لا يتوانى مصمّمو الأزياء "الإسلامية" في كوت ديفوار، في الفترة الأخيرة، عن تنويع لمساتهم وتصميماتهم، ليزوّدوا المحلات والمتاجر بمجموعات متنوّعة من ألبسة الرجال والنساء، المصنوعة من أنواع مختلفة من الأقمشة. سراويل وسترات تحمل بعض التأثيرات الإفريقية واحيانا الهندية، وأحجبة ملوّنة تغرق في نقوش وأكسسوارات مثيرة للاهتمام. باختصار..تشكيلة أنيقة ولامعة، تجمع بين خصوصية الدين الإسلامي والبيئة الإفريقية بجانب سحر الموضة العالمية. ومع الانفتاح التجاري العالمي، أضحت مهمة هؤلاء المصمّمين في إرضاء زبائنهنّ من النساء صعبة للغاية، وهو ما أدخلهم سريعا حيّز المنافسة، بغية ابتكار أفكار جديدة تلبّي رغبات النساء المسلمات المحتشمات، واللاتي يعنين بأناقتهن في آن واحد. "إيسياتا"، طالبة في العشرينات من عمرها، تقول بخصوص ذلك وهي تختال في ثوب أزرق سماوي: "تعاليم القرآن لا تجيز لنا إظهار أكثر من أوجهنا وأيدينا ولكن ذلك لا يمنعنا من أن نكون جميلات وأنيقات في إطار من الاحتشام والالتزام". الطالبة التي استغلت وقت الفراغ المتوفر لديها للذهاب للتسوق لاختيار ملابس جديدة بمناسبة "زواج أقرب صديقاتها" تقر بأنها: "لطالما أحبت الموضة "، وهي "لا تتعارض مع الدين. أمضي وقتا طويلا كل يوم في اختيار الملابس التي تتطابق مع حجابي، فضلا عن ذلك، أنا أعشق الألوان المشرقة والاكسسوارات". وتجد الموضة "الإسلامية" في العاصمة الإيفوارية إقبالا كبيرا حتى وإن ظل الأمر مقتصرا على دائرة محدودة من الأوساط النسائية، لا يترددن في اختيار ما حسن من الألبسة لونا وشكلا، مع مراعاة واجب الاحتشام، ملقين بكل ما يمت بالأبيض والأسود فيغياهب خزانة الملابس. الجيل الجديد في كوت ديفوار، كما في سائر بلدان العالم، يميل أكثر إلى الألوان المشعّة، والحياء الذي يفرضه الدين خصوصا على النساء المسلمات، لا يتعارض مع تلك التصاميم الفضفاضة والألوان الزاهية، ليصبح للموضة الاسلامية الافريقية بريق خاص يجمع بين الخصوصية والأناقة وسحر الموضة. أبيدجان، كانت قد احتضنت الأحد الماضي الدورة الثانية من المهرجان الدولي للموضة الإسلامية الهادف إلى "تقديم خيارات أناقة أخرى للشباب والشابات الإيفواريات" . وقد شهدت هذه الدورة مشاركة أسماء كبيرة في عالم الموضة، من بينها الفنان السنغالي "كوليسو آردو"، بالإضافة إلى عشرات المصممين الأفارقة المعروفين، على غرار "سيس سان مويز" (إسمه الحقيقي سيسي موسى، مدرس سابق لمادتي التاريخ والجغرافيا، ترك مهنته الأصلية ليشتغل بالموضة)، لبى جميعهم بدعوة من "كوني كابا مادوسو" رئيسة لجنة تنظيم المهرجان. ويرى "سان مويز" أنّ الموضة الاسلامية تتلاءم مع صيحات الأزياء الحالية في بلدان جنوب الصحراء الكبرى الناطقة بالفرنسية، مؤكّدا أنّ نمط اللباس يتجاوز، في الوقت الراهن،"الحدود والأديان". وأضاف المصمّم، في تصريح للأناضول، أنّه "بالإمكان ملاءمة الأزياء مع الخصوصيات، فالملابس التي قمت بعرضها السبت الماضي تتلاءم مع الرجال والنساء، ويمكن ارتداؤها في العمل أو استقبال الأصدقاء في المنزل.. لقد أحدثنا مزيجا من العادات والتقاليد المميّز لكلّ ثقافة.. ولقد استطاع هذا النموذج من الموضة غزو الغابون ومالي وبوركينا فاسو، إلى جانب السنغال ةالبنين، ما يعني أنّها استطاعت تجاوز الأديان والحدود". وقد ازدان المهرجان بارتداء الحضور أزياء مستوحاة من الثقافة الإفريقية عبر شكل الأقمشة ولباس البوبو المنمق بتأثيرات هندية، وهو مزيج ثقافي لقي إعجاب الحضور بشكل بارز. واختالت عارضات الأزياء في ألوان يغلب عليها الأحمر والأصفر، بالإضافة إلى اللون الأبيض، رمز الصفاء والنقاء الروحي، في مزيج متوازن ما بين إشعاع وإحتشام... وحاز قماش ال "بازان" (قماش إفريقي) المفتوح على الجانبين المرافق لسروال نسائي، على إعجاب الحاضرين، ولم يتفوق عليه في ذلك سوى البوبو الهندي للرجال والمتكون من قميص بأكمام قصيرة وسروال ووشاح بنفس اللون، نال استحسان الجميع وضج المكان بالتصفيق فور ظهوره. صاحبة المبادرة "كوني كابا مادوسو" اعتبرت في حديث أجرته مع الأناضول خلال حفل الاختتام أنه على "هذا المهرجان أن يجعل من الموضة عنصر تقارب وانسجام ومشاركة،وأنه يساهم بالخصوص في الرفع من قيمة المرأة في نطاق أسرتها ومحيطها والمجتمع بصفة عامة". وختمت منظمة المهرجان كلامها مؤكدة على ان الالتزام بالقيم الدينية الداعية إلى الاحتشام مع مراعاة الذوق الجميل في الهندام، أمر ممكن وقالت بشأن ذلك: "لقد أردنا تقديم لباس إسلامي محتشم وجذاب وأنيق"، مبدية أسفها إزاء ما اعتبرته "انحلالا" في طريقة اللباس النسائية في كوت ديفوار.