غريب وضع هذه الثورة !! فثورة يناير غير مسبوقه من حيث شعبيتها وزخمها ونتائجها . فقد سقط رأس النظام بتوحد الشعب (الغير مسبوق) على قلب رجل واحد فى التحرير . فكان هذا التوحد هو كلمة السر للثورة . وكان ايضاً نقيض هذا التوحد هو التفتت . ذلك الخنجر الذى طعنت به الثورة بليل غير مأسوف على شبابها . كيف ؟؟ فبسقوط مبارك تصور الجميع خطأً ان الثورة قد اكتملت اركانها ونجحت اهدافها . مما جعل كل القوى الساسية والثورية للاسف تشمر عن ساعديها لحصد تلك المكاسب من هذه الثورة التى لم تكتمل وذلك جرياً وراء مصالح ذاتية ومكاسب حزبية ضيقة لا تساوى انجاح ثورة ولا انقاذ وطن . فكان هذا التشرذم وذاك التفتت لهذة القوى التى كان يجب ان تظل موحدة ومتمسكة بروح يناير حتى اكمال الثورة . فى الوقت الذى لم يكن لهذة الثورة تنظيم يحتويها ولا قائد يقودها ولم تمتلك الثورة السلطة الثوريه التى تمكنها من تحقيق اهدافها . فكان بديل السلطة الثورية المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذى لم يقم بالثورة والذى لا علاقة له بها . فى الوقت الذى تصور فيه هذا المجلس ان الثورة هى مجرد حركة اصلاحية مع العلم انها تغيير جذرى لكل اوضاع المجتمع . حتى هذا لم يتم فلم يقم المجلس باصدار تلك القرارات والمراسيم الاصلاحية بغير الفعل الجماهيرى فى ميدان التحرير. مما جعل القرار ناتج عن فعل ورد فعل فاصبح فى كثير من الاحيان يتصف بالقرار العشوائى . كل هذا احيط بحالة انفلات امنى غير مسبوقة فانتشرت البلطجة التى اعادتنا الى عصر المماليك . والطامة الكبرى اننا رزقنا بحكومة تعمل سكرتارية للمجلس الاعلى الذى لا علاقة له ولا خبرة بالعمل السياسى ولا بأدارة دولة بحجم مصر . وكان قدر الحكومة والمجلس عدة وقائع كشفت عن قدرتها المتواضعة بل المفقودة لمواجهة تلك الوقائع والاحداث . اهمها كان قطع السكة الحديد فى قنا عند تعيين محافظ مرفوض من شعب قنا فلم تفعل الحكومة غير ارسال وسطاء بينها وبين الشعب لحل المشكلة . وذلك كان اعلان بموت الحكومة وقبرها . مما جعل الجميع يتسابق لاسقاط القانون واعلاء قانونه الخاص . مما ترتب عليه فقدان الامل الجماهيرى من الثورة بل قل انها حالة يأس وقنوط اجتاحت الجماهير التى عقدت الامال على هذة الثورة فلم تجد امل ولم تشاهد ثورة بل وجدت مزيد من الانفلات وغلاء للاسعار وتفشى للفساد اكثر مما كان مما جعل رموز النظام السابق وسياساته تحوم حول المشهد السياسى بل مازلت تسيطر علية مما جعل الشباب والشعب المصرى ينتفض مرة اخرى لاحياء ثورة يناير ورفضاً لموتها واسترداداً لها من اصحاب المصالح الانتهازيين من القوى الثورية المنافقة ومن تلك النخبة المنعزلة عن الجماهيير من ابراجها العالية ومن تلك الاحزاب المستكبرة والمتعالية على الجميع . فكان التأكيد لكل القوى السياسية التى تصورت ان لا وجود لغيرها ان هناك قوى شعبية لا علاقة لها بكل القوى المدعية تستطيع النزول للشارع بالملايين بعيداً عن تلك الاحزاب وهذة المنظمات بما يعنى ان مصر لا ولن تكون لقوى سياسية بذاتها ولكن ستكون دائماً لكل الشعب المصرى . والمأزق هنا هو وجود اتجاه قوى على تنحى المجلس العسكرى وتسليم السلطة لمجلس رئاسى مدنى فى ظروف تتفتت فيها الفصائل السياسية وتخون بعضها البعض ولا تتفق على رأى ولا تتوحد على موقف مما يجعل الاتفاق على مجلس رئاسى مدنى شبة مستحيل فماذا سيكون البديل غير الفوضى . ولذا فالحل المتاح هو العمل على اتمام انتخابات مجلس شعب يكون اول لبنه فى بناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة حتى يمكن تسليم السلطة الى حكم مدنى حتى لا يكون هناك مزيداً من التصارع ومزيداً من الانقسام بما يهدد الثورة والوطن . فلنتوحد ونعيد روح يناير حتى ننجز الثورة ونستكملها حتى تظل مصر لكل المصريين .