أ ش أ - تباينت الآراء بين الأغلبية الكويتية في مجلس النواب 2012 وبين المراقبين السياسيين حول فاعلية تجمع الإرادة الأخير بشأن أثره في تغيير الواقع السياسي على الساحة الداخلية الكويتية. وقد اتفقت آراء العديد من المراقبين السياسيين، على أن الرسالة الأقوى التي وجهها الشارع الكويتي "من خلال تجمع الإرادة" إلى جميع المشتغلين بالعمل السياسي، تتمثل في أن لدى الكويتيين ثوابت لن يسمح لأحد بالعبث بها، أو الانتقاص منها، وأهمها الحفاظ على الوحدة الوطنية ، والعلاقة القوية والمتينة بين الشعب وأسرته الحاكمة، وكذلك الدفاع عن الدستور دفاعا حقيقيا ، وليس كما يروج له حملة الشعارات أصحاب المصالح الشخصية وألاجندات الفئوية والحزبية.
وقالت مصادر نيابية لصحيفة "الصباح": "إن شواهد هذا الموقف الشعبي القوى والثابت كثيرة ، أبرزتها المقاطعة الجماهيرية الواضحة لتجمع أمس الأول في ساحة الإرادة، حيث تبين للجميع أن أعداد الحضور لم تتجاوز ألفي شخص، بالإضافة إلى مقاطعة الكثير من القوى السياسية للتجمع ، وانتقادها الشديد لمنظميه، بسبب إصرار هؤلاء الأخيرين على الانفراد بالساحة السياسية، وتعديهم الخطوط الحمراء في طروحاتهم ومطالباتهم ، وكذلك محاولتهم العبث بالنسيج الوطني ، من خلال الإساءة إلى مكونات المجتمع ، والتحريض على الفتنة الطائفية والقبلية.
وأوضحت المصادر أن انسحاب جموع كبيرة من المواطنين ومغادرتهم ساحة الإرادة مساء الإثنين، أثناء إلقاء النائب الدكتور وليد الطبطبائي كلمته، يمثل تأكيدا جديدا وقويا على زيادة الوعي لدى أبناء الشعب الكويتي ، الذين أرادوا توجيه رسالة خاصة إلى الدكتور وليد الطبطبائي النائب بمجلس الأمة مفادها أنه أقدم على تجاوزات كبيرة، كما أنه نصب نفسه متحدثا باسم الشعب، حين ادعى أن الشعب الكويتى قرر أن يكون الشيخ جابر المبارك هو آخر رئيس وزراء من ذرية مبارك ، متسائلة ، من أعطاه هذا الحق ، أو خوله الحديث باسم ما يزيد على المليون كويتي ليعلن مثل هذا التوجه الذي يسميه "قرارا".
وطالبت الأغلبية المبطلة القيام بمراجعة شاملة ودقيقة لسياساتها وممارساتها التي باتت تشكل سلسلة من الأخطاء، بل والكوارث المتتالية، والتي جعلتها معزولة عن شعبها، وحتى عن القوى السياسية الأخرى ، إلى أنها أصبحت الآن تتحدث عن مطالب لا يتبناها سواها، وترفضها غالبية الشعب وقواه وتياراته السياسية.
وبدأت أغلبية مجلس 2012 المبطل، عقب انتهاء تجمع ساحة الارادة الثانى فجر امس، اتصالاتها عبر اللجنة التنسيقية لإعداد تقييم شامل عن سلبيات وإيجابيات التجمع ، ليكون على جدول اعمال اجتماعهم الأسبوعي السبت المقبل.
وأشارت مصادر نيابية إلى أن اجتماع أغلبية مجلس 2012 المقبل سيبحث التباين في وجهات النظر بين بعض أعضائها وتجمع نهج ، لا سيما بعد تشكيل الجبهة الوطنية لحماية الدستور.
وفى سياق متصل بالتطورات علي الساحة الداخلية الكويتية، فقد حدَّد المنبر الديموقراطي والتحالف الوطني الديموقراطي رؤيتهما للمرحلة المقبلة، بإصدار"الوثيقة الوطنية للاصلاح من حاضر الدوائر الى مستقبل الدولة"، والتى أكدت أن الحياة البرلمانية تمر بمنعطف، إما الدخول في الفوضى والفراغ واما الانطلاق نحو التطور.
وقال المنبر والتحالف: "إن لجوء الحكومة الى المحكمة الدستورية في موضوع الدوائر حق ، ويجب حل مجلس 2009 واجراء انتخابات مترتبة على حكم الدستورية في 25 سبتمبر الجاري ، على ان يحدد المجلس المقبل النظام الانتخابي المعبِّر عن الارادة".
كما اكدت الوثيقة ان المجلس المقبل امامه عدة استحقاقات، ابرزها اقرار التشريعات اللازمة لاستقلال القضاء، واقرار قانون المفوضية العليا للاشراف على الانتخابات، وحزمة قوانين مكافحة الفساد، فضلا عن قانون اشهار الاحزاب السياسية وفق ضوابط تراعي الوحدة الوطنية والمبادئ الديموقراطية.
واضافت الوثيقة أنه يجب تهيئة الأجواء بعد اقرار القوانين السابقة للانتقال الى الحكومة البرلمانية المنتخبة.
واعتبرت مصادر نيابية أن تحديد يوم 24 من الشهر الحالي للاعتصام بساحة الإرادة رسالة ضغط موجهة للمحكمة الدستورية التي ستصدر فى اليوم التالى حكمها في طلب الطعن الذي تقدمت به الحكومة حول قانون الدوائر الانتخابية الخمس.
وفي سياق متصل، قالت مصادر نيابية فى تصريح لصحيفة "الشاهد": "إن مثل هذه الرسائل التهديدية أمر مرفوض جملة وتفصيلا ، كون المؤسسة القضائية يجب ألا تخضع لأي ضغوط تصدر من النواب أو من الحراك السياسي الذي تتزعمه "نهج" بتحريض من نواب الأغلبية المبطلة، ولفتت إلى أن الاعلان عن هذا اليوم تحديدا يشكل سابقة في تاريخ الحياة النيابية كون المنظمين أعلنوا عن هذا اليوم بتنسيق مع نواب الأغلبية المبطلة ومع ما يسمى بالجبهة الوطنية لحماية الدستور، واصفين ما حدث بأنه تدخل سافر في أعمال المؤسسة القضائية ، لاسيما في ظل دعوات للبقاء حتى ساعات الفجر لذلك اليوم ، مشيرا إلى أن دعوات أخرى من المنظمين للتواجد أمام قصر العدل حيث تبحث القضية في أروقته.
واستهجنت المصادر ما نطق به الوزير الأسبق سعد بن طفلة أثناء تجمع ساحة الإرادة من أنه يتوقع ان يأتي حكم المحكمة الدستورية بعدم الاختصاص، معتبرة أن ذلك يعد تدخلا في أعمال المحكمة الدستورية ، بما يخالف الدستور، ومن باب الضغط السياسي، لاسيما وأن رأي الوزير الأسبق طرحه أمام حضور جماهيري واعلامي محلي ودولي، وهو رسالة واضحة بأن قانون الدوائر الانتخابية الخمس لا يمكن للمحكمة الدستورية ان تحكم به، لما يأتي لمصلحة تيارات سياسية معينة رغم عدم دستورية ما تطرحه في ساحة الإرادة.