الجزائر - أ ش أ: يواجه حزب جبهة التحرير الجزائري الذي يعد أقدم حزب سياسي ذات الأغلبية فى البرلمان والحكومة حاليا أعنف أزمة منذ نشأته فى عام 1962 وحتى الآن بعد أن أنقسم الحزب إلى ثلاثة أجنحة الأول بات يمثله أمين عام "الجبهة " وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم. والجناح الثاني يسمى "حركة تقويم وتأصيل جبهة التحرير الوطني" يرأسها صالح قوجيل وهو قيادي قديم في الحزب ووزير سابق، ومعه عدة وزراء سابقين ووزيرالتكوين المهني ووزير العلاقات مع البرلمان الحاليين وظهرت خلال عام 2009 عقب المؤتمر التاسع للحزب وتتهم بلخادم الأمين العام ب "تقريب المفسدين منه" وتوزيع مناصب الريادة على المرتشين".
ونظمت "التقويمية" كما تسمى محليا اجتماعا يوم الخميس الماضي بالعاصمة لبحث الموقف من "إصلاحات الرئيس " بعد وافقت وزارة الداخلية على عقد الاجتماع مما أثار حفيظة بلخادم الذي اعتبر ذلك بمثابة إعطاء شرعية لخصومه وأوفد بلخادم أنصاره إلى مكان الاجتماع من بينهم نجله بهدف منع "التقويميين" من الخوض في موضوع "الإصلاحات السياسية" وكادت أن تقع المواجهة بين أنصار الفريقين لولا تدخل قوات الأمن .
أما الجناح الثالث فقد أعلن أمس فقط تحت اسم "حركة الصحوة الوطنية" ويرأسها جمال سعديو هو ضابط عسكري سابق حيث صرح خلال مؤتمر صحفى عقده بهذه المناسبة أن هدف الحركة هو تصعيد الاحتجاج لدفع بلخادم إلى الاستقالة . موضحا أن أعضاء الحزب مدعوون للتصويت لصالح مرشحي "الحركة " في انتخابات البرلمان المرتقبة في شهر مايو القادم ويعول سعدي على ثني "الوعاء الانتخابي " الكبير للحزب الذي يملك الأغلبية في البرلمان والمجالس المحلية عن التصويت للمرشحين الذين تختارهم القيادة.
وشدد سعدي على أن "جبهة التحرير نخرها الفساد والرشوة والممارسات غير الأخلاقية وهذا الوضع يعكس الحالة المتردية التي يوجد فيها النظام " على حد قوله .
من جهته قال عبد العزيز بلخادم للصحفيين الأحد :"إن الذين يطالبونه بالرحيل من رأس الحزب "يناصبونني العداء لأنني لم أضعهم في المناصب القيادية بهيئات ومؤسسات الحزب " . موضحا أنه يتحداهم أن يقدموا مبررات مقنعة لحركة المعارضة التي يقودونها ضده .
وأشار إلى أنه سعى إلى التحاور معهم لكنه لم يجد لديهم مشروعا سياسيا يختلف عن مشروع الجبهة ولم يقدموا لي بديلا .
وتعد "جبهة التحرير" الحزب الذي تخرجت فيه أجيال النخبة التي حكمت الجزائر منذ الاستقلال ولا يزال إلى اليوم يمد السلطة بمسئولين، عسكريين ومدنيين من بينهم الرئيس بوتفليقة، الذي يرأس الحزب رسميا، ولكنه لا يحضر اجتماعاته أبدا .
ويرى المراقبون أن حزب جبهة التحرير الوطني تعتبر "بارومتر" لقياس درجة حرارة الصراع السياسي فهذا الحزب الذي حكم البلاد بمفرده من 1962 إلى 1992 عرف أزمات وصراعات كادت تعصف به ورغم أن السلطة الجزائرية تدعمت بأحزاب أخرى تبنتها أو ولدت من رحم حزب جبهة التحرير إلا أن هذا الأخير ظل الركيزة الأساسية التي تستمد السلطة منها جزء كبير من شرعيتها.
وكان هذا الحزب الواحد والوحيد طوال سنوات قد أصبح في نظر أغلبية الجزائريين مسئولا عن مآسيهم ومحنهم والأزمات التي تخبطت فيها الجزائر منذ الاستقلال رغم أن قيادات الجبهة طالما رفضوا هذه الاتهامات مؤكدين على أن الحزب لم يكن أبدا في الحكم وإنما كان أداة للحكم وتمرير السياسات والقرارات، دون أن يكون هو المسئول المباشر عنها.