دعا رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية الأمير الحسن بن طلال إلى عمل إسلامي مسيحي مشترك من إجل إظهار عظمة القدس والمكانة الكبيرة التي تحتلها في نفوس وقلوب المؤمنين. وأشار إلى أن غياب السلطة المعنوية المشتركة يؤدي إلى تآكل النسيج المجتمعي والتضامن العربي الإسلامي المسيحي المشترك.
وقال الأمير الحسن بن طلال خلال رعايته ومشاركته في اللقاء الحواري "العرب المسيحيون والعيش الإسلامي المسيحي المشترك" الذي نظمه المعهد الملكي للدراسات الدينية بالتعاون مع جمعية المانونايت المركزية في عمان اليوم "الثلاثاء" "إننا ملامون عربيا وإسلاميا لغياب الانفتاح الثقافي على بعضنا البعض منذ فترة طويلة بسبب مفاهيم السيادة وعدم تطوير الحوكمة العربية الإسلامية ما بعد السيادة، الأمر الذي لم يؤد إلى تفعيل الحوارات الجادة بين المواطنين".
وأضاف "إن الحريات الأساسية لا بد أن تجمع بين حقوق الإنسان والقانون العالمي الإنساني والمعاهدات والقوانين الدولية بالإضافة إلى المواقف المختلفة التي تتبناها الأديان".
وشدد على أن المسميات المتعددة والمدارس الجديدة التي تظهر بين الجماعات الإسلامية تمثل أطرافا معينة أو تيارات محددة، لكنها لا تمثل المنظور والحوار الإسلامي جله، داعيا إلى تفعيل الإسلام الممارس من خلاله مؤسسة المفاهيم الإسلامية المهمة مثل تأسيس صندوق عالمي للزكاة.
ودعا إلى ضرورة التحول إلى مفهوم جديد للأمن الكلي بتفعيل المعرفة التجريبية التي هي موضع ثقة عند المواطن اكثر من أي نوع آخر من المعرفة، إلى جانب إيجاد محكمة عربية إسلامية لحقوق الإنسان والتركيز على بلورة مفهوم المواطنة.
من جانبه ، أكد وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية الأردني الدكتور عبدالسلام العبادي، على أهمية اللقاء وتعدد المشاركين فيه في خضم ما يجري من أحداث في المنطقة، داعيا إلى وضع توصيات واضحة بشأن الوضع المسيحي في المنطقة الذي يعتبر تهديده تهديدا لطبيعة المنطقة وتعدديتها.
ونبه وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية الأردني الدكتور عبدالسلام العبادي إلى أن هناك عملية إخلاء متعمد ومقصود في مدينة القدس يقوم الجانب الإسرائيلي بتوظيفها في غير صالح المسلمين، الذين يتم تصويرهم على أنهم إرهابيون وأنهم هم الطاردون للمسيحيين من المنطقة، محذرا من أن أخطارا بالغة ستقع ومشكلات كبيرة ستحدث إن لم تتم معالجة هذا الأمر.
وبدوره ، قال وزير الأوقاف الفلسطيني محمود الهباش إنه لا توجد ثقافة لدى المسيحيين أو المسلمين في هذه المنطقة تلغي الآخر، مشيرا إلى أن القدس هي النموذج الأكثر تميزا للتضامن الإسلامي المسيحي، فالمسيحيون لا يستهدفون المسلمين والمسلمون لا يستهدفون المسيحيين، إنما هناك مشروع استيطاني إحلالي لإفراغ المدينة المقدسة من هويتها العربية الإسلامية المسيحية.
وأوضح الهباش أن هناك جدلا قائما حول التواصل مع القدس وزيارتها، وثمة اختلافات واجتهادات ورؤى مختلفة حول هذا الأمر، لكن للجميع هدفا واحدا هو إنقاذ المشروع الحضاري الإسلامي المسيحي المشترك الذي بني قبل أربعة عشر قرنا في هذه النقطة المشعة من العالم.
من ناحيته ، قال المفكر المصري حسن حنفي إن الموضوع هو موضوع الهوية العربية، مشيرا إلى مختلف مشروعات نشر النصوص الدينية اليهودية والمسيحية في مصر، والتي تدخل ضمن عدم التفريق بين الأديان كأديان.
وأضاف "ليس لدينا كعرب إحساس بالمواطنة والانتماء إلى أرض"، مشيرا إلى أن المسيحيين العرب هم الذين حفظوا التراث العربي وأسسوا الصحافة العربية والقواميس العربية وغيرها، معتبرا أن السبب في حالة التشتت الراهنة هو النظم السياسية وحالات التخلف وتحويل الكثير من القضايا والخلافات الاجتماعية إلى قضايا ذات صبغة طائفية.
من جانبه، قال رئيس طائفة السريان الأرثوذكس بحلب نيافة المطران يوحنا إبراهيم، إن من حق المسيحيين أن يدافعوا عن حضورهم ويؤكدوا شهادتهم المشتركة في كل المجتمعات انطلاقا من إيمانهم بأن العيش المشترك هو جزء من هذا التراث والتقليد والقيم التي توارثناها قبل أربعة عشر قرنا.
وأضاف إن من يقرأ السيرة النبوية يتحقق أن النبي العربي محمد قد اعترف بالمواطنة بين سكان المدينة من مسلمين مهاجرين وأنصار من أوس وخزرج ومن اليهود على اختلاف قبائلهم، معتبرا أن العيش في وطن واحد، أي المدينة، هو أساس التعاقد والتعامل بين الجميع.