يناقش ايفغيني بريماكوف في كتابه الجديد "العالم بدون روسيا" مكانة روسيا ووقعها في عالم اليوم، عالم ما بعد الحرب الباردة والاستقطاب الثنائي الدولي الذي ساد العلاقات الدولية خلال عدة عقود من الزمن. ويتم في البداية استعراض مجموعة المشاكل التي "تسمم" العلاقات بين موسكو وواشنطن وليس أقلّها سعي الإدارات الأمريكية، وخاصة السنوات الثماني لرئاسة جورج دبليو بوش، السعي إلى توسيع إطار الحلف الأطلسي وصولا إلى تخوم روسيا، وتحديدا إلى اوكرانيا وجيورجيا اللتين ترى فيهما موسكو "خطوطا حمراء" من غير المسموح تجاوزها. ويؤكد بريماكوف القول كما نقلت عنه صحيفة "البيان" الإماراتية أن روسيا لا ترى نفسها تابعة للآخرين، وهي لا تسير على خطى الولايات، لكنها تدافع بطريقة مستقلة جدا عن مصالحها الوطنية. ويشير بريماكوف في تحليلاته إلى أنه بعد نهاية فترة الحرب الباردة بدأت تتضاءل قيمة روسيا بنظر الغرب عامة، والولاياتالمتحدة خاصة، باعتبارها قوة رئيسية في الحلبة الدولية، ولا يتردد في التأكيد أن روسيا لا تتمتع بتلك الصورة التي كانت للاتحاد السوفيتي في السياسة الدولية. وتصب تحليلات بريماكوف في معرض المقارنة بين روسيا والقوة العظمى الأمريكية الوحيدة خلال السنوات التي أعقبت انهيار جدار برلين وانهيار المنظومة الشيوعية، في إطار القول أن الاستقطاب الثنائي الدولي قد انتهى وأن روسيا قد "تقهقرت" خلال سنوات التسعينات، لكن الولاياتالمتحدة لم تبق هي الأخرى قوة عظمى، ذلك أن الحقيقة الموضوعية تدل على ظهور عدد من المراكز العالمية كدليل واضح على قيام نظام دولي جديد متعدد الأقطاب. يذكر أن المؤلف ايفغيني بريماكوف عمل رئيسا لوزراء روسيا بعد أن كان قد شغل منصب وزير خارجيتها، كما عمل لفترة مديرا لجهاز الاستخبارات الروسي ومديرا لمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية في موسكو، وهو الآن رئيس غرفة تجارة وصناعة روسيا وعضو في البرلمان الروسي "الدوما".