أمسية ثقافية رائعة تلك التي قضاها جمهور مركز الجزيرة للفنون، من خلال الندوة الثقافية الهامة التي نظمها المركز مساء أمس الأحد لمناقشة كتاب الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة ( " الفن والغرابة " مقدمة في تجليات الغريب في الفن والحياة ) الحاصل على جائزة الشيخ زايد للفنون لعام 2012، بحضور ا.د. صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية، و ا.د. ياسر منجي الذي تناول الكتاب بالتقديم والتحليل والمناقشة، ولفيف من الفنانين ورجال الفكر والصحافة وأدارتها د. إيناس حسني مديرة المركز. في البداية وصف د. شاكر عبد الحميد مفهوم الغرابة بأنه متعدد المعاني حيث من وجهة تظره يعني الشيء ونقيضه، فهو عكس الألفة أي ألفة الشخص لأي شيء سواء كان مادياً أو وجدانياً، حيث يأتي الخوف عنصراً أساسياً في الشعور بالغرابة، مشيراً إلى دور الفن في محاولة تجسيد هذا المفهوم من خلال الفنون التشكيلية عبر مفاهيم وكتب مختلفة جسدت الحياة من واقع مختلف نعيش فيه. هذا وقد تناول د. ياسر منجي الكتاب والذي يراه من الكتب النادرة التي تستوجب الجدل والمناقشة في الأوضاع الراهنة التي تمر بها الساحة الثقافية، حيث يرى أن هذا الكتاب يطرح إشكالية جسيمة في الفكر العربي تعود إلى عددٍ من الأسباب من بينها الإلحاح على نغمة التخصص في أحد المجالات المهنية دون أن تتعداه أو تكتب في مجال آخر، ولكننا نجد د. شاكر في هذا الكتاب متبحراً في مجالات علوم متعددة فهو أحد الكتب ذات الفكر الموسوعي الذي أفاض فيه إطاراً عاماً لفكرة الصورة والإبداع، جامعاً في هذا الكتاب بين علم الكلام والفلسفة والفن التشكيلي ليُعد من وجهة نظره مكتبة غرائبية في علم الإبداع. وأستطرد د. منجي مؤكداً أن الأسم الأكثر بلاغة للكتاب من وجهة نظره هو ( مقدمة في تجليات الغريب في الفن الحياة ) حيث النظرة الشمولية للإبداع بمفهومها الغريب وإبراز صورتها للمبدعين بنظرة غريبة قد تختلف من مفهوم لآخر، ولكننا في الوقت نفسه نجد به إصراراً على مفهوم معين آلا وهو إرتباط الغرابة بكل ما هو غير سار بكل ما هو مرعب أو مخيف، بإعتبار فكرة الغرابة تعبر عن شعور منفر تجاه شيء معين قد يفزعني أو يشعرني بالخوف، مختتماً حديثه بالتطرق إلى الجانب البلاغي للكتاب الذي أوضح أنه يحتوي على جمال البناء الصياغي في المفردات والتكوين الأدبي رفيع المستوى. كما أكد ا.د. صلاح المليجي أن اللقاء كان فرصة هامة لإطلاع الجمهور على الكاتب والأديب شاكر عبدالحميد الذي جاء حصوله على جائزة الشيخ زايد للفنون في دورتها السادسة تقديراً لإسهاماته العظيمة التي من بينها كتابه محل النقاش الذي يُعد دراسة نقدية عميقة الثراء لمفهوم الغرابة في الفن والأدب ولجملة النظريات التي عالجت نزعة الغرابة التي تأثر بها الفن بين الواقع المألوف والمبتكر الغريب.