نشر موقع «ويكيليكس»، وثائق جديدة تكشف علاقة المملكة العربية السعودية مع الإعلاميين المصريين، فتحت اسم «فاتورة وكيل مؤسسة دار الهلال»، جاءت وثيقة تُعد بمثابة مذكرة مرفوعة من رئيس إدارة الشئون الإعلامية بالخارجية السعودية، إلى وكيل وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة، يطلب فيها صرف شيك بمبلغ 68 ألف دولار أميركي لدار الهلال المصرية المملوكة للدولة في فبراير عام 2012 لنشرها حلقات أسبوعية خلال موسم حج 1432ه والإنجازات التي حققتها المملكة العربية السعودية في مجال توسعة الحرمين الشريفين والمشاريع التي تم تدشينها مؤخراً. وأشارت وثيقة أخرى إلى أن وزارة الخارجية السعودية، طالبت من سفارة القاهرة، معلومات عن طلب الدعم المقدم من مجلة «عالم النفط والغاز». وجاء رد السفارة في فبراير 2012 بأن الرئيس التنفيذي للمجلة السيد محمد حسن سالم هو خبير اقتصاديات طاقة ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس إدارة مجلة عالم النفط والغاز، رئيس مركز الشرق الأوسط لمعلومات الطاقة، وسبق له أن عمل في دولة الكويت وفي منظمة الأوبك، وهو شخصية معروفة في مجال الطاقة ويعتد برأيه فيه، ولديه علاقات مع المتخصصين والمسؤولين في هذا مجال بالعديد من الدول العربية، كما أن توجهاته إيجابية تجاه المملكة، وكذلك الحال بالنسبة لما تنشره المجلة بشأن المملكة. وقالت الوثائق: «عام 2012، الذي تقدم فيه الصحفيون بأغلب طلبات الدعم، هو أيضًا العام الذي قررت فيه السفارة السعودية بالقاهرة التعاقد مع الصحفي محمد مصطفى شردي ليعمل مستشارًا إعلاميًا للسفارة ويؤسس مكتبها الإعلامي عبر استقطاب مجموعة من الإعلاميين المصريين المميزين». ويشغل شردي حاليًا منصب رئيس مجلس تحرير وإدارة جريدة الوفد، وكان في السابق نائبًا برلمانيًا ورئيسًا لكتلة حزب الوفد البرلمانية وعضوًا بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب. ويشارك في تقديم برنامج «القاهرة اليوم» على قناة أوربت السعودية، ويقدم حاليًا برنامج 90 دقيقة على قناة «المحور». وفي برقية بتاريخ 5 إبريل 2012، يخطر السفير السعودي وزير الخارجية بأنه تم تطوير المكتب الإعلامي حسبما أمر سموكم الكريم وتم الاتفاق بعد موافقتكم مع الإعلامي المصري محمد شردي لاستقطاب مجموعة من الإعلاميين المصرين المميزين للعمل به ومنهم السيدة دينا موسى. وأضاف السفير أنه ومع مرور الوقت سوف أحاول استبدال الموظفين المصريين بسعوديين من ذوي الخبرة الإعلامية في حالة توفر ذلك، ولكن على فترات متباعدة، ولكن لا يخفى على سموكم الكريم صعوبة ذلك. وصرحت دينا موسى، المذيعة بقناة «سي بي سي إكسترا»، الأسبوع الماضي، أنها ليست المقصودة بالبرقية وأن الأمر لا يعدو كونه تشابهًا في الأسماء. وكان رئيس الإدارة الإعلامية بالخارجية قد خاطب في 22 مارس 2012 مديرية الشئون المالية بالوزارة بشأن التعويض عن مصروفات إنشاء المكتب الإعلامي بالسفارة من خلال التعاقد مع السيد محمد شردي. ويظهر في كشف مصروفات مرفوع من السفير السعودي، أن قيمة التعاقد مع شردي لمدة ستة أشهر بلغت 90 ألف دولار أميركي، تم بعده التعاقد معه لعام 2012 مقابل 200 ألف دولار. كما يظهر في الوثيقة نفسها، تعاقد السفارة خلال الفترة نفسها مع "شركات استطلاع الرأي العام المصري" مقابل 85 ألف دولار. أما الدكتورة سوزان القليني، رئيس قسم الإعلام بجامعة عين شمس والمستشار الإعلامي لرئيس الجامعة، فكانت قد تقدمت قبل بضعة أشهر من التعاقد مع شردي، بطلب لتقديم خدماتها الإعلامية للحكومة السعودية، ففي أواخر عام 2011 بعثت الخارجية السعودية ببرقية تحمل تصنيف «سري» تطلب معلومات عن القليني جاء فيها: وأفادت وزارة الثقافة والإعلام بأنها تلقت طلبًا من الدكتورة سوزان القليني، أستاذ الإعلام وعميد المعهد الكندي للإعلام CIC، نائب مركز التعاون الأوروبي، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة نيو بلانت، يتضمن رغبتها في تقديم بعض الخدمات الاستشارية الإعلامية لوزارة الثقافة والإعلام". وفي رد الخارجية على وزارة الثقافة والإعلام، أورد رئيس إدارة الشئون الإعلامية المعلومات التي وردته عن القليني ومؤسستها من السفارة بالقاهرة: «أفادت سفارة المقام السامي في القاهرة بأنه لم يتم رصد أي رأي أو نشاط سياسي للدكتورة القليني، التي عرف عنها أنها محبة للمملكة ولها رؤية إيجابية تجاهها». وعلى جانب آخر، لم تنجح بعض المطبوعات الأخرى في تحصيل الأموال مقابل موضوعات منشورة في مديح المملكة، خاصة عندما جاء الطلب بعد النشر دون تنسيق مسبوق مع الجانب السعودي. ففي برقية لا تحمل تاريخًا، بعنوان «الاعتذار لصحيفة الحياة المصرية»، خاطبت وزارة الثقافة والإعلام سفارة المملكة في القاهرة بعدما تلقت وزارة الثقافة والإعلام خطابًاً من السيد محمد عمر الشطبي، رئيس مجلس الإدارة رئيس تحرير جريدة الحياة المصرية، مشفوعًا به نسخ من الجريدة وفاتورة بمبلغ خمسة آلاف ريال سعودي، لقاء نشر موضوع بمناسبة اليوم الوطني الحادي والثمانين، وطلبه صرف قيمتها. وأفادت وزارة الثقافة، أن النشر قد تم دون «تعميد» - أي تكليف - منها، مضيفة أنه لم يتصل أي مسئول من الجريدة بها قبل النشر لإبلاغها بما تنوي الجريدة القيام به ومعرفة مرئياتها، وترغب وزارة الثقافة إبلاغ المذكور بذلك بالطريقة التي ترونها مناسبة. أما رئيس تحرير «النهار» المصرية الخاصة، اتبع سبيلًا أكثر مباشرة في طلب الدعم المالي لصحيفته من السعوديين؛ ففي برقية تحمل عنوان «عاجل جدًا أسامة شرشر»، طلبت الخارجية السعودية من سفارة القاهرة معلومات عن الصحيفة بعد أن تلقت وزارة الثقافة والإعلام طلبًا من السيد أسامة شرشر رئيس تحرير صحيفة النهار المصرية يرغب فيه السماح بتوزيع صحيفته في المملكة والحصول على دعم مادي سنوي مقابل حملة إعلانات عن المملكة. وتابعت البرقية العاجلة جدًا: «نأمل موافاتنا بمعلومات وافية عن الصحيفة المشار إليها والقائمين عليها ومصادر تمويلها ومدى إمكانية التعامل معها والسماح بتوزيعها في أسواق المملكة ، مشفوعة بمرئياتكم حيال الطلب». ولا تتضمن الوثائق المنشورة حتى الآن رد السفارة على طلب المعلومات عن الصحيفة التي تحمل شعار «منحازون.. للحقيقة فقط». أما ياسر بركات، رئيس تحرير صحيفة «الموجز» الأسبوعية الخاصة، فيبدو أنه خاض في عام 2012 محاولة فاشلة - وإن كانت أكثر ابتكارًا - في الحصول على أموال مقابل عدم نشر معلومات، قال إنه حصل، عليها تمس الأسرة السعودية المالكة. وطلب بركات مقابلة الملك السعودي شخصيًا أو سفير المملكة في القاهرة على الأقل، مهددًا بنشر «المعلومات» التي حصل عليها إن لم تتم تلبية طلبه. ووفقًا لبرقية، من وزير الخارجية سعود الفيصل إلى وزير الثقافة والإعلام بالمملكة، فإن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير صحيفة الموجز المصرية أبدى رغبته للمستشار القانوني بالسفارة ترتيب زيارة له للمملكة للتشرف بمقابلة خادم الحرمين الشريفين «حفظه الله» لأمر سري وعاجل، وقد سأله المستشار القانوني عن سبب هذا الطلب فأجابه بأن لديه معلومات هامة تمس العائلة المالكة وأنه إذا لم يرتب له أمر هذه المقابلة أو مقابلة معالي سفير المقام السامي في القاهرة فلن يجد أمامه سوى نشر ما لديه. وأستطرد الفيصل «وأشارت السفارة إلى أن الصحيفة قامت في عددها رقم (301) المرفق طيه بنشر مقال مسيئ للمملكة، يتضمن الكثير من الأكاذيب والمغالطات، وأفاد معالي السفير بأن الصحيفة هي من الصحف الصفراء وتوزيعها ضئيل للغاية، ولا يحظى المذكور وصحيفته بأي أهمية في الوسط الإعلامي المصري، ويرى سفير المقام السامي أنه قد يكون من الأفضل تجاهله».