صباح الأربعاء20 /10/2010 فارقنا الدكتور محمد المسماري من أشهر أطباء الأطفال في مدينة بنغازي، ويشهد له الجميع بحسن الخلق والمعاملة الطيبة مع المرضى خاصة الفقراء منهم فهو لا يكتفى بعلاجهم مجانا لكنه يساعدهم فى تكلفة الدواء كما انه يخصص يوما فى الاسبوع للسفر الى بعض المناطق لعلاج اطفالها مجانا ويشهد له بالكفاءة التي جعلت الحصول على موعد معه ليس بالأمر السهل، طبيبنا المرحوم استيقظ يوم الأربعاء كعادته ليذهب لعمله ولكنه أحس بألم وضيق تنفس مفاجئ، وأخذته أسرته بعجالة إلى أقرب مصحّة خاصة لأنها بجوار السكن، فستقبلوه ووضعوا له الاكسجين ثم بعد ان اكتشفوا خطورة الحالة وانهم يخافون على سمعة المصحة اذا توفى لديهم لانه لا يوجد بها طوارىء أعتذر الطبيب المعالج عن تقديم أي عون طبي له لان امكانيات المصحة لا تسمح بالتالى قاموا بفك الاكسجين منه!!، وبشكل من أشكال اللامبالاة قيل لاسرته: اذهبوا إلى مستشفى الجماهيرية، ونظرًا لأن الحالة صعبة لم يصلوا به إلى المستشفى حيث توفي في الطريق قبل الوصول إلى المستشفى أليس الصحيح ان يتفضل الدكتور المعالج بنقله بسيارة اسعاف مع الاكسجين ويرافقه الى المستشفى ( خاصة انه زميل مهنة ) وقد يتوفى فى الاسعاف كما توفى فى سيارة اسرته ولكن سيحسب على الطبيب المعالج والمصحة انها قامت بواجبها ...عموما رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته. هذا الطبيب المعروف يحدث له هذا، فما بالك بالمواطن العادي؟! على أية حال، هذه الحادثة دعتني إلى ضرورة التطرق إلى قضية التحويل والطوارئ الليلي وكذلك المصحات الخاصة وما تقدمه من خدمات راجيًا ومتمنيًا أن تتولى قيادات الصحة في بلادنا الاهتمام بهذه الملاحظات لأنها فعلاً أصبحت سببًا في وقوع أضرار عظيمة على مواطنينا. أولاً: قضية الطوارئ يعلم القاصي والداني أنه في كل دول العالم يكون بالمستشفى قسم طوارئ مفتوح 24 ساعة لاستقبال الحالات الطارئة ويقدم لها الخدمات الضرورية السريعة ثم يحولها إلى داخل المستشفى أو ينقلها برعايته وبتنسيق بينه وبين المركز أو المستشفى الآخر الذي تتطلب الحالة نقلها إليه. هذا هو الوضع الصحيح والطبيعي ولكن ما يحدث عندنا أنهم يقومون بتوزيع مهمة دخول المرضى للمستشفيات بالدورية أي في كل يوم مستشفى يقبل الحالات والمستشفيات الأخرى لها أيام أخرى أي السبت مستشفى "س" والأحد "ص"، وهذا التنظيم أمر عجيب، وحتى لو رضخنا إلى هذا الأمر وسلمنا به فسنوجه سؤالا آخر: كيف يعلم المواطن المسكين الذي أصيب أحد أفراد أسرته بالمساء أو عند الفجر ويريد إنقاذه بالتوجه إلى أقرب مستشفى أو مصحة خاصة فيصطدم بهذا النظام الغريب. وكما قلت: لو افترضنا أنه لظروف لا نعرفها ونجهلها فرض علينا هذا النظام، فهل نطمع بتعليمات مشددة إلى كل المستشفيات التي ليس عليها الدور بإلزامها بتولي تقديم خدمة الإسعافات الأولية للحالات المستعصية ونقلها بسيارة الإسعاف وبرعاية طبية إلى المستشفى الذي عليه الدور. ثانيًا: المصحات الخاصة حقيقة إن السلطات الرسمية في أمانة الصحة يجب أن تكون لديها حملات تفتيشية واجتماعات دوريه مع هذه المصحات ومراقبتها ومراقبة ما تقدمه للمواطنين من خدمات خاصة الأطباء الزائرين الذين كثر الإعلان عنهم هذه الأيام ويجرون عمليات ويسافرون ويعاني المواطن من الأخطاء الطبية التي يرتكبونها وإدارة المصحة ليس لديها إلا جواب واحد: "والله الطبيب الزائر ما عدش حاييجي ونحن نبحث عن إخصائي آخر"، وهكذا يتعذب مواطنونا في مستشفيات القطاع الخاص والعام. أنا أعلم جيدًا أن في قيادات الصحة من هو متحمس لتطوير الخدمات الطبية في بلادنا لهذا أناشدهم بالتدخل في هاتين القضيتين، ورحم الله دكتورنا وغيره من من مواطنينا الذين انتقلوا إلى رحمة الله خلال فترات انتقالهم من مصحة إلى أخرى أو مستشفى إلى آخر.. بطبيعة الحال نؤمن بأن الأعمار بيد الله ولكن علينا أن نقوم بواجبنا وفقًا للأصول، ونترك بعد ذلك الأعمار بيد الله. [email protected] www.dribrahimguider.com