رحب السودان ببيان مجلس السلم والأمن الأفريقي حول تسهيل استئناف المفاوضات لقضايا ما بعد الانفصال بين دولتي السودان ، لكن الخرطوم اشترطت إعطاء الأولوية للملف الأمنى . وأعلن علي كرتي وزير الخارجية السوداني في تصريحات صحفية أنه يمكن التفاوض في الملف الأمنى أولا والوصول إلي حلول إذا أثبتت حكومة جنوب السودان رغبة صادقة وأتبعت أقوالها بالأفعال ، مضيفا أنه بعد الوصول إلي إتفاق في المجال الأمني يمكن بحث القضايا محل الخلاف. وطالب وزير الخارجية دولة جنوب السودان بسحب تهديداتها بشن هجوم جديد علي السودان، كما طالبها بعدم ايواء الحركات المتمردة ووقف تقديم الدعم لها عسكريا وسياسيا إضافة إلي فك الإرتباط بين منسوبيها في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق . وقال كرتي "طالما أن دولة جنوب السودان تعتدي علي الأراضي السودانية وتدعم وتؤوي الحركات المتمردة فلن يكون هناك تفاوض إلا إذا تم حسم الملف الامني" . وشكك كرتي في رغبة دولة الجنوب في الوصول إلي حل للمشكلات العالقة بين البلدين ، مشيرا إلي اعتداءاتها الأخيرة واحتلالها لمنطقة هجليج وهجومها علي منطقة تلودي وترويع أهلها الآمنين فيها. من جهته اعتبر وكيل وزارة الخارجية السودانية رحمة الله محمد عثمان، مزاعم الأمين العام للحركة الشعبية باقان آموم بشأن تبعية منطقة "هجليج" لدولة جنوب السودان "مزايدة سياسية" ، مؤكدا أن الخرطوم تستمد قوة موقفها من إدانة مجلس الأمن لاحتلال المنطقة . وقال عثمان في تصريحات صحفية: "إن إدانة مجلس الأمن لاحتلال الجيش الشعبي لهجليج يعني اعترافا صريحا وموثقا من المنظمة الدولية بأن هجليج أرض سودانية لا نزاع عليها"، مشيرا إلى أن مجلس الأمن ذكر في إدانته عبارة احتلال وهو ما يعني أنها أرض لا تخص دولة جنوب السودان. ورأى الوكيل ردا على حديث أدلي به باقان لتلفزيون "بي بي سي" البريطاني امس الاول، أن الاعتراف الصريح باحتلال مناطق "كافي كنجي وسماحة وحفرة النحاس" ، خرق للاتفاقات السابقة، ونصح حكومة الجنوب بعدم الإقدام على احتلال المناطق المتنازع عليها لان الأعراف الدولية تدين مثل هذا المسلك وتطالب بانهاء النزاعات عبر الحوار والتفاوض. واعتبر عثمان إعلان أموم جاهزية حكومته للحوار، نتاجا لضغوط المجتمع الدولي والخارطة التي نصت على ذلك ، مؤكدا أن الحكومة السودانية تتمسك بمواقف الاتحاد الإفريقي حول المناطق المتنازع عليها وستحاول الرد على هذه المزاعم عبر المنظمة الإقليمية وقيادة حوار دبلوماسي لإثبات صحة موقف الخرطوم في كافة القضايا العالقة . وحول مزاعم رئيس "الحركة الشعبية - قطاع الشمال" مالك عقار حول وجود كارثة إنسانية في ولاية النيل الازرق، قال عثمان إن الامر مجرد مزايدات سياسية، مؤكدا أن المجتمع الدولي يدرك تماما حجم الاضرار التي نتجت عن الحرب في المنطقتين. وأوضح عثمان أن الأرقام التي ذكرها عقار لا تتناسب مع عدد سكان الولاية وهو ما يدحض مزاعمه. وكان باقان اموم الأمين العام للحركة الشعبية الذي وصل إلى واشنطن عقب جولة أوروبية يدعو فيها إلى نشر قوات دولية على طول الحدود بين جنوب السودان والسودان، قد أدلى بحديث لتلفزيون "بي بي سي" ولم ينف وجود قوات جنوب السودان في مناطق "كافيا كانجي وحفرة النحاس وسماحة وكفن دبي" وهى مناطق تقع جغرافيا في ولايتي شرق وجنوب دارفور. وعند الالحاح عليه بتأكيد أو نفى صحة اتهام وزارة الخارجية السودانية بتوغل قوات الجيش الشعبي في هذه المناطق أجاب بالقول: "إن قوات جنوب السودان موجودة في الأراضي التابعة لها". وجدد باقان استعداد بلاده للعودة للتفاوض، مشيرا إلى أن دولة الجنوب الوليدة مهمومة ببناء الأمة والبنيات الأساسية ولا ترغب الدخول في حرب مع السودان تشغلها عن تحقيق تلك الغايات، داعيا الخرطوم الإحتكام الى هيئة تحكيم دولية تقرر في المناطق المتنازع عليها متعهدا بقبول نتيجة التحكيم كيفما تكون.