رأى خبراء أنّ الدورة ال 23 لقمة الاتحاد الأفريقي، التي انطلقت اجتماعاتها التحضيرية، اليوم الجمعة، في مالابو (عاصمة غينيا الاستوائية)، ينبغي عليها التطرّق إلى المواضيع ذات الصلة بالنزاعات المسلّحة المندلعة في عدد من بلدان القارة السمراء. وفي أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، قدم الخبراء ما يمكن أن يُطلق عليه "الوصايا العشر"، كمفتاح لنجاح القمة التي ستعقد يوم الخميس المقبل، وخارطة طريق من شأنها أن تقود نحو تسوية مجمل الأزمات التي تهدّد استقرار شعوب القارة. وتمثلت "الوصايا العشر" للخبراء في: تعيين مبعوث خاص إلى أفريقيا الوسطى، والالتزام بالسعي نحو تحقيق التكامل الإقليمي، وعملية لحفظ السلام في أفريقيا بدعم من الدول الغنية من أجل التصدي لجماعة "بوكو حرام"، إلى جانب تولي المنظمات الأفريقية الفرعية ملفات الأزمات الصغرى، ومعاهدة سلام يضعها المتنازعون أنفسهم في جنوب السودان، فضلا عن مؤتمر دولي حول البلد الأخير. كما تتضمن "الوصايا العشر"، استئناف الحوار بين الطوارق وحكومة باماكو، كحل وحيد لمعالجة الأزمة في شمال مالي، ودراسة الفرص التي تمكّن المغرب من الانضمام مجدّدا إلى الاتحاد الأفريقي، وإعادة النظر في عقود الاستغلال المبرمة مع الشركات الأجنبية. دجيبي دياكاتي"، مدير كلية الدراسات العليا للمعهد الأفريقي للإدارة بالعاصمة السنغالية، قال في تصريح للأناضول، إنه "لا يمكن الحديث عن الأمن الغذائي والزراعة إذا لم يتوفّر الأمن على المدى القريب"، مشيراً إلى أنّه "ينبغي على الإطار الاقتصادي والسياسي توفير الضمانات الكافية لتحقيق التقدّم في الجانب الغذائي". وفيما يلي "الوصايا العشر": 1- مبعوث خاص إلى أفريقيا الوسطى يرى المحلّل السنغالي، ديجيبي دياكاتي، أنّه ينبغي على الاتحاد الأفريقي أن يقرّر على هامش أعمال القمة، إيفاد مبعوث خاص للمساهمة في جهود إحلال السلام بأفريقيا الوسطى، قائلاً "على الاتحاد لعب دور في الحوار بين مختلف الأطراف في أفريقيا الوسطى، لحماية الموارد المتاحة في هذا البلد". 2 - إدارة الأزمة في أفريقيا الوسطى على المستوى الاقليمي ومع القوى المتواجدة فيها (سيليكا "ميلشيا ذات أغلبية مسلمة" وأنتي بالاكا "ميلشيا مسيحية"). أستاذ العلوم السياسية بجامعة كنشاسا بالكونغو الديمقراطية، فيليب بيويا ماكوتو، رأى من جانبه أنّه – وبالإضافة لما ذكر - ينبغي على الاتحاد الأفريقي التعبير عن التزامه "بالسعي نحو تحقيق التكامل الإقليمي"، وذلك عبر "استيعاب ملف أفريقيا الوسطى بشكل كامل". وقال للأناضول إن "اجتماع ممثّلين ل 54 دولة أفريقية من شأنه تيسير التوصّل إلى مقاربة تجمع بلدانا تعدّ حلقات الوصل الإقليمي مع بعض القوى الحاضرة في أفريقيا الوسطى" في إشارة إلى السيليكا وأنتي بالاكا. 3 - عملية لحفظ السلام في أفريقيا بدعم من الدول الغنية للتصدي لبوكو حرام. الخبير الكونغولي، ماكاتو، أشار في السياق ذاته، إلى أنّ الحضور الأفريقي في شكل عملية لحفظ السلام، من شأنه أن يحلّ الأزمة التي خلّفتها عمليات جماعة "بوكو حرام" في مناطق مختلفة من القارة الأفريقية، خصوصاً أنّ قمة باريس التي انعقدت في 17 مايو/ آيار الماضي، وضمّت رؤساء خمس دول أفريقية (بنين، والكاميرون، والنيجر، ونيجيريا، وتشاد)، خلصت إلى غياب الاتحاد الأفريقي فيما يتعلّق بإدارة الأزمة المتمخّضة عن نشاط الجماعة في الشمال الشرقي النيجيري، وأقصى منطقة الشمال الكاميرونية. 4 - تولي المنظمات الأفريقية الفرعية ملفات الأزمات الصغرى. مدير كلية الدراسات العليا للمعهد الأفريقي للإدارة في داكار، دجيبي دياكاتي، أوصى الاتحاد بتفويض إدارة "الملفات الصغرى"، على غرار مسألة "بوكو حرام" إلى المنظمات الاقليمية الفرعية، والتي يمكن أن يكون عملها عليها أكثر فعالية. وأضاف دياكاتي في تصريحات للأناضول: "توجد منظمات إقليمية فرعية ينبغي على الاتحاد دعمها في إطار أدوار الوساطة، وحتى التدخل العسكري، فالإجراءات في صلب الاتحاد الافريقي ما زالت بطيئة جداً ومرهقة، في حين تكون أكثر مرونة على الصعيد الإقليمي، وبالتالي أسرع وأكثر كفاءة، غير أنّ الإشكال الوحيد يتعلّق بالموارد، وهنا تكمن وظيفة ودور الاتحاد". 5 - معاهدة سلام يضعها المتنازعون أنفسهم في جنوب السودان وللتوصّل إلى تسوية للأزمة الناشبة في جنوب السودان يرى دياكاتي، أنّه لا بدّ من إقرار معاهدة سلام يضعها المتنازعون أنفسهم. دياكاتي قال إنّ "ملف جنوب السودان هو الأكثر تعقيداً من الحالات الأخرى؛ لأنه ينطوي على قوى أخرى مثل إسرائيل والصين، لذا يجب معالجة هذه المسألة من خلال الأخذ في الاعتبار مصالح تلك القوى، لأن جنوب السودان ليس مشكلة أفريقية بل دولية". 6 - مؤتمر دولي حول جنوب السودان أستاذ جامعة كينشاسا، رأى أنّ الوضع في جنوب السودان لا يمكن حلّه بمعزل عن "بعض القوى الدولية"، داعياً الاتحاد الأفريقي إلى تنظيم مؤتمر دولي حول النزاع في جنوب السودان، والذي تتجاوز رهانات الصراع فيه الحدود الأفريقية. 7- اتفاقيات جديدة بعد إقرار الحوار شمالي مالي. مع دخول مالي مجدّدا في دوامة عدم الاستقرار، وذلك منذ اندلاع المعارك الضارية بمدينة كيدال في الشمال بين الجيش النظامي والمجموعات المسلحة لتحرير أزواد، ترى الباحثة بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية (مملوك للدولة في مصر) أميرة عبد الحليم، أنه "ينبغي أن تقود القمة الأفريقية في مالابو نحو استئناف الحوار بين الطوارق وباماكو، بالإضافة إلى ضرورة تطبيق اتفاق واغادوغو، الموقّع في يونيو حزيران 2013". وأوضحت الباحثة في تصريحات للأناضول أنّ "الحوار بين المتمردين والحكومة هو الحلّ الوحيد لمعالجة الأزمة في شمال مالي، كما من المنتظر أن تدفع القمة في هذا الاتّجاه، وذلك عبر توفير جميع الضمانات اللازمة، لتفعيل الاتفاقيات الجديدة". 8 - مرشّح وحيد لانتخاب الأمين العام للمنظمة الدولية للفرانكفونية. أما مؤسّس مجلة "جون أفريك"، بشير بن يحمد، فيرى أنّ قمة الاتحاد الأفريقي ينبغي أن تكون فرصة ينتهزها القادة الأفارقة ل "التنسيق فيما بينهم"، والتوافق حول المرشح الذي سيتم دعمه خلال انتخاب أمين عام جديد للمنظمة الدولية للفرانكفونية في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم بداكار، خصوصاً أنّ الأمين العام المغادر "أبو ضيوف" كان قد عبّر في شهر مارس/آذار عن رغبته في عدم تجديد ولايته. 9- دراسة الفرص التي تمكّن المغرب من الانضمام مجدّداً إلى الاتحاد الأفريقي. بعد رفع الاتحاد الأفريقي، الثلاثاء الماضي، تعليق عضوية كل من مصر وغينيا بيساو، يرى بن يحمد، في تصريحاته للأناضول، أن القمة مناسبة لتعجيل الجهود الرامية إلى إعادة إدماج المغرب، الذي أغلق أبواب الاتحاد خلفه في عام 1984، احتجاجاً على قبول عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (الجمهورية الصحراوية). 10 - إعادة النظر في عقود "الاستغلال" المبرمة مع الشركات الأجنبية. الباحثة المصرية أميرة عبد الحليم في ختام حديثها، أكدت على أهمّية التطرّق، خلال القمة الأفريقية، إلى التحدّي الذي يمثله سيطرة الأفارقة على مواردهم الخاصة من جديد، خصوصاً وأنّ محور هذا الملتقى الدولي الهام لهذه السنة هو "الزراعة والأمن الغذائي في افريقيا". وقالت إن "العديد من الشركات الأجنبية، وخصوصاً تلك المنتمية إلى الخليج العربي أو الصين، تتمتّع بعقود لاستغلال الأراضي الأفريقية، مما يسمح لها بالحصول على محاصيل لا يمكن أن تنمو في بلدانهم الأصلية". وخلصت الباحثة المصرية إلى أنّ "هذا الأمر يؤدي إلى حرمان الأفارقة من مواردهم الخاصة، لذلك ينبغي أن تبحث هذه القمة سبل إعادة النظر في هذه العقود، والتي هي عبارة عن صكوك عبودية جديدة". أعدّته للنشر بالعربية: ليلى الثابتي