موت الضمير العالمي..! د. عبدالرحمن سعد العرابي ليس بمستغرب (إطلاقاً) أن تكتسح الدبابات الإسرائيلية غزة، أو أيًّا من الأراضي الفلسطينية.. وليس بمستغرب - إطلاقاً - أن تنتهك الآلة العسكرية الإسرائيلية كل الأعراف، والقوانين، والأنظمة الإنسانية والدولية.. وليس بمستغرب - إطلاقاً - أن تستبيح إسرائيل الحقوق الفلسطينية، بتجريف المزارع، وتدمير المنازل.. وليس بمستغرب - إطلاقاً - أن (تحرق) إسرائيل كل فلسطين، وأهلها، (وتمحوهم) بصورة وحشية.. لا تفرّق بين طفل، ورضيع، وامرأة، وشيخ كبير.? ليست كل أفعال (الإجرام) التي قامت بها إسرائيل في غزة - منذ الأربعاء الماضي - بمستغربة علينا نحن كعرب فقد تعوَّدنا منذ بداية تأسيس الكيان الصهيوني في عام 1948م على عقلية (الإجرام)، وسياسة (المافيا) التي ينتهجها الساسة والعسكريون الإسرائيليون، فهم لا يقيمون أي اعتبار لكائن من كان.. سواء ساسة، أو دول، أو قوانين، أو أنظمة، أو منظمات، أو أعراف.? ولكن المستغرب في (الإجرام) الإسرائيلي الأخير (سكوت) العالم، وهو يرى المذابح، ودماء الأطفال، ودمار المنازل، وتجريف المزارع (تُنتهك) و(تُستباح) في وضح النهار، وأمام كاميرات التلفزيون!!. بل وصل الأمر إلى (مباهاة) ساسة الإجرام الإسرائيليين، وجنرلاتهم العسكريين بما (حققوه) في غزة، وأن كل ذلك كان (بهدف) حماية إسرائيل وأمنها من (صواريخ) المقاومة الفلسطينية.? وفي هكذا مشهد بائس وحزين، يأسى الإنسان السوي أيًّا كان جنسه، أو لونه، أو دينه أو موطنه عن رؤية أمين عام الأممالمتحدة وهو (يُبيح) لإسرائيل أفعالها الإجرامية، ومساواته بينها وبين (الضحية). فالعالم كله (يعرف) أن الأممالمتحدة إنما هي منظمة دولية (تحمي) حقوق الجميع، (تدافع) عن الجميع، و(هدفها) سلام عالمي دائم في كل بقاع الدنيا، ولكن أن (تبرر) للعصابة الإجرامية الإسرائيلية أفعالها، و(تسترخص) الدم الفلسطيني.. فهذا هو الغريب و(المستهجن).? (الإجرام) الإسرائيلي رغم توقف آلته التدميرية في غزة قبل الأمس، إلا أنه (دائم) التأهب (لسحق) الحق الفلسطيني في أي وقت، أو زمان يريده قادة (العصابة) الصهيونية في تل أبيب.. فالعالم (فتح) لهم كل الطرقات بأضواء خضراء، و(مباركات) تبريرية لن تجد آلة الإجرام الإسرائيلية أية غضاضة في استخدامها لزهق أرواح الأطفال والنساء والشيوخ. فهؤلاء دماؤهم (رخيصة)، بعكس الدم الإسرائيلي (الغالي) في الضمير العالمي، ولدى الأمين العام للأمم المتحدة، والإدارة الأمريكية!! وإن قتل عشرات الأطفال في غزة بدم بارد (شرعي)، فقبلهم شاهد العالم أطفالاً فلسطينيين يُقتلون في وحشية صارخة كمحمد الدرة وغيره من (الشهداء) الأبرياء. و(الترحّم) على الضمير العالمي أجدى وأنفع لنا كعرب، وللإنسانية الحقة.. فمن يقبل بمشاهد (مقززة) بمثل ما حدث في غزة.. فغير إنساني إطلاقاً حتى وإن حمل جسداً بشرياً. عن صحيفة المدينة السعودية 5/3/2008