زعمت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن القضاء البريطاني يترصد وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى لندن بناء على دعوة وجهت له من قبل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، لإصدار مذكرة باعتقاله. وللقضاء البريطاني مواقف عديدة بإصدار مذكرات بحق مسئولين في العالم وصل البعض إلى اعتقالهم ومحاكماتهم، ترصد شبكة الإعلام العربية «محيط» أبرز ذلك في سياق التقرير التالي.. بينوشيه رئيس شيلي السابق في ليلة 16 أكتوبر/تشرين الأول 1998 ألقت شرطة مدينة لندن القبض على الجنرال أوغسطو بينوشيه، بناءً على أمر قضائي إسباني بالقبض على الدكتاتور السابق بتهمة ارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان في شيلي إبان فترة حكمه التي دامت 17 عاماً؛ ورفضت المحاكم البريطانية ما زعمه بينوشيه من الحق في الحصانة، وحكمت بجواز تسليمه إلى إسبانيا لمحاكمته هناك. وطعن بينوشيه في أمر اعتقاله بدعوى أنه يتمتع بالحصانة من الاعتقال والتسليم لبلد آخر باعتباره رئيس دولة سابقاً. ولكن مجلس اللوردات البريطاني، وهو أعلى محكمة في بريطانيا، رفض مرتين مزاعم الحصانة التي قدمها بينوشيه؛ فقضى في الحكم الأول، الذي ألغاه فيما بعد، بأن رئيس الدولة السابق يتمتع بالحصانة فيما يتعلق بالأفعال التي يقوم بها في إطار ما يؤديه من وظائف باعتباره رئيساً للدولة، ولكن الجرائم الدولية مثل التعذيب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ليست من "وظائف" رئيس الدولة. تسيبي ليفنى تسيبي ليفني في نهاية عام 2009 صدر أمراً قضائيًا بإلقاء القبض على وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني بتهمة ارتكاب جرائم حرب بوصفها من المسؤولين عن العملية العسكرية الإسرائيلية التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة. وعقب قرار القضاء البريطاني، ألغت "ليفني" زيارة إلى لندن كانت مقررة يوم 13 ديسمبر 2009، أي بعد صدور المذكرة بيومين. وجاء قرار ملاحقة ليفني، بعد أن تقدمت مجموعة من المحامين يمثلون أهالي ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بدعوى ضد وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة ومحاكمتها كمجرمة حرب. كارينزي كاريك رئيس جهاز استخبارات رواندا واعتقلت الشرطة البريطانية بصورة مفاجئة في يونيو الماضي رئيس جهاز الاستخبارات في رواندا كارينزي كاريك (54 عاما)، بموجب مذكرة اعتقال إسبانية صادرة في العام 2008. ووفقًا لوسائل إعلام بريطانية، فإن "كاريك" لم يكن على علم بتلك المذكرة، لأن مثل هذا النوع من المذكرات يظل سريًا لحين إلقاء القبض على المطلوب. وسبب إصدار المذكرة من قبل السلطات في مدريد، فيعود لاتهام الرجل بالضلوع في جرائم حرب ضد المدنيين في بلاده خلال عقد التسعينيات. وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن الملاحقة القضائية ضد رموز النظام الرواندي بدأت في العام 1994 ليتمكن الضحايا من استصدار مذكرة اعتقال في العام 2008، وليتم الاعتقال أخيراً في لندن في العام 2015. واللافت في القضية أن "كاريك" كان قادماً إلى لندن لحضور اجتماع سري مع مسؤول جهاز الأمن البريطاني (MI6)، ورغم ذلك فإنه لم يتمتع بالحصانة كما أن أجهزة الأمن في لندن لم تتمكن من منع تنفيذ الأمر القضائي. وردًا على ذلك، شن الرئيس بول كاغامي هجوما لاذعا ضد قرار لندن بوقف الجنرال الرواندي ايمانويل كارينزي كركي نتيجة لمذكرة اعتقال أوروبية صادرة عن إسبانيا. وقال كاجامي في حديث له للمرة الأولى في البرلمان عقب اعتقال الجنرال كركي، إن القرار البريطاني يذكر الجميع بالاستعمار الذي يرفض الغرب التخلي عنه بعد كل هذه السنوات. و اعتبر أن الطريقة التي يعامل بها الغرب المهاجرين غير الشرعيين وجميع بلدان العالم الثالث، تعد طريقة غير لائقة، بحسب قوله. منير فخري عبد النور منير فخري عبد النور في الثالث من مارس 2014 طلب الفريق القانوني الممثل لحزب الحرية والعدالة المحظور في مصر، موافقة مدير دائرة الادعاء العام على مذكرة توقيف خاصة بحق وزير الصناعة والتجارة الخارجية المصري السيد منير فخري عبد النور أثناء رحلته إلى المملكة المتحدة. وردت دائرة الادعاء في الرابع من مارس 2014 قائلة بأن وضع السيد عبد النور كونه وزيراً "يمكن أن يضفي عليه حصانة بموجب القانون الدولي العرفي". وإثر ذلك عمل الفريق القانوني على إجراءات المراجعة القضائية لدى المحكمة العليا بهدف الاستئناف ضد موقف دائرة الادعاء بشأن قضية الحصانة. ولكن، وقبل أن تتم جلسة المحكمة العليا للبت في المراجعة القضائية، أقرت دائرة الادعاء من خلال رسالة رسمية لمحامي "اي تي ان" بأنهم لم يقرروا أن السيد عبد النور وغيره من أعضاء الوزارة يتمتعون بالحصانة. ووافقت دائرة الادعاء على هذا الموقف من خلال أمر صادر لدى المحكمة العليا مفاده "أن الادعاء العام لم يتخذ قراراً بأن السيد عبد النور (وغيره من أعضاء الوزارة) يتمتعون بالحصانة" من المقاضاة. كما وافقت دائرة الادعاء على القيام بإخطار الشرطة بأن "قضايا الحصانة لا تحول دون إجراء تحقيقات في ادعاءات موجهة ضد أشخاص ما زالوا على رأس عملهم، بغض النظر عن وظائفهم، بهدف مقاضاتهم في المستقبل". ديفيد كاميرون الرئيس المصري وفي ذات السياق، وبحسب تقرير في صحيفة الغارديان، أعده جوليان بورغر، فإن محامين حقوقيين يزعمون أن مسؤولين بارزين مصريين يواجهون احتمال التوقيف في بريطانيا لعلاقتهم ب"جرائم ضد الإنسانية". ويقول تقرير الصحيفة إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون دعا الرئيس المصري لزيارة بريطانيا الشهر الماضي، لكن السيسي أرجأ الزيارة "خشية اعتقاله أو اعتقال أفراد آخرين في نظامه" إذا سعى محامون حقوقيون لاستصدار أوامر اعتقال بحقهم من محاكم بريطانية. ويأتي ذلك تزامنا مع الذكرى الثانية لفض اعتصامي أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي في رابعة العدوية والنهضة، وهو ما أسفر عن مقتل أكثر من 800 شخص. ونقلت الصحيفة عن توبي كادمان، وهو محام متخصص في جرائم الحرب، قوله: "إذا جاءوا إلى بريطانيا، سنبذل كل ما في وسعنا لضمان اعتقالهم"، لكن الصحيفة لم تذكر الأسماء. وقال كادمان إنه يعتقد أن الحكومة المصرية قلقة بسبب إلقاء القبض على جنرال من روندا في يونيو / حزيران داخل بريطانيا بعد اتهامه في أسبانيا بالتورط في جرائم حرب. وبحسب الجارديان، فإن السفارة المصرية في لندن لم ترد على طلب التعليق على زيارة السيسي أو "التهديدات بإلقاء القبض عليه". وذكرت الصحيفة أن الخارجية البريطانية أكدت أنه من المتوقع أن يأتي السيسي إلى بريطانيا قبل نهاية العام الحالي، لكن لم يُحدد موعد بعد. وقالت متحدث باسم الخارجية البريطانية إن الحكومة المصرية "اتخذت بعض الخطوات في الطريق الصحيح، مثل الإفراج عن عدد من النشطاء وصحفيين دوليين وإقرار دستور جديد ينص على مجموعة واسعة من قوانين حقوق الإنسان،" بحسب الصحيفة. وكان الفريق القانوني الذي يلاحق النظام المصري الحالي قضائياً في أوروبا قد تمكن من تحقيق اختراق كبير في القضية، عندما نجح في استصدار قرار عن المحكمة العليا البريطانية مفاده أن أعضاء الحكومة المصرية لا يملكون حصانة من المقاضاة في بريطانيا، حيث أكد القرار أنه من الممكن التحقيق مع المسؤولين المصريين لمعرفة ما إذا كانوا متورطين في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وفي حال ثبت تورطهم فإن من الممكن أن يحاكموا في المملكة المتحدة. ويحمل اعتقال المسؤول الأمني الرواندي الكبير دلالات بالغة وهامة، أبرزها أن القانون ما زال أعلى من دوائر الأمن والسياسة في أوروبا، كما أن القيام بالخطوة القضائية والقانونية في الوقت الصحيح والطريقة الصحيحة سيدفع حتماً الشرطة في بريطانيا وأوروبا إلى أن تقوم بدورها وأن تعتقل الشخص المطلوب.