أثار تصريح وكيل وزارة الداخلية المساعد لشئون الجنسية والجوازات والإقامة الكويتي اللواء الشيخ مازن الجراح الأحد، الذي أكد فيه التوجه لمنح فئة "البدون" الذين لا يمتلكون وثائق رسمية في البلاد جواز سفر لدولة جزر القمر مقابل منافع مالية ستقدمها بلاده لتلك الدولة الفقيرة ، ردود فعل رافضة وغاضبة من البدون ومن نشطاء حقوقيين وسياسيين في الكويت. وهاجم الناشط البدون أحمد الخليفة هذا القرار، مبينا أنه قديم جديد. وقال الخليفة لوكالة "الأناضول" :"إن تقسيم البدون إلى فئات من قبل الجهاز المركزي (وهو الجهاز المنشأ من الحكومة لمعالجة أوضاع البدون) للوصول إلى هذه الخطوة. وقسم الجهاز في وقت سابق البدون البالغ عددهم نحو 120 ألفا إلى ثلاث فئات واحدة تستحق الجنسية الكويتية وعددهم نحو 35 الفا وأخرى يمكن منحها الاقامة الدائمة شرط كشفها عن جنسيتها الأصلية وفئة ثالثة عليها قيود أمنية ويتعين عليها المغادرة. وأضاف الخليفي "أن الفئة المستهدفة هي الفئة الأضعف التي ادعى الجهاز أن عليها قيودا أمنية ولا تستحق الجنسية". وأكد أن هذه الفئة تمتلك كل الوثائق القديمة التي تثبت وجودها قبل استقلال الكويت في عام 1962. وأوضح الخليفي أن "البدون يرفضون هذه الصفقة"، واصفا إياها ب"بيع البشر والاتجار بهم". ومضى قائلا "مسألة بيع البشر والاتجار بهم مقابل مشاريع واستثمارات هو مشروع مرفوض ولن يقبل". وكشف عن التوجه إلى المنظمات الحقوقية الدولية من خلال مراسلتها لكشف خطورة هذا التوجه، مشيرا إلى أن القضية ستعرض في 25 يناير (كانون الثاني) المقبل ضمن التقرير الدولي في مجلس حقوق الإنسان في الكويت كقضية تمثل نوعا من الاتجار بالبشر". وأشار إلى اتخاذ خطوات قانونية لمواجهة تحركات الجهاز المركزي الذي يمتلك سلطة مطلقة، بينما لا يسمح للبدون بالدفاع عن أنفسهم رغم امتلاكهم كل الاثباتات. أما الناشط البدون عادل الغنيم فرأى أن الفئة المستهدفة تقدر من 5 إلى 10 آلاف أوقفت جميع معاملاتهم و أضحى أبناؤهم محرومون من التعليم و أبسط الحقوق الإنسانية . ووصف هذا التوجه بأنه "صفقة بين المافيا الدولية والاتجار بالجوازات للتخلص من الكويتيين البدون". وقال الغنيم للاناضول"هذا الخيار عنصري من الحكومة الكويتية"، مشيرا إلى ان البعض القليل قد يقبل به نتيجة ظروفهم البائسة فبعضهم يبيت بسيارته فلا ماوى له ولا علاج و لايجد أحيانا ما يأكله . وأشار إلى أن تعقيد إجراءات البدون خلال السنوات الماضية كان يهدف إلى إيصالهم للقبول بمثل هذا الأمر. من جهتها رأت رنا عبدالرزاق (ناشطة حقوقية كويتية وعضو في لجنة ال 29 المدافعة عن حقوق البدون وهي لجنة من 29 ناشط حقوقي كويتي) ، أن هذا التصريح يمثل "إدانة" للحكومة الكويتية. وقالت للأناضول إن هذا يدل على أن الحكومة "لم تكن صادقة" في حل قضية البدون عبر السنوات الطويلة الماضية. وأضافت "سنقف بحزم وبشدة ضد هذا التوجه من خلال استخدام أدواتنا كحقوقيين وسنقوم بحملات توعية لرفض هذا الأمر". وأوضحت أن "الحكومة تدعي أنها تمتلك وثائق تثبت أن 67 ألفا من هؤلاء لديهم جنسيات وفق تصريحات لرئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع البدون". وأشارت إلى أنها الآن تقر أن ال120 البدون الموجودون بالكويت هم عديمو الجنسية رغم أنها في كل تقاريرها في مجلس حقوق الإنسان تدعي عدم وجود عديمي جنسية فيها". ورأت العبدالرزاق أن الحل يكمن باتباع القوانين الإنسانية الخاصة بهذا الشأن من خلال منح هؤلاء الجنسية الكويتية وإعطائهم حقوقهم الإنسانية . وقالت منذ آخر إحصاء للبدون في 1985 لا يوجد بدون وكل من ولد خلال ال30 سنة الماضية منهم مولود بالكويت. من جهته هاجم النائب السابق، وليد الطبطبائي (إسلامي سلفي)، المقترح واصفا إياه بأنه "غير إنساني وفاشل جدا" وأضاف، في تغريدة له على حسابه بموقع تويتر،: "حل البدون بإنصاف المستحقين منهم بتجنيسهم، وغير المستحقين يخيرون، ويعطون الإقامة الدائمة أو السفر". من جانبه، قال النائب فيصل الدويسان ( شيعي)، في تصريح له أمس، إن إعلان الجراح القيام بما وصفه ب"بيع البدون إلى جزر القمر" هو أمر خطير جدا، محذرا من أن إقرار هذا التوجه "سيُسقط الحكومة بأكملها"، متهما الحكومة بأنها "كانت تدلس وتكذب على الجميع عندما كانت تقول أن أغلبية البدون لديهم جنسيات أخرى وتسميهم مهاجرين غير شرعيين، ولو كان هذا صحيحا لأبعدتهم الى بلدانهم الأصلية وليس الى جزر القمر". وكان وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والجوازات والإقامة الكويتي، اللواء الشيخ مازن الجراح، قد قال لصحيفة "الجريدة" الكويتية أمس، إن الفترة المقبلة ستشهد توزيع الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية في البلاد، استماراتٍ خاصةً بطلب الحصول على الجنسية الاقتصادية من جزر القمر، لفئة "البدون" المسجلين في الجهاز. وأضاف أن الجنسية والجواز "القمريين" اللذين سيُمنحان للبدون سيسهلان لهم الكثير من الأمور في البلاد، وبيَّن أن حكومة الكويت "ستلبي اشتراطات حكومة جزر القمر نظير إتمام الاتفاق، والتي تتمثل في بناء الكويت مدارس ومساكن ومعاهد في الجزر، فضلاً عن فتحها فرعاً لبيت الزكاة هناك، ما يعني أن الكويت "ستتحمل تلك النفقات لحل قضية هذه الفئة وإغلاق ملفها نهائياً"، على حد قوله. فيما لم يصدر أي تعليق من جانب جزر القمر حول ما ذكره المسؤول الكويتي حتى ظهر اليوم.