أنقرة : كشفت مصادر تركية مطلعة أن قرار المحكمة الدستورية رفض الغاء الحظر المفروض على الحجاب في الجامعات والذي صدر يوم الخميس الماضي أغلق الباب نهائيًا في وجه رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان للمطالبة بأي اصلاحات ديمقراطية في الدولة العلمانية . وحسبما ذكرت مجلة "المشاهد السياسي" ، حقّق رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان نصرًا كبيرًا في العام 2003 حين أصبح رئيسًا للوزراء رغم المعارضة الشديدة من قبل النخبة العلمانيّة، التي تضرب بجذورها في الجيش والقضاء وطبقة المثقّفين والحركات السياسية الوطنية في تركيا. ونجح منهجه التدريجي الذي ركّز على الاقتصاد، ومسعاه إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في ترسيخ كتلة أنصاره من الريف الأكثر تديّناً، كشركاء في هيكل السلطة الذي تهيمن عليه النخبة العلمانيّة التي تنتمي الى المدن. ويرى مراقبون أن أردوجان قرر إرجاء أي إصلاحات دينية صريحة في تركيا في الفترة من 2003 حتى نهاية 2007 ، مركزًا على أهميّة الحقوق الديمقراطية ككل. ومنح الانتصار الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في العام 2007، قوة دافعة لاردوجان ، حيث تحرّك لرفع الحظر على ارتداء الحجاب في الجامعات، وهو ما قاد مدّعٍ عامٍّ لرفع دعوى قضائية لإغلاق الحزب. وأضاف المراقبون أن هذه الضغوط التي أدت إلى تراجع الأمل في تطبيق إصلاح ديني، إلى تقليل رغبة الحزب الحاكم في تطبيق الاصلاحات الديمقراطية اللازمة، إذا كانت تركيا تريد الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي. وعلى الجانب الأخر ، اشارت مصادر مطلعة أن الضغوط التي تمارس على الحجاب في تركيا لا تؤثر على الغالبية المسلمة فحسب ، بل يتأثّر بها المجتمع المسيحي الصغير الحجم، والذي كان يأمل في تخفيف القيود على حرّيّته والتي خنقتها العلمانية . وقد أثار الخطوات الاصلاحية التي تبنها أردوجان الآمال بين المسيحيين في تركيا، الذين صودرت ممتلكاتهم وقلّصت حقوقهم باسم العلمانيّة. وتعلّق الكنيسة الأرثوذوكسية آمالاً عريضة على الضغوط التي يمارسها الاتحاد الأوروبي لموافقته على انضمام تركيا إليه ، لتستعيد معهدها اللاهوتي الوحيد الذي أغلقته تركيا في العام 1971، الا ان هذه الأمال قد تذهب أدراج الرياح بعد توقف الاصلاح الديقراطي في تركيا . ويرى مراقبون أن قرار المحكمة الدستورية بإلغاء قانون يسمح للطالبات بارتداء الحجاب في الجامعات يزيد من المخاوف بشأن قرار قادم للمحكمة يقضي حظر حزب العدالة والتنمية بسبب اتهامات بأنشطة إسلامية . ويتوقع أن تفرض المحكمة حظرًا على نشاط رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان الحزبي والسياسي قد يمتد إلى خمس سنوات . وفيما يلي عرض لتواريخ مسيرة الحجاب مارس /آذار 1989: قرّرت المحكمة الدستوريّة منع ارتداء الحجاب في الجامعات التركيّة. 25 أكتوبر/ تشرين الأوّل 1990: أُدخل نصّ جديد على قانون التعليم العالي يقيّد حريّة ارتداء الملابس بما لا يتناقض مع القوانين، وما المقصود هنا سوى منع ارتداء الحجاب. 6 ديسمبر/ كانون الأوّل 1995: وصل العلماني المتشدّد كمال غوروز إلى رئاسة مجلس التعليم العالي وفرض قيوداً مشدّدة جداً لمنع أي مظهر إسلامي في الجامعات. 13 ديسمبر/كانون الأوّل 2007: عُقدت تسوية بين الحزب الحاكم العدالة والتنمية والحزب المعارض الحركة القوميّة قام بموجبه رئيس الحزب المعارض دولة بهشلي بطرح مشروع تعديل دستوري. 9 فبراير/ شباط 2008 أقرّ التعديل الدستوري للمادتين 10 و42 بغالبية ساحقة مع تأييد 411 نائباً من أصل 550. تعديل أقره الرئيس عبد الله جول بعد 13 يوماً. 27 فبراير / شباط تقدّم حزب الشعب الجمهوري المعارض بدعوى إلغاء التعديل الدستوري إلى المحكمة الدستوريّة ، والذي تم إلغائه في 5 يونيو/ حزيران 2008.