استمعت المحكمة الدستورية العليا في جلستها المنعقدة اليوم الثلاثاء إلى المرافعات في الطعن المطالب بعدم دستورية قانون مجلس الشورى وحل المجلس استنادا إلى مخالفته لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، بسماح القانون للمرشحين المنتمين للأحزاب بالمنافسة على مقاعد المجلس المخصصة للمرشحين المستقلين. واستهلت المحكمة الجلسة بقيام المستشار ماهر البحيري رئيس المحكمة بتلاوة بيان استنكر فيه العدوان على المحكمة يوم 2 ديسمبر من العام الماضي، والتمثل في حصارها .. مؤكدا أن مثل هذا العدوان لن ينسحب من ذاكرة المحكمة التي ستظل حامية للحقوق والحريات.
وقال المستشار البحيري "إنه لا يتصور أحد أن نعود أدراجنا ونعتلي المنصة التي عجزنا عن الوصول إليها في جلسة 2 ديسمبر بفعل القوى الغاشمة وكأن شيئا لم يحدث.. إننا قد طوينا هذه الصفحة بالتسليم.. أو أن الأمور قد عادت إلى نصابها".
وأضاف "إننا عازمون على الوفاء بأمانة الرسالة التي حملناها احتراما للدستور والقانون وحماية لمصلحة الوطن وحريات الشعب وابتغاء لمرضاة الله".
وأشار البحيري إلى أن المحكمة الدستورية العليا لن تخضع لأية ضغوط من أي جهة كانت، كما أنها لم تخضع لتأثير الرأي العام أيا كان اتجاهه .. مؤكدا أن المحكمة لا تقضي إلا بما يمليه عليه ضميرها، وستظل دائما حارسا للشرعية الدستورية وحامية للحقوق والحريات.
من جانبهم، أكد المحامون المترافعون في الطعون المطالبة بحل مجلس الشورى أن المجلس قد انتخب على أسس باطلة حملت إجحافا للحقوق والحريات الثابتة، كما أنها نالت من مبدأي تكافؤ الفرص والمساواة بين المرشحين.
وأوضحوا أن ذات القواعد القانونية التي تم بموجبها انتخاب مجلس الشورى سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بعدم دستوريتها وبطلانها في الحكم الذي أصدرته بحل مجلس الشعب، حيث إن قانون مجلس الشورى المطعون عليه يحمل ذات الأسس التي أجازت للمرشحين المنتمين لأحزاب سياسية الترشح على المقاعد المخصصة للمرشحين المستقلين.
وأضافوا أن الدستور الجديد للبلاد لم ينص على تحصين مجلس برلماني أتى بصورة غير شرعية، حيث افترضت النصوص الدستورية الجديدة أن انتخاب مجلس الشورى قد جاء وفق أسس قانونية سليمة تتفق مع المبادئ الدستورية المستقرة.
وقالوا إنه ليس من سلطة الرئيس محمد مرسي إصدار أية إعلانات دستورية جديدة .. موضحين أن الإعلان الدستوري المعمول به من شهر مارس عام 2011 والذي انتخب بموجبه الرئيس لم يتضمن في الجانب المتعلق بصلاحيات الرئيس المنتخب واختصاصاته وأحقيته في إصدار أية إعلانات دستورية جديدة، ومعتبرين أن كافة الإعلانات الدستورية التي أصدرها الرئيس في شهور أغسطس ونوفمبر وديسمبر من العام الماضي تمثل غصبا لسلطة واختصاصات غيره.
واعتبروا أن ما تضمنه الإعلان الدستوري الصادر في نوفمبر الماضي من تحصين لأعمال الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى من البطلان والحل وانقضاء كافة الدعاوى المتعلقة بهما، إنما هو عمل باطل لا يتفق مع صحيح حكم القانون، ويشير بوضوح إلى أن الهدف المرجو من هذا الإعلان الدستوري كان تحصين بقاء أغلبية سياسية بعينها.
وذكر المحامون المترافعون في الطعون المطالبة بحل مجلس الشورى أن تشكيل مجلس الشورى منذ البداية إنما جاء بصورة باطلة نظرا لانتخابه في ضوء مواد غير دستورية تأكد بطلانها في حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب في يونيو من العام الماضي.
واستنكر مقيمو الدعوى حصار المحكمة الدستورية العليا على مدى شهر ديسمبر الماضي .. واصفين هذا الحصار بالجريمة النكراء والبشعة غير المسبوقة في تاريخ القضاء المصري.
ودفعوا بعدم دستورية قرار الرئيس بدعوة الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور باعتبار أن هذه الدعوة لم تتضمن نصا صريحا يحدد النصاب القانوني الواجب للموافقة على إقرار الدستور والذي كان ينبغي بوضع شرط حضور ما لا يقل عن نصف عدد من يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء.
من جانبهم، دفع محامو جماعة الإخوان المسلمين الذين حضروا منضمين إلى هيئة قضايا الدولة ضد مقيمي الدعوى ببطلان نظر المحكمة الدستورية للطعون استنادا لنص المادة 176 من الدستور الجديد والذي أوجب صدور قرار بتعيين أعضاء هيئة المحكمة من رئيس الجمهورية وهو الأمر الذي يحدث حتى الآن.
كما دفعوا بعدم جواز نظر المحكمة للطعن نظرا لعدم قيام أعضائها بتشكيلهم الجديد بحلف اليمين القانوني أمام رئيس الجمهورية إعمالا لنص المادة 6 من قانون المحكمة الدستورية.
ودفعوا أيضا ببطلان ما جاء بتقرير هيئة المفوضين باعتبار أن التقرير قد استند إلى نصوص دستورية ملغاة.
وطالب محامو جماعة الإخوان المسلمين بانتهاء الخصومة في القضية وعلى سبيل الاحتياط بإعادتها إلى هيئة المفوضين لكتابة تقرير جديد وفقا للدستور الجديد للبلاد.
كما دفعوا أيضا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الطعن .. مشيرين إلى أنه بعد حصول الدستور على التأييد بالإرادة الشعبية فإنه لا يجوز الحكم ببطلان أى قانون يتفق مع صحيح الدستور الجديد.
وفيما يتعلق بمنازعة التنفيذ الخاصة بالجمعية التأسيسية للدستور، فقد طالب مقيموها إلى المحكمة أن تقضي بانعدام القانون رقم 79 لسنة 2012 الخاص بمعايير تشكيل الجمعية التأسيسية مستندين في ذلك إلى عدم صحة الإجراءات التي تم على أساسها صدور القانون.
وأوضحوا أن قانون معايير الجمعية التأسيسية قد صدر من رئيس الجمهورية بناء على طلب من مجلس الشعب في جلسته الأخيرة التي لم تستغرق سوى دقائق معدودة، حيث تم عقد هذه الجلسة في أعقاب صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب وتضمن القانون نصا يحصن الجمعية من البطلان أمام القضاء الإداري على نحو كان من شأنه غل يد القضاء الإداري وعدم إصداره لحكم ببطلان الجمعية التأسيسية الثانية للدستور على الرغم من أنها تحمل ذات العيوب القانونية التي تم بموجبها حل الجمعية التأسيسية الأولى.
ودفعوا ببطلان وثيقة الدستور الجديد استنادا إلى ما اعتبروه بعدم حصولها على الأغلبية المطلوبة في الاستفتاء الشعبي الذي جرى عليها، وطالبوا إلى المحكمة الدستورية أن تقضى بانعدام قرار رئيس الجمهورية بإصدار قانون لمعايير تشكيل الجمعية التأسيسية وما ترتب عليه من آثار باعتبار أن القانون لم تستكمل إجراءاته بمجلس الشعب وبالتالي لم يرسل إرسالا صحيحا إلى رئيس الجمهورية.
وأضافوا أنه تم تعيين 22 من الأعضاء بالجمعية التأسيسية في وظائف ومناصب تنفيذية أثناء انعقاد جلساتها، وذلك فى مخالفة صريحة لقانون الجمعية الذى أوجب تفرغ أعضائها لعملهم بداخلها لحين الانتهاء من صياغة الدستور.