بيروت: صدر مؤخرا عن دار رياض الريس كتاب "العلماء والفرنسيس في تاريخ الجبرتي" للمؤرخ الباحث والدبلوماسي اللبناني خالد زيادة. يقول المؤلف إن عبدالرحمن الجبرتي وعلى رغم بعض المواقف المشككة عنده والمنتقدة لبعض الشيوخ والعلماء ومن المجاذيب والدجالين أحيانا اتخذ في مجالات اخرى موقف المعتقد من كرامات اولياء وعلماء ونساك. ووفقا لوكالة الأنباء "رويترز" يؤكد المؤلف في فصل بعنوان "التصوف والتاريخ" إن اعتقاد الجبرتي الذي اعتبر أبرز وأهم مؤرخ مصري في القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر كان اعتقادا شائعا لدى الغالبية العظمى من سكان مصر. ويحفل الكتاب باستنتاجات توصل اليها المؤلف بصورة رئيسية من خلال بحثه في كتاب الجبرتي "تاريخ عجائب الآثار في التراجم والاخبار" الذي اعتبر مرجعا رئيسيا لاحداث مصر في فترة التحولات قبل الحملة الفرنسية (17891801) وبعدها. ويقول زيادة ان الطرق الصوفية كانت منتشرة انتشارا واسعا من خلال حلقاتها المنتشرة في كل المدن وكذلك في الارياف ومنها الشاذلية والقادرية والخلوتية والاحمدية والرفاعية، وقد كانت هذه الطرق الصوفية وغيرها تسيطر على الحياة المهنية من خلال امساكها بالطوائف الحرفية التي كانت تنظم الحياة اليومية في المدن. ويقدم لنا الجبرتي في تاريخه هذا "فكرة شاملة عن الحياة العقلية في مصر والتي يسيطر عليها الاولياء وارباب الاحوال واصحاب الخوارق والكرامات وذلك من خلال تراجم اولئك الاشخاص الذين ملكوا قلوب العامة...". ويضيف زيادة "ويظهر لنا ان عوام الناس وما اسماه الجبرتي أصحاب المهن الخسيسة وكذلك النساء كانت لهم حساسية مفرطة تجاه المجاذيب الذين يدعون خوارق الاعمال..." وقد اورد كثيرا من هذه "الوقائع". ويقول الكاتب "ان التعرف الى موقف المؤلف من هذه الوقائع ليس بالامر السهل فالجبرتي يبرز للقارئ مواقف متناقضة فتارة يبدو محايدا وتارة يظهر متشككا وقد يصرح بنقده لافعال بعض المجاذيب وسلوك العامة..." ويوضح المؤلف انه "وعلى الرغم من ذلك وبغض النظر عن هذه المواقف المشككة والمنتقدة والمتكررة في اكثر من مناسبة نجد الجبرتي في مناسبات اخرى وقد اتخذ موقف المعتقد من كرامات الاولياء والمؤمن (بقبطانية) بعض الائمة والعلماء والنساك بل ان ما ينكره من خروج الناس لزيارة ضريح السيد علي البكري يتقبله لدى زيارة ضريح السيد الرزوقي..." ويقول المؤلف "إن حياد الجبرتي في عرضه الوقائع والاخبار وتركها من غير تعليق ولو قصيرا يعود بالدرجة الاولى الى اعتنائه بتسجيل ما سمعه وما رآه عناية المأخوذ بمهنته التاريخية. إلا ان هذا الميل لدى الجبرتي لا يخفي شكه في بعض المنتمين الى طرق صوفية غير التي ينتمي اليها." والجبرتي لا يظهر مقتنعا الا باولئك الخلوتيين المنتمين الى ذات الطريقة التي ينتمي اليها وانتمى اليها من قبل آباؤه واجداده.