كيف ستصل طائرة البشير إلي القمة؟.. وهل يمكن اعتراضها جواً؟
* خالد محمود رمضان
قبل أقل من أسبوعين فقط من استضافة العاصمة القطرية- الدوحة- لأول قمة عربية رسمية تعقد علي الإطلاق في تاريخها المعاصر في الثلاثين من الشهر الجاري، تحول الرئيس السوداني عمر البشير- ومبكرا جدا- إلي النجم الرئيسي للقمة بعدما نجحت المذكرة التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه علي خلفية مزاعم بتورطه في جرائم حرب في إقليم دارفور المضطرب منذ سنوات بغرب السودان، في الاستحواذ علي اهتمام مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية. وبات التساؤل حول ما إذا كان البشير سيشارك بالفعل في القمة العربية المقبلة أم لا؟ هو الشغل الشاغل لجميع المتابعين لهذه الأزمة التي نجحت أيضا في سرقة الأضواء والاهتمام الإعلامي المعتاد من قضايا كلاسيكية اعتادت فرض نفسها علي الأجندة السياسية والإعلامية في العالم العربية، خاصة القضية الفلسطينية والوضع الراهن في العراق بالإضافة إلي الملف اللبناني. بالنسبة لكبار مساعدي الرئيس السوداني عمر البشير أو مسئولي الحكومة السودانية فإن السؤال الصحيح ليس هل سيشارك البشير في القمة العربية المرتقبة؟ وإنما كيف سيشارك في ظل هذا الصخب الإعلامي والسياسي والتربص الواضح من قبل المحكمة الجنائية الدولية؟! ونفت لورانس بليرون- الناطقة باسم المحاكمة الجنائية الدولية- أن تكون المحكمة الجنائية قد وجهت أي خطابات رسمية إلي الحكومة القطرية تطالبها فيها باعتقال أو توقيف البشير في حالة مشاركته في القمة العربية التي ستعقد هناك قريبا. وقالت بليرون ل(الدستور) تليفونيا من مقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية: إن المدعي العام للمحكمة الجنائية لويس مورينو أوكامبو لم يطالب أي دولة رسميا باعتقال البشير أو منعه من حضور القمة العربية المرتقبة. لكنها رفضت في المقابل أن تعلق علي سؤال بشأن ما إذا كان أوكامبو يعتزم توجيه رسالة في هذا الخصوص إلي الدول الأعضاء بالجامعة العربية قبل التئام قمة الدوحة، مكتفية بالقول: «ليس لدينا تعليق الآن حول هذا الموضوع». وكررت بليرون قولها بأن المحكمة «تعوّل علي تعاون قطر لتوقيف الرئيس السوداني، لكنها لا تملك قوات شرطة خاصة بها». وأضافت بليرون: «إن قطر ليست من الدول الموقّعة علي اتفاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، لكنها عضو في الأممالمتحدة. وبالتالي فإن قرار مجلس الأمن الذي يحض جميع الدول علي التعاون مع المحكمة ينطبق علي قطر». ومع ذلك فقد أكد مسئول سوداني رفيع المستوي أن البشير سيشارك في القمة العربية المقبلة.. معتبرا أن المشاركة تمثل تحديا علنيا لمذكرة المحكمة الجنائية بتوقيفه. وقال الوسيلة السماني- وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية- ل(الدستور) في تصريحات خاصة عبر التليفون من العاصمة السودانية الخرطوم: أؤكد لكم أن الرئيس (البشير) سيشارك في القمة العربية بالدوحة بعدما تلقي دعوة كريمة من أمير قطر في هذا الخصوص. وأضاف: «ليس هناك ما يمنع من مشاركته إلي جانب القادة العرب في بحث الوضع العربي الراهن ومختلف الملفات العربية والإقليمية المطروحة علي الساحة حاليا بما في ذلك تطورات الوضع في السودان». من جهته استبعد السفير سمير حسني- مسئول إدارة التعاون العربي الأفريقي بالجامعة العربية- إمكانية إقدام أي جهة علي خطف طائرة الرئيس السوداني عمر البشير أو إقدام قطر علي تسليم البشير إذا ما شارك في القمة العربية. وقال حسني: أنا أستبعد هذا الأمر لأنه ليس هناك من يوجه دعوة لأحد ويرسل إليه بمبعوث خاص كما فعلت قطر لحضور القمة ثم يتحدثون عن تسليمه (لبشير).. لا أعتقد هذا. وأضاف: من باب أولي ألا يتم تقديم الدعوة وألا يذهب مبعوث قطري رفيع المستوي إلي الخرطوم لتسليم الرئيس السوداني عمر البشير لدعوته رسمياً لحضور اجتماعات القمة العربية المقبلة. ولفت حسني إلي أن قطر تلعب دورا إيجابيا في عملية السلام السودانية وليست طرفا في هذه المحكمة، والمحكمة تقول بوجوب تعاون جميع الدول الموقعة علي ميثاق تأسيسها في تسليم البشير علي اعتبار أن إحالة القضية تمت بموجب الفصل السابع من ميثاق مجلس الأمن الدولي. لكن اللافت للانتباه أن كبار مساعدي البشير مع هذه المخاطر التي تحدق به ليسوا قلقين تماما من ناحية إمكانية اعتقاله أو إقدام قطر علي تسليمه، ومع ذلك فإن ثمة تحضيرات أمنية غير معلنة يجري التخطيط لها لضمان سلامة البشير حال توجهه إلي الدوحة أو العودة مجددا إلي عاصمة بلاده الخرطوم. وقال الوسيلة السماني- وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية- ل (الدستور) أيضاً: إن الرئيس البشير سيغادر إلي الدوحة لحضور القمة العربية مع أشقائه من قادة ورؤساء وملوك الدول العربية وسيتشاورون في أمر هذه المحكمة والوقوف بصلابة في مواجهتها. وكما أوضح الوسيلة فإن الإقلاع سيكون بطائرة رئاسية ستغادر من مطار الخرطوم، مضيفا: لن يستطيعوا فعل أي شيء لأن جريمة اعتراض طائرة سيكون قرصنة جوية يعاقب عليها القانون اللهم إلا إذا أسقطوا الطائرة. ومضي إلي القول: «إذا كانت دولة عربية لا تقوم بمسئوليتها تجاه هذه القضية فعلي علي الدنيا السلام وأشك أن هناك دولة عربية مستعدة للتعاون». وسئل عن الوفد الذي سيرافق البشير إلي قمة الدوحة فقال: الوفد تقليدي كما في كل المؤتمرات وحسب طبيعة القمة.. لافتا إلي أن الرئيس السوداني لم يتخلف عن المشاركة في أي قمة عربية، اللهم إلا في ظروف طارئة لكنه كان حريصا علي حضور كل القمم العربية والإسلامية والأفريقية. ويعتقد الوسيلة- كغيره من كبار مسئولي الحكومة السودانية- أن البشير سيكون نجم القمة.. معتبرا أن المحكمة الجنائية الدولية ستكتب كل يوم علي نفسها الفناء، علي حد تعبيره. بدوره قال المهندس عبد الله علي مسار- مستشار الرئيس السوداني-: إن الرئيس البشير الذي تلقي دعوة من أمير قطر لحضور القمتين «العربية والعربية اللاتينية» سيشارك في هاتين القمتين باعتبار أن الدعوة من قطر وهي من المشاركين في صنع السلام في إقليم دارفور وتقوم بدور إيجابي في هذا الإطار. وأضاف ل (الدستور): قطر غير موقعة علي اتفاقية المحكمة، وليس هناك ما يلزمها بتنفيذ القرار وقرار مجلس الأمن نفسه ليس فيه إلزامية، ونحن نعتقد أن كل هذا ضغوط سياسية لصالح قوي أجنبية تستهدف السودان. وبعدما لفت إلي أن الرئيس البشير يمارس صلاحياته المعروفة والمعهودة، فإنه شدد علي أن التهم الموجهة إليه من قبل المحاكمة لا تسند إلي قانون أو منطق أو وقائع. وسئل عما إذا كانت السلطات السودانية ستتخذ خطوات أو ترتيبات أمنية خاصة لضمان وصول البشير بسلام إلي القمة العربية في الدوحة ومن ثم العودة إلي السودان دون أن يتعرض لأي مواقف محرجة، فقال: لا بد أن الدولة ستكون لها ترتيبات معينة في هذا الخصوص، لكن: هل سيشمل ذلك أن ترافق طائرات حربية سودانية طائرة البشير الرئاسية؟ يقول مسار: هذا ما تقرره الأجهزة الأمنية، والترتيبات الأمنية ستقوم بها الأجهزة المعنية بضمان حماية الرئيس. وأضاف :«قطر لا يمكن أن تقدم علي هذا الفعل (تسليم البشير) لأنها وجهت الدعوة إلي الرئيس البشير للمشاركة في القمة وحضور أعمالها وهي تعلم ملابسات القضية».ويقول دبلوماسيون عرب: في المقابل لن يكون بإمكان قطر تسليم البشير إلي أي جهة علي اعتبار أن قطر التي ستؤول إليها رئاسة القمة العربية المقبلة بعد عملية التسليم والتسلم من سوريا الرئيس الحالي، ليست من الدول الموقعة علي الميثاق التأسيسي للمحكمة الجنائية الدولية. علي أن مسئولا أمنيا سودانيا تحدث مشترطا عدم تعريفه قال في المقابل: إن الترتيبات الخاصة بتأمين وصول البشير سالما إلي القمة العربية وتفادي اعتقاله أو اعتراض طائرته في الجو من قبل أي جهة محتملة تشمل إخفاء الساعة المحددة لإقلاع طائرته من مطار الخرطوم بالإضافة إلي مرافقة طائرات حربية لطائرة الرئاسة حتي تغادر الأجواء السودانية. وأضاف قد نلجأ إلي التمويه، خاصة مع تهديدات المتمردين بمحاولة إسقاط الطائرة، لكن لا نعتقد أن لديهم المقدرة علي ذلك، بإمكاني القول: إننا لن نواجه أدني مشكلة في إيصال الرئيس (البشير) سالما بإذن الله إلي قطر لحضور اجتماعات القمة العربية.ووفقا لما أعلنه الموقع الإلكتروني القطري الرسمي للقمة العربية علي شبكة الإنترنت، فإنه من المقرر أن تصل الوفود المشاركة في القمة ومن بينها وفد السودان إلي مطار الدوحة الدولي الذي يقع علي بعد سبعة كيلو مترات فقط من مركز قطر الدولي للمؤتمرات الذي ستعقد فيه القمة. أما في حالة حدوث ظروف طارئة فسيتم استعمال المطار البديل في قطر وهو قاعدة العديد العسكرية الواقع علي بعد نحو 16 ميلا باتجاه الغرب من الدوحة. ومع هذه الترتيبات ثمة من يتساءل حول إمكانية منع الطائرة أساسا من الهبوط في مطار الدوحة الدولي، وهو تساؤل يجيب عنه مسئول سوداني بشكل مقتضب: هذا غير ممكن ولن يحدث ولدينا ترتيباتنا الخاصة لكننا لن نعلن عنها في وسائل الإعلام الدولية