«الأزهرى» يشارك فى حفل تنصيب الرئيس الإندونيسى نائبًا عن «السيسى»    بث مباشر على تيك توك.. طبيبة تونسية تنقل عملية جراحية من داخل العمليات (تفاصيل)    اليوم.. وزير التعليم يستعرض خطط وسياسات الوزارة أمام البرلمان    خاص| محمد القس يكشف عن دوره في مسلسل «برغم القانون»    بكام الطماطم؟.. أسعار الخضروات والفاكهة في الشرقية اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024    سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 22-10-2024 في البنوك.. تحديث مباشر ولحظي    الرئيس السيسي يتوجه إلى روسيا للمشاركة في قمة "بريكس"    الاحتلال يمنع انتشال الجثامين من تحت الأنقاض في جباليا    بدء ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثانى في أبو سمبل    اسعار التوابل اليوم الثلاثاء 22-10-2024 في محافظة الدقهلية    نجم الأهلي السابق يكشف مستقبل محمود كهربا مع الفريق    إغلاق كازينو بشارع الهرم لممارسة أنشطة سياحية دون ترخيص (صور)    إغلاق وتشميع محلات تحولت من سكني إلى تجاري بالجيزة (صور)    لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم فى ضيافة الليلة العمانية بالأوبرا (صور)    هبوط مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    عواقب صحية كارثية لشرب كوكاكولا يوميا، أخطرها على النساء    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تصل ل 20 ألف جنيه.. أسعار تذاكر حفل عمرو دياب نوفمبر المقبل    استطلاع: غالبية الألمان يرفضون إرسال المزيد من الأسلحة إلى إسرائيل    للمسافرين.. تعرف على مواعيد القطارات اليوم على خطوط السكك الحديد    عاجل - وزير الدفاع الأميركي: منظومة ثاد الأميركية المضادة للصواريخ باتت "في مكانها" بإسرائيل    قائد القوات البحرية: مصر نجحت في منع الهجرة الغير شرعية منذ 2016    مجدي عبد الغني ل كهربا: أنت ليك ماضي معروف.. والناس مش نسياه    رئيس جامعة بنها: ندعم أفكار الطلاب وابتكاراتهم    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    الكلاب في الحضارة الفرعونية.. حراس الروح والرفاق في عالم الآلهة    حقيقة صرف مكرمة ملكية بقيمة 1000 ريال لمستحقي الضمان الاجتماعي في السعودية    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وسرقته بسوهاج    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    محمد عبدالجليل معلقًا على غرامة كهربا: حذرت لاعبي الأهلي من محمد رمضان    كسر بالجمجمة ونزيف.. ننشر التقرير الطبي لسائق تعدى عليه 4 أشخاص في حلوان    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    عاجل - تمديد فترة تخفيض مخالفات المرور وإعفاء 50% من الغرامات لهذه المدة    مصرع شاب وإصابة 2 آخرين في حادث انقلاب سيارة بأسيوط    الصحة اللبنانية تدين تعرض إسرائيل لأكبر مرفقين طبيين في البلاد وتطالب بموقف دولي إنساني    حل سحري للإرهاق المزمن    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ما حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    بعد منعه من السفر… «هشام قاسم»: السيسي أسوأ من حكم مصر    إسرائيل تتوعد: الهجوم على إيران سيكون كبيرًا وسيجبرها على الرد    مدحت شلبي يوجه رسائل نارية ل حسين لبيب بعد أزمة السوبر    «القابضة للمطارات»: مؤتمر المراقبين الجويين منصة للتعاون ومواجهة تحديات الملاحة    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    المؤتمر العالمي للسكان والصحة.. الوعى في مقابل التحديات    متحدث الصحة: نعمل بجدية ومؤسسية على بناء الإنسان المصري    شيرين عبدالوهاب تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    50 جنيهًا تُشعل خلافًا ينتهي بجريمة قتل في كفر الشيخ    ابتعدوا عن 3.. تحذير مهم من محافظة الإسماعيلية بسبب حالة الطقس    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    رئيس انبي: «حصلنا على 21 مليون جنيه في صفقة حمدي فتحي.. واللي عند الأهلي ميروحش»    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    ارتفاع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    عاجل - هجوم إسرائيل على طهران.. القناة 14 الإسرائيلية: منازل كبار المسؤولين في إيران أضيفت كأهداف محتملة    عاجل - طبيب تشريح جثة يحيى السنوار يكشف عن الرصاصة القاتلة والإصابات المدمرة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أريد أن أموت فى مصر".. آخر كلمات عاشق النيل عميد الدبلوماسية بطرس غالي
نشر في محيط يوم 17 - 02 - 2016

عشق مصر ولم يترك لحظة واحدة فى مسيرة حياته الطويلة إلا واستغلها لخدمة وطنه والدفاع عنه مستثمرا علاقاته الدولية وإحترام العالم أجمع له.. إنه بطرس بطرس غالى الدبلوماسى المصرى الذى رفض أن يموت إلا على أرض مصر.
"أريد أن أموت فى مصر ولا أريد أن أموت خارجها.. وأنا لا أخشى الموت" تلك هى آخر كلمات نطقها بطرس غالى الأمين العام الأسبق لمنظمة الأمم المتحدة، كلمات خرجت منه لأسرته والمحيطين به بينما كان يصارع الموت فى المستشفى قبيل وفاته بلحظات.
وبحسب أحد مرافقيه الذى عاصر اللحظات الأخيرة من حياته..عارض غالى ، عميد الدبلوماسية المصرية والدبلوماسى الأبرز فى العالم، عارض قرار الأطباء بضرورة سفره إلى باريس لإجراء عملية جراحية إثر إصابته بكسر مضاعف فى الساق اليسرى، لكنه رضخ فى النهاية واستسلم لقرار الأطباء وبدأت على الفور إجراءات ترتيبات سفره إلا أن الموت عاجله وكأن روحه رفضت مغادرة الجسد إلا فى وطنه لتتحقق أمنيته فى أن يموت على أرض مصر التى دافع عنها فى كل المحافل والمنتديات المحلية والإقليمية والدولية.
مسيرة طويلة فى حياة الدبلوماسى المحنك بطرس غالى كان شاهدا خلالها على التغيرات التى شهدها العالم بأسره ، مسيرة من العطاء والحنكة الدبلوماسية التى يشهد لها العالم ، وتعكسها ردود الفعل الدولية والبيانات والرسائل التى خرجت عن رؤساء وزعماء ووزراء خارجية غالبية الدول فى رثاء بطرس غالى.
لقد شهد غالى على التحولات السياسية ايضا التى شهدتها مصر منذ ريعان شبابه وبداية مشواره الدبلوماسى المتميز وأبرزها مفاوضات كامب ديفيد مرورا بمسيرته المهنية والنسانية التى امتدت لأكثر من سبعين عاما ، وحتى ثورة الثلاثين من يونيو حيث قام الدكتور بطرس غالى بدور كبير فى إيصال الصورة الصحيحة وتصحيح ما كان يصل للغرب عما حدث فى مصر، لقد ساهم عميد الدبلوماسية المصرية بشكل كبير فى نقل الصورة الصحيحة من خلال اللقاءات التى كان يعقدها بمكتبه بمقر منظمة اليونسكو بباريس مع كبار الساسة والمفكرين والكتاب واصحاب الرأى الفرنسيين والأوروبيين إيمانا منه بأنهم يمثلون المحرك الأساسى فى صنع القرار.
مسيرة طويلة من العطاء قدمها الدكتور بطرس غالى وقابل خلالها جميع زعماء العالم على امتداد تاريخه ، وكان الرئيس الصينى تشى جينج هو آخر رئيس دولة يلتقى مع غالى، حيث حرص الرئيس الصينى خلال زيارته للقاهرة الشهر الماضى على ان يلتقى به ويكرمه ضمن عشرة من كبار الشخصيات العربية التى ساهمت فى توطيد دعائم العلاقات العربية الصينية ، وقد لبى الدكتور غالى الدعوة والتقى الرئيس الصينى رغم مرضه الشديد وانتقل الى الفندق على كرسى متحرك بمساعدة معاونيه.
والواقع ان الدكتور غالى كان مؤمنا بدور الصين فى السياسة الدولية والنظام الدولى خلال السنوات القادمة وكانت له زيارة سنوية للصين توقفت فقط عندما أشار الاطباء له بعدم السفر جوا فى رحلات طويلة ..وكان يقول فى تصريحاته إن السلطة فى العالم انتقلت من أوربا إلى آسيا والمحيط الهادى حيث تبزغ القوى الأسيوية الجديدة هناك ..وكان عندما يدخل أى محفل طلابى يوصى بتعلم اللغة الصينية ..ويقول إن عدد الفرنسيين الذين يتعلمون الفرنسية يبلغ الآلاف على سبيل المثال.
كان مؤمنا بجيل الشباب الذى يتولى المسئولية فى السنوات القادمة وكان ينصحهم بالتعلم والقراءة ومواكبة أدوات العصر التكنولوجى.. "القراءة والاطلاع والمعرفة أهم شئ فى حياة الإنسان" تلك هى نصيحة الدكتور غالى لأى شاب يقابله أو تسنح له الفرصة للجلوس معه، وعلى الرغم من تقدمه فى العمر إلا أنه ظل يواصل القراءة والاطلاع ، فمن يدخل مكتبه سواء فى القاهرة أو باريس ( بمقر منظمة اليونسكو) يجد مكتبة ضخمة من الكتب من جميع اللغات، وكان يقول لمقربيه إذا دخلت أى مكتبة فى الدول الغربية وأمريكا فى أى ساعة بالليل أو النهار ستجدها عامرة بالطلاب الذين يرغبون فى التعلم.
شغلته قضية الانفتاح على الآخر ...وكان غالى، الدبلوماسى الدولى المتواضع، يردد دائما أن سر تقدم الدول يكمن فى الاستفادة من التنوع والانفتاح على الخارج ، وضرب أمثلة على ذلك بقوله " إن هنرى كيسنجر أشهر وزير خارجية أمريكى من أصل ألمانى وبرزينسكى مستشار الامن القومى فى عهد الرئيس كارتر من بولندا ومادلين اوالبرايت من أصل تشيكى ، وهذا هو سر تقدم أمريكا حيث عرفت كيف تستفيد من خبرة كل من يعيش على أرضها وأن هذا التنوع ساعدها فى تحقيق أعلى معدلات التنمية والقوة الاقتصادية والعسكرية.
سأله طالب بجامعة القاهرة يوما كيف يصبح أمينا عاما للأمم المتحدة.. قال له يمكنك ذلك بتعلم اللغات والقراءة والحصول على الدرجات العلمية ... بطرس غالى كان يتحدث الفرنسية والانجليزية والايطالية والاسبانية والروسية.
على الرغم من أن الدكتور بطرس بطرس غالى ينحدر من اسرة ارستقراطية اقطاعية كانت تقيم فى قرية الميمونة بمركز بنى سويف وتقلد جده بطرس غالى رئاسة الحكومة المصرية وكان هو ويوسف وهبه باشا الوحيدين من أقباط مصر الذين توليا رئاسة الحكومة المصرية..وقد تولى اثنان من ابنائه مناصب وزارية نجيب وواصف بطرس غالى ...كما تولى ثلاثة من احفاده منصب الوزارة وهم مريت بطرس غالى ..وبطرس بطرس غالى ..ويوسف بطرس غالى.، الا ان الامين العام الاسبق للامم المتحدة كان يشعر بقضايا البسطاء وكان يحمل هموم الوطن.
وفى السنوات الأخيرة من حياته كانت أبرز القضايا التى حذر منها بطرس غالى ، فى تصريحاته العديدة للصحف فى مصر والعالم العربى وفى الصحف الاجنبية ، قضية الانفجار السكانى وقضية المياه وقضية تنامى التطرف والأصولية الدينية ..كما أنه كان يحذر من خطورة واندلاع الحرب المذهبية فى المنطقة.
بالنسبة لقضية الانفجار السكانى ..قال إنها أخطر المشاكل التى تواجه مصر وأنه ينبغى أن تكون هناك وقفة جادة وحاسمة تحقق التوازن بين وقف هذا الانفجار وفى نفس الوقت الاستفادة من الثروة البشرية ، وقال "إن تجربة الصين فى هذا المجال كانت ناجحة ويجب الأخذ فى الاعتبار هذه التجربة".
وأهم ما كان يشدد عليه غالى فيما يتعلق بقضية المياه أن هذه القضية سوف تزداد حدتها مع الاضطراد الكبير فى زيادة السكان فى العالم مع شح الموارد المائية ..وكان يرى أن هناك حلولا لمشاكل المياه من خلال التعاون والتنسيق الذى ترتبه منظمات متخصصة لتنظيم حركة الملاحة فى الأنهار الدولية وتوزيع المياه بين الدول المتشاطئة.
كان عاشقا للنيل الذى كان يسكن على ضفافه بالجيزة وكان يتأمله كل صباح وهو جالس فى شرفة منزله المطلة على النهر ..ويصفه بأنه ملك الأنهار الذى أقيمت حول شواطئه أكبر حضارة انسانية عرفتها البشرية منذ فجر التاريخ وهى حضارة مصر الفرعونية ، وقال " إن مصر عرفت قبل غيرها من الأمم المجتمع الإنسانى المنظم والمرتبط بأرضه".
لقد ظل غالى يؤمن طوال حياته بالحلول السياسية للمشاكل وكان دائما يقول للاطراف المتحاربة عندما كان وسيطا ستجلسون فى نهاية المطاف للتفاوض فحقنا للدماء نجلس أولا للناقش الحلول بدلا من إزهاق الأرواح وحدث ذلك فى النزاعات التى حصلت فى امريكا اللاتينية وايضا فى كمبوديا.
كان بطرس غالى مؤمنا بوحدة الصف العربى وأزعجه كثيرا حالة الانقسام فى الجسد العربى ووصف الانقسام داخل الصف الفلسطينى بأنه أخطر على القضية الفلسطينية من الاستيطان الإسرائيلي.
انشغل بطرس بطرس غالى فى أواخر حياته بقضية حقوق الإنسان وإليه يرجع الفضل فى انشاء مجالس ومؤسسات وطنية لحقوق الانسان ..فبعد فترة قصيرة من شغله منصب الامين العام للامم المتحدة فى العام 1992 نظم هو بنفسه فى العاصمة النمساوية مؤتمرا للامم المتحدة لحقوق الانسان وكانت من ابرز التوصيات انشاء مجالس قومية وطنية لحقوق الانسان فى دول العالم.
وقال غالى إن الغرض من هذه المجالس يصب بصفة أساسية فى مساعدة الحكومات فى كيفية النهوض والارتقاء بحالة حقوق الإنسان أى أنه ليس هناك علاقة تنافسية وإنما علاقات تعاون وتنسيق ، وهو ما دعا إليه عندما طالب واقنع الحكومة المصرية بإنشاء مجلس قومى لحقوق الإنسان لمساعدة الدولة المصرية ، وكان هو أول رئيس للمجلس المصرى فى عام 2004 وظل رئيسا له حتى العام 201
2 ... وقد أصدر مجلس الوزراء فى سبتمبر عام 2013 قرارا بتوليه الرئاسة الشرفية للمجلس مدى الحياه.
مسيرة طويلة للدكتور بطرس بطرس غالى عاشق مصر وعاشق نيلها قدم خلالها حياته فى خدمة ترابها وأبى فى نهاية حياته أن يموت إلا على أرضها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.