رفض محمد طلعت عزف ترانيم مسيحية في حفل أنشدت فيه الأغاني الإسلامية بمدينة المنيا جنوبي القاهرة، حيث أقيم الحفل من أجل دعم الوئام بين أتباع الديانتين، قائلاً "ببساطة إذاعة الأغاني المسيحية والكنسية «في حفل عام» غير مقبولة. ونقلت وكالة رويترز، عن طلعت قوله "مصر إسلامية لذلك علينا جميعا أن نقبل القيم الإسلامية منعا لحدوث أي نزاع".
ويؤكد محللون إن المسلمين يحاولون فرض رؤاهم على الآخرين منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يونيو الماضي.
وأعتبر مؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد أن معدل الممارسات الغريبة والعنيفة من جانب المسلمين زادت بدرجة هائلة منذ انتخاب مرسي، مضيفاً أنه في شهور قليلة رأينا من هذه الحوادث أكثر مما رأيناه خلال سنوات قبل مرسي.
وعلى الرغم من أن الحوادث متفرقة لكنها كما يشير نشطاء حقوقيون تمثل نمطا سلوكيا جديدا من الانتهاكات في الشارع يتحدى سلطة الدولة ووعود مرسي بحماية الحريات الشخصية.
وتتزايد الأمثلة على ذلك من طعن شاب كان يسير مع خطيبته بالشارع إلى قيام معلمة منتقية بقص خصلات من شعر تلميذتين لأنهما رفضتا التحجب.
وبرزت هذه الأفعال في عناوين الصحف المحلية بعد أن أثارت مخاوف معتدلين يقلقهم صعود الإسلاميين الذين قمعهم الرئيس السابق حسني مبارك بشدة لكنهم برزوا كقوة سياسية رئيسية منذ الإطاحة به في ثورة 25 يناير.
ويظهر التقرير أن لا شيء قد تغير في العاصمة القاهرة حيث لا يزال من الممكن مشاهدة شبان يسيرون بالشوارع ممسكين بأيدي شابات وحيث مازالت تباع الجعة كما تنطلق من قوارب الترفيه التي تجوب النيل أصوات الموسيقى الشعبية التي يرفضها الإسلاميون.
والأهم بالنسبة لقطاع السياحة الذي يعمل به نحو واحد من كل ثمانية عمال مصريين أن الأمور عادية في المنتجعات التي تطل على البحر الأحمر والتي تعد مصدر جذب رئيسيا للسياح الغربيين.
ويرى مجموعة من النشطاء إن الجماعات الإسلامية يستعرضون عضلاتهم بدرجة أكثر من قبل، خاصة في بعض المناطق النائية من مصر التي يسكنها 83 مليون نسمة.
وتزايدت مخاوف الأقلية المسيحية في مصر وهي الأكبر في الشرق الأوسط من العنف الطائفي الذي زاد سوءا في الأسابيع الأخيرة من حكم مبارك والشهور الأولى من الإدارة العسكرية لشئون البلاد بعد سقوط الرئيس السابق يوم 11 فبراير شباط عام 2011.
وقبل أسابيع من سقوط مبارك قتل 23 مسيحيا في تفجير كنيسة في مدينة الإسكندرية الساحلية في الساعة الأولى من عام 2011.
وعلى مدى خمسة أشهر من بداية حكم العسكريين أشعلت النار في أكثر من كنيسة في القاهرة وأحرق عدد من بيوت المسيحيين ومتاجرهم.
وقتل 15 شخصا وأصيب مئات في حوادث عنف طائفي في مايو أيار 2011، حيث خف العنف منذ انتخاب مرسي بالمقارنة بالعام الماضي لكن أحداثا عنيفة تقع بين وقت وآخر.
ويقول مسيحيون إن الجو بشكل عام أصبح ينطوي على تهديد بشكل متزايد في وقت صار فيه وجود المتشددين السلفيين في الحياة العامة أكثر وضوحا.
وصرح كريم جوهر وهو مسيحي كان أحد منظمي الحفل الذي تم وقفه في المنيا، قائلاً "أفعال المتطرفين تقلق المصريين جميعا لا المسيحيين وحدهم".
ومنذ مقتل الشاب المسلم الذي كان يسير مع خطيبته بالشارع في يوليو تموز بمدينة السويس تواترت تقارير عن حوادث مختلفة كان متشددون أطرافا فيها.
وهذا الأسبوع قال غريب محمود وهو بقال في السويس في بلاغ قدمه للسلطات ضد مجموعة من السلفيين إنهم هددوا "بإقامة الحد" على ابنه بقطع لسانه بعدما زعموا أن الابن يسب الدين.
وفي أول أيام عيد الأضحى وزعت جماعة تسمي نفسها «جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» بيانا في قرية وبلدة بمحافظة كفر الشيخ شمالي القاهرة، حذرت فيه من أنها ستلجأ إلى "استعمال القوة" ضد من يخالفون تعليماتها التي قالت إن من بينها أن ترتدي تلميذات المدارس وطالبات الجامعة زيا يناسب التعاليم الإسلامية.
وتحدث مسيحيون في حي شبرا بالقاهرة عن أعمال تخويف مشابهة ضدهم، حيث أطلع فيكتور يونان (83 عاما) الذي يملك متجر "المحبة" للهدايا عن رؤيته على ما قال إنها رسالة تهديد تلقاها ويعتقد من أسلوبها أن كاتبها متشدد إسلامي.
وأكد مرسي للمسيحيين الذين تقدر نسبتهم بين السكان بعشرة في المائة خلال حملته الانتخابية أنه سيحميهم، لكن كثيرين منهم لا يزالون قلقين.
وينطبق نفس الشيء على المسلمين المعتدلين الملتزمين دينيا في بلد محافظ بطبعه لكنهم يخشون أن يطبق المتشددون القانون بأيديهم، حيث يتذكر هؤلاء أعمال العنف في الثمانينات والتسعينات حين شنت الحكومة حملة واسعة ضد المتشددين.
ويمثل من يحاولون فرض رؤاهم الدينية على المجتمع صداعا لجماعة الإخوان المسلمين وأحزاب إسلامية أخرى دخلت الحياة السياسية بعد الإطاحة بمبارك.
وأعلن محمود غزلان المتحدث باسم جماعة الإخوان إن تلك المجموعات التي تسعى لفرض رؤيتها لا تمثل الجماعة أو معظم المعتدلين المصريين، مستكملاً أنهم أقلية من المتشددين وعبر عن أمله في أن تختفي الحوادث قريبا.
وينتقد البعض الإخوان ويقولون إنهم لم يوضحوا رؤية إسلامية معتدلة بشكل مناسب مما ترك المجال أمام متشددين للترويج لأفكارهم بشأن حقوق المرأة والمسيحيين ضمن أفكار أخرى.
وأختتم المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح الفكرة بقوله "آراء الإسلاميين بشأن المرأة ودور الشريعة «الإسلامية في المجتمع» والديانة المسيحية مبهمة، مضيفاً "لو ظنوا أن الناس ستقبل أي إجراء جديد متزمت أو تغييرات لمصر المعتدلة أقول لهم يجب أن يعيدوا التفكير".