قال الأمين العام للجامعة العربية الدكتورنبيل العربي إننا نعود الى العراق بعد غياب طويل ، فالعراق العامر بأهله وتاريخه العريق وكنوز من التراث التى يروى كل ركن من أركان العراق درسا من دروس الحضارة الانسانية تعكس ما قدمه العراقيون من اسهامات فى شتى مجالات المعرفة .
وأضاف العربى ، فى كلمته أمام القادة العرب فى اجتماعهم اليوم الخميس على مستوى القمة العربية ، أن الشعب العراقى استعد بعد معاناة طويلة ومريرة من الاستبداد وها هو العراق يعود من جديد ، مؤكدا على هويته العربية ، وأن هذه القمة سيكون لها قيمة مضافة إلى تاريخ القمم وستعزز مسيرة العمل العربى المشترك .
وأعرب عن أمله فى أن ترتقى القمة إلى مستوى التحديات الضخمة التى تموج بها المنطقة لتعيد روح التضامن بين أعضائها، ولا أكون مغاليا عندما أقول "إنه خلال العام الماضى بدأ عهد جديد للوطن العربى وأحداث تاريخية غير مسبوقة، حيث اندلعت الثورات الشعبية المطالبة بالتغيير وبناء الدولة الرشيدة التى تحقق طموحات الشعوب فى التغيير الديمقراطى والعدالة الاجتماعية وهو ما يتطلب منا جميعا الانصات بكل مسئولية لصوت الشعوب العربية.
ووجه العربى الشكر إلى ليبيا على رئاستها للقمة العربية خلال العام الماضى، مؤكدا دعم الجامعة العربية لجهود المجلس الوطنى الانتقالى للعبور بالثورة نحو اقامة دولة ديمقراطية ينعم فيها الليبيون بالحرية والعدالة وتكافؤ الفرص فى التنمية .
وأضاف الامين العام للجامعة العربية الدكتور نيبل العربى " إنه قدم إلى القمة العربية تقريرا شاملا عن نشاط الجامعة العربية منذ توليه المسئولية كأمين عام فى يوليو الماضى وشرح نشاط الجامعة فى مواكبة التحولات الكبرى التى أطلقتها الثورات العربية بداية من تونس ومصر وليبيا واليمن وصولا إلى سوريا .
وأشار إلى أن رياح التغيير فى المنطقة وإن كانت مساراتها الواعدة لا تزال مضطربة الخطى ومحفوفة المخاطر إلا أنها أصبحت أمرا محتوما يجب التعامل معه وعلينا الانصات إليها لبناء دول مؤثرة .
وأشار العربى إلى عدد من المحاور أهمها أولا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أكد على مساندة الشعب الفلسطيني فى مواجهة العدوان والحصار الاسرائيلي ، مشيرا الى انه رغم المكاسب العديدة التى تحققت للقضية الفلسطينية والاعتراف المتزايد بالدولة الفلسطينية المستقلة داخل حدود 1967، حيث يكاد يقترب من الإجماع العالمى ، إلا أن إسرائيل لا تزال تتحدى الشرعية الدولية وترفض الانسحاب الكامل من الاراضى المحتلة بما فى ذلك الجولان السورى المحتل وجنوب لبنان وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
كما انتقد سياسة إسرائيل فى استمرار الاستيطان وسياسة طمس المعالم المسيحية والإسلامية فى القدس وتكثيف الحفريات، مؤكدا أنه لا يجب أن ننسى مأساة الأسرى والمعتقلين فى السجون الإسرائيلية بما يخالف قواعد القانون الدولى. وقال الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربى "يتوهم من يعتقد أن انشغالنا بالقضايا الأخرى التى تفرض نفسها الآن على الساحة قد ينسينا القضية الفلسطينية ، مطالبا الجميع بالإلتزام بالتعهدات المالية المقررة لدعم موازنة السلطة الفلسطينية وتوفير الدعم العاجل لمساعدة السلطة فى مواجهة الاستحقاقات والممارسات الإسرائيلية.
ودعا إلى تكثيف الجهود لتذليل ما يحول دون تنفيذ المصالحة الوطنية الفلسطينية والتى تشكل الركيزة الأساسية لاستقطاب مزيد من الدعم الدولى للقضية الفلسطينية. وحول تطورات الأزمة السورية، قال العربى "إن الازمة السورية شغلت ولا تزال تشغل حيزا كبيرا من الاهتمام منذ 15 مارس من العام الماضى ، مشيرا إلى أنه على مدار عام كامل بذلت الجامعة العربية جهودا مضنية لوقف نزيف الدماء ومنحت الحكومة السورية الفرصة تلو الاخرى لتتجاوب مع الجهود العربية بما فى ذلك تجربة ارسال المراقبين العرب .
وناشد العربى لجميع بوقف جميع انواع العنف والتحرك الجدى للبدء فى حوار مع المعارضة لتحقيق آمال وتطلعات الشعب السورى ، كما وضع أولوية قصوى لحماية المدنيين السوريين لتجنيب سوريا مخاطر التدخل الأجنبى أو مخاطر الفتنة الاهلية ، ولكن للاسف حتى هذه اللحظة وبكل اسف لم تصل الجهود العربية او الدولية الى مفتاح الحل للازمة . وأشار إلى دعم مهمة كوفى أنان المبعوث المشترك الأممى العربى باعتباره يشكل تطورا ايجابيا يجب البناء عليه .
و قال إن المشاورات لا تزال مستمرة مع كوفى أنان وجميع الاطراف لكسر حالة الاستعصاء والخروج من هذا المأزق ونرجو إلتزام الحكومة السورية الجدى والكامل للخطة العربية للخروج من النفق المظلم للازمة لتحقيق تطلعات الشعب السورى.
وشدد العربى على أن حل الأزمة السورية لا يزال فى يد السوريين أنفسهم حكومة ومعارضة وتعزيز مساعى أنان لتحرك عربي عاجل يدعم المساعى لعله يسعى فى إطفاء نيران الازمة وتجنيب سوريا والمنطقة من مخاطر تردى الاوضاع .
وحول الأوضاع فى السودان، قال العربي "إن الجامعة بذلت جهودا كبيرة لدعم السودان وكذلك بالنسبة للاوضاع المأساوية فى الصومال مطالبا بإتمام المصالحة الوطنية الصومالية ، مشيرا فى الوقت ذاته إلى أن التقرير الذى قدمه يشمل أيضا مسار التعاون العربى وعلاقات الجامعة العربية مع المنظمات الأخرى مثل الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبى والاتحاد الافريقي ومنظمة المؤتمر الاسلامى وكذلك مع القوى الاخرى كالصين والهند وتركيا ، كما يشمل ما يتعلق بنتائج قمتى الكويت 2009وشرم الشيخ 2011 والاعداد للقمة الاقتصادية القادمة بالرياض 2013 . وأكد الأمين العام على أهمية تعزيز مشاركة الشباب والمرأة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى خاصة فى ظل ما تشهده المنطقة من ثورات .
و قال "إن اعتماد القمة 3 وثائق أساسية تتعلق بالامن المائى العربي والسياحة ومواجهة الكوارث يعطى دفعة قوية لتنشيط العمل الاقتصادى العربى لكونه يمس عن قرب حياة المواطن العربي لتوفير حياة كريمة وصناعة حاضره ومستقبله.
وحول دعم المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ، أكد العربى أن هذا من القضايا الاساسية لما يمثله من خطورة بالغة على المنطقة وخللا كبيرا فى توازن القوى ، وما يثيره من شكوك حول احتمالات اندلاع أزمة عسكرية ستكون لها اثارها البالغة على المنطقة . وأشار العربى إلى أن هذا الأمر يدعو العرب إلى إمكانية التفكير مرة أخرى فى إعادة النظر فى الأمر برمته فى حالة استمرار الأوضاع على ما هى عليه، مؤكدا أن الامن العربي لم يعد يحتمل فرض سياسات الامر الواقع . وحول تطوير آليات الجامعة العربية، قال العربى " بدأت لجنة مستقلة برئاسة الأخضر الابراهيمى وزير خارجية الجزائر الاسبق ولا شك إننا فى حاجة لاصلاح جذرى وعاجل حتى نستطيع أن نمنح العمل العربي فرصة للنجاح ليصبح قادرا على تحقيق آمال وتطلعات الشعوب ، مشددا على أنه لابد من مواكبة التطورات مناشدا القادة العرب فى استصدار قرار للمضى فى خطوات الاصلاح نرجو إدخاله على آليات عمل الجامعة العربية .
وطالب العربى القادة العرب بتوفير الامكانيات البشرية والمالية حتى يتسنى الاضطلاع بالمهمات الجديدة التى يتطلبها الامر الواقع حتى نستطيع القيام بمهامنا إلى جانب إعادة النظر فى الهيكل الوظيفى للامانة العامة للجامعة ومنع الازدواجية والاضطلاع بالمسئوليات باعتبارها أولوية كبرى بالنسبة لى .
كما طالب بإعادة النظر فى النظام الأساسى لمجلس السلم والأمن العربي ومراجعة كافة الاتفاقيات التى تمت بالجامعة العربية للاستفادة منها قبل توقيع اتفاقات جديدة ، مشددا على ضرورة أن تتسم جهود الاصلاح بالواقعية باعتبارها لن يكتب لها النجاح ما لم تتوفر الإرادة السياسية لدى الدول الأعضاء .