نظمت أسرة كتاب القصة مساء أمس بالنادي الثقافي العماني أمسية نقدية لكتاب "القلعة الثانية" للناقد العراقي المقيم في السلطنة الدكتور ضياء خضير والذي صدر ضمن إصدارات النادي الثقافي مطلع هذا العام في بيروت عن مؤسسة الانتشار العربي وتناول فيه الناقد القصة العمانية بالدرس والتحليل. قدم الأمسية القاص حمود الشكيلي فيما تضمنت الأمسية ورقة نقدية للدكتور الناقد التونسي محمد زروق حملت عنوان "نقد على نقد في قلعة ضياء خضير" ومما جاء فيها وفق صجيفة "الوطن" العمانية: مشروع الأديب لا يتلاقى مع مشروع الناقد، فالأديب له مطلق التصوّر، وله مجالات وسيعة للتبصّر والرؤية والحركة، أما الناقد فهو يتحرّك في مجال نظري مضبوط، هو محض تابع لحركة الأدب قد يتخطّى هذا الوضع بكتابة نمط إبداعي نقدي وقد يبقى حبيس النظريّات والأدوات والآلات لا يتعدّاها، غير أنّه في كلّ الحالات وجب ألاّ يكون وصيّا على الأدب ولا ذائدا عنه ولا مقوّما له، لأنّه يمثّل ذائقة وزاوية نظر. وانفتاح النصّ يجعله قابلا للتقبّل من زوايا مختلفة. وإذا ما دخل النقد في الوصاية والتقويم والتحديد والرفع والحطّ واعتبار المعايير الأخلاقية كان شبيها بالصورة التي أخرج عليها مونتسكيو النقاد إذ وسمهم ب "جنرالات فاشلين عجزوا عن الاستيلاء على بلد فلوّثوا مياهه". ونحن نصدر عن سؤال طرحه في ذات المقام دانييل بارجيز، وهو، هل يكون النقد قاتلا للأدب؟ وجوابه على لسان دانييل بارجيز في ضبط العلاقة المتينة بين النقد والأدب خارج دائرة الوصايا والأحكام السائبة والتقويم الأخلاقي أو التفضيلي، يقول: "إنّ النقد ضروري للأدب، والضيق منه يتأتّى من هذه المفارقة الملازمة له. فالعمل الأدبي يحتاج إلى خطاب يعلق عليه ويوضّحه، لا، بل هو يطالب به لأنّه ينتمي إلى عالم اللغة غير أنّ النقد يصل دوما إلى حدّ يصبح فيه مكتفيا بذاته، ويصبح العمل الأدبي مجرّد ذريعة. إنّ الأديب الحق يسبق عصره في أغلب الأحيان، ولذلك نجد أنّ أغلب الأدباء في تاريخ الأدب العربي القديم والحديث الذين أحدثوا في الأدب وجددوا قد رُفض أدبهم من قبل النقد الأخلاقي والنقد المعياري. وأخيرا فإنّ الناقد لا يقول الحقيقة ولا يدّعي النقد أنّه يُقدّم الحقيقة المطلقة، وإنّما هو تصوّر مخصوص، ورؤية من رؤى أخرى وزاوية نظر لا تقدّم الحقيقة وإنّما تضمن تحقّق بعض المناحي البنيوية والجمالية في نصّ ما، فالناقد هو قارئ من جملة القرّاء ولا يجب أن يتحوّل قارئا عاديا يُحكّم ذائقته الخاصّة ويعمل على فرضها، وإنّما وجب أن يُعلن أنه يقدّم وجهة نظر محكومة بضوابط منهجيّة. لقد مثّل الكتاب قيمة في تاريخ الأدب العماني، فيه قراءات نصيّة متعمّقة ونظر في النصوص القصصيّة ومباشرة داخلية لها، وإن كان على المستوى الشكلي في حاجة إلى مزيد ضبط. إنّ تراكم هذه الأعمال النقديّة يمكن أن يفضي بالقصّة العمانية إلى مزيد ازدهار وتألّق.