القمة آلية لجمع الشمل العربي محمود شكري دارت خلال الاسبوعين الماضيين الكثير من النقاشات حول أيهما أجدي: تأجيل القمة العربية من أجل الضغط علي سوريا لدفع تسيير موضوع الاستحقاق الرئاسي اللبناني, ام ضرورة عقد القمة من أجل التصدي للموقف المتردي في فلسطين؟ وكان الرأي السائد: ان القمم العربية ليست سوطا يستخدم لتأديب الدول العربية, ولكنها آلية سعينا, كدول عربية, لتقنين دوريتها, كوسيلة لجمع الشمل العربي.. ومن هذا المنطلق, فان القمم العربية تعقد لحل الخلافات العربية.. وعليه, فإنه من أجل حل مشكلة الاستحقاق الرئاسي في لبنان, وللتصدي لمحرقة غزة, وللتلاعب السافر في مصير الشعب الفلسطيني, يلزم ان تعقد القمة الدورية في موعدها وموقعها المتفق عليه في قمة الرياض. وتنوعت وتعددت الطروحات حول عدم جدوي عقد القمة, في ظل هذه الظروف التي بات الاتفاق فيها علي أساسيات الموقف العربي المطروح علي قمة دمشق, شبه مستحيل.. فالعلاقات السورية السعودية في حدها الادني.. فضلا عن ان حضور لبنان للقمة علي مستوي رئيس الوزراء الحالي هو أمر سيكون له مردود سلبي علي الوضع الداخلي في لبنان, كما ستشتعل قمة دمشق بنيران الداخل اللبناني, مما سيضع المجتمعين في وضع حرج, وفضلا عما سبق, فإن الوضع الفلسطيني مازال مفككا بصورة لايمكن لملمتها, خاصة بعد محاولات الاستقطاب الإسرائيلي للموقف الحماساوي, وقبول الولاياتالمتحدة بمبدأ فتح باب التفاوض مع حماس من أجل تهدئة الموقف في قطاع غزة, وتسيير الحياة الطبيعية في نبض العلاقات المحمومة بين الجانبين.. واخيرا فان مستوي الحضور من جانب الرؤساء لهذه القمة سوف يكون أقل مما هو متوقع, وهو ما سيسوق إلي افشال قمة دمشق وهي مازالت في مبتدئها, وعلاوة علي ما تقدم فان هناك احتمالا لأن ترفض بعض الدول حضور قمة دمشق وهو أمر له سوابقه في قمة الرياض ببقاء مقعد ليبيا شاغرا. ويرتكز الموقف السياسي التحليلي والمنطقي من هذه النقاط, علي الطروحات التالية: 1 انه لو كانت العلاقات بين سوريا والسعودية ليست في المستوي المأمول لنجاح القمة, فإن سوريا والعراق كانتا تحضران القمم العربية وعلاقاتهما قد وصلت لحد العداء السافر, حيث كانت سوريا تؤيد إيران في الحرب الايرانية العراقية, فضلا عن ان الاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية قد حضرتا قمة القاهرة غير العادية في28 سبتمبر1970 وهما في حالة حرب, فضلا عن ان الكويت والعراق حضرتا قمة1991, وحالة الحرب محتدمة بينهما.. فضلا عن هذا فإن العلاقات السعودية السورية لاتعدو ان تكون مجرد اختلافات في وجهات النظر, قد تزول بالاتفاق والتوافق علي نقاط الاختلاف بينهما في قمة دمشق. 2 أما عن حضور لبنان للقمة علي مستوي رئيس الوزراء, فإن لهذا الموقف سابقة, عندما مثل سليم الحص, رئيس الوزراء, لبنان في القمة العربية, عندما لم يتم الاعتراف بميشيل عون كرئيس للجمهورية اللبنانية. 3 وبشأن الخلافات السورية اللبنانية حول موضوع الاستحقاق الرئاسي, فلماذا لايطرح هذا الموضوع في قمة دمشق, حيث ترأس سوريا هذه القمة, ويهمها ان تنجح هذه القمة, فلربما استطاعت هذه القمة تفعيل اسلوب حل الازمة اللبنانية بدلا من تجميدها علي وضعها الحالي. 4 وبالنسبة للتخوف من مبدأ ترؤس سوريا للقمة العربية لعام مقبل, فإن هذا الحق يتم تناوبه بين جميع الدول العربية, وفقا لمنطوق بروتوكول انشاء القمم الدورية, فضلا عن هذا فان رئاسة القمة مسئولية وعليها قيود, وليست سلطة مطلقة لمن يتولاها. 5 اما عن مستوي الحضور لقمة دمشق من جانب الدول العربية فالأساس هو الحضور علي المستوي الرئاسي, إلا ان هذه القاعدة لم تطبق في جميع القمم التي عقدت منذ عام2001, وان اعلي مستوي تمثيل كان في قمة الرياض, حيث حضرها17 رئيس دولة. 6 فضلا عن ان ترك المقعد المخصص لدولة عربية شاغرا هو امر غير مرغوب فيه, لانه يحرم هذه القمة من جوهرها, وهو اجتماع الدول العربية للتشاور في أمورها, مرة كل عام.. وما حدث في قمة الرياض, والذي رفضت فيه ليبيا الحضور لعدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه في قمة الخرطوم من عقد القمة المقبلة في مدينة شرم الشيخ, والموافقة علي عقدها في الرياض باعتبار ان السعودية هي الدولة المضيفة وفقا لمبدأ التناوب الابجدي, ومن حقها عقدها علي اراضيها فهو اختلاف حول نقطة اجرائية, ولاتستوجب الامتناع عن الحضور, وعموما فقد عقدت القمة, ونجحت في الخروج بمقررات لايمكن انكار اهميتها. 7 اما بخصوص الاوضاع في غزة, وتقاعس إسرائيل عن الوفاء بما تم الالتزام به في قمة أنابوليس بخصوص جدية التفاوض, وعدم تفعيل دور لجنة المتابعة الثلاثية المكونة من فلسطينوالولاياتالمتحدة وإسرائيل والتي ستقوم جدية التفاوض والحرص علي دفع العملية التفاوضية والأهم من هذا كله, التزام الرئيس بوش بما تعهد به بإنشاء دولة فلسطين قبل نهاية فترة ولايته في عام2008, كل ذلك يستوجب ان يجتمع القادة العرب المؤثرون في مسار العمل العربي المشترك وعلي رأسهم السعودية, صاحبة المبادرة العربية التي اقرتها قمة لبنان2002 للنظر في دفع مسار الشأن الفلسطيني, ومراجعة اسلوب التعامل العربي مع القضية الفلسطينية وهو ما صرح به السيد أمين عام الجامعة العربية فيعقب المؤتمر الصحفي للمؤتمر الوزاري الذي حضره وزراء الخارجية العرب. وعليه, فإن عقد القمة العربية في هذه الظروف, هو ضرورة عربية قصوي, وان علي سوريا أن تتحمل مسئوليتها لإنجاح هذه القمة, والقيام بدورها كرئيس لها, بصورة جاذبة لجمع الشمل العربي, لتكون بحق قمة التضامن, كما سمتها, في تصريحاتها السياسية والإعلامية. عن صحيفة الاهرام المصرية 17/3/2008