عاد من جديد شبح الاغتيالات فى لبنان.. ليستهدف هذه المرة شخصية عسكرية كانت مرشحة لخلافة العماد ميشال سليمان والذى حظى بتوافق سياسى وطائفى للترشح لمنصب رئيس الجمهورية فى لبنان.. حيث تلقى لبنان ضربة موجعة ورسالة دموية جديدة، باغتيال مدير العمليات في الجيش اللبناني العميد الركن فرنسوا الحاج. و قتل الحاج (54 عاما) في انفجار وقع لحظة مروره بسيارته في بعبدا جنوب شرق العاصمة. وكان متوجها الى مقر عمله في اليرزة قرب بعبدا حيث مقر قيادة الجيش. يأتى هذا فى وقت تئن فيه لبنان ليفاقم هذا الحادث من التوتر السياسي بين الاطراف المتصارعة والذي يحول دون انتخاب رئيس للجمهورية. وهذا هو اول اغتيال يستهدف شخصية عسكرية في اطار الاغتيالات التي شهدها لبنان منذ سبتمبر 2004 وادت الى مقتل ثماني شخصيات سياسية واعلامية مناهضة لسورية. الساحة اللبنانية تحولت مؤخرا الى حلبة للمزايدات ليست السياسية فقط بل هناك مؤشرات لتكون عسكرية وأمنية، وهنا يكمن الخطر الحقيقى الذى يهدد استقرار وأمن لبنان والمنطقة ككل.. هذه الجريمة البشعة هي واحدة من سلسلة جرائم استهدفت المؤسسات اللبنانية والقيادات اللبنانية. وفرنسوا الحاج هو آخر حلقة فى مسلسل الاغتيالات منذ حادث الحريرى وتلته الحلقات : فبراير2005:رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري واصابة الوزير باسل فليحان ابريل 2005:وفاة باسل فليحان يونيو 2005: الصحفي سمير قصير يونيو 2005: الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي ديسمبر2005: النائب والصحفي جبران تويني نوفمبر 2006: النائب ووزير الصناعة بيار امين الجميل يونيو 2007: النائب وليد عيدو سبتمبر 2007: النائب انطوان غانم ديسمبر/ 2007: العميد في الجيش اللبناني فرانسوا الحاج ويأتي هذا الانفجار في الوقت الذي يتخبط فيه لبنان في ازمة سياسية بلغت ذروتها مع عدم تمكن النواب من انتخاب رئيس للبلاد لدى انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود في 24 نوفمبر. وفيما تتواصل الخلافات بين فريقي الأكثرية النيابية والمعارضة اللبنانية حول آليات تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للبنان، فقد اتفق الجانبان على أن هجوم الأربعاء، الذي أسفر عن مقتل مدير العمليات في الجيش، العميد فرانسوا الحاج، يستهدف زعزعة معنويات المؤسسة العسكرية، والإضرار بصورة الجيش في حفظ الأمن والاستقرار الداخلي. وفي اجتماع للحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة، بعد قليل من الهجوم الذي وقع قرب قصر الرئاسة في "بعبدا" صباح الأربعاء، أعلنت الحكومة أن الرد على اغتيال العميد الحاج، والذي كان أحد أبرز المرشحين لتولي قيادة الجيش، يكون بالإسراع في انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية. من هو فرنسوا الحاج : الجنرال الشهيد" هو اليد اليمنى لقائد الجيش العماد سليمان ومدير لعمليات قيادة الجيش، وهو الذى قاد تخطيطا وإشرافا معارك مخيم نهر البارد ضد منظمة "فتح الإسلام" وكانت له إطلالة إعلامية بعد الانتصار ضد الإرهاب مع رئيس الأركان ومدير المخابرات فى مؤتمر صحفى استثنائى وغير مألوف... وفى الآونة الأخيرة طرح اسمه كواحد من أبرز المرشحين لتولى قيادة الجيش فى حال انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية. ومن أهم الوظائف القيادية التي شغلها:- قائدا للكتيبة 43 اعتبارا من 24/2/1984 حتى 4/3/1984. - قائدا للكتيبة 51 اعتبارا من 5/2/1986 حتى 9/8/1992. - قائدا لفوج التدخل الثالث اعتبارا من 10/8/1992 حتى 29/1/1996. - قائدا لفوج المغاوير اعتبارا من 29/1/1996 وحتى 22/7/1999. - مساعدا لقائد لواء المشاة الثاني عشر اعتبارا من 6/7/2000 وحتى 29/11/2001. - مديرا للاستعلام في اركان الجيش للعمليات اعتبارا من 29/11/2001 ولغاية 25/2/2002. - مديرا للعمليات في اركان الجيش للعمليات اعتبارا من 25/2/2002 وحتى تاريخ الاستشهاد. وعلى الرغم من المصاب والجريمة التى هزت سائر الوسط السياسي اللبناني، فقد استمر الانقسام في بعض ردود الفعل على الجريمة. من جهته أشاد السنيورة بالدور البطولي للمؤسسة العسكرية، معتبراً أن يد الاجرام أرادت نقل جرائمها في اتجاه قيادة الجيش والحؤول دون اتمام الاستحقاق الرئاسي. ودعا الى مزيد من التماسك والصلابة. ورأى الوزير المر ان هدف الجريمة زجّ السياسة بالجيش وزجّ الجيش بالسياسة. وقال الحريري في بيان له ان الجريمة حلقة في سلسلة يتعرض لها لبنان في لحظة مصيرية يسعى فيها اعداء لبنان الى تكريس الفراغ في الرئاسة، داعياً الى الالتفاف حول الجيش. فيما دعا العماد سليمان الى عدم توظيف دماء الشهيد في السياسة أو التشكيك في قدرة المؤسسة العسكرية، وتجنب أقطاب 14 آذار توجيه اتهامات مباشرة، واعتبر بعض رموزها ان الجريمة رسالة من سورية وإيران وحلفائهما الى العماد سليمان. وتوالت الادانات الدولية والعربية للجريمة، حيث أعرب وزير الخارجية أحمد أبو الغيط عن تخوفه من ان يؤثر ذلك سلباً في انتخاب رئيس للجمهورية بما يمدد الفراغ. ووصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في بيان له تفجير بيروت بأنه إرهابي ودعا كافة القيادات السياسية اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية في هذه الظروف الخطيرة والعمل على إنقاذ بلدهم وشعبهم وحماية المصالح اللبنانية الوطنية. ورأى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أنها تستهدف الوفاق الوطني . ودان وزير الخارجية السوري وليد المعلم الجريمة، وقال مصدر اعلامي سوري أنها تستهدف المؤسسة العسكرية وعقيدتها القتالية ضد اسرائيل، معتبراً ان الاخيرة مستفيدة منها. فيما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان الرد هو بانتخاب رئيس بلا تأخير.. ودان الاتحاد الأوروبي الجريمة ب أقسى العبارات. وربطت السفارة الاميركية في بيروت الجريمة بسلسلة الاغتيالات، واعتبرتها هجوما مباشرا وشائنا ضد لبنان الدولة والمؤسسات. . ويرى المحللون ان اغتيال العميد الحاج هو رسالة واضحة ومباشرة إلى العماد ميشال سليمان، ليس بصفته قائدا للجيش، وإنما بصفته السياسية فالعميد الحاج هو من بين الضبَّاط الذين طُرِح إسمهم في التداول ليكون قائداً للجيش في حال تمَّ إنتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وشروط الكفاءة والأقدميَّة وغيرها من المواصفات تنطبق عليه كما تنطبق على ثلاثة آخرون . هذه هى الرسالة المباشرة. أما الرسالة غير المباشرة، فهي موجَّهة إلى أكثر من مكان: إلى قائد الجيش أولاً ليُقال له إن الأمن لا يُصنَع في وزارة الدفاع بدليل أن مدير العمليات فيها غير آمن، وأن الغطاء له غير متوافر. الرسالة الثانية إلى المؤسسة العسكريَّة ككل لإفهامها أنها أصبحت طرفاً في الصراع، وهذه الرسالة هي من أخطر ما يمكن أن يُوجَّه إلى الجيش اللبناني الذي عُرف في العامين الأخيرين كيف يتفلَّت من الألغام والكمائن المنصوبة له. فيما يرى آخرون ان الحادث يرفع منسوب القلق والخوف عند اللبنانيين وما تخبئه المرحلة المقبلة، لأن الاغتيال هو أولى علامات المرحلة المقبلة، مرحلة الفراغ الرئاسى...