه المجموعة أثرت على النظام بشدة، بالإضافة إلى ما بدأت صحف المعارضة والمستقلة تنشره عن تجاوزات وسرقات، ولم نكن نجد رداً رسميا، وهذا يدل على الاستهانة بالرأى العام. ويضيف: كنا أمام مجموعة جديدة لا تعرف الشخصية المصرية، قل عن كمال الشاذلى ما تشاء، لكنه كان نموذجا لمن يفهم سيكولوجية الفلاح المصرى. ويقول: كما كانت حكومة نظيف"مهزوزة"، وأنا الذى قلت إن "استعلاء الدكتور نظيف بلغ حدا لا يمكن تصوره"، وقلت "ربما يسلم علينا بهذا الاستعلاء لأنه طويل القامة وأنا قصير"، ولكن هذه الوزارة قد تكون قد حققت نجاحات رقمية فى معدلات النمو، لكنها لم تصل إلى الطبقات الفقيرة، كانت بالتأكيد حكومة الأثرياء والأغنياء والشرائح العليا فى المجتمع الصوت العالى واستقالة الفقى وعن قصة فصله من المجلس القومى للمرأة قال الفقى: جئت متأخرا من الجامعة البريطانية ذات يوم فى احتفال المجلس القومى للمرأة عام 2007 بمناسبة مرور 50 عاما على النائبات المصريات، وكنت قد وصلت للاحتفال ولم أجد مقعدا، فسألت مدير البروتوكول والمراسم : أين أجلس؟ فقال لى: "أنا مش شغال عندك"، وحدثت مشادة بينى وبينه، وأنا انفعلت وارتفع صوتى ولم أكن أرى أن السيدة الأولى قد دخلت، فعز عليها أن يرتفع صوتى فى مكان هى موجودة به وقامت بفصلى. ولقد قالت لى الدكتورة فرخندة حسن مؤخرا فى مجلس الشورى إنها قالت للسيدة سوزان مبارك: "مصطفى لم يكن يعلم أنك قد وصلت إلى المكان"، فردت عليها قائلة: "وليكن، لكنه يعلم أن هذا المجلس أنا رئيسته، فلا يجب أن يرتفع صوته"، وقدمت استقالتى رغم أننى أسهمت فى قيام المجلس القومى للمرأة ومنظمة المرأة العربية إسهاما ضخما، ولكن لم يتم تذكر ذلك لى نتيجة "لحظة غضب"، وطلب منى تقديم استقالة فيما يشبه الإقالة.