اعتبر كتاب مصريون وعرب أن إنشاء رابطة للكتاب السوريين، هو بداية لتحرك قوى المجتمع المدني، في خطوة وصفوها بأنها انتصار للثورة السورية وتحرك قوي ضد النظام القمعي الذي نفى الكتاب السوريون وبالغ في اضطهادهم بواسطة ذراع النظام القوية في سوريا المسماة "اتحاد لكتاب العرب"، جاء ذلك خلال الندوة التى أقيمت بنقابة الصحفيين مساء أمس تحت عنوان "دور الكتاب السوريين فى الثورة السورية". في كلمته أكد الشاعر السوري نوري الجراح أن بشار الأسد في ظل حمامات الدم الجارية في سوريا، لا يزال يلتفت للكتاب، ويبحث عنهم لقتلهم، حتى أن اتحاد الكتاب العرب في سوريا، هدد الكتاب المنضمين إلى الرابطة بالقتل والملاحقة الأمنية، الأمر الذي أسفر عن انسحاب الكثيرين منهم، وطلب البعض الآخر بأن تبقى عضويته سرية، دون الإعلان عنها.
وأعلن نوري الجراح نتيجة انتخابات رابطة الكتاب السوريين، التي تعد أول رابطة سورية منذ 50 عام، مشيراً إلى أن الرابطة انطلقت من القاهرة منذ أربعة أشهر، لافتاً إلى أن هناك لجنة تشكلت وكان وظيفتها الإشراف على التصويت وإحصاء الأصوات التي نالها كل مرشح.
يواصل: تأسست الرابطة بمسعى لخلق منصة لكتاب سوريين داخل سوريا، تضم الرابطة في عضويتها 207 عضو، وهناك في بريد الرابطة 200 طلب عضوية، مؤكداً ان الرابطة ليست للسوريين فقط، بل لكل الكتاب ، ومن ثم تمنح الرابطة عضويتها لكل من يقيم في سوريا، أو ولد في سوريا ويعيش خارجها، وتم ترشيح 60 عضو، من خاضوا الانتخابات صوت لهم 104 بما يعادل 50% من اعضاء الرابطة، وهي أول انتخابات الكترونية، كان مطلوباً انتخاب 34 اسم للأمانة العامة، واختيار 13 شخصية بينهم للمكتب التنفيذي، واختيار رئيس الرابطة، وسكرتير عام يساعده ويتواصل معه ومع الأعضاء المقيمين خارج سوريا، وهذه الاتخابات استغرقت أربعة شهور.
ويؤكد الجراح أن أول أهداف الثورة السورية بعد نجاحها هو تفكيك اتحاد الكتاب العرب، الذي شرد وطرد كثير من أعضائه، ونفى البعض الاخر لمجرد معارضتهم للنظام، مشيراً إلى أن الأعضاء الذين أسسوا الرابطة البديلة 90% منهم لم يكونوا اعضاء بالاتحاد، 10% فقط قبلناهم في الرابطة، وقد انسحبوا نظراً لتهديدهم من قبل الاتحاد في سوريا، بقتلهم وملاحقتهم أمنياً، ونظراً لأن النظام السوري يخشى الثقافة والكتاب، ومن ثم ضيق على ظهور الرابطة التي كان إعلانها بمثابة مساندة حقيقية للثورة السورية، لكونها منصة حرة لكل السوريين.
وحول اسم الرابطة "رابطة الكتاب السوريين" أوضح الجراح أن الاسم له دلالة، فمنذ الستينيات تأسس اتحاد الكتاب العرب في سوريا، انطلاقاً من شعارات حزب البعث، برئاسة حسين جمعة الذي ظل رئيس الاتحاد منذ عهد حافظ الأسد، واستمر رئيساً له كذلك مع ابنه بشار، وهيمن على الثقافة، وقمع المعارضين، وأصبح دور الثقافة هو الترسيخ لسلطة ديكتاتورية، ليصبح اتحاداً قمعياً لا يقبل بالتنوع السوري، فكلمة "عرب" تقصي ملايين الأكراد، ليصبحوا خارج الجغرافيا السورية، مؤكداً ان رابطة الكتاب السورية التي تم إنشائها مؤخراً تضم أكراداً يكتبون بالكردية وليست العربية فقط.
لذلك جاء موقع الرابطة به الحرف العربي والسرياني والكردي، للتأكيد على أن الرابطة تحتضن الجميع، مشيراً إلى أن الرابطة بها أعضاء مصريين وفلسطينيين وأردنيين ولبنانيين وهم أعضاء شرف تعد عضويتهم تضامناً مع الشعب السوري.
من جانبه امتدح الشاعر اللبناني بول شاؤول ثورات الربيع التي علّم العرب من خلالها العالم، كيف يمكن أن يضحي بنفسه في سبيل الحرية، لأن العالم الغربي على حد قوله لم يعد مستعداً للموت من أجل الحرية.
وعن الرابطة قال أنها تأتي كإطلالة مدنية منتخبة خارج الأطر الرسمية تعلن إنهاء النظام السوري، فالثورة لا تصنع مرة واحدة، متهماً الكتاب والشعراء الذين يساندون النظام السوري ويقفون معه بأنهم خانوا أنفسهم، مؤكداً أنه حين يسقط النظام السوري ستسقط مؤسساته تلقائياً، ومنها المخابرات التي يعمل جزء منها في اتحاد الكتاب العرب.
أكدت الكاتبة عبلة الرويني رئيس تحرير "أخبار الأدب" أن اختيار القاهرة لإعلان تأسيس الرابطة، يدل على إدراك الشعب السوري أن القاهرة تعتبر سوريا شأن مصري، مشيرة إلى أن أسباب مساندة الرابطة تأتي لكونها فعل ثقافي ديمقراطي مدني، ولأول مرة تسبق الثقافة السياسة.
هاجم محمود ريماوي القاص الأردني اتحاد الكتاب العرب في سوريا، ووصفه بأنه أحد أذرع السلطة، ولا يدافع عن أعضائه ويقف ضدهم، ومن ثم بادر عدد من الكتاب السوريين لإنشاء رابطة تعبر عنهم، واستقطبوا عدد كبير من الكتاب السوريين، الذيين شكلوا حالة ثقافية مغايرة عن مسار السلطة التي تشن حرباً على الشعب يومياً عبر القصف بالطائرات والمدفعية، ودك البيوت.
ثمّن ريماوي الرابطة واعتبرها جرأة من الكتاب السوريين، تعكس استقلال المجتمع السوري، لافتاً إلى أن كثير من الكتاب تعرضوا للاعتقال والضرب والتنكيل بهم، حتى أن بعضهم طلب أن يكون عضويته في الرابطة سرية.
لفت الشاعر الفلسطيني زهير أبو شايب إلى أن اتحاد الكتاب العرب رغم أنه سوري إلا أنه أطلق على نفسه اسم "اتحاد الكتاب العرب" لنفي باقي الطوائف السورية غير العربية، وهي دلالة حقيقية لأن الكتاب السوريين كانوا خارجه بالفعل لأن معظهم تعرض للبطش، ومن ثم تصبح الرابطة بديلاً منطقياً للاتحاد، لتمثيل كتاب سوريا.
ويشير إلى أن الرابطة تضم أعضاء جدد لم يكونوا في الاتحاد، مما يضفي مزيداً من التنوع والثقل على الرابطة، مؤكداً أن المثقف في القادم سيكون له دوراً حقيقياً في إعادة ترتيب شئون وطنه.
حضر الندوة القاص الكبير سعيد الكفراوي، والروائي الكبير فؤاد قنديل، والشاعر عبدالمنعم رمضان، والصحفي والكاتب سعد القرش، وغيرهم، زقد انضم للرابطة من الكتاب المصريين كأعضاء شرف ما يقرب من 50 مثقفا مصريا تضامنا مع الكتاب السوريين وثورة شعبهم، ومنهم بهاء طاهر وحلمي سالم وإدوار الخراط وعبد الرحمن الأبنودي وصنع الله إبراهيم ورضوى عاشور وفريدة النقاش ومحمد البساطي وإبراهيم فتحي ومكاوي سعيد.
وأسفرت نتائج انتخابات الرابطة عن فوز: صادق جلال العظم (99 صوتاً)، روزا ياسين مدهش (96 صوتاً)، فرج بيرقدار (92 صوتاً)، فواز حداد (92 صوتاً)، رشا عمران (92 صوتاً)، دينا الطيبي (89 صوتاً)، ريم الجباعي )89 صوتاً)، جورج صبرا (89 صوتاً)، حسين العودات (88 صوتاً)، خطيب بدله (82 صوتاً)، خلدون الشمعة (79 صوتاً)، عبد الرزاق عيد (79 صوتاً)، حسام الدين محمد (79 صوتاً)، محمد شحرور (72 صوتاً)، إسلام أبو شاكير (77 صوتاً)، عبد الناصر العاتي (74 صوتاً)، مفيد نجم (74 صوتاً)، حليم يوسف (74 صوتاً)، ابراهيم اليوسف (73 صوتاً)، منذر المصري (71 صوتاً)، فاروق مردم بك (71 صوتاً)، طالباك ابراهيم (68 صوتاً)، ياسر حنجر (66 صوتاً)، بشير البكر (64 صوتاً)، عادل بشتاوي (63 صوتاً)، أحمد الحسيني (62 صوتاً)، عائشة أرناؤوط (61 صوتاً)، فايز سارة (59 صوتاً)، أكرم البني (52 صوتاً)، خليل النعيمي (52 صوتاً)، عمر إدلبي (51 صوتاً)، عماد الدين موسى (45 صوتاً)، عبد الرحمن حلاق (43 صوتاً)، مطاع الصفدي (43 صوتاً).
وبذلك فاز 34 عضواً في الاتحاد من أصل 60 مرشحاً والجمعية العمومية 200 عضو، اللافت في هذه اللائحة التي فازت أن ثلاثين في المئة من أعضائها متواجدون في الداخل السوري، كما أن هذه اللائحة تضم كتّاباً من الأكراد والأهواز والمسيحيين والعلويين، أي الوحدة الوطنية الحقيقية في سوريا من الكتاب.
كما يشار الى أن النساء نلن أكثرية الأصوات، بالإضافة الى وجود سبع نساء من أصل 34، وهي نسبة عالية جداً، ويتوقع أن يكون رئيس الرابطة الجديد المفكر صادق جلال العظم.