تواصل الصحف البريطانية الاهتمام بالشأن السوري وتغطيته لتصدره بين قضايا الشرق الاوسط الاخرى، وفقا لما نقلته هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي " . لذلك خرجت صحيفة "الاندِبندنت" فى صفحتها الاولى لتقديم ما رأت انه مقارنة بين ما سمته الواقع والخرافة او الوهم في متابعتها للاستفتاء الذي أجرته السلطات السورية على مشروع دستور جديد تقول انه سيسمح بالتعددية وينهي سلطة الحزب الواحد.
اذ تقسم الصحيفة صفحتها الرئيسية في صورتين الاولى تصور الرئيس السوري بشار الاسد برفقة زوجته وهو يدلي بصوته في الاستفتاء على الدستور الجديد، ومقابلها صورة لمتظاهرين واطارات مشتعلة ودخان في احد الشوارع السورية.
ووضعت تحت الصورة الاولى تعليقا تحت عنوان الخرافة او"الوهم": "الرئيس يدلي "بصوت للسلام" في الاستفتاء على تعديل دستوري يدينه الغرب بوصفه (مهزلة)".
ووضعت تعليقا تحت الصورة الثانية تحت عنوان "الواقع: مقتل العشرات في يوم اخر من العنف، حيث يبعد الخوف من الانتقام المعارضين عن مراكز الاقتراع".
كما اهتمت الصحيفة فى افتتاحيتها لتناول الاوضاع في سوريا فضلا عن تغطية موسعة في صفحاتها الداخلية، حيث التقى مراسلها في ادلب بعدد من المعارضين الذين قالوا انهم تعرضوا للتعذيب وعبروا عن خوفهم من المشاركة في الاستفتاء. وينقل عن بعضهم قصص اعتقالهم على يد القوات الامنية السورية، التي اقتحمت بيوتهم بصحبة مخبرين وقامت بضربهم اما عوائلهم، فضلا عن عمليات التعذيب التي تعرضوا لها ابان فترة اعتقالهم، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر مزارع يدعى اسماعيل ابو جابر يتحدث المراسل عن اصابته بجروح في الرأس وكسور في اضلاعه وحروق بالظهر والبطن نتيجة عمليات التعذيب التي تعرض لها.
ويحكي ابو جابر البالغ من العمر 34 عاما إن عائلته جمعت مبلغ 100 الف ليرة سورية ودفعتها لاحد الشبيحة مقابل التدخل لاطلاق سراحه. ليكتشف بعد عودته ان زوجته واطفاله الاربعة، قد فقدوا بعد ان قام اصدقاؤه بمحاولة نقلهم خارج المنطقة الا انهم اوقفوا عند حاجز في الطريق ولم يعثر لهم على اثر.
كما تشير الصحيفة في تقرير اخر نقلا عن تقارير مواطنين من حمص ان الآلاف يحاولون الفرار من المدينة المحاصرة بعد القصف العنيف الذي طال المدينة بدءا من الساعة السابعة والنصف بالتوقيت المحلي السوري.
وتنقل عن منظمة افاز وهي منظمة دولية تتولى عملية تنسيق شبكة من مصوري الفيديو والصحفيين داخل سوريا، بان ما لا يقل عن 7000 شخص يحاولون الان الهروب من القتال في المدينة الواقعة غربي سوريا التي يسكنها اكثر من 800 الف نسمة وباتت مركزا لحركة الاحتجاج ضد نظام الاسد.
وفي افتتاحيتها التي كرستها للشأن السوري تقول الصحيفة ان التصويت على الدستور الجديد بمثابة تمثيلية كابوسية لان هذا الاستفتاء يتم بالتزامن مع استمرار قصف كبرى المدن السورية. وتصف الصحيفة الاستفتاء بأنه محاولة لذر الرماد في عيون المجتمع الدولي ودعم ادعاءات حلفاء النظام في ايران وموسكو وبكين القائلة بحاجة الاسد الى وقت اكبر لتنفيذ اصلاحاته المقررة. وهو الوقت الذي سيستخدمه لسحق حمص ليكون مصيرها عبرة لمواقع المعارضة القوية الاخرى في سوريا عن المصير الذي عليهم توقعه اذا واصلوا انشقاقهم.
وتتابع الصحيفة تغطيتها عبر تقرير كتبه مراسلها من جنوب تركيا التقى فيه بعض ناشطي المعارضة السورية الذين دعوا الى مقاطعة الاستفتاء.
وينقل المراسل عن عمر المقداد الذي يصفه بالقيادي بين نشطاء المعارضة قوله "ان الشعب السوري يدعو الى التدخل الدولي لاسقاط هذا النظام".
ويضيف المقداد "انهم (الحكومة) لا يريدون دستورا او احزاب سياسية، فالحكومة السورية تهزأ من المجتمع الدولي والشعب السوري".
كما ينقل التقرير انتقادات الدبلوماسيين الغربيين للاستفتاء بينما يتواصل القصف المدفعي متسببا في قتل العشرات في حمص وادلب، وينقل عن وزير الخارجية الالماني جيدو فيسترفيله قوله ان "التصويت (الصوري) لا يمكن ان يسهم في حل الازمة. فعلى الاسد ان يضع نهاية للعنف وان يفسح الطريق للتحول السياسي".
ويكتب المراسل ان الدستور الجديد سيمهد الطريق الى تاسيس نظام تعدد الاحزاب في سوريا بإزالة البند الذي يجعل من حزب البعث الحزب الشرعي الوحيد في البلاد.
كما يحدد فترة الرئاسة للرئيس بدورتين رئاسيتين مدة كل واحدة منهما 7 سنوات، الامر الذي سيسمح للرئيس الاسد بالبقاء في السلطة حتى عام 2028، مع التأكيد على اجراء انتخابات متعددة الاحزاب خلال مدة 3 اشهر.
ويضيف انه طبقا للحكومة السورية فأن اكثر من 14 الف مركز اقتراع فتحت ابوابها في عموم البلاد حوالي الساعة السابعة بالتوقيت المحلي لتلقي اصوات نحو 14.6 مليون شخص ممن يحق لهم الاقتراع في الاستفتاء.
بينما يقول ناشطون معارضون ان قوات النظام صادرت بطاقات الهوية لبعض الاشخاص قائلة انهم لن يستعيدونها الا بعد التصويت.
ويقول المراسل ان انصار الاسد يقولون ان الدستور هو اشارة الى رغبته بتحقيق اصلاح سياسي، بينما تصر المعارضة على تنحي الاسد اولا ولا تفاوض على هذا المطلب.
ويشير الى ان بعض السوريين في ادلب عبروا عن مشاعرهم ضد الاستفتاء بطريقة رمزية عندما كتبوا على حاوية قمامة كلمات "صندوق الاستفتاء، 26 فبراير/شباط 2012" وقاموا بالقاء اوراق تصويت رمزية كتبوا اسماءهم عليها فيها.
صورة متناقضة من جانبها نشرت "الديلي تلغراف" صورة الاسد في مركز الاقتراع ذاتها في صفحتها الاولى تحت عنوان الاسد يدلي بصوته بينما تنهمر القذائف على معارضيه". مع تغطية كتبها مراسلها لشؤون الشرق الاوسط ادريان بلومفيلد يشير فيها الى انه بينما يدلي مؤيدو الاسد باصواتهم في استفتاء على دستور جديد سُخر منه عالميا ويمكن ان يُبقي رئيسهم ممسكا بزمام السلطة حتى عام 2028 ، يفيد ناشطون بمقتل 34 شخصا اخر. ويركز الكاتب على الصورة المتناقضة حيث يظهر الاسد برفقة زوجته وبكامل اناقتهما خلال الاستفتاء وبالمقابل يتصاعد العنف والاشتباكات بين القوات الحكومية والمعارضين في درعا بجنوب البلاد وادلب يالشمال ودير الزور في غرب البلاد. ويشير المحرر إلى دعوة المعارضة السورية الى مقاطعة الاستفتاء ناقلا عن وليد فارس احد الناشطين في حي الخالدية بحمص قوله "ما الذي سنصوت له؟ هل سنقتل بالقصف أم باطلاقات رصاص ؟ هذا هو الخيار الوحيد المتاح امامنا". وبدورها تنشر صحيفة "التايمز" صورة الاسد في مركز الاقتراع ذاتها في صدر صفحتها الاولى تحت عنوان "الاسد يواجه الكاميرات بينما المزيد من القنابل تضرب حمص". وتكرس الصحيفة افتتاحيتها للشأن السوري موجهة عبرها رسالة الى السيدة الاولى في سوريا اسماء الاسد التي ولدت وتربت في بريطانيا داعية اياها الى تحمل مسؤوليتها الشخصية والتدخل لضمان اخراج آمن للصحفيين الغربيين واستعادة جثمان الصحفية ماري كولفين التي قتلت هناك. وتقول الصحيفة انها تلقت من زوجة الاسد رسالة قبل ثلاثة اسابيع تقول فيها انها تشغل كل ايامها بالاستماع الى ضحايا العنف ومواساتهم ومساعدتهم. وتضيف ان الضحايا اليوم ليسوا فقط مئات العوائل الذين فقدوا اطفالهم او آباءهم او اخوة او اخوات لهم في قصف الجيش السوري المتواصل لحمص ومراكز سكانية اخرى، بل تتضمن ايضا عوائل صحفيين اجانب من الذين جرحوا او قتلوا بينما كانوا يغطون بشجاعة واقع المعاناة الرهيبة للناس تحت قمع النظام في حمص وغيرها من المدن السورية.
وفى شأن مختلف من بين قضايا الشرق الأوسط ايضا ، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن شروع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تنفيذ خطة طموحة قد تكون محفوفة بالمخاطر ترمي إلى مساعدة الحكومة اليمنية الجديدة في إعادة تأهيل مؤسستها العسكرية على نحو يمكنها من قتال فرع تنظيم القاعدة هناك الذي استغل فترة الاضطرابات السياسية أبان الثورة اليمنية لفرض سيطرته على أجزاء شاسعة من الأراضي اليمنية كما يعكس استراتيجية البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب العالمي في أعقاب الحرب في العراق وأفغانستان .
واضافت الصحيفة في تقرير أوردته على موقعها الألكتروني أن هذه الخطة الاستراتيجية ذات الشقين تقوم في الأساس على تعاون الولاياتالمتحدة واليمن في العمل سويا لقتال أو اعتقال نحو عشرين من أخطر نشطاء القاعدة باليمن الذين كثفوا جهودهم للهجوم على اهداف أمريكية هناك.
وأوضحت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية سوف تعمل في الوقت ذاته مع دول الخليج بغية تدريب وتجهيز قوات الأمن اليمنية لمواجهة التهديد الأوسع نطاقا للتنظيم لزعزعة استقرار اليمن وحكومته الجديدة تحت قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي .
ومضت الصحيفة في سرد مراحل تلك الخطة التي تتضمن توظيف أعداد صغيرة من قوات العمليات الخاصة وعناصر من فرق وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية شبه العسكرية ونشر طائرات بدون طيار ضد عناصر التنظيم التي تتعمد ضرب الولاياتالمتحدة في حين يتم تقديم أوجه المساعدة لتسليح وتقديم المشورة للقوات الأمن المحلية لبدء حملات طويلة الأجل لمكافحة التمرد . هذا وقد أعرب مسئولون أمريكيون بارزون عن اعتقادهم بأن فرع تنظيم القاعدة باليمن يشكل التهديد المباشر على الولاياتالمتحدة وحلفائها ، موجهين أصبع الإتهام إليه في المؤامرات الفاشلة لتفجير طائرة تجارية لدى اقترابها من مطار ديترويت في أواخر عام 2009 ، وزرع خراطيش محملة بالمتفجرات على طائرات الشحن المتجهة إلى شيكاغو في أكتوبر من عام 2010 .
وأعادت الصحيفة الأمريكية إلى الأذهان ما تمخضت عنه الحملة اليمنية التي دعمتها الولاياتالمتحدة ضد القاعدة من نتائج متباينة العام الماضي لافتة إلى نجاح غارة أمريكية بدون طيار في شهر سبتمبر الماضي في مقتل أنور العوالقي أحد أبرز قادة التنظيم في اليمن ، وسمير خان المسئول عن مجلة القاعدة "أون لاين" باللغة الإنجليزية مما حرم التنظيم من ناشطين بارزين كانا يكثفان من جهودهما في مهاجمة الولاياتالمتحدة .
وأضافت " إنه نظرا للإضطرابات السياسية التي أحدقت بالرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في العام الماضي فإن العديد من القائمين على متابعة القوات اليمنية قد تخلوا عن مناصبهم أو انتقلوا إلى صنعاء لمحاولة دعم الحكومة السابقة مما قررت واشنطن على إثره سحب نحو 75 مدربا أمريكيا تابعا لقوات العمليات الخاصة ووقف برنامج تدريب القوات اليمنية على مكافحة الإرهاب " .