سعر جرام الذهب عيار 21.. أعرف سعر الذهب اليوم    جلسة حوارية في مؤتمر السكان تكشف استراتيجيات جديدة لتحقيق العدالة الاجتماعية والنمو الشامل    تفاصيل تعاقد «الوزراء» مع مركز الحد من المخاطر بجامعة القاهرة.. ما مهامه؟    الرئيس الإيراني يتوعد إسرائيل برد حاسم إذا هاجمت بلاده    مرموش يقود الهجوم.. تشكيل فرانكفورت المتوقع أمام ريجاس في الدوري الأوروبي    تشكيل الاتحاد المتوقع أمام الرياض في دوري روشن السعودي    «الأرصاد» تحذر من انخفاض الحرارة اليوم.. تصل إلى 9 درجات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    جامعة المنيا توقع اتفاقية تعاون لرفع كفاءة وحدة الغسيل الكلوي للأطفال    فريق طبي بمستشفى منوف العام ينقذ حياة مريض بعد توقف القلب    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    هل يجوز الكذب عند الضرورة وهل له كفارة؟.. أمين الإفتاء يوضح    علي الحجار يحيي «حفل كامل العدد» بمهرجان الموسيقى العربية.. (صور)    المركزي الصيني يضخ 790 مليار يوان في النظام المصرفي    ماذا يحدث عند وضع ملعقة من السمن على الحليب؟.. فوائد مذهلة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الخميس 24 أكتوبر 2024    الجيش اللبناني: قصف إسرائيلي يقتل 3 بينهم ضابط في جنوب لبنان    ألمانيا تتعهد بتقديم 60 مليون يورو إضافية مساعدات إنسانية للبنان    تجديد حبس فني تركيب أسنان قام بقتل زوجته وألقى بجثتها في الصحراء بالجيزة    فصائل عراقية مسلحة تعلن استهداف موقع عسكري بشمال إسرائيل    الأحد.. هاني عادل ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    وزارة الصحة: أكثر من 131 مليون خدمة طبية مجانية ضمن حملة "100 يوم صحة"    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي كأس السوبر المصري والقنوات الناقلة    بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الفراخ وكرتونة البيض في الشرقية اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024    وزير دفاع أمريكا يُطالب إسرائيل بعدم التعرض للجيش اللبناني و"اليونيفيل"    أستون فيلا وليفربول بالعلامة الكاملة، ترتيب دوري أبطال أوروبا بعد الجولة الثالثة    خالد الجندى: سيدنا النبى كان يضع التدابير الاحترازية لأى قضية    حب وحظ وحسد.. عبير فؤاد تكشف عن أبراج تتغير حياتهم الفترة القادمة (فيديو)    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواطنين بمدينة نصر    تبدأ من 40 دينارا.. أسعار تذاكر حفل أصالة نصري في الكويت    رئيس اللجنة العلمية لمهرجان الموسيقى العربية: "نعد له قبل موعده ب 6 أشهر"    قصف مدفعي وسط وشرق مدينة رفح الفلسطينية    تصل إلى 50 ألف دولار.. تعرف على قيمة جوائز مسابقة الأفلام الطويلة ب«الجونة السينمائي»    المراجعة الرابعة لبرنامج مصر مع صندوق النقد.. نوفمبر المقبل    محافظ بورسعيد للمعلمين المحالين للمعاش: رسالتكم لم تنتهِ.. وأبناؤكم وأحفادكم أمانة فى أيديكم    خبير: فشل النظام الدولي شجع دولة الاحتلال على القيام بالمزيد من الجرائم    وفاة و49 إصابة خطيرة.. اتهام ماكدونالدز أمريكا بتفشي مرض في الوجبات    ناصر القصبي يغازل فتاة روبوت في ثاني حلقات "Arabs Got Talent" (صور وفيديو)    فلسطين.. قصف على محيط مستشفى كمال عدوان في مخيم جباليا شمال غزة    الذكرى ال57 للقوات البحرية| الفريق أشرف عطوة: نسعى دائما لتطوير منظومة التسليح العسكري    حزب مستقبل وطن بالأقصر ينظم قافلة للكشف عن أمراض السكر بمنطقة الكرنك    نشرة التوك شو| موعد المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي.. وحقيقة رفع أسعار خدمات الإنترنت    حريق هائل يدمر شقة المطرب نادر أبو الليف بحدائق الأهرام    انقلاب مروع على طريق "القاهرة-الفيوم" يودي بحياة شخصين ويصيب 7 آخرين    ضبط المتهم بواقعة سرقة قرط طفلة بالشرقية    القبض على سائقين قتلا شخصًا في عين شمس    «شكرا أخي الرئيس».. كل الأجيال لن تنسى فضله    محمد عبدالله: دوافع الزمالك أكبر للفوز بالسوبر المصري    أكروباتية خرافية من هالاند.. سيتي يقسو على سبارتا براج بخماسية في دوري أبطال أوروبا    إنتر ميلان ينجو من فخ يونج بويز بدوري الأبطال    منها إجبارهم على شرب مياه ملوّثة .. انتهاكات جديدة بحق المعتقلين بسجن برج العرب    نتيجة التصويت على ممثل الدول العربية والمالديف ب«النقد الدولي» بعد غدٍ    الأكاديمية الطبية العسكرية تنظّم المؤتمر السنوى ل«الطب النفسي»    جامعة الأزهر تكشف حقيقة شكاوى الطلاب من الوجبات الغذائية    «آركين».. «كل نهاية بداية جديدة»    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    شريف عبدالمنعم: حظوظ الأهلي والزمالك متساوية    «المصريين الأحرار»: لا يوجد نظام انتخابي مثالي.. والقوائم تتجنب جولات الإعادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرأي الثالث وسياسة الجنرال الرابع / خليل احمد خليل
نشر في محيط يوم 09 - 06 - 2008


الرأي الثالث وسياسة الجنرال الرابع
خليل احمد خليل
حين وقع التوافق وتحقق بموجب اتفاق الدوحة، كان الرئيس ميشال سليمان يُدرك تماما انه آت من رأي ثالث: رأي جمهور لبناني غير ممثل في الفريقين المتوافقين عليه، والمتجابهين في كل ما عداه، وما وراءه؛ رأي نواب مشتتين داخل هذين الفريقين ولا يفصحون عن موقفهم المستقل؛ وأخيرا وهو الأهم رأي قيادة الجيش التي انتهجت في عهده سياسة التوسط بين المتنازعين والترفع عن خلافاتهم المعلنة. وحين انتُخب العماد رئيسا للجمهورية بإجماع، وبلا منافس، وُصِف انتخابه الرئاسي بأنه «عرس لبنان»، واعتبر كل فريق أن له قرصا في هذا العرس، الى ان جاء تكليف الرئيس ف.
السنيورة، فتحول العرس اللبناني هذا الى «مأتم أبيض» بنظر الذين لم يسموه، واستمر العرس السياسي بنظر الذين سموه بأكثرية عادية (68 من 127 نائبا). ولكن في «مأتم التوافق»، كان في إمكان الرئيس سليمان أن يحتكم الى سياسة الرأي الثالث المرفوع تارة، والممنوع تارة أخرى. فعهد الرئيس الجديد سيدوم ست سنوات؛ ولكنه كشف خلله السياسي في بضعة أيام، ما بين الانتخاب الرئاسي والتكليف الحكومي.
والحال كيف ستكون سياسته على مدى سنوات البدائل اللبنانية المقبلة؟
أمام الرئيس اللبناني الجديد منهجان: الاستعارة من السلف العسكري، أو الإبداع السياسي الواقعي، عملا ب«مداواة الحاضر بالحاضر». وقد يلجأ الرئيس الى المزج بينهما، مهجِّنا سياسة جديدة قد تحمل اسم «السليمانية» الحكيمة، مقابل «الشهابية».
في كل الأحوال هو محكوم بسياسة الأمر الواقع التي أوصلته الى موقعه هذا، ولو لمدة قصيرة لا تتعدى الانتخابات النيابية في ربيع .2009 وحتى يسير لبنان في اتجاه «الدولة المدنية»، أي لا عسكرية ولا طائفية، كما وعد الرئيس في خطاب قسمه، لا مناص له من تطوير سياسة الرأي الثالث، انطلاقا من حصته الضئيلة في التشكيلة الوزارية السنيورية التي تمثل 10? من نصاب السلطة الاجرائية «التوافقية».
بالعودة الى تجارب أسلافه، الجنرالات/ الرؤساء، يمكنه استخلاص ما يلي من العِبَر السياسية:
1 عبرة فؤاد شهاب: جاء من رأي ثالث على خلفية أزمة 1958 وتداعياتها العربية/ الدولية؛ وتمكّن بحكومة انتقالية وبقانون انتخابي جديد (1960) من تكوين أكثرية شهابية ظلت تتجدد بقوة الرأي الثالث الذي أداره «الجهاز المشترك»، وسط بحبوحة اقتصادية، يفتقدها لبنان اليوم، مع ديونه الثقيلة جدا ومع فساد إدارته المعمم ومع انحلال طبقته السياسية (ضعف الاحزاب الديموقراطية والنقابات وتطرّف الاعلام المرئي).
الى ذلك، كان هناك تقرير إيرفد ووزارة تصميم ورؤية سياسية واقعية للبنان الغد. وفي النهاية تجدد الانقسام السياسي، بعد الرئيس شهاب، بين «نهج شهابي»، و«حلف ثلاثي» وأدى تصادم المارونية السياسية بنقيضاتها الى حروب أهلية ما زالت بذورها كامنة وقابلة للاستنبات والاستنساخ، على ايقاعات اقليمية ودولية مختلفة.
2 عبرة ميشال عون: على رأس جيش منقسم، وعشية فراغ وشيك للرئاسة الأولى، ومقابل حكومة شرعية برئاسة الدكتور سليم الحص، وعلى إيقاع حرب سوق الغرب وسواها، عُيِّن الجنرال عون رئيسا لحكومة عسكرية سداسية، استقال نصفها المسلم واستمر نصفها المسيحي.
كان عهده حربا بين فراغين سياسيين، فراغ رئاسة الحكومة وفراغ رئاسة الجمهورية، فيما كان المجلس النيابي لا يملك من السلطة إلا التجديد لنفسه على مدى سنوات 1972 .1992 وانتهى عهده بالخروج القسري من قصر الرئاسة في بعبدا الى المنفى. لكن ما بين المنفى والعودة (2005).
تكوّن للعماد عون جمهور رأي ثالث، أعطاه تكتلا برلمانيا، لم يُحسن حتى الآن توظيفه المباشر في الحكم. هذا الجمهور الثالث هو الذي يشكل الآن موضوع التنازع بين جنرال مُسترئس وجنرال رئيس، ولا بد من ظهوره سواء في أداء الحكومة السنيورية الثانية أو في الانتخابات التشريعية المقبلة، حيث يغيب التمثيل النسبي عنها، وهو الرافعة الوحيدة لتكوين رأي ثالث، وللتذكير، نشير الى أن فريقي النزاع على القضاء والمحافظة متفقان خلسة على استبعاد النسبية السياسية، مع انهما يذهبان الى الادعاء بأن «المحافظة محافظة على لبنان» وان «القضاء قضاء عليه».
صفوة القول إن ما بين الجنرالين عون وسليمان سيرخي بظلاله الغامضة على آفاق المركز الرئاسي في لبنان، وسيحول في الوقت ذاته دون تبلور رأي ثالث يخترق التعارض الكاسح بين السنية السياسية والشيعية السياسية.
3 عبرة اميل لحود: حظي بدعم سياسي غير مسبوق، تجاوز في بداية عهده قوة كل زعماء الطوائف منفردين، وتمكن من حيازة 70? من الرأي الثالث، العابر لانقسامات المرحلة. حين سعى الى استثمار قوته هذه في محاربة الفساد المالي/ السياسي الآخذ بالاستشراء، اصطدم بالطبقة السياسية المالية، فراح يتراجع عن مضمون قسمه (1998)، مكتفيا بدور أمني، مقابل دور اقتصادي ومالي لخصمه الدائم، رئيس الحكومة رفيق الحريري. وبالتمديد له، جرى التمديد لأزمة لبنان السياسية إبان العهد السوري وبعده. وكما جاء الى قصر الرئاسة بلا كتلة برلمانية، خرج منه بلا نواب ولا وزراء. أكثر من ذلك، بات طرفا في الانقسام السياسي الراهن.
ثمرة القول إن الرئيس ميشال سليمان الذي انتقل مباشرة من اليرزة الى قصر بعبدا، بقوة هذا الانقسام السياسي المتمادي منذ ,2005 عليه أولا قبل كل شيء ان يضع حدا لهذا الانقسام «التوافقي»، وإلا سيضطر في المراس السياسي الواقعي أن يصير طرفا، لا وسيطا. هذا يعني ان عليه ان يأخذ مبادرات سياسية تمكّنه من الاضطلاع بدور سياسي/ أمني معا.
مثاله ان إعادة الحياة الطبيعية للمؤسسات تبدأ من نوعية الوزراء، مع مراعاة الحصص المتفق عليها في الدوحة؛ فلو جاء الرئيس سليمان بثلاثة وزراء من طراز «رجال العلم والدولة» وبحقائب فعالة وناشطة، لأمكنه أن يتجاوز الفراغات الحكومية التي يراهن عليها فريقا الأكثرية والأقلية من جهة، وان يعطي أنموذجا سياسيا للتوزير من جهة ثانية، فلا تعود الحكومة «مدرسة إدارية» لتعليم المبتدئين، الى ذلك، يمكنه الإسهام أكثر من سواه في إعادة تأطير الجيش اللبناني وفي رسم سياسته الوطنية الاستراتيجية المقبلة.
هذا، إذا لم ينس الجيش الثاني للبناني، نعني جيش الجامعة اللبنانية الذي يفتقد منذ سنوات لعمداء ومديرين أصيلين وأكثر كفاءة. إن الرهان على الجامعة والجيش معا، في غياب الأطر الحزبية والنقابية ذات المرجعيات الاجتماعية الفعلية، من شأنه إعطاء فرصة للرأي الثالث، الذي يعرف الرئيس سليمان انه آت منه، وعليه ان يذهب اليه بلا مواربة.
فالجامعة والجيش هما الوسيطان المؤسسيان الراهنان بين فريقي النزاع، وهما الجديران بالتقريب بينهما والحد من تطرفهما وانغلاقهما النرجسي الذي أوصلهما الى حافة الجنون السياسي الملانغولي.
في الأشهر المقبلة، يستطيع الرئيس سليمان الاحتكام الى المعرفة السياسية والى خبرته، فتكوين الرأي الثالث، مستعيدا «الأمر لي» بلا تخوف. فهذا هو الثمن الضروري للإنقاذ، إنقاذ لبنان من «تدويله المذهبي» الراهن، بدفعه الى مقوّمات مجتمعه المدني، الجديرة وحدها بإنتاج «دولة مدنية» يتمناها أكثر اللبنانيين. بدون هذه المغامرة الكبرى، سيكون على عهد الرئيس سليمان أن يملأ فراغات السياسة المحلية، المرتبطة بفراغات إقليمية ودولية. وعندنا ان من ينسى قوة الجامعة والجيش، لن يرى أخطاءه في مرآة ذاته، وسيظل يتمارى بمرايا الآخرين المنكسرة منذ حوادث 7 أيار (مايو) .2008
إن حزبية الرئيس لا تعني «حزبية الرئاسة» التي أفضت الى أزمات في ثلاثة عهود متوالية: عهد الرئيس بشارة الخوري، عهد الرئيس كميل شمعون وعهد الرئيس فؤاد شهاب. فماذا تعني إذاً؟ تعني التأسيس الموضوعي للذات الوطنية اللبنانية على أسس راسخة ومشتركة، كما هي حال الجيش المعبّر عضويا عن نواة الوحدة السياسية، وحال الجامعة المعبرة فكريا عن نواة الوحدة المعرفية لشعب لبنان بأسره. فإذا جمعنا عديد الجيش الى عديد الجامعة، اكتشفنا معنى النخبة الجديدة، العلمانية بلا مواربة، التي يحمل بذورها مجتمع لبنان الراهن.
فإذا حمى الجيش وحدة الجامعة، تمكنت هذه الأخيرة من رفده وتسويره وتعميره، وسقط التعارض بين المقاومة والدولة. هذان المصدران الكبيران للدولة المدنية يمكن توظيفهما معا لتجاوز الانشراح السياسي الحالي، ولإنتاج قوة سياسية للرأي الثالث.
وإذا مضت السنة الأولى من ولاية الرئيس ولم يفعّل هذه القوة ذات الجذور الاجتماعية الواسعة، التي تتعدى قوة المال وقوة السلاح خارج الدولة، فإن الرهان على إنقاذ لبنان يكون قد أسقط نفسه بنفسه. لا خط أحمر للإنقاذ الوطني، ولا تعايش بين الانقسام السياسي والتوحد الوطني.
التوافق على الرئيس يعني ايضا التوافق على وحدة المجتمع والدولة. توقيع الرئيس على الإنقاذ لا تضارعه قوة أخرى. الحكم قرار، والقرار الآن للحكيم سليمان. فهل يحكم أم سيُحكم عليه؟
عن صحيفة السفير اللبنانية
9/6/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.