أنقرة : انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان السبت مقاطعة الجيش التركي حفل الاستقبال الذي أقامه الرئيس عبد الله جول بمناسبة عيد الجمهورية بسبب الحجاب الذي كانت ترتديه السيدة الأولى . وأضاف أردوجان " القوات المسلحة كان يجب أن تكون حاضرة في القصر الرئاسي للاحتفال بذكرى إنشاء تركيا الحديثة والعلمانية في 1923 ". وكان الجيش أقام احتفالا منفصلا في الموعد المحدد للاحتفال في القصر الرئاسي فتوافرت للجنرالات ذريعة حتى لا يلبوا دعوة رئيس الدولة احتجاجا على حجاب زوجته . ومن جانبه ، ذكر التليفزيون المصري أن حزب الشعب الجمهوري أبرز أحزاب المعارضة العلمانية لم يلب أيضا دعوة الرئيس التركي الذى يسعى إلى رفع الحظر المفروض على الحجاب في الادارات العامة والجامعات. يذكر أن الرئيس التركي عبد الله جول اعتاد منذ توليه رئاسة الجمهورية عام 2007 على إقامة حفلين بمناسبة عيد تأسيس الجمهورية التركية الذى يوافق 29 أكتوبر من كل عام أحدهما نهاري وكان هو الحفل الرسمي الذي يحضره قادة الجيش ثم يقيمون حفلهم الخاص فى مساء اليوم نفسه والآخر مسائي تدعى اليه الشخصيات العامة والصحفيين ورجال الأعمال والفنانين والرياضيين وهو الحفل الذى كانت تحضره قرينته خير النساء جول . وهذا العام قرر الرئيس جول إقامة حفل واحد فقط تحضره قرينته وزوجات المشاركين فى الحفل وأخطر رئاسة أركان الجيش بذلك ولم تبد رئاسة الأركان موقفا رافضا فى البداية إلى أن أعلنت عن تنظيم حفل فى الموعد نفسه الذى أقام فيه الرئيس جول الحفل بالقصر الجمهوري الجمعة . ويعتبر العلمانيون ومنهم الجيش أن الحجاب تحد للعلمانية ويتخوفون من أي تدبير قد يضعف حظره في الادارات العامة والمدارس. وقد خفف مجلس التعليم العالي الذي كان يعتبر معقلا للتيار العلماني والذي بات يرأسه أحد المؤيدين لأردوجان حظر الحجاب في الجامعات مؤخرا . وحذرت محكمة الاستئناف العليا في تركيا في 21 أكتوبر حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان من تخفيف الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الجامعات والدوائر الحكومية ، معتبرة أن ذلك سيعتبر انتهاكا للدستور العلماني للبلاد. كما حذرت المحكمة في بيان على موقعها على الإنترنت من التلاعب بالمبادئ العلمانية للدولة التركية الحديثة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923 . وجاء في البيان "الاعتراف باستخدام الحجاب على أساس المعتقدات الدينية عند تحديد المظهر اللائق لدى طلبة الجامعات ينتهك مبادئ العلمانية من خلال استخدام المبادئ الدينية كأساس لتنظيم متعلق بجهة حكومية". وأضاف بيان المحكمة "القرارات والأحكام التي تصدرها الهيئات السياسية يجب أن تتوافق مع القضاء الأعلى والقانون الدولي". وكانت المحكمة الدستورية قد رفضت إجراء تعديل على الدستور عام 2008 كان من شأنه إبطال حظر الحجاب. وتجدد الجدل حول قضية الحجاب بعدما طالب مجلس التعليم العالي في تركيا في سبتمبر الماضي بأن لا تمارس الجامعات سياسات تمييزية ضد الطلاب بناء على ملابسهم. ويحظر ارتداء الحجاب في الجامعات، لكن بعض الجامعات بدأت تخفف من تلك القيود في السنة الدراسية التي بدأت في سبتمبر/ أيلول الماضي وكذلك في المدارس الحكومية . كما أن الموظفات الحكوميات ممنوعات من ارتداء الحجاب الذي يعتبر شائعا في تركيا ومن أشهر الشخصيات التي ترتديه زوجة رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان وزوجة الرئيس عبد الله جول . وجاء تحذير محكمة الاستئناف العليا متزامنا مع حصول حزب العدالة والتنمية الحاكم على تأييد محدود من منافسيه لرفع الحظر على الحجاب في الجامعات والدوائر الحكومية. ولم يتمكن الحزب من إقناع حزب الشعب الجمهوري العلماني بالانضمام إلى لجنة لحل واحدة من أكثر القضايا الخلافية في البلاد قبل انتخابات متوقعة في يونيو/ حزيران المقبل في تركيا المرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي. ونقلت قناة "الجزيرة" عن بكير بوزداج رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية القول في مؤتمر صحفي :"طالبنا بتشكيل لجنة دون أي شروط مسبقة أو تحيز". وتتعلق قضية الحجاب بشدة بالهوية الوطنية في تركيا التي تسكنها أغلبية مسلمة لكنها تطبق دستورا علمانيا منذ قيام الدولة التركية الحديثة من تحت أنقاض الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى. ومنعت المحكمة الدستورية محاولة من حكومة العدالة والتنمية لرفع الحظر المفروض على الحجاب قبل ثلاث سنوات وكانت هذه المحاولة على وشك أن تؤدي إلى حل الحزب بسبب مزاولة أنشطة منافية للعلمانية. ويعتقد منتقدون أن حزب العدالة والتنمية يسعى لتحقيق أهداف إسلامية وينفي الحزب ذلك ويشبه نفسه بالأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا المحافظة في القضايا الاجتماعية والليبرالية في القضايا الاقتصادية. ويسعى حزب العدالة والتنمية للفوز بفترة ولاية ثالثة في الانتخابات المقررة في عام 2011 ، واستنادا إلى الأغلبية التي حصل عليها الحزب والتي بلغت 58 في المائة في استفتاء حول مجموعة من الاصلاحات الدستورية في سبتمبر الماضي فإن أمامه فرصا قوية للفوز. وتعهد أردوجان بإعادة صياغة الدستور التركي ككل إذا ظل بمنصبه العام المقبل ، قائلا إن الدستور الجديد سيكون إنعكاسا للحقوق والحريات لكل قطاعات المجتمع.