وسط إجراءات أمنية مشددة برا وبحرا وجوا، أدلي الناخبون الليبيون امس بأصواتهم في أول انتخابات حرة منذ أكثر من أربعة عقود وذلك بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي عقب انتفاضة شعبية قتل فيها بحسب مسئولين انتقاليين نحو خمسين الف شخص. لكن الانتخابات التي غلب الجو الاحتفالي علي أجوائها في وسط وغرب البلاد، قد انعكس فيها تدهور الوضع الأمني والسياسي الذي تشهده ليبيا منذ مقتل القذافي في اكتوبر الماضي. ودعي نحو 2.7 مليون ليبي لإنتخاب مائتي شخص من أكثر من 3700 مرشح لعضوية برلمان مؤقت يسمي "المؤتمر الوطني العام" تكون مهمته تشكيل حكومة جديدة خلال 30 يوما، وادارة البلاد في مرحلة انتقالية حتي وضع دستور جديد وإجراء انتخابات تشريعية جديدة العام القادم. ويفترض ان يتم حل "المجلس الوطني الانتقالي" خلال الاجتماع الأول للمؤتمر الوطني. وقبل ساعات من بدء الاقتراع دعا أنصار الفيدرالية في بنغازي الذين ينتقدون توزيع المقاعد -والذي جاء بحسب نسبة السكان (100 مقعد للغرب و60 مقعدا للشرق و40 مقعدا للجنوب)- إلي مقاطعة الانتخابات وهددوا بنسفها. وكان المجلس الوطني الانتقالي قد سحب من المؤتمر الوطني المقبل احدي أهم صلاحياته المتمثلة في تعيين أعضاء اللجنة المكلفة صياغة الدستور الجديد، وذلك لتهدئة غضب المحتجين في الشرق، وقرر ان تشكل اللجنة من 60 عضوا بالانتخاب المباشر علي ان ترسل كل منطقة 20 عضوا بالتساوي فيما بينهم. لكن المحتجين في بنغازي صعدوا من احتجاجاتهم المتواصلة. وقال شهود امس إن محتجين في بلدة أجدابيا هاجموا لجانا انتخابية محلية وسرقوا بطاقات اقتراع وأشعلوا النيران فيها في ميدان بوسط المدينة. كما وردت تقارير حول إحراق مراكز اقتراع في بلدة قمنيس غرب بنغازي. وكان موظف في مفوضية الانتخابات قتل امس الأول عندما تعرضت طائرة كان علي متنها فوق منطقة الحواري، جنوب بنغازي - لإطلاق نار من سلاح رشاش أثناء نقل معدات انتخابية. وقال مسئولون ان أضرارا جسيمة لحقت بمركز التخزين الرئيسي للمعدات الانتخابية في بلدة أجدابيا فيما يشتبه انه حريق متعمد. وكان مسلحون قد أغلقوا موانئ نفطية الخميس الماضي في البلدة الواقعة بين رأس لانوف والبريقة، ليؤججوا بذلك المخاوف حول هشاشة الوضع الأمني. وتشكو المنطقة من الاهمال من قبل الحكومة المتمركزة في طرابلس وتطالب بمزيد من السلطات، وكانت أعلنت من قبل الحكم الذاتي وكونت جيشها ومجالسها الخاصة وذلك بعدما أصدر المجلس الانتقالي التشريعات الخاصة بتنظيم الانتخابات. ونقلت رويترز عن "حامد الحاسي" رئيس المجلس العسكري لإقليم برقة والذي تتولي قواته مهمة تأمين الشرق - ان حربا اهلية قد تندلع بين الشرق والغرب. وأسفرت التطورات عن تعطل التصويت في شرق ليبيا، وقال المسئولون ان 94٪ من مكاتب التصويت في أنحاء البلاد استقبلت بالفعل الناخبين. وفي الكفرة بالجنوب المعزول منعت الاشتباكات القبلية الشرسة المراقبين من زيارة مقار اللجان. وفي سرت مسقط رأس القذافي غلب مزاج سلبي بين السكان تجاه الانتخابات. من جهته قال رئيس الوزراء "عبد الرحيم الكيب" بعدما أدلي بصوته في مركز انتخابي في وسط العاصمة طرابلس، "انها أول انتخابات ديمقراطية تشهدها البلاد منذ 42 عاما من القهر والظلم، وأن من حق الشعب الليبي أن يفرح، مؤكدا أن ليبيا ستدهش العالم بهذه الانتخابات، وأن الأمور تسير بشكل جيد باستثناء وجود بعض المشاكل التي يمكن أن تحدث في أي دولة بالعالم". وكانت السلطات قد أعلنت عن نشر 40 الف عنصر في أجهزة الأمن يدعمهم 13 ألفا من أفراد الجيش الليبي الجاري تأسيسه لمراقبة عملية سير الاقتراع بالاضافة الي دوريات لمراقبة السواحل والأجواء.