عشية إعلان مبادرة التنظيم لوقف العنف الداخلية المصرية تدرس ملفات قادة الجهاد تمهيدا للإفراج عنهم محيط - وكالات عبود الزمر أحد قياديي التنظيم المعتقلين القاهرة: تترقب الأوساط الإسلامية في جميع أنحاء العالم غدا الأحد بدء نشر مبادرة تنظيم "الجهاد" لوقف العنف والقتال والتي كتبها أميره السابق سيد إمام الشريف (المعروف باسم دكتور فضل) مفكر تنظيم "القاعدة" وأستاذ أيمن الظواهري ومؤسس تنظيم الجهاد في مصر، وذلك في وقت ذكرت فيه تقارير صحفية ان وزارة الداخلية المصرية بدأت في دراسة ملفات المحكوم عليهم من أعضاء وقيادات التنظيم داخل السجون تمهيدا للافراج عنهم. واختارت قيادة التنظيم الذكرى العاشرة لمذبحة الأقصر بمعبد الدير البحري (جنوب)، التي نفذها منتمون للجماعة الإسلامية عام 1997 وراح ضحيتها 61 شخصا، لتكون موعداً لإعلان مبادرتهم لوقف العنف، التي تُعرف إعلاميا بمبادرة "ترشيد الجهاد". ويأتي إعلان المبادرة، وسط مؤشرات قوية لإغلاق ملف التنظيمات السلفية المسلحة، وكذلك إغلاق ملف معتقلي هذه الجماعات، بعد نجاح "الجماعة الإسلامية" في تثبيت مبادرتها لوقف العنف التي أطلقتها قبل عشر سنوات. وبدا لافتا أن المنظر الأول لفكر الجهاد، الدكتور فضل، تمكن تقريباً من حسم المبادرة الجهادية التي تهدف لإعادة تفسير فتاوى للتنظيم، بما يؤدي لوقف اتباع العنف كمنهج للتغيير، وذلك بعد أن ظل تنظيم الجهاد طيلة السنوات العشر الماضية غير قادر على إطلاق هذه المبادرة، بسبب أمور تنظيمية وخلافات بين قادته. وترجع أهمية الدكتور فضل لكون كتبه هي المرجعية الأولى للجهاد لدى كل من تنظيمي "الجهاد" و"القاعدة"، وجاءت مبادرته بعد عملية تمهيد واسعة اشتملت على محورين، أولهما إجراء عملية ترويج للمبادرة بين الجهاديين داخل السجون، عبر سلسلة من المحاضرات والندوات، على غرار ما فعلت الجماعة الإسلامية قبل سنوات. والمحور الثاني هو التمهيد لإطلاق المبادرة من خلال عمليات إفراج واسعة قامت بها السلطات المصرية لكوادر بالتنظيم وقياداته العليا ورموزه. وتعتبر وثيقة "الدكتور فضل" والتي تقع في 111 صفحة هي أهم مراجعات الجهاد علي الإطلاق، التي تأتي بعد 10 سنوات كاملة من مراجعات الجماعة الإسلامية، والتي شارك في إعدادها مجلس شوري الجماعة برئاسة الشيخين كرم زهدي وناجح إبراهيم، وساعدت في تصفية قضية معتقلي الجماعة. ولوحظ أن مهمة قيادات الجهاد في تحقيق المراجعات كانت هي الأصعب، مقارنة بالمراجعات التي قامت بها "الجماعة الإسلامية"، وذلك بسبب الفارق التنظيمي بينهما، ففي حين أن الجماعة تعتمد مبدأ السمع والطاعة وتقدير المشايخ بسبب وضعها التنظيمي الهيكلي، يتميز تنظيم الجهاد في أنه عبارة عن مجموعات منفصلة عن بعضها البعض تنظيمياً، ومن الصعب تجميعها على موقف واحد. وكان الدكتور فضل، الصادر ضده حكم بالسجن المؤبد، استبق إعلان المبادرة بتمهيد في شهر مايو/ أيار الماضي، حينما دعا من داخل سجنه كافة الحركات الجهادية والإسلامية في العالم إلى ترشيد عملياتها الجهادية وفق الضوابط الشرعية. وبدأ فضل أولي محاضراته قبل عدة أشهر، بعد قبول القيادات الجهادية قرار المراجعات، من سجن الفيوم، حيث ألقي دروساً في المراجعات علي أعضاء وكوادر تنظيم الجهاد. وشهدت جميع السجون، التي حاضر فيها إمام، تجاوبا كبيرا من أعضاء الجهاد، وتكللت هذه الخطوة بالإفراجات الكبيرة. وأفرجت الأجهزة الأمنية عن نحو أكثر من ألفين طوال الشهور الماضية بالتواكب مع محاضرات الدكتور فضل. دراسة ملفات قادة وأعضاء "الجهاد" تمهيداً للإفراج عنهم منتصر الزيات في هذه الأثناء، كشف منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية في مصر، عن أن ملفات المحكوم عليهم من أعضاء وقيادات "تنظيم الجهاد" داخل السجون تتم دراستها داخل الشؤون القانونية بوزارة الداخلية المصرية، من أجل بحث مدي استفادتهم من الإفراج بعد انقضاء ثلاثة أرباع المدة، المحكوم عليهم بها، وفي المناسبات القومية والدينية. وقال الزيات لجريدة "المصري اليوم" المستقلة بمناسبة بدء نشر وثيقة ترشيد العمليات الجهادية في مصر والعالم للدكتور سيد إمام، مفتي ومؤسس التنظيم غدا: "هناك قرارات قانونية للمحكوم عليهم بشكل عام بالاستفادة بقضاء ثلاثة أرباع المدة شرط أن يكون حسن السير والسلوك، وكان يتم استثناء قضايا الإرهاب من هذه القرارات القانونية باعتبار أنهم يمثلون خطرا علي المجتمع أما الآن، فهؤلاء المتهمون أصبحوا مواطنين عاديين، وراجعوا أفكارهم وتجربة الجماعة الإسلامية تؤكد ذلك". واشار الزيات إلي أنه لم تحدث أي أعمال عنف من جانب المفرج عنهم من المراجعين لأفكارهم منذ عشر سنوات. وأضاف: "إعادة دراسة ملفات المحكوم عليهم من أعضاء وقيادات الجهاد ستترك آثارا إيجابية كبيرة علي المحكوم عليهم". ول "الجهاد" أقل من ألف سجين ومعتقل حاليا، لكن مراجعات إمام من شأنها تغيير خريطة التنظيم وعلاقته بالدولة. وتجدر الإشارة إلي أن الدكتور سيد إمام يقضي عقوبة السجن المؤبد لاتهامه غيابيا عام 1999 في قضية "العائدون من ألبانيا" كما يقضي القيادي نبيل نعيم 15 عاما، لاتهامه في قضية طلائع الفتح عام 1993 ويقضي أنور عكاشة عقوبة السجن المؤبد لاتهامه في قضية تنظيم الجهاد الكبري عام 1981، وهم أبرز قيادات الجهاد داخل السجن. قادة الجهاد في أوروبا يؤيدون مراجعات فضل من ناحية أخرى، أعلن قادة التنظيم اللاجئون في دول أوروبا موافقتهم المسبقة على المراجعة التي تحرّم اللجوء إلى العنف. وقال أسامة صديق أيوب أحد قياديي التنظيم في الخارج لجريدة "الجريدة" الكويتية: "إن هناك إجماعاً بين قيادات التنظيم في أوروبا، على قبول المراجعات الفقهية التي كتبها مفتي ومؤسس تنظيم "الجهاد" في مصر الدكتور سيد إمام". وأوضح أيوب الذي يعيش في ألمانيا لاجئاً سياسياً ان الكل أجمع على أن ما يقوله سيد إمام هو الصواب؛ لأنه عندما يتحدث يصمت الجميع، مشيراً إلى أن مسألة وقف العنف والعودة عن قتال الحكومات العربية والإسلامية، وترشيد كل أعمال القتال، أصبحت بعد وثيقة "ترشيد الجهاد" أفكاراً أساسية في فكر تنظيم "الجهاد". وقال الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن: "نحن ننتظر مراجعات الدكتور فضل ومن الممكن أن نختلف معه، لكن في النهاية سيد إمام هو المنظّر والمفكر للجهاديين ويجب علينا احترامه وتقديره ونثق بأن الرجل الذي كتب "العمدة في إعداد العدة" هو الرجل الذي كتب وثيقة "ترشيد العمليات الجهادية"، والجميع يعرف أن الوثيقة كتبها إمام من دون إكراه، ولن تكون مثل مراجعات "الجماعة الإسلامية"، وكل الجهاديين في العالم ينتظرون نشر الوثيقة ولكل حادث حديث".
المراجعات تحرم اللجوء للعنف كانت تقارير صحفية قد ذكرت ان الكتاب "الوثيقة" حصل علي موافقة مئات من أعضاء التنظيم داخل السجون، ويستعرض إمام الذي يحمل اسمين حركيين في الأوساط الجهادية، هما الدكتور فضل والدكتور عبد القادر بن عبد العزيز عددا من الأدلة الفقهية والشرعية ينتهي بها إلي تحريم اللجوء إلي العنف، وأهمية عدم الخروج علي الحاكم المسلم، كما يستعرض في كتابه قضية ضبط عمليات الجهاد وفق المنظور الشرعي الجديد. وكان إمام قد عمل، منذ أن تسلمته مصر من اليمن عام 2004، علي توحيد المراجعات الفقهية لقادة فصائل الجهاد داخل السجون، وبينهم نبيل نعيم وعبدالعزيز الجمل وأنور عكاشة وآخرون، وبعد حواراته العميقة مع هذه القيادات بدأ إمام في إعداد "الوثيقة" والتي يبدأ نشرها الاحد المقبل بالتزامن مع الذكري العاشرة لمذبحة الأقصر الشهيرة، في نوفمبر 1997، والتي راح ضحيتها عشرات الضحايا الأجانب، وتسببت في إقالة وزير الداخلية حسن الألفي. ولإمام كتابان شهيران هما "العمدة في إعداد العدة" و"الجامع في طلب العلم"، اللذان كانا بمثابة دستور تنظيمي الجهاد والقاعدة للعمليات المسلحة طوال السنوات الماضية، قبل أن يتبني إمام منهج "المراجعة". ولد إمام في أغسطس 1950، في مدينة بني سويف، وتخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1974 بتقدير امتياز، ورحل عن مصر قبيل عملية اغتيال السادات بعد أن كان قد شكل مع أيمن الظواهري أول نواة لتنظيم الجهاد في مصر، ورحل إلي السعودية، ومنها إلي بيشاور في باكستان، حيث تمت مبايعته أميرا لتنظيم الجهاد حتي عام 1993، ليتولي الظواهري الإمارة كخليفة له.