يتميز شهر رمضان المبارك في لبنان بعادات وتقاليد دينية واجتماعية وثقافية تكاد تكون موحدة بين مختلف المناطق اللبنانية، إلا أن بعضها اختص في عاداته وتقاليده بمنطقة دون أخرى وفقا للتوزيع الديموغرافي بين الطوائف الإسلامية، وتحديدا في الشمال والجنوب والبقاع مرورا ببيروت والضاحية الجنوبية لها. وتعود بعض هذه العادات والتقاليد إلى مئات السنين ومعظمها مرتبط بحقبات تاريخية مرت علي لبنان. وتختص مدينه طرابلس علي سبيل المثال بتقليد خاص في استقبال شهر رمضان حيث تقوم فرق من الصوفية قبل حلول الشهر المبارك بعدة أيام بجولات في شوارع المدينة، ويردد المشاركون فيها الأناشيد والمدائح النبوية والأشعار في استقبال شهر الله، لتحضير الناس وتهيئتهم للصوم. ومن عادات أهالي مدينة طرابلس في رمضان "زيارة الأثر النبوي" في جامع المنصوري الكبير، وهو عباره عن شعره واحدة من لحية الرسول (صلى الله عليه وسلم )، ويتزاحم الطرابلسيون لتقبيل هذا الأثر الشريف والتبرك منه. ويقال إن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني اهدي هذا الأثر إلى مدينة طرابلس مكافأة لأهلها علي اطلاق اسمه علي احد جوامعها . ومن بين هذه التقاليد الرمضانية أيضا ما يعرف اليوم ب "سيبانة رمضان" وهي عادة بيروتية قديمة لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا وتتمثل بالقيام بنزهة علي شاطئ مدينة بيروت تخصص لتناول الأطايب والمآكل في اليوم الأخير من شهر شعبان المعظم قبل انقطاع الصائمين عن الطعام في شهر رمضان. وجرت العادة قديما علي أن تتوجه العائلات البيروتية قبل غروب التاسع والعشرين من شعبان المعظم إلى شاطيء بيروت تحمل معها أنواعا مختلفة من الطعام والشراب وتقيم سهرات طويلة تترقب خلالها قدوم الشهر المبارك. أما مدينة صيدا فتختص بما يعرف ب "فوانيس رمضان" وهي مصابيح مختلفة الألوان والأحجام تستخدم في تزيين الشوارع ومداخل المساجد في شهر رمضان المبارك كتقليد سنوي يحافظ عليه الصيداويون ويعملون به حتى الآن. وفي الجنوب اللبناني لا يزال المسحراتي حتي اليوم وفي العديد من القرى يجوب منازل المؤمنين يقرع أبوابهم بعصاه ينادي عليهم وقت السحر للقيام والتهيؤ للصوم عن الطعام والشراب، رغم وجود ساعات التوقيت والمنبهات ووسائل الاتصال ومكبرات الصوت التي تصدح بها مآذن المساجد، بالأدعية وقراءة القرآن والأذان . ومن العادات والتقاليد أيضا ما هو عام لا يزال يشمل مختلف المناطق اللبنانية ومنها تزيين الشوارع والساحات العامة والطرق المؤدية إلى المساجد بالزينة الورقية الملونة والإنارة الكهربائية اللافتة التي تتدلي عادة من اعلي المآذن إلى أسفلها، ترحيبا بالشهر الكريم. ومن التقاليد العامة في لبنان "مدفع رمضان"، وهو تقليد عرفه لبنان منذ العهد الفاطمي وقد ابتدعه القيمون علي البلاد لتنبيه الناس إلى الإمساك والإفطار. ويتولي الجيش اللبناني حاليا مهمة القيام بهذا التقليد داخل المدن الرئيسية لا سيما في بيروت والضاحية الجنوبية ومدن طرابلس وبعلبك وصيدا وصور ويقضي هذا التقليد بإطلاق ثلاث قذائف من النوع الخلبي من عند ثبوت شهر رمضان، لإشعار الناس بثبوت الشهر شرعيا ومثلها عند ثبوت شهر شوال لإشعارهم بحلول عيد الفطر السعيد، واطلاق قذيفة واحدة من النوع نفسه قبيل حلول الفجر إشارة إلى الإمساك عن المفطرات، وقذيفة واحدة عند الغروب إشارة إلى حلول وقت الإفطار. وتزدهر في هذا الشهر الكريم تجارة المآكل، وخاصة الألبان والأجبان والخضار والفاكهة والتمور والمكسرات (اللوز والجوز والفستق) والمشروبات الخاصة بشهر رمضان مثل الجلاب والتمر الهندي وعرق السوس والخرنوب وقمر الدين (المشمش المصفي(. ولشهر رمضان أطعمة خاصة في لبنان مثل التبولة والفتوش وهي أكلات شعبيه لبنانية مصنوعة من الخضار المتنوعة، إضافة إلى الحلويات الخاصة مثل : "الكلاج"، "القطايف"، المشبك"، و"الشعيبيات". ويحيي اللبنانيون ليالي شهر رمضان بطرق مختلفة ومتفاوتة بين منطقة وأخرى إلا أن معظمها يكون في المساجد والزوايا والتكايا حيث تقام مجالس الدعاء وتلاوة القرآن الكريم. وعرفت بيروت وبعض المدن اللبنانية الأخرى في السنوات الأخيرة عادة سيئة تمثلت في ما يسمي ب "الخيام الرمضانية" التي يرتادها بعض الناس لتناول طعام الفطور، والسهر، وشرب النرجيلة علي أنغام الغني والطرب في أجواء بعيدة كل البعد عن أجواء الشهر الكريم، تستمر حتي الفجر. إلا أن هذه الخيام لم تتمكن من النيل من الموءمنين الذي واجهوا هذه العادة وتصدوا لها عبر أقامة الأمسيات الرمضانية وتعميم "موائد الرحمن" المفتوحة أمام الفقراء والمحتاجين. وهناك أيضا حفلات الإفطار التي تقيمها الجمعيات والمؤسسات الدينية والخيرية ويدعي إليها رجال الأعمال والشخصيات السياسية والاجتماعية وتخصص عاده لجمع التبرعات للأيتام والأعمال الإنسانية والخيرية ودعم بعض المؤسسات الإسلامية.