قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك الذي زار هضبة الجولان يوم الخميس على مسافة كافية من الخطوط السورية لسماع صوت القصف إن زمام السيطرة "يفلت" من قبضة الرئيس بشار الأسد, معلنا بعد تفقده القوات الإسرائيلية واجتماعه مع القائد العسكري في المنطقة "أن التفكك ليس تجريدا بل حقيقة". ويرى محللون أن الثورة السورية تثير جملة مشاكل بوجه إسرائيل رغم أنها موضع ترحيب من جانب الدولة العبرية, فالقادة الإسرائيليون ينظرون بقلق متزايد إلى ترسانة سوريا من الأسلحة الكيمياوية وخطر وقوعها بأيدي جماعات مارقة تعادي إسرائيل، وإمكانية تدفق سيل من اللاجئين على الحدود، إلى جانب قلقهم من تحول الجولان نفسها "إلى منطقة خارجة عن القانون حيث يمكن أن تعمل عناصر إرهابية" على حد تعبير باراك نفسه, وهناك مخاوف أيضا من أن يؤدي انهيار النظام السوري إلى حرب أهلية في لبنان.
وكانت انتفاضات الربيع العربي خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية قلبت تقييمات إسرائيل الإستراتيجية في منطقة تعتبر معادية لكنها مستقرة، رأسا على عقب, وإذ لم تعد إسرائيل منشغلة مع الفلسطينيين فإنها الآن تواجه سلسة من الحسابات المعقدة والأسئلة الصعبة بينها هل تضرب مخازن الأسلحة الكيمياوية السورية مثلما ضربت مفاعلها النووي في عام 2007، أم أن ذلك سيقوي موقع الأسد بتوحيد العرب؟, وهل تتحرك بمفردها ضد برنامج إيران النووي أم تدع الولاياتالمتحدة تجرب مسار الدبلوماسية والعقوبات حتى النهاية؟, وكيف "تقيِّم" الساحة السياسية المتغيرة في مصر التي ينتمي رئيسها الجديد إلى جماعة الإخوان المسلمين.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الدبلوماسي السابق والمدير الحالي لمركز الشؤون العامة في القدس دوري غولد قوله: بأن ما نشهده في سوريا هو تفكك الشرق الأوسط وشكل جديد من الفوضى يحل محل ما كان قائما مضيفا أن الفوضى ليست فرصة على الإطلاق.
وكانت مصادر استخباراتي أميركية وإسرائيلية أعلنت أن نظام الأسد نقل بعض الأسلحة الكيمياوية من مستودعاتها, وزادت هذه الخطوة مخاوف إسرائيل من وقوعها بأيدي جماعات معادية، بينها إسلاميون متطرفون يشاركون في القتال ضد الأسد آو بيد حزب الله الذي يزداد قلقا من سقوط حليفه السوري.
وقال داني ياطوم رئيس الموساد السابق لصحيفة نيويورك تايمز "أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي وإذا كانت لدينا معلومات بأن عناصر كيماوية أو بيولوجية على وشك السقوط بيد حزب الله, فإننا لن ندخر وسعا لمنع ذلك".
ولكن شلومو بروم الباحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب قال إن وقوع أسلحة كيماوية بأيدي جماعات إرهابية احتمال مخيف ولكن التهديد قد لا يكون خطيرا كما يبدو", مشيرا إلي أن استخدام الأسلحة الكيمياوية يتطلب ربط مادتين بطريقة معينة واستخدامها بطائرات,مشددا على أن استخدام الأسلحة الكيمياوية متعذر في كثير من الحالات لأنه يتطلب معرفة ومنظومات,ولا يعرف أحد على وجه الدقة التداعيات التي سيطلقها سقوط الأسد.
وزعم ايال زيسر رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب أن بشار أبقى الحدود هادئة، ولكنها يمكن أن تكون مماثلة لحالة سيناء، بما فيها من فوضى وإرهاب علي حسب قوله.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن زيسر "أن غالبية الإسرائيليين لا يكترثون بمظالم جيرانهم وتطلعاتهم إلى الديمقراطية والعدالة والازدهار وما يهمهم هو "أمنهم" وهذا هو تفكير الإسرائيلي الاعتيادي ونتيجة لذلك تفكير حكومته.
ويستوطن هضبة الجولان الإستراتجية التي تبلغ مساحتها نحو 450 ميلا مربعا زهاء 39 ألف إسرائيلي, وحذر باراك خلال زيارته يوم الخميس من انه كلما طال القتال في سوريا "زاد خطر تحول الجولان إلى منطقة خارجة عن القانون حيث يمكن أن يعمل إرهابيون نتيجة المخلفات الدموية بين الفرقاء.
ولكن مسئولين إسرائيليين ومحللين إسرائيليين أكدوا أن إسرائيل لا تستعد للحرب, بل "تراقب من الخارج" وهي ما زالت تراهن على التدخل الدولي في سوريا.
وقال أيلان مزراحي الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ونائب رئيس الموساد سابقا لصحيفة نيويورك تايمز أن القضية ليست إسرائيلية فقط وإذا وقعت أسلحة غير تقليدية بيد تنظيم القاعدة أو عناصر متطرفة فهي قد تظهر في أي مكان من العالم,وزاد المسألة السورية تعقيدا تفجير حافلة كانت تقل سياحا إسرائيليين في بلغاريا.
من جهة أخري أوضح يورام شفايتزر الباحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب أن الإيرانيين سيرقصون فرحا برؤية إسرائيل ترد على حزب الله ردا محدودا, فهو يمكن أن يؤدي إلى أعمال عدائية قد تساعد النظام السوري , والإيرانيون يريدون بقوة مساعدة الأسد الذي يتردى موقفه أكثر فأكثر.