الزراعة: لولا المشروعات الجديدة لارتفعت أسعار الخضروات 5 أضعاف (فيديو)    جيش الاحتلال: إصابة 14 جنديا خلال ال 24 ساعة الماضية    «مناظرة النفس الأخير».. سقطات أنهت أحلام المرشحين برئاسة أمريكا    لماذا ودعت أوكرانيا يورو 2024 رغم امتلاك 4 نقاط؟    50 مليون إسترليني تقرب نجم لايبزيج من مانشستر سيتي    مراجعات «مجانية» للثانوية العامة على بوابة أخبار اليوم حتى نهاية الامتحانات    رامي جمال يطرح أغنية يا دمعي على يوتيوب    لطيفة تطرح أغنية «مفيش ممنوع» على اليوتيوب    جداول تنسيق القبول بمدارس الثانوى الفنى الصناعى والتجارى والفندقى بالجيزة .. تعرف عليه    أحمد موسى: هناك من يحاول استغلال أزمة الكهرباء لتحقيق مصالح ضد الدولة    بالأسماء.. مصرع 6 أشخاص وإصابة 3 في حادث تصادم ب"زراعي البحيرة"    التعليم تعلن نتيجة امتحانات الدور الأول للطلاب المصريين بالخارج    جولر يقود تشكيل تركيا ضد التشيك فى يورو 2024    5 صور ترصد زحام طلاب الثانوية العامة داخل قاعات مكتبة الإسكندرية    قبل انطلاقها.. مسرحية "ملك والشاطر" ترفع شعار "كامل العدد"    على أنغام أغنية "ستو أنا".. أحمد سعد يحتفل مع نيكول سابا بعيد ميلادها رفقة زوجها    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟.. أمين الفتوى يجيب    أحمد المسلمانى: أمريكا تقدم نفسها راعية للقانون وتعاقب الجنائية الدولية بسبب إسرائيل    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    لماذا يقلق الغرب من شراكة روسيا مع كوريا الشمالية؟ أستاذ أمن قومي يوضح    الرئيس السيسي يوقع قوانين بربط الحساب الختامي لموازنة عدد من الهيئات والصناديق    وزير الرى يدشن فى جنوب السودان مشروع أعمال التطهيرات بمجرى بحر الغزال    ثلاثي مصري في نهائي فردي الناشئات ببطولة العالم للخماسي الحديث بالإسكندرية    بشرى لطلاب الثانوية العامة.. مكتبة مصر العامة ببنها تفتح أبوابها خلال انقطاع الكهرباء (تفاصيل)    صندوق النقد الدولي يقر بتمويل 12.8 مليون دولار للرأس الأخضر    نجاح كبير للشركة المتحدة فى الدراما.. 125 عملا بمشاركة 12 ألف فنان و23 ألف عامل "فيديو"    مساعد وزير البيئة: حجم المخلفات المنزلية يبلغ نحو 25 مليون طن سنويا    كيف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الرحلات الجوية؟.. عطَّل آلاف الطائرات    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    17 ميدالية حصيلة منتخب مصر في كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي    المشدد 15 سنة لصاحب مستودع لاتهامه بقتل شخص بسبب مشادة كلامية فى سوهاج    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    اخوات للأبد.. المصري والإسماعيلي يرفعان شعار الروح الرياضية قبل ديربي القناة    خبير شئون دولية: فرنسا الابن البكر للكنيسة الكاثوليكية    «مياه كفر الشيخ» تعلن فتح باب التدريب الصيفي لطلاب الجامعات والمعاهد    «التمريض»: «محمود» تترأس اجتماع لجنة التدريب بالبورد العربي (تفاصيل)    وزيرة البيئة تتابع حادث شحوط مركب سفاري بمرسى علم    الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي: صرف معاشات شهر يوليو اعتبارا من الخميس المقبل    نجم ميلان الإيطالي يرفض عرض الهلال السعودي ويتمسك بالبقاء في أوروبا    الصحة: استجابة 700 مدمن للعلاج باستخدام برنامج العلاج ببدائل الأفيونات    لجنة القيد بالبورصة توافق على الشطب الإجبارى لشركة جينيال تورز    الإعدام لثلاثة متهمين بقتل شخص لسرقته بالإكراه في سوهاج    شديد الحرارة رطب نهارًا.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدا الخميس    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يمارس جرائم حرب ضد الإنسانية في قطاع غزة    مختار مختار: عدم إقامة مباراة القمة خسارة كبيرة للكرة المصرية    ختام دورة "فلتتأصل فينا" للآباء الكهنة بمعهد الرعاية    تعيين 4 أعضاء جدد في غرفة السلع والعاديات السياحية    فحص 764 مواطنا فى قافلة طبية مجانية بقرى بنجر السكر غرب الإسكندرية    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    الأكاديمية الطبية تفتح باب التسجيل في برامج الماجستير والدكتوراة بالمعاهد العسكرية    أحمد فتحي: انسحاب الزمالك أمام الأهلي لا يحقق العدالة لبيراميدز    احتفالات 30 يونيو.. باقة من الأغنيات الوطنية تستقبل جمهور «الإنتاج الثقافي»    «حلو بس فيه تريكات».. ردود فعل طلاب الثانوية الأزهرية بقنا عقب امتحان النحو    الجريدة الكويتية: هجمات من شتى الاتجاهات على إسرائيل إذا شنت حربا شاملة على حزب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"إرث الخسران":فصل من الرواية الفائزة بجائزة"بوكر"
نشر في محيط يوم 03 - 01 - 2009

في أواخر العام 2006 فازت الكاتبة الهندية كيران ديساي Kiran Desai بواحدة من أكبر الجوائز الأدبية في العالم؛ جائزة مان بوكر Man Booker Prize، عن ورايتها (إرث الخسران The Inheritance of Loss) وهي رواية بطولية عابرة للقارت تتحرك بالعالم بين الهيمالايا ونيويورك. كيران ديساي ابنة الروائية آنيتا ديساي Anita Desai التي سبق أن رشحت للفوز بنفس الجائزة ثلاث مرات.
تقول كيران ديساي: "أنا مدينة لأمي بالكثير في روايتي هذه، ذلك لأنها كُتِبَت بدافع من حبها وتحت عينيها." لقد استغرق الجدل بين أعضاء لجنة التحكيم ساعتين قبل أن يمنحوا الجائزة ل "إرث الخسران".
يقول هارميون لي Hermione Lee، رئيس لجنة تحكيم الجائزة: إن ما يلفت النظر في كيران ديساي مدي وعيها بتراث الكتابة الإبداعية الهندو إنجليزية، ذلك الذي كتبه نايبول وسلمان رشدي ونارايان، غير أنها قدمت شيئًا شديد الخصوصية والانتماء لها. تبدو كيران ديساي وقد قفزت علي هذه التقاليد وتجاوزتها لتبدع ما يخصها فقط دون غيرها. فروايتها "إرث الخسران" يحتوي الآدمي بقوة ويعبر عنه، وأظن أنها فازت لهذا السبب بالجائزة. تبلغ كيران ديساي من العمر 35 عامًا. واستطاعت أن تتفوق بروايتها "إرث الخسران" علي خمسة مرشحين آخرين بينهم سارة واترز Sarah Waters وروايتها الرائعة "حارس الليل" The Night Watch التي تحكي قصة واحدة من أروع قصص الحب والفقد إبان الحرب العالمية الثانية. وكان ضمن من المرشحين الآخرين للفوز بالجائزة هشام مطر ورواية السيرة الذاتية التي كتبها تحت عنوان "في بلد الرجال In the Country of Men " التي يكتب فيها طفولته في ليبيا في عهد معمر القذافي. وكذلك رواية "النهر السري" The Secret River للكاتبة كيت جرينفيل Kate Grenville التي تتحدث فيها عن أستراليا تحت وطأة الاستعمار في القرن التاسع عشر. تلقت كيران ديساي تعليمها في الهند، وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية. صدرت روايتها الأولي (هولابالو في بستان الجوافة Hullabaloo in the Guava Orchard) عام1989 و«إرث الخسران» هي روايتها الثانية.
خُيلاء العزلة
الكتابة عن النور تَنْقَضُ علي الظُلمةِ، بهولٍ أكثر من الشهب.
المدينةُ الباهظةُ الغامضةُ تقهرُ الريف.
واثقًا من حياتي ومن موتي، أراقب الطموحين وأود لو أفهمهم.
يومهم شَرِهٌ مثل وَهْقٍٍ1 في الهواء.
ليلهم كأنه ارتياح من الغضب في الفولاذ، نَزِقٌ للانقضاض.
يتحدثون عن الآدمية.
آدميتي في الشعور بأننا جميعًا أصوات لنفس الفقر.
يتحدثون عن الوطن.
وطني في أنغام الجيتار، بضع لوحات، سيف قديم.
الصلاة المرئية لأيكة الصفصاف مع هبوط الليل.
يعيشني الزمنُ.
صامتًا أكثر من ظلي، أمر عبر العامة بشراهتهم المتغطرسة.
إنهم حتميون، غرباء، جديرون بالغد.
اسمي شخصٌ ما وأي شخص.
أمشي ببطءٍ، مثل واحدٍ أتي من أقاصي البعيد ولا يأمل وصولا.
خورخي لويس بورخيس
طوال اليوم، كان للألوان ما للغسق من ألوان، سديمٌ يتحرك مثل مخلوق ما عبر الجنبات الهائلة لجبال تستحوذ عليها ظلال المحيطات وأعماقها. أعلي الضباب كان كانتشينچونجا يظهر شحيحًا وكأنه منقارٌ بعيد تَشَكل من الثلج، يجمع خواتيم الضوء، ريشة من جليد تطايرت لأعلي من جراء العواصف أعلي قمته.
ساي، جالسةٌ في الشرفة، كانت تقرأ مقالةً عن السَّبيدَج2 العملاق في عدد قديم من مجلة الناشيونال جيوجرافيك. بين الحين والآخر، كانت ترفع رأسها لتنظر علي كانتشينچونجا، برجفةٍ، أدركت وميضه الفسفوري الساحر. جلس القاضي في الركن القصي مع رقعة شطرنجه، مباريا نفسه. ماط، الكلبة، انحشرت تحت كرسيه. حيث شعرت بالأمان، وأخذت تغط في نومها برفق. لمبة إنارةٍ عارية وحيدة تدلت من سلك أعلاه. كان الجو باردًا، لكنه كان لم يزل أكثر برودةً داخل المنزل، الظلمة، الصقيع تحتويهما حجارة الجدران لعدة أقدام في العمق.
هنا، في المؤخرة، داخل المطبخ الكهفي، كان الطباخ، يحاول أن يشعل الحطب الرطب. مس بأصابعه الضَّرَم3 في حذر، خشية أن يكون مجتمع العقارب حيا، متحابًا، يتكاثر في المَحْرَقة. ذات مرة وجد أمًا، منتفخةً بالسم، علي ظهرها أربعين وليدا.
أخيرًا، اضطرمت النيران في الحطب ووضع غلايته علي قمتها، مائلةٌ للخلف، تطوقها قشرةٌ وكأنها شيء استخرجه بالحفر فريق من الأثريين، وانتظرها حتي تغلي. كانت الجدران مسفوعة ومُخْضَلّة، الثوم مُعَلقٌ من سيقان موحلة في روافد خشبية متفحمة، أيكات من السناج متغضنة لها شكل الخفاش تستعمر السقف. ألقي اللهب بفُسَيفساء من البرتقالي الوضاء علي وجه الطباخ، واحتر نصفه العلوي، لكن عصفة نار دنيئة عذبت ركبتيه المريضتين بالتهاب المفاصل.
لأعلي عبر المدخنة وللخارج، امتزج الدخان مع السديم الذي كان يستجمع السرعة، ويكتسح الأشياء بكثافة أكثر وأكثر جزئيا- نصف التل، ثم النصف الآخر. الأشجار التي استحالت سيلويتات، لاحت للأمام، واحتُجِبَت ثانيةً. تدريجيا أحل الضباب نفسه محل كل شيء، الملموسات بالظلال، ولا شيء بقي إلا وتَشَكل به أو خُلَّق منه. تطايرت أنفاس ساي من فتحتي أنفها في تيارات متلاحقة، والصورة التخطيطية للسَّبيدَج العملاق، المُشَيد من قصاصات المعلومات، أحلام العلماء، غرقت تمامًا في الظُلمة.
أغلقت المجلة ومضت للخارج إلي الحديقة. كانت الغابة قديمةً وكثيفةً علي حافة المرج، أيكة البامبو ترتفع ثلاثين قدمًا في غياهب العتمة، كانت الأشجار مثل عمالقة معلقة بالطحلب، متورمةً ومشوهة، تجسها جذور الأوركيد، وعندما فردت أصابعها للخارج، استولي عليها الضباب برفقٍ داخل فمه. فكرت في جيان، مدرس الرياضيات، الذي كان ينبغي أن يصل قبل ساعةٍ مضت ومعه كتاب الجبر.
لكن الساعة كانت الرابعة والنصف بالفعل، فالتمست له العذر بسبب السديم المتكاثف.
عندما نظرت للخلف، كان المنزل قد اختفي، عندما عادت تصعد الدرج ثانيةً إلي الشرفة، تلاشت الحديقة. كان القاضي قد سقط نائمًا والجاذبية تلعب دورها علي العضلات المرتخية، تسحب خط فمه، وتَمُط وجنتيه، بينت لساي بالضبط صورة وجهه لو كان ميتا.
أين الشاي؟ استيقظ وطلب منها. لقد تأخر، قال القاضي، كان يقصد الطباخ والشاي، وليس جيان.
سأحضره، عرضت عليه.
كان الرمادي قد نفذ إلي الداخل، أيضًا، واستقر علي أنية المائدة الفضية، متطفلاً علي الأركان، محولاً المرآة التي في الممر إلي غيمة. في طريقها إلي المطبخ، لمحت ساي نفسها مكفهرة، ومالت للأمام لتبصم بشفتيها علي سطح المرآة، قبلة مكتملة الشكل من نجمة سينمائية. هالوو، قالت، نصف لها، ونصف لشخصٍ ما آخر.
لم يحدث أبدًا أن رأي آدمي سَّبيدَج عملاق حيا، ورغم أن لهم عيوناً كبيرة بحجم التفاح لاختراق ظلمة المحيطات، إلا أن حياتهم كانت عزلة بالغة العمق لدرجة أن الواحد منهم لا يلقي غيره من أفراد عشيرته. ساي استغرقتها كآبة الموقف.
هل يمكن أن يكون الشعور بالإنجاز بنفس عمق الشعور بالخسران؟ برومانسية قررت أن الحب لابد يقينًا أن يكمن في الفجوة بين الرغبة والتحقق، في الاحتياج، وليس في القناعة. كان الحب هو الألم، التوقع، التراجع، كل شيء حوله إلا العاطفة نفسها.
وصل الماء إلي درجة الغليان ورفع الطباخ الغلاية وأفرغها في إبريق الشاي.
فظيع، قال. عظامي تؤلمني ببشاعة، مفاصلي تتمزق- ربما أكون ميتًا أيضًا- لو لم يكن لأجل بيچو.. بيچو هو ابنه المقيم في أمريكا. كان يعمل في دون بوللو- أم في البندورة الحارة؟ أو فرايد تشيكن علي بابا؟ لم يكن أبوه يتذكر أو يفهم أو ينطق الأسماء، وكثيرًا ما يغَير بيچو وظيفته، وكأنه مطاردٌ باستمرار- ليس لديه أوراق.
نعم، الجو غائم ومضبب جدًا، قالت ساي. لا أظن أن المدرس سوف يأتي. رتبت الأكواب، والسكريات، وإبريق الشاي، والحليب، والمصفاة، وبسكويت ماري آند ديلايت، بحيث توضع جميعها علي الصينية.
سآخذها، عرضت.
بحذر، بحذر، قال مُعَنِفًا، وتبعها بإناء مزخرف السطح به حليب لماط. عندما رأت ساي تنزلق للأمام، والملاعق تُصدر موسيقي عصبية علي فرخ القصدير الملفوف، رفعت ماط رأسها. وقت الشاي، قالت عيناها بينما اهتز ذيلها بحيوية.
لماذا لا يوجد شيء نأكله؟ قال القاضي، سأل القاضي بغضب، وهو يرفع أنفه عن مستنقع البيادق في وسط رقعة الشطرنج.
ثم، نظر إلي السكر في الإبريق: حبيبات قذرة لامعة تشبه المَيكة4. البسكويت يشبه الكرتون وهناك بصمات أصابع قاتمة علي بياض السكريات. لم يقدم الشاي أبدًا كما ينبغي، لكنه طلب كيك أو كعكات مدورة، مَعكرون أو بسكويت بالجبن علي الأقل. شيءٌ حلو أو شيءٌ مالح. كان هذا تقليدًا ساخرًا، وأبطل مفهوم وقت الشاي.
بسكويت فقط، قالت ساي ردًا علي انفعاله. لقد ذهب الخباز لحضور زفاف ابنته.
لا أريد بسكويتًا.
تنهدت ساي.
كيف تجاسر وذهب لحضور حفل زفاف؟ هل تصلح هذه الطريقة لإدارة عمل؟ الأحمق. لماذا لا يستطيع الطباخ أن يفعل شيئًا؟
لم يتبق شيءٌ من الغاز، لا يوجد كيروسين.
لماذا بحق الجحيم لم يفعلها علي الحطب؟ كل هؤلاء الطهاة القدامي بإمكانهم صنع الكيك بإتقان بالغ بواسطة رص الفحم حول صندوق من القصدير. أتظنين أنهم كانوا يستخدمون البوتاجازات، ومواقد الكيروسين، من قبل؟ فقط هم في غاية الكسل الآن.
خرج الطباخ مسرعًا بما تبقي من بودنغ الشيكولاتة الساخنة علي النار في مقلاة، وأكل القاضي ملاط الشيكولاتة الجميل وتدريجيا اعترته قناعة بودنغ متذمرة.
أكلوا وشربوا، كل الوجود تلاشي في العدم، البوابة التي تؤدي إلي لا مكان، وشاهدوا الشاي ينثر حُليقات شريطية متكاثرة من البخار، شاهدوا أنفاسهم تلتحم بالسديم الذي يلتوي ببطء ويدور، يلتوي يدور.
لم يلحظ أحد الأطفال وهم يزحفون فوق العشب، ولا حتي ماط، حتي أصبحوا فعليا أعلي الدرج. لم يكن ذلك هو المهم، لأنه لم يكن هناك مزاليج لتمنعهم من الدخول ولم يكن هناك أحد علي مقربة باستثناء العم بوتي علي الجانب الآخر من مَسِيل6 چورا، الذي كان يستلقي ثملاً علي الأرض في هذه الساعة، كان يرقد مستكينًا لكنه كان يشعر بدوار- لا تكترثي بي، يا حبيبتي، هكذا كان يقول لساي دائمًا بعد كل نوبة سُكْر، وهو يفتح إحدي عينيه مثل بومة، سأرقد هنا فقط وآخذ قسطًا من الراحة.
لقد أتوا عبر الغابة سيرًا علي الأقدام، يرتدون چواكت جلدية من سوق كاثاموندو السوداء، وبنلطونات كاكي، وعصابات رأس- الزي الشائع لأفراد حرب العصابات. أحد الأولاد كان يحمل بندقية.
فيما بعد وجهت التقارير الاتهام إلي الصين، وباكستان، ونيبال، ولكن في هذا الجزء من العالم، مثل أي جزء آخر، هناك ما يكفي من السلاح يغمر المكان لحركة مُفْقَرة لقوة مسلحة رثة الثياب. كانوا يبحثون عن أي شيء موجود- مناجل، فئوس، سكاكين مطبخ، جواريف، أي نوع من الأسلحة النارية الصغيرة.
لقد أتوا للاستيلاء علي بنادق الصيد الخاصة بالقاضي.
رغم مهمتهم وملابسهم، كانوا غير مقنعين. أكبرهم كان يبدو تحت العشرين، ومع أول عواء من ماط، صرخوا مثل مجموعة من التلميذات، وتراجعوا أسفل الدرج وانكمشوا مرتعدين خلف الشجيرات التي أخفاها الضباب. - هل تعض، يا زعيم - يا إلهي! وارتجفوا تحت مظهرهم الخادع.
بدأت ماط تفعل ما كانت تفعله دائمًا عند رؤية الغرباء: أدارت عجيزتها التي كانت تهتز غاضبةً ونظرت للخلف حولها، بابتسامة، وارفةٍ بالخجل والتمني.
خرج القاضي إليها، كارهًا أن يراها تذل نفسها هكذا، فدفنت أنفها في ذراعه.
عاد الأولاد مرة أخري إلي أعلي الدرج، في ارتباك، وأصبح القاضي واعيا لحقيقة أن هذا الارتباك علي درجة من الخطورة لأن الأطفال لو أظهروا ثقة غير متذبذبة، لكانوا أقل ميلاً لثني عضلاتهم.
قال الولد - الذي كان يحمل بندقية - شيئًا لم يفهمه القاضي.
ليس نيباليا؟ أزبد، شفتاه كانتا تنخران لتعلن عن رأيه في ذلك، لكنه واصل كلامه بالهندية. بنادق؟
ليس لدينا بنادق هنا.
لابد وأنك ضُلِلت.
لا يهم كل هذا الهراء. أحضرهم.
أنا آمرك، قال القاضي، أن تغادر أملاكي فورًا.
أحضر الأسلحة.
سأطلب الشرطة.
كان هذا تهديدًا ساخرًا لأنه لم يكن هناك تليفون.
أطلقوا ضحكات سينمائية، ثم، وكأنهم في فيلم سينمائي أيضًا، صوب الولد ذو البندقية فوهتها علي ماط. هيا، "أحضرهم، وإلا فسوف نقتل الكلب أولاً وبعده أنت، ثم الطباخ، النساء في النهاية"، قال، وهو يوجه ابتسامته إلي ساي.
"سأحضرهم"، قالت في هلعٍ وقلبت صينية الشاي وهي تمضي.
جلس القاضي وماط في حجرة. البنادق يرجع تاريخها إلي أيام عمله في الخدمة المدنية الهندية. مسدس باريل بامب A BSA خمس طلقات، وبندقية سبرنج فيلد 30 a، بندقية بماسورة مزدوجة، وهولاند 1 هولاند. لم تكن موضوعة في صندوق مغلق: كانت معروضة عند أقصي الردهة أعلي صف متربٍ من لوحات لبرك بط مطلية بالأخضر والبني.
"إخيه، كلها صدئة. لماذا لا تعتني بها"؟ لكنهم كانوا مبتهجين وتفاقم تظاهرهم بالشجاعة. "سوف ننضم إليك لتناول الشاي".
"الشاي؟" سألت ساي بفزع بليد.
"الشاي وما معه من مأكولات خفيفة. أهكذا تعاملون الضيوف؟ تعيدوننا إلي البرد دون أن نتناول ما يشْعِرنا بالدفء". تبادلوا النظرات، ونظروا إليها، ولأعلي، ولأسفل، وغمزوا بعيونهم.
أحست بأنثوية منفعلة خائفة.
بالطبع، كل الأولاد يألفون المشاهد السينمائية التي يشرب فيها البطل والبطل، وهما في ثيابهما الشتوية الدافئة، الشاي الذي يقدمه لهم خدم مهذبون علي آنية فضية. ثم ينتشر الضباب في المكان، تمامًا كما كان يحدث في الواقع، وهما يرقصان ويغنيان، ويلعبان البيكابوو 7 في منتجع سياحي جميل. تلك كانت السينما الكلاسيكية التي كانت موجودة في كيولو مانالي أو في كشمير، أيام ما قبل الإرهاب، قبل أن يأتي المسلحون ويخترقون الضباب، مما استوجب صناعة نوعٍ جديد من السينما.
كان الطباخ يختبئ تحت السفرة وسحبوه للخارج.
"آي أااا"، شبك كفيه في بعضهما البعض، متوسلاً إياهم، "من فضلكم، أنا رجل مسكين، أرجوكم". رفع يديه لأعلي وانكمش وكأنه تلقي قبضة مفاجئة.
"إنه لم يفعل شيئًا، اتركه"، قالت ساي، متقززةً من أن تراه مذلولاً، متقززةً حتي أن تري أن الطريق الوحيد المفتوح أمامه هو أن يذل نفسه أكثر من ذلك.
"أرجوكم أنا أعيش فقط لأري ابني، أرجوكم لا تقتلوني. أنا رجل مسكين اتركوني".
لقد شُحِذت كلماته عبر القرون، وتناقلتها الأجيال، لأن الفقراء يحتاجون كلمات بعينها، فقد كان النص دائمًا هو هو، وليس لديهم خيار سوي أن يتوسلوا الرحمة. كان الطباخ يعرف بالغريزة كيف يبكي.
هذه الكلمات المألوفة سمحت للأولاد أن يتمادوا أكثر في دورهم، الذي منحهم إياه كهدية.
من يريد أن يقتلك؟ قالوا للطباخ. نحن فقط نشعر بالجوع، هذا كل ما في الأمر. هنا، سوف يساعدك صاحبك 8 سوف يساعدك. تفضل، قالوا للقاضي، أنت تعرف كيف تفعلها كما ينبغي. لم يتحرك القاضي، لذلك صوب الولد بندقيته إلي ماط ثانيةً.
أمسكها القاضي ووضعها خلفه.
الصاحب، رقيق القلب للغاية. لابد أن تُظهر هذا الجانب الطيب لضيوفك، أيضًا. هيا، جهز السفرة.
وجد القاضي نفسه في المطبخ الذي لم يدخله أبدًا، ولا مرة. ماط تتهادي حول أصابع قدمه، ساي والطباخ كانا في حالة من الذعر بما لم يمكنهما من النظر، تجنبًا لنظراتهم.
خطر ببالهم أنهم ربما يموتون جميعًا مع القاضي في المطبخ، كان العالم مقلوبًا رأسًا علي عقب ومن المحتمل جدًا أن يحدث أي شيء.
لا شيء نأكله؟
بسكويت فقط، قالت ساي للمرة الثانية في ذلك اليوم.
لاااه! أي صاحب أنت؟ وجه قائدهم سؤاله للقاضي. ليس هناك وجبة خفيفة! افعل شيئًا إذًا. أتظن أنه يمكن أن نواصل ببطون خاوية؟
قام الطباخ بقلي Pakoras، وهو ينتحب متوسلاً إياهم أن يتركوه حيا، والزيت الحار يقرقع بقوةٍ، بدا صوت العنف هذا لازمة ملائمة للموقف.
بحث بارتباك عن مفرش سفرة في أحد الأدراج المكتظة بالستائر والملاءات والأسمال القديمة الصفراء. ساي، بيدين مرتعشتين، قامت بغلي الشاي في إناء وصفته، رغم أن فكرتها عن صنع الشاي بشكل صحيح، بهذه الطريقة، الطريقة الهندية، كانت معدومة. كانت تعرف فقط الطريقة الإنجليزية في عمل الشاي.
قام الأولاد بعمل مسح متفحص للمنزل. لاحظوا أن المنزل طاعن في العزلة. بضع قطع متهالكة من الأثاث مغطاة بالنمل الأبيض تقف منعزلة في الظلال مع بعض الكراسي المعدنية الرخيصة القابلة للطي. تغضنت أنوفهم من رائحة الفأر النتنة التي تنضح في مكان صغير، رغم أن السقف كان شاهقًا مثل سقف أحد المعالم الأثرية العامة والغرف كانت واسعة مثل بنايات الأثرياء القديمة، النوافذ موضوعة بحيث يمكن منها مشاهد مناظر الجليد. حدقوا في شهادة صادرة من جامعة أكسفورد كانت تقريبًا قد اختفت في البقع البنية الكثيفة التي تهيمن علي الجدران التي امتصت الرطوبة وانتفخت للأمام وكأنها أشرعة. انغلق الباب للأبد علي حجرة تخزين انهارت أرضيتها. كانت محتويات حجرة التخزين وما بدا وكأنه عدد كبير من علب التونة الفارغة، قد تكومت علي طاولة بينج بونج مهشمة في المطبخ، وركن واحد فقط من المطبخ كان مُسْتَخْدمًا، طالما أنه كان مخصصًا في الأصل للمرؤوسين المستعبدين، وليس للخادم الوحيد المتبقي.
المنزل يحتاج لإصلاحات كثيرة. أوصي الأولاد.
الشاي سايط جدًا، قالوا بطريقة الحموات. والملح ليس كافيا، قالوا عن ال pakoras غمسوا بسكويت ماري آند ديلايت في الشاي، شفطوا السائل الساخن بصوتٍ صاخب. وجدوا صندوقين في غرف النوم مكتظين بالأرز، والعدس، والسكر، والشاي، والزيت، والثقاب، وصابون لوكس، وكريم بوندس كولد. أحدهم قال لساي مؤكدًا: الأشياء الضرورية للحركة فقط. صرخة من آخر نبهت الباقين إلي خزانة مغلقة. أعطنا المفتاح.
أحضر القاضي المفتاح من خلف أعداد مجلة الناشيونال جيوجرافيك التي، عندما كان شابًا، يتخيل نمطًا آخر من الحياة، اعتاد أن يتوقف لتجليدها بالجلد والنقش عليها بالذهب مع مرور السنوات.
فتحوا الخزانة ووجدوا زجاجات من الجراند مارينر، شَّرِي آمونتيلادو، وتاليسكر. بعض محتويات الزجاجات كانت قد تبخرت تمامًا وبعضها تحول إلي خل، لكن الأولاد وضعوها في الصندوق علي أي حال.
سجائر؟
لم تكن هناك سجائر. أغضبهم هذا، ورغم أنه لم يكن هناك ماء في الصهاريج، فقد تغوطوا في الحمامات وتركوها تنضح بالنتانة. ثم استعدوا للرحيل.
قل، "Jai Gorgka"، قالوا للقاضي. Gorkhaland for Gorkhas
Jai Gorgka
قل، "أنا مغفل."
أنا مغفل.
أعلي. لا أسمعك، huzoor قلها بصوتٍ أعلي.
قالها بنفس الصوت الأجوف.
Jai Gorgka قال الطباخ، وGorkhaland for Gorkhas قالت ساي، رغم أنهم لم يطلبوا منها أن تقول شيئًا.
أنا مغفل، قال الطباخ.
بضحكات مكتومة، خرج الأولاد إلي الشرفة وللخارج في الضباب وهم يحملون الصندوقين. كُتب علي أحد الصندوقين بحروف بيضاء علي الصفيح الأسود: Mr. J. P. Patel, SS Strathnaver? وعلي الآخر: Miss S. Mistery, St. Augustines Convent ثم اختفوا بغتةً مثلما ظهروا.
لقد ذهبوا، لقد ذهبوا،قالت ساي. حاولت ماط أن ترد رغم الذعر الذي كان مستقرًا لم يزل في عينيها، وحاولت أن تهز ذيلها، رغم أنه ظل ملفوفًا للداخل بين ساقيها. انفجر الطباخ في نواحٍ صاخب: Humara kya hog, hai hai, humara kya hoga ترك صوته يتطاير. Hia, hia، ماذا سوف يحل بنا؟.
اخرس، قال القاضي وفكر، هؤلاء الخدم الملاعين خُلِّقوا وتربوا علي الصراخ.
هو نفسه جلس منتصبًا، ساكن السيماء كي يحجب تشوهه، قابضًا بإحكام علي مسند الكرسي ليحد من رجفته العنيفة، ورغم أنه كان يدرك أنه يحاول إيقاف حركة كانت بداخله، فقد بدا وكأن العالم يرتج بقوةٍِ مدمرة كان يحاول أن ينتصب ضدها. علي طاولة الطعام كان المفرش الذي بسطه، أبيض اللون عليه رسومات لعناقيد عنب لطختها بقعة حمراء كانت من أثر سكبه لكأس من خمر البورت البرتغالي أثناء محاولته قذف زوجته به لمضغها الطعام بطريقة أثارت تقززه منذ سنوات مضت.
متباطئ جدًا، وبخه الأولاد. أيها الناس! لا خجل.. لا يستطيعون القيام بشيء واحد بأنفسهم.
ساي والطباخ تحولا بنظرتيهما من القاضي إلي مهانته، والآن حتي تجنبت نظراتهم مفرش السفرة وانطلقت إلي مسافة أطول عبر الغرفة، فلو أن غطاء المائدة معترف به، لما استطاع أن يقول كيف يكون عقابهما. انهيار رجل متغطرس يعتبر شيئًا في غاية الفزع. ربما يقتل من شهد إذلاله.
قام الطباخ بإغلاق الستائر، تجردها من الحماية بدا واضحًا من الزجاج، وبدت عُرضة للخطر في الغابة والليل، فالغابة والليل كانا يلقيان علي الستائر بأرديتهما الخشنة القاتمة. رأت ماط خيالها قبل أن تغلق الستارة، وظنت خطاً أنه ابن آوي، فقفزت. ثم استدارت، ورأت ظلها علي الجدار، وقفزت مرةً أخري.
في فبراير 1986، كانت ساي في السابعة عشرة من عمرها، وكانت قصة حبها مع جيان مدرس الرياضيات لم تبلغ عامها الأول.
بعد ذلك عندما عبرت الصحف حواجز الطرق، قرأوا:
فرقة موسيقية اسمها Hell No سوف تقوم بإحياء حفل في ال Hyatt International في بومباي.
في دلهي، معرض للتكنولوجيا يطرح بوتاجازات تعمل بروث الأبقار يحضره ممثلون من كل أنحاء العالم.
في كاليمبونج، بعيدًا في شمال شرقي الهيمالايا حيث يعيشون- القاضي المتقاعد، وطباخه، وساي، وماط- هناك تقرير عن استياء جديد في التلال، تمرد عام، رجال وبنادق. النيباليون الهنود هذه المرة، وقد تذمروا من جراء التعامل معهم كأقلية في مكان يمثلون فيه الأغلبية. إنهم يريدون بلدهم، أو علي الأقل الاستقلال بدولتهم، حيث يمكنهم إدارة شئونهم. هنا، حيث الهند يغشاها البهوتان والسيكيم، والجيش يقوم ببعض التقدمات والملاحقات، ويقوم علي صيانة دباباته كاكية اللون حال طمع الصينيين في الاستيلاء منطقة أكبر من التبت، خارطة كانت موصومة دائمًا بالفوضي. الصحف تبدو في حالة من الإذعان. قدر كبير من التحذير، والخداع، وقع تبادل للقصف، بين نيبال، وإنجلترا، والتبت، والهند، وسيكيم، وبوتان، دارچيلينغ سُرقَت من هنا، اقتُلعَت كاليمبونغ من هناك- رغم، آه، رغم السديم الجاثم كتنين، مُفَككًا وُمبددًا الحدود، وجاعلاً رسمها مثارًا للسخف والسخرية.
هوامش
1- الوَهْق: حبْلٌ في طرفه أنشوطة يصْطَنَع لصيد الحيوان (المترجم)
2- السَّبيدَج، الحَبَار: حيوان رِخوي من رأسيات الأرجل (المترجم).
3- الضَّرَم: مادة ملتهبة تُضْرَم بها النار (المترجم).
4- المَيكة: مادة شبه زجاجية يمكن أن تُشطرَ إلي رُقاقات تُستعمل عازلاً كهربائياً (المترجم).
5- المَعكرون: حلوي من بياض البيض وسكّر ولوز (المترجم).
6- المَسِيل أو الوَهْد: وادٍ صغير ضيق شديد الانحدار (المترجم).
7- لعبة بسيطة يلعبها الأطفال الصغار، وفيها يخفي اللاعب وجهه، ثم يقول وهو يظهره ثانيةً:- (بيكابوو!- أو بيب بو!- المترجم).
8- الصاحب: Sahib لقب بمعني «سيد» يخاطب به الهنود شخصاً أوروبيا ذا مكانة اجتماعية أو منصب رسمي (المترجم).
9- الشَّرِي: خمر إسبانية الأصل.
** منشور بصحيفة "البديل" المصرية 2 يناير 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.