أشاد المراقبون الدوليون الذين يتابعون سير العملية الانتخابية في ليبيا السبت، بتنظيم العملية الانتخابية وسلوك الناخبين. وقال النائب الألماني ألكسندر غراف لامبسدورف الذي يرأس وفد مراقبي الاتحاد الأوروبي المكون من واحد وعشرين مراقبا، إنه "يوم تاريخي بالنسبة لليبيا".
وأضاف: "مراكز الاقتراع التي تمكنا من زيارتها كانت منظمة بشكل جيد.. الإجراءات تنفذ حسب القانون، الناخبون كانوا منضبطين وشاع جو من البهجة في أنحاء البلاد".
ويصوت الليبيون في أول انتخابات حرة تشهدها بلادهم منذ نحو ستين عاما، وأبدى مراقبو الاتحاد الأوروبي ومركز كارتر إعجابهم بطريقة إدارة الانتخابات.
وبعث مركز كارتر الذي أسسه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر 32 مراقبا انتشروا في كافة أنحاء ليبيا.
وقال قائد الفريق جون ستريملو إن ما أنجزته الحكومة الليبية في 11 شهرا فحسب "أمر رائع".
غير أن الموقف ليس مشجعا بهذه الدرجة في شرقي البلاد، حيث قال لامبسدورف إن فريقه "يقوم بتحليل وتقييم" الأحداث في أجدابيا.
ذلك أن محتجين أضرموا النيران السبت في صناديق اقتراع في 14 من 19 مركز اقتراع في المدينة، حسبما أفاد قائد سابق للثوار في المنطقة.
وألقت دعوات مقاطعة الانتخابات وأحداث العنف التي وقعت قبيل الاقتراع في الجزء الشرقي من ليبيا، الغني بالنفط، حيث تنشط دعوات الانفصال، بظلال من القلق على العملية الانتخابية.
وكان مصدر رسمي ليبي أعلن أن 101 مركز اقتراع لم تفتح أبوابها السبت لغياب الأمن، في انتخابات المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، التي تشرف عليها المفوضية العليا للانتخابات.
ويشارك في هذه الانتخابات أكثر من 2.8 مليون ناخب لاختيار 200 مرشح من بين 3700 تقدموا بأوراق ترشيحهم.
وقال مسؤولون إن متظاهرين عرقلوا عمليات التصويت شرقي ليبيا، فيما أفاد رئيس المفوضية العليا للانتخابات نوري العبار بأنه سيتم حصر جميع المراكز التي تعطل بها التصويت.
وأفاد مراسل لسكاي نيوز عربية بإعادة فتح بعض مراكز الاقتراع في مدينة بنغازي.
وكان العبار أكد في وقت سابق أن 94 في المائة من مراكز الاقتراع في البلاد قد فتحت أبوابها للناخبين، مشيرا إلى تعذر وصول مواد انتخابية لبعض مراكز الاقترا وجاري على حل تلك المشاكل.
وأضاف، في مؤتمر صحفي في العاصمة طرابلس، أن عدد من صوتوا في الخارج بلغ ستة آلاف وخمسمائة وأربعين ناخبا.
وأوضح أنه سيجري حصر جميع المراكز التي تعطل التصويت فيها، منوها إلى أن التأخير في بدء عملية التصويت كان بسبب ظروف أمنية.
وكانت مراكز الاقتراع في أجدابيا والبريقة قد تم إغلاقها في وقت سابق حسبما ما ذكرت مصادر إعلامية، بينما هاجم مسلحون مركز اقتراع في بنغازي شرقي البلاد.
وأفادت مراسلتنا في ليبيا بأن مسلحين اقتحموا مركز اقتراع في مدينة بنغازي وأخرجوا جميع صناديق الاقتراع، كما تم إغلاق مراكز الاقتراع في مدينتي إجدابيا والبريقة في شرقي ليبيا.
ونقل مراسلنا في بنغازي أن مسلحين من مؤيدي الفيدرالية اقتحاموا مركز اقتراع في أحد المدارس في المدينة، التي كانت مهد ثورة 17 فبراير التي أطاحت بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
وكانت مراكز الاقتراع فتحت أبوابها أمام الناخبين في أول انتخابات حرة منذ 60 عاما لتسدل الستار على إرث العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، لكنها مهددة بمطالب الحصول على حكم ذاتي في الشرق واضطرابات في الجنوب الصحراوي.
واصطف المواطنون خارج مراكز الاقتراع قبل نحو ساعة من الموعد المقرر لفتح اللجان، وانتشرت قوات من الشرطة والجيش لحراستها وتفتيش المشاركين في العملية الانتخابية من موظفين وناخبين.
ويقسم قانون الانتخابات البلاد إلى 13 دائرة انتخابية رئيسية و41 دائرة فرعية، ويبلغ عدد الكيانات السياسية التي تخوض الانتخابات 15 كيانا سياسيا، لكن المراقبون يرون أن من سيحصل على النصيب الأكبر من مقاعد البرلمان يتمثل في 3 جهات أساسية.
أولاً حزب الجبهة الوطنية (الواجهة الجديدة لجبهة إنقاذ ليبيا) ويقودها الأمين العام إبراهيم سحب، ثانيا تحالف القوى الوطنية، وهو تكتل يقوده الرئيس السابق للمكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي محمود جبريل ويضم العشرات من الأحزاب وحركات المجتمع المدني، ثالثا حزب العدالة والبناء الذراع السياسية للإخوان المسلمين ويقوده محمد صوان.
إضافة إلى ذلك هناك أحزاب أخرى مثل حزب الأمة الوسط، وحزب الوطن الذي يتزعمه المعتقل السابق لدى وكالة المخابرات المركزية الأميركية عبدالحكيم بلحاج.
ويتبنى أغلب المرشحين أجندات إسلامية مما يدفع للاعتقاد بأن ليبيا ستكون البلد التالي في دول الربيع العربي بعد مصر وتونس التي حصلت فيها أحزاب دينية على موطئ قدم في السلطة بعد ثورات العام الماضي.
إلا أن مصداقية الانتخابات قد تنهار إذا ما أقدمت الميليشيات المسلحة ذات الانتماءات الجغرافية أو القبلية على إثناء الناخبين عن المشاركة أو إذا تحولت نزاعات على النتائج إلى معارك ضارية بين الفصائل المتناحرة.
وأفاد مراسلنا في بنغازي بأن القوات الأمنية والائتلافات المسلحة ستمنع أي شخص لديه سلاح من الاقتراب من المقار الانتخابية أو التصويت.
وقال رئيس الوزراء الليبي عبدالرحيم الكيب الجمعة إن الانتخابات ستجرى السبت وأن كل أفراد الشعب الليبي يريدون اتمامها.
ويأتي التهديد الأكبر من المنطقة الشرقية حول مدينة بنغازي مهد الانتفاضة التي دعمها حلف الأطلسي (الناتو) وانتهت بالإطاحة بالقذافي قبل نحو عام، حيث تشكو المنطقة من الإهمال من قبل الحكومة المتمركزة في طرابلس.
وذكر حامد الحاسي رئيس المجلس العسكري لإقليم برقة أن حربا أهلية قد تندلع بين الشرق والغرب، موضحا أن البلاد ستكون في حالة شلل لأن لا أحد في الحكومة يستمع لهم.
وتتولى القوات الواقعة تحت قيادة الحاسي مهمة تأمين الشرق ولكنها وقعت في خلافات مع الحكومة بشأن تمثيلها.
وفي وقت سابق الجمعة عطلت جماعات مسلحة شرقي ليبيا نصف صادرات البلاد من النفط للضغط من أجل الحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي عشية أول انتخابات حرة تجرى في البلاد، وتعطلت 3 موانئ تصدير رئيسية على الأقل.
واحتشد مئات من المحتجين في ميدان بوسط بنغازي في وقت متأخر الجمعة، وقالوا إنهم سيقاطعون الانتخابات احتجاجا على تخصيص 60 مقعدا فقط للشرق في الجمعية الوطنية مقابل 102 مقعد للغرب.
وفي أحدث هجوم على مسؤولي الانتخابات في الشرق اضطرت طائرة هليكوبتر تحمل لوازم خاصة بالانتخابات للهبوط اضطراريا قرب مدينة بنغازي الجمعة بعد إصابتها بنيران مضادة للطائرات في هجوم أسفر عن مقتل أحد ركابها.