الهدنة والتهدئة!!! سميح شبيب وافقت الفصائل الوطنية المجتمعة بالقاهرة، على مبدأ الهدنة (التهدئة) لمدة ستة أشهر، ما بين الفلسطينيين والاسرائيليين في قطاع غزة، على أمل امتدادها للضفة مستقبلاً. وتشمل التهدئة وقف العمليات العسكرية الفلسطينية كافة، بما فيها - بالطبع- التوقف عن اطلاق الصواريخ يدوية الصنع على المستوطنات الاسرائيلية، على ان تتوقف العمليات العسكرية الاسرائيلية كافة، ويشمل ذلك فتح المعابر، وفي المقدم منها، معبر رفح!!!. المبادرة بالأساس، هي ورقة تقدمت بها حركة حماس، ولاقت قبولاً مصرياً، على أساسه تمت دعوة فصائل العمل الوطني للقاهرة، وبعد موافقتها، وبعضها موافقات مشروطة، سيقوم الوزير عمر سليمان بزيارة اسرائيل، وعرض ما توصلت اليه الفصائل من اتفاق!!!. لعل مضمون التصريحات الاسرائيلية، وعلى المستويين الأمني - العسكري والسياسي، تشير بوضوح الى عدة نقاط أبرزها: ü رفض اية هدنة او تهدئة تأتي على شكل اتفاق مكتوب، ويتضمن نقاطاً وتعهدات. وتميل تلك التصريحات لخلق وضع جديد، تقوم الفصائل بمقتضاه بالتوقف التام والشامل عن اطلاق الصواريخ، والقيام بأية عمليات عسكرية، وبالمقابل تتوقف القوات الاسرائيلية عن عملياتها ضد الأهداف الفلسطينية المقابلة. ü عدم اعتبار المعابر، جزءاً من التهدئة المتبادلة، ذلك ان معبر رفح، لا يزال محكوماً باتفاق جرى التوافق عليه في العام 5002. ü تؤكد بعض الاوساط، بأن ثمة عمليات خاصة، تقوم بها قوى الجيش الاسرائيلي، درءاً لاخطار متوقعة، وبناء على انذارات ساخنة، وهي خارج نطاق التفاهمات غير المكتوبة، لا تزال حماس وفصائل العمل الوطني تنتظر الرد الاسرائيلي، علماً بأن اسرائيل لم تطلب مبادرة فلسطينية، وهي غير متشجعة على أية حال لمناقشتها، كنص مقابل، وعلى ما يبدو، فهي لا تزال تقوم بعملياتها وفقاً لأجندة أمنية - سياسية، قامت باعدادها مسبقاً، ولا شيء يوحي بأن ثمة نزعات او موجبات تقتضي تغييرها. حماس من جهتها، وبعد ان هددت بانفجار في وجه الجميع، ترمي الى تحقيق هدفين من وراء ورقة الهدنة، الهدف الاول يتلخص بمحاولة الخروج من الأزمة والحصار الخانق، السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه في قطاع غزة، وهي ترى في الهدنة، مخرجاً لها، من خلال انجاز فتح المعابر وانهاء حالة الحصار. الهدف الثاني، ويتلخص بتكريس انقلابها العسكري والتعامل مع تداعياته على انه أمر واقع، وبالتالي القبول به مصرياً واسرائيلياً وفلسطينياً على حد سواء. في المواقف الاسرائيلية الراهنة، هناك ما بات يشير بوضوح إلى ان اسرائيل، ترفض فك الحصار، وعلى النحو الذي ترغب به حماس، فهي تميز ما بين ما هو انساني، وما هو سياسي، وبالتالي تقوم بفتح جزئي للمعابر، حفاظاً على الحد الأدنى، بل والأدنى من الأدنى المطلوب انسانياً، وبين ما هو سياسي وخاصة فيما يتعلق بمعبر رفح!!!. كما وان مصر، تفرق بين الامرين، السياسي والانساني، تفريقاً دقيقاً، وترى في اتفاق العام 2005 الخاص بمعبر رفح، سقفاً سياسياً لفتحه، لا يمكن تجاوزه. الفصائل الفلسطينية الأخرى، وفي المقدم منها الشعبية وحركة الجهاد الاسلامي، وافقت من حيث المبدأ على التهدئة، لكنها ضمنت تحفظاتها، موقفها السياسي ازاء الاحتلال ومقاومة الاحتلال. الى ذلك، يمكن القول، بأن محاولة حماس الراهنة، والرامية للخروج من حالة الحصار السياسي الخانق، ستلقى ذات المصير الذي لاقته محاولة الخروج، التي تجسدت باجتياح الحدود المصرية، ومحاولة فرض وقائع جديدة على الجميع. ستعاود حماس تهديداتها بالانفجار في وجه الجميع، لكن دون جدوى هذه المرة، وسترتد الاسئلة الجادة بهذا الخصوص إلى داخلها. فالأزمة في الأساس تتعلق بسوء التخطيط والتقدير، اللذين استندت اليهما ذهنية الانقلاب اواسط حزيران الماضي، ومن ثم محاولة فرضهما على الجميع. لا بد لحركة حماس، من اعادة التفكير جدياً، بما قامت به من انقلاب عسكري، وبالتالي محاولة طيّه، وبمساعدة الجميع، وفي المقدم منها فتح ذاتها!!!. فهل ستفعل؟!!. عن صحيفة الايام الفلسطينية 5/5/2008