ضخ المستثمرون أموالاً جديدة في أسواق السلع، حيث كان قطاعا الطاقة والمعادن الثمينة المتلقيين الرئيسين، وذلك مع تحسن البيانات الاقتصادية، وخصوصاً تلك الواردة من الولاياتالمتحدة، ومع العودة السنوية للمستثمرين والتجار بعد أسابيع من السبات. ووفقا لتقرير «ساسكو بنك» عن أسواق السلع أن الأحداث المرتبطة بإيران أدت إلى رفع أسعار النفط وأثارت تجدد شراء الذهب باعتباره ملاذاً آمناً.
وسيتركز الاهتمام خلال الأسبوع المقبل على إعادة التوازن السنوي لأكثر مقياسين للسلع يتم تتبعهما على مستوى العالم، وهما مؤشر «داو جونز- يو بي أس» للسلع، ومؤشر «ستاندرد آند بورز» للسلع.
ويقدر أنه تم استثمار ما بين 250 إلى 300 مليار دولار مباشرة في هذين المؤشرين، أو يتم اعتبار أدائهما كمقياس للاستثمار، وسيكون من المهم التركيز عليهما على مدى الأسبوعين المقبلين، حيث قد تكون تدفقات المستثمرين عبر العقود الآجلة للسلع الأساسية كبيرة جداً.
وبإلقاء نظرة سريعة على جدول أداء الأسبوع الأول من العام 2012، يمكن مشاهدة أداء صحي لمؤشر «داو جونز يو بي أس» وبارتداد 2 بالمئة، وقد تلقى الدعم في المقام الأول من تحقيق مكاسب في قطاعي الطاقة والمعادن الثمينة.
وقد عانت السلع الخفيفة عموماً، واستسلمت أسعار القمح على جانبي المحيط الأطلسي لعمليات جني الأرباح بعد الارتفاع القوي الذي شهدته نهاية العام.
وأضاف تقرير «ساكسو بنك» أن مؤشري «داو جونز» و«ستاندرد آند بورز» يعملان عند حلول يناير في كل عام على تصحيح مستويات تعرض سلات استثماراتهم في ذلك الوقت، بغية إعادتها إلى مستويات الترجيح الأساسية المستهدفة أصلاً والسماح بحدوث أية تعديلات جديدة.
وتتمثل عملية إعادة التوازن على الأغلب، ولكن دون أن تقتصر على ذلك فقط، ببيع الاستثمارات ذات الأداء العالي في السنة السابقة وشراء الاستثمارات الأقل أداء بهدف إعادة الهدوء إلى محفظة الاستثمارات مجدداً.
وقد شهد هذا العام تطوراً إضافياً، حيث تمت إضافة مزيج برنت لمؤشر «داو جونز يو بي أس» للمرة الأولى، وقد شهد خام غرب تكساس الوسيط خفض قيمته بمقدار مماثل.
واستناداً إلى تقرير «ساكسو بنك» يحدد سعر التسوية المقرر في 6 يناير المقدار النهائي للعقود التي تباع وتشترى بشكل فعلي خلال الفترة من يوم الإثنين 9 يناير ولغاية يوم الجمعة 13 يناير.
وسيتم تعديل نحو 20 بالمئة من حجم إعادة التوازن يومياً باستخدام أسعار إغلاق العقود الآجلة في اليوم المعني.
الثروة الحيوانية والزراعية
وبشكل عام، سيتم شراء المواد الزراعية والثروة الحيوانية والصناعات، بينما سيتم بيع المعادن الثمينة والطاقة باستثناء الغاز الطبيعي وعقد خام برنت المذكور أعلاه.
من المحتمل أن يكون لذلك تأثير صعودي لأسعار السكر والنيكل والقطن والقمح والزنك، حيث يمثل حجم إعادة التوازن المطلوب جزءاً كبيراً من السيولة المتاحة لكل سلعة.
وقد شوهدت دلائل حول محاولة التجار استباق عمليات الشراء يوم الخميس، عندما انخفض السكر بنسبة 5.2 بالمئة، وهو أكبر انخفاض له منذ سبتمبر، وذلك مع ورود أخبار رئيسة تسببت في انخفاض الأسعار، ومن ثم تعاظمه بسبب المضاربين الذين اضطروا إلى إغلاق المراكز الطويلة.
ومع قيام مؤشر «ستاندرد آند بورز» بالحد من تعرضه لخام غرب تكساس الوسيط لمصلحة خام برنت والنفط والغاز، يقدر المجموع الإجمالي لخام غرب تكساس الوسيط الذي يتعين بيعه بما يزيد على 15 مليار دولار، وذلك مقابل أكثر من 5 مليارات دولار تم استغلالها في شراء خام برنت.
على الرغم من كبر الأرقام المذكورة، إلا أن هذه المبالغ لاتزال صغيرة نسبياً بالمقارنة بالمتوسط اليومي للأحجام الفعلية، إلا أن ذلك قد ساعد أيضاً في تعزيز الأداء المتفوق لخام برنت هذا الأسبوع.
وقد اتسع الفارق بقيمة 3 دولار خلال الأسبوع الماضي ليصل إلى 11 دولاراً، ما يشير إلى أن المتداولين ومديري الصناديق الذين يتابعون أداء «داو جونز يو أس بي» قد نشطوا فعلياً قبل حدوث عمليات التداول الكبرى في الأسبوع المقبل.
وسوف ينشأ في الربع الأول على الأرجح أجواء تفتقر بشكل كبير إلى اليقين، حيث سيبحث السوق عن شيء من الوضوح بما يتعلق بالمسائل التي لم يتم إيجاد حلول لها في العام 2011، وخصوصاً القدر المجهول والبالغ الأهمية حول إن كنا سنواجه ركوداً عالمياً آخر في العام 2012.
صعود الدولار
ومع توقعات بحدوث مزيد من الارتفاع في قيمة الدولار خلال المراحل المبكرة من العام 2012، يبدو الاتجاه الصعودي لمؤشرات السلع الرئيسة محدوداً خلال الربع الأول، حيث يميل المستثمرون على الأرجح إلى الانتقائية.
كما ستواصل المعادن الثمينة مثل الذهب والفضة إلى حد ما الاستفادة من النفور المستمر من المخاطرين وذلك بفعل العوامل الداعمة أيضاً التى تشمل البيئة السلبية للعوائد التي نشهدها حالياً في أكثر من نصف دول مجموعة العشرين، جنباً إلى جنب مع قوة الطلب الفعلي من جانب البنوك المركزية والمستثمرين في الأسواق الناشئة. ونرى أجواء يعمها استقرار الأسعار بعد التصحيح الذي شهدناه في أواخر العام 2011، حيث ستدفع التدفقات الاستثمارية الجديدة بالسعر إلى نحو 1.800 خلال الربع الأول وإلى مستوى أعلى في وقت لاحق من هذا العام.
وعلى الصعيد الفني، أشار التقرير الى ان حالة الانتعاش في أسعار الذهب بعد أن شهد أدنى مستوياته، عملت على وضع المعدن في مركز أفضل بكثير على المدى القريب، وخصوصاً مع سعر إغلاق يفوق المتوسط على مدى 200 يوم، متحركاً نحو 1634 دولاراً.
ما يشير إلى احتمال ارتفاعات أخرى في السعر. لن يتحطم هذا التوقع إلا في حال أغلق الأسبوع بمستوى يقل عن 1545 دولاراً، وهو ما سيؤدي إلى عمليات تصحيحية أعمق.
وعلى الرغم من تدهور التوقعات حول مستويات العرض الجديدة، ستستمر المعادن الأساسية في المعاناة خلال الأجزاء الأولى من العام 2012 وسط مخاوف متزايدة من حدوث ركود في أسواق الدول المتقدمة، يصحبه تباطؤ في الأسواق الناشئة.
التوقعات على المدى الطويل لا تزال إيجابية، حيث يتعين أن يقابل انخفاض الأسعار زيادة الطلب لإعادة تكوين المخزون، وخصوصاً من دول مثل الصين.
معاناة الزراعى
عانى القطاع الزراعي نكسة كبيرة خلال العام 2011 على خلفية ظروف الطقس الطبيعية وردود فعل المزارعين في جميع أنحاء العالم على ارتفاع الأسعار خلال 2010/2011 المتمثلة بزراعة كميات قياسية من المحصول الجديد. انخفض المركز التراكمي الطويل لعقود المضاربة التي تحتفظ بها صناديق التحوط في القطاع إلى أدنى مستوى لها منذ عامين ونصف العام.
وعلى هذا الأساس (مصحوباً بالتحديات المحتملة للعروض المتعلقة بأحوال الطقس والتي تظهر حالياً على السطح في أمريكا الجنوبية) فإننا نرى احتمالات جيدة لارتفاع الأسعار، وخاصة للسلع ذات مستويات العرض المقيدة، مثل الذرة وفول الصويا.
ويبدو أن قطاع الطاقة، وذلك مع استثناء الغاز الطبيعي الأمريكي العالق في سوق هابطة وسط وفرة في الإمدادات الأمريكية من الغاز الحجري، قد استقر في نطاق محدد خلال الأجزاء الأولى من العام 2012.
ويتمثل أكبر خطرين في مواجهة أسعار النفط في تصاعد التوتر في المنطقة المحيطة بالخليج العربي (إيران والعراق) محركة إياها في الاتجاه الصعودي، وتفاقم الأزمة في منطقة اليورو في الجانب الهبوطي.
وخلص «ساكسو بنك» إلى القول أنه من المحتمل أن يحقق خام برنت انخفاضاً يدور حول مستوى 95 دولاراً، وينبغي أن يصل متوسط سعره إلى 100 دولار في الربع الأول، قبل أن يرتفع في وقت لاحق من هذا العام.
بتقديري فإن مقدار المخاطر وعمليات الشراء بالمضاربة قبل إعادة التوازن في الأسبوع المقبل، والتي ستفيد برنت الخام، سوف تضيف نحو 10 دولارات إلى السعر الحالي.
وسوف تبادر القلوب الشجاعة فقط للاستثمار ضد التحرك الحالي، وخصوصاً في ظل وجود خطر يلوح في الأفق بتصاعد في الأسعار على المدى القصير، ولكن يتعين البحث عن أي خبر يشير إلى تخفيف حدة التوتر، حيث قد يؤدي ذلك إلى حدوث بعض عمليات البيع المكثف.
أما على الصعيد الفني، فإن خط الاتجاه وأسعار الإغلاق السابق توفران مقاومة عالية عند حد 115 دولاراً قبل الارتفاع في سبتمبر ونوفمبر إلى مستوى 116.50. وبالإمكان ظهور الدعم عند مستوى 111.50 دولار، وذلك قبل تحقيق مستوى 110.00.