تجري القيادة الفلسطينية حالياً اتصالات مع الدول العربية والأوروبية للدفع باتجاه التصويت لصالح فلسطين المقرر له في النصف الثاني من نوفمبر المقبل من أجل الحصول على صوت أكبر عدد من الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون تصويتاً مميزًا ويلقى ترحيباً دولياً لإعطاء فلسطين وضع الدولة غير العضو "مراقب". ووفقا لوكالة أنباء "الشرق الأوسط" يرى المحللون، أن الإعلان عن بدء هذه الاتصالات تأتي استجابة للمرحلة الراهنة في ظل انسداد أفق عملية السلام مع إسرائيل، حيث توقفت آخر محادثات مباشرة بين الجانبين في أكتوبر عام 2010 بسبب الخلاف على البناء الاستيطاني الإسرائيلي فلا مفاوضات دون مرجعية واضحة لعملية السلام وقرارات الشرعية الدولية.
كما لا يمكن إجراء أية مفاوضات مع إسرائيل في ظل استمرارها في تهويد القدس ومواصلتها الاستيطان وتكريس الاحتلال، ولكن بدلاً من الاتجاه إلى الطرق السلمية للوصول إلى سلام حقيقي بدأت تصريحات ليبرمان وزير خارجية إسرائيل تكشف عن عقلية هدفها قتل عملية السلام وتأجيج الصراع والحروب ومن هنا حمل أبو ردينة الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسئولية عن هذه التصريحات المنافية لكل الأعراف الدبلوماسية قائلاً "إن السلام المنشود لن يتحقق طالما ظل أمثال ليبرمان يتسلمون مقاليد الحكم في إسرائيل ".
تحرك عالمي وفي هذا السياق، جاءت دعوة الخارجية الفلسطينية بضرورة تحرك دول العالم كافة والأممالمتحدة ومؤسساتها من أجل توفير الحماية للشعب الفلسطيني والإسراع بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية ودعم طلب فلسطين في الحصول على دولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة كضمان لإنجاح عملية السلام.
ويأمل المحللون إعطاء فلسطين وضع الدولة غير العضو في الأممالمتحدة أملاً في الحصول على ذلك قبل نهاية العام الحالي لإنقاذ فرص السلام مع إسرائيل وللهدف نفسه فقد بدأ الرئيس الفلسطيني عباس مشاورات مكثفة مع مختلف المنظمات الإقليمية والدول الأعضاء.
لهذا الغرض الذي يعد سهلاً بعد موافقة الأكثرية المطلقة للدول الأعضاء الممثلة في الجمعية العامة وعددها 193 بينما يعتبر هذا الطلب الفلسطيني تراجعاً بالنسبة إلى الطلب الأساسي الذي قدمه عباس في الثالث والعشرين من سبتمبر 2011 للحصول على صفة الدولة الكاملة العضوية ولم ينجح في مسعاه نتيجة العجز عن تأمين موافقة تسعة أعضاء من أعضاء مجلس الأمن ال 15 على قبول العضوية الكاملة لفلسطين ولو حصل الفلسطينيون على التسعة أصوات فإن الولاياتالمتحدة أكدت بأنها ستستخدم حق الفيتو لمنع إعطاء فلسطين صفة الدولة الكاملة العضوية.
ويطالب المحللون بمزيد من الجهد للدول المحبة للسلام لإنقاذ فرص السلام وحل الدولتين حيث أن إسرائيل تنسف جهود حل الدولتين وتستمر في تصعيد المستوطنين لاعتداءاتهم وهو نتاج طبيعي لاستمرار الاحتلال ولسياسة حكومية تعتبر تشجيع الاستيطان والمستوطنين وإرضائهم أولويتها المطلقة.
فوضع الدولة غير العضو كما أوضح نبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية له قيمته ودول كثيرة كانت لديها هذا الوضع مثل ألمانياالشرقية والغربية واللتين كان لهما هذا الوضع لفترة طويلة، مشيراً إلى أن هذا ليس الوضع النهائي إلى أن تتوفر الظروف لتحصل فلسطين على عضوية كاملة.
الإعتراف بإسرائيل وفي المقابل تقول الحكومة الإسرائيلية، إنها تريد استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة وتطالب بالاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون مع العلم بأن الفلسطينيين جددوا التأكيد للوصول للمفاوضات المتعثرة مع إسرائيل من خلال بندين أساسيين هما وقف النشاطات الاستيطانية وقبول الحدود على عام 1967 لكن إسرائيل ترفض ذلك.
ويعد الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في سبتمبر 2012 أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في رأي المحللين بمثابة تحذير للمجتمع الدولي إزاء انسداد أفق عملية السلام خشية حدوث نكبة جديدة قد تحل بالشعب الفلسطيني جراء الممارسات الإسرائيلية من خلال التطهير العرقي والاستيطان ورفض قرارات الأممالمتحدة وإعادة إنتاج الاحتلال مرة أخرى.
كما أكد الرئيس الفلسطيني عباس على الثوابت الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني في أرضه عندما قال لا وطن لنا إلا فلسطين ولا أرض لنا إلا فلسطين ولن نقبل بغيرها وهى تعنى أيضاً رفض التعاطي مع أية حلول بديلة لأرض فلسطين التي لابد أن تقام عليها الدولة المستقلة.
ويضيف هؤلاء المحللين إلى أن خطاب الرئيس عباس شمل أيضاً تحذيراً من أن استمرار الأمر الواقع والاحتلال وسياسة إسرائيل التوسعية الاستيطانية سيقود إلى لحظة حقيقية وهى من شأنها تقويض إمكانية استمرار السلطة الفلسطينية وجعل استمرار تنفيذ اتفاقية "أوسلو" للسلام المرحلي التي وقعت بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 أمراً صعباً ومستحيلاً.
وهذا الخطاب يضع المجتمع الدولي إلى أن يصغي لرسالة عباس ويقوم بدور يتحمل فيه مسئولياته إزاء هذا الوضع وألا يكتفي بالحديث عن إجراء مفاوضات ثبت عقمها ما بين الطرفين بل يتخذ إجراءات فعلية إزاء الاستيطان ومعاقبة القائمين عليه بدلا من مكافأتهم.
وعلى الرغم من أن المسئولين الفلسطينيين يعترفون بأن أي قرار مثل هذا لا يتم تقديمه في الأسابيع التي تسبق الانتخابات الأمريكية لكي لا يدخلون في عداء مع الرئيس الأمريكي في لحظة حساسة سياسياً إلا أنه لا يمكن التعويل على موقف الإدارة الأمريكية بعد الانتخابات خاصة ما جاء في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية من إنه إذا تم تقديم مشروع قرار والموافقة عليه فإن عباس قد يخاطر بفقدان المساعدات المالية من واشنطن وكذلك عمليات نقل الضرائب والرسوم من الإسرائيليين وهى الأموال التي تعد السلطة الفلسطينية في أمس الحاجة إليها.
ضغوط أمريكية ونتيجة للضغوط الأمريكية وبعض الأطراف العربية لم تستجيب لجنة المتابعة العربية لتحديد موعد لتقديم الطلب الفلسطيني على الرغم من تأييدها في مسعاه ولكن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أوضح أن الرئيس عباس قد أودع الطلب الجديد لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكنه قرر عدم إحراج لجنة المتابعة ولا الإدارة الأمريكية.
وفي تطور لمبادرة السلام العربية بدأ "القطاع الخاص" والمجتمع "المدني" الفلسطيني مؤخراً تسويق هذه المبادرة "إسرائيلياً" ودولياً آملا في أن ينجح رجال الأعمال فيما فشل فيه رجال السياسة والحكم في (57) دولة عربية وإسلامية تتصدرهم منظمة التحرير الفلسطينية منذ تبنى مؤتمر القمة العربية في بيروت المبادرة عام 2002.
وتذكر مبادرة القطاع الخاص والمجتمع المدني الفلسطيني مؤخراً لتسويق مبادرة السلام العربية بأن تفعيل المبادرة كان قرارا لقمة الجزائر العربية عام 2005 ، وتذكر أيضاً بأن الرئيس محمود عباس الذي انتخب في العام ذاته لولاية مدتها أربع سنوات ألتزم منذ انتخابه التزاماً صارماً بالمبادرة وبالتنسيق والتشاور مع جامعة الدول العربية بشأنها ليتبين الآن بأن جدية الجامعة العربية في متابعة المبادرة لا تزيد على جديتها في دعم صمود عرب فلسطين فوق أرضهم وكذلك دعم مقاومتهم من أجل التحرير والعودة.
ولكن دولة الاحتلال الإسرائيلي رفضت التعاطي مع الإجماع الرسمي العربي والإسلامي على هذه المبادرة ويكاد يحولها إلى أداة استجداء سياسي من أجل موافقة دولة الاحتلال على إنشاء دويلة فلسطينية على جزء من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 تعيش في أمن وسلام إلى جانب دولتهم أو في ظلها بعد مضي ثلاثة وتسعين سنة تقريباً على توقيع اتفاق بين أمير عربي مسلم وبين زعيم صهيوني كجزء من مؤتمر باريس للسلام الذي أنعقد بعد الحرب العالمية الأولى استجدى فيه الصهاينة تعاوناً عربياً في إنشاء وطن لليهود في فلسطين.
وهذه المبادرة، حظيت بموافقة جماعية من دول الجامعة العربية عند تبنيها قبل عشر سنوات وحظيت كذلك بإجماع قمة منظمة المؤتمر الإسلامي التي استضافتها طهران عام 2003 بموافقة حتى من دول المقاومة والممانعة. مواد متعلقة: 1. عباس: الأممالمتحدة ستعترف بفلسطين خلال أسابيع 2. توقعات بمناقشة وضع الفلسطينيين في الأممالمتحدة 3. الخارجية: التعنت الإسرائيلى دفع الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة