نظم منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية مساء أمس ندوة بعنوان "النقابات المهنية ... إلى أين؟"، وذلك في بيت السناري الأثري بحي السيدة زينب في القاهرة، التابع لمكتبة الإسكندرية شارك فيها صحفيون ونقابيون وعدد من الشخصيات المعنية بالمجتمع المدني والعمل النقابي. ناقش المشاركون بالندوة أهمية التوافق بين الاتجاهات النقابية في الانتخابات النقابية المقبلة،مشددين على أهمية عدم إقحام العمل السياسي والحزبي في داخل النقابات ، ليكون دورها خدميا ونقابيا بالدرجة الأولى والأخير. كما تناول المشاركون أهمية دور المجتمع المدني والنقابات في عملية التحول الديمقراطي، وقاموا بتسليط الضوء على زيادة الوعي النقابي بعد ثورة 25 يناير وتزايد الرهان على التكوينات المهنية النقابية في تعميق تجربة التحول الديمقراطي في مصر. وبدوره، شدد الدكتور سامح فوزي، نائب مدير منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية، على ضرورة البحث عن صيغ جديدة للعمل النقابي تختلف عن تلك التي كانت قائمة إبان النظام السابق.
والوصول إلى أساليب توافقية في الانتخابات النقابية المقبلة على أسس نقابية، وليست حزبية ، باعتبار العمل النقابي هو عمل خدمي، وليس حزبي أو سياسي.
محذرا من خطورة حالات استقطاب قد تحدث في الانتخابات النقابية المنتظرة ، على أن يصبح التوافق نقابيا وليس استقطابا أيدلوجيا. ورأي د. فوزي أن النظام السابق عمل على تجريف الحياة النقابية في مصر، كما ساهم في تجريف الحياة السياسية.
داعيا إلى ضرورة التوافق على الحد الأدنى من العمل النقابي بين النقابيين، وان يكون التوافق بين اتجاهات وبرامج نقابية، وليس توافقا سياسيا أو حزبيا. ومن جانبه نفى عضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين المهندس عمر عبد الله أن يكون الإخوان المسلمين طوال وجودهم بالنقابات المهنية في مصر قد سيطروا عليها، أو قاموا بتوظيفها لصالح اتجاه سياسي. واستشهد بنقابة الأطباء "التي كان أحد أعضاء مجلس نقابتها عضوا بمكتب الإرشاد لجماعة الإخوان، ومع ذلك فلم يوجه مجلس الإدارة لصالح مكتب الإرشاد، كما يدعي البعض".
لافتا إلى تعرض نقابة المهندسين لحملة ظالمة من قبل النظام السابق، ما تسبب في تعطيل الانتخابات على مدى عقدين تماما. وأرجع أسباب حملة النظام السابق على نقابة المهندسين تحديدا أكثر من غيرها من النقابات المهنية إلى الدور الخدمي الذي لعبته،"حتى أنها أغرقت في العمل الخدمي، ما جعلها تتقدم على النقابات المهنية الأخرى.
فكانت متفردة في إقامة معارض للسلع المعمرة ومشروع التكافل، علاوة على سبقها لمشروع العلاج وغيره من المشاريع التي اقتبستها تاليا نقابات مهنية أخرى". وحذر عمر عبد الله من خطورة تحويل العمل النقابي إلى الآخر الحزبي. مفرقا بين العمل النقابي والآخر السياسي.
مفسرا ذلك بأنه يمكن للعمل النقابي مناقشة السياسيات المتعلقة به كمناقشة تأثير مشروع توشكي على الأمن القومي المصري من الناحية الهندسية.
علاوة على السياسات الهندسية والبنائية في الدولة المصرية، إلى غيرها من الأمور المتعلقة بالسياسة.
مؤكدا أن عافية النقابات المهنية من عافية الوطن. رافضا سياسات الإقصاء والسيطرة من أي اتجاه أو طرف على النقابات المهنية. ومن جانبه، رفض معتز الحفناوي، عضو تجمع مهندسين ضد الحراسة، ما رآه مزاعم رددها عبد الله بعدم سيطرة الإخوان على نقابة المهندسين.
لافتا إلى أن الجماعة دعت منذ العام 1994 إلى إقصاء كافة التيارات من نقابة المهندسين، "وهو نفس ما يتم فعله اليوم باعتصام المنتميين للجماعة مطالبين برفع الحراسة عن النقابة .
ووصف من ينتقد هذا الاعتصام بالخيانة، وأن نفس البيانات التي كانت تصدر من النقابة وقت سيطرة الإخوان عليها، كادت تطابق البيانات الصادرة عن مكتب الإرشاد للجماعة". وقال إنه في ظل القوانين القائمة للنقابات المهنية، فإنها لا يمكن أن تمارس دورها بالحرية والاستقلالية المطلوبين.
"إلا أنه مع سقوط النظام الاستبدادي فان الفرصة أصبحت سانحة لإصلاح أوضاع النقابات المهنية".داعيا إلى الشروع في هذا الإصلاح ليكون حاكما لكل نقابة، على حد تعبيره. وشدد الحفناوي على أهمية التزام الجماعة المهنية بالعمل على تطوير العمل النقابي ، وإلغاء الوصاية الإدارية عليها.
وتنظيم عقد أو دستور داخل النقابات المهنية، والاستعانة بالتجارب النقابية الناجحة بالدول العربية مثل المغرب والجزائر، والأخرى العالمية.
لتطبيق ما يصلح منها في العمل النقابي بمصر. محذرا النقابيين من خطورة فرض الرقابة الذاتية عل ممارستهم للعمل النقابي. أما الدكتور عبد الفتاح رزق، مسئول اللجنة النقابية الفرعية بنقابة الأطباء، فدعا إلى أهمية التعامل مع جميع فئات وشرائح المجتمع الذي وصفه بالمرضى على قدر كبير من الأهمية والعمل على إصلاح أحوالها.
وهو ما يتطلب العمل بالشئ نفسه مع الأعضاء النقابيين. مؤكدا أن نقابة الأطباء تتعامل يوميا مع مليون متعامل ، قد يكون من بينهم 10 آلاف حالة حرجة، ما يعطي أهمية كبرى لهذه النقابة. وفيما شدد د.رزق على أهمية التعاون بين النقابيين للوصول إلى نقاط توافق بين الأعضاء، فان استاذ الجراحة الدكتور رفيق رزق الله دعا إلى أهمية أن تشمل ثورة 25 يناير النقابات المهنية، بالتفات أعضائها إلى العمل النقابي، وليس الحزبي أو السياسي، "على اعتبار أن هدف العمل النقابي عملا طوعيا، وليس سياسيا أو حزبيا". أما المهندس أحمد هشام ، عضو نقابة المهندسين، فدعا إلى ضرورة إحداث توافق بين أعضاء العمل النقابي، ليتم في إطار من العمل المهني ، بعيدا عن العمل السياسي أو الحزبي.
منتقدا العمل النقابي الذي كان يتم ممارسته داخل نقابة المهندسين. والذي اعتبره قائما على أسس سياسية، وليست نقابية. ودفعته هذه المطالبة إلى التأكيد على أن يكون التوافق بين أعضاء النقابة الواحدة على أسس مهنية ونقابية، وليست سياسية أو حزبية.
وأن تكون السلطة للجمعية العمومية، لتقيل مجلس الإدارة أو النقيب، على غرار نجاح الشعب المصري في خلع الرئيس السابق حسني مبارك.
معتبرا الحملة الحكومية إبان النظام السابق على نقابة المهندسين بأنه لم تكن بسبب الدور الخدمي للنقابة كما قيل في الندوة، ولكن لأصول النقابة المالية التي تصل إلى مليارات الجنيهات". وبدورها دعت إيمان رسلان، نائب رئيس تحرير مجلة المصور، إلى تجاوز مرحلة النظام السابق بشأن العمل النقابي، والالتفات إلى المرحلة المقبلة، بحيث لا تصبح النقابات جزءا من الصراع السياسي الجاري حاليا في مصر.
معتبرة أن أوضاع النقابات الصحية لن تكون إلا بعد خمسة أعوام، وقتما تصبح الانتخابات النقابية تتم بصورة صحية وطبيعية، "كون الانتخابات النقابية المقبلة ستكون انعكاسا للصراع السياسي القائم.
حيث سيتم الاستعانة بمجالس إدارات النقابات في الجمعية المعينة بتشكيل الدستور، بعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة". أما المفكر الدكتور صلاح الجوهري فشدد على أهمية إعادة تعريف مصطلح العمل النقابي بأنه عمل طوعي وليس سياسي أو حزبي.
منتقدا المطالبة بسن قوانين للعمل النقابي، "فقد عشت عقودا في الغرب ولم ألحظ قوانين تنظم العمل النقابي". ودعا إلى أهمية أن يكون للنقابات دور في المناهج التعليمية، بما يرتبط بتلك المناهج التي يتم تدريسها وترتبط بالمهن النقابية بشكل أو بآخر .
مشددا على أهمية أن يكون العمل النقابي مركزا على الخدمات النقابية والمهنية، وليس العمل العام، كما يحدث من أدوار اغاثية من جانب بعض النقابات المهنية.