سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جدل سياسي حول اختفاء الوريث والإبقاء على نظام "مبارك".. وخبراء : "جمال" لن يحكم مصر و"الأمن" لا يحبذ التوريث ويفضل ان يبقي الحال كما هو عليه و"عواجيز الوطني" لا يتقبلون فكرة وجود بديل غير الرئيس
بعد إعلان صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى و أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي أن الحزب لن يفتح ملف انتخابات الرئاسة قبل نهاية العام الحالي أي بعد انتخابات مجلس الشعب وقال: "انه ليس في مصر توريث, وليس في مصر نظام ملكي, نحن لدينا نظام جمهوري" .. هذه التصريحات فسرها البعض علي إنها صراع داخل الحزب الوطني بين الجيل القديم الذي يقوده صفوت الشريف والجيل الجديد الذي يقوده جمال مبارك، فيما يرى بعض المراقبون انه بعد مجئ الدكتور محمد البرادعي إلى مصر بدا مشروع التوريث يتراجع ويخفت الضوء من حوله ولكن بعد أن صارت الانتقادات تتوجه إلى البرادعي حتى من داخل الجمعية الوطنية للتغيير التي يرأسها بدا الضوء يعود تدريجيا على جمال مبارك الذي يحظى بقبول دولي من قبل الولاياتالمتحدة التي تريد أن يبقى النظام في مصر كما هو حفاظا على امن إسرائيل إذ أن النظام الحالي هو الذي وقع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل وهو الحليف الأول لها في المنطقة . " مصر الجديدة" استطلت أراء القوي السياسية حول خفوت ملف الوريث في السطور التالية: الدكتور محمود عزت ،نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين قال: إن تصريحات المسئولين في الحزب الوطني لا يمكن أخذها على محمل الجد ، لأنها أحيانا كثيرة تشتمل علي مبالغات شديدة جدا ، وأحيانا أخري يكون الهدف منها هو تملك البعض أو خداع الرأي العام ، وبالتالي يصعب علي أي مراقب أو سياسي أن يبني عليها تحليلا جادا ، وتابع قد تكون الأمور كلها انطباعية مما يؤدي إلي فقدان البوصلة لأي محلل سياسي وفقدان ثقة المواطنين في هذه التصريحات ، وأشار انه لا احد يستطيع التنبؤ بأي شيء في مصر حاليا بعد أن فقدت قواعد العمل السياسي البديهية وابسطها الانتخابات الحرة النزيهة، ومن جهته قال المستشار محمود الخضيري ، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق أن تصريحات المسئولين في مصر نتيجة الإحساس بان جمال مبارك ليست له شعبية بين الناس، ولذلك بدءوا يروجوا لمبارك ليكون عندنا رئيس عمره 90 سنة ويحكمنا من غرفة الإنعاش ، وأشار هم يريدون ذلك حتى يكون لهم الكلمة العليا ويحكموا مصر ، لان مبارك في هذه السن لن يستطيع أن يحكم ، وتابع إن مسئولي الحزب الوطني لو ضمنوا بقائهم في أماكنهم في ظل التغيير سوف يؤيدوا التغيير، لأنهم ليسوا حريصين علي مبارك نفسه بل حريصين علي مصالحهم الشخصية. ومن جانبه أكد عصام شيحه ، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد علي انه لدينا منذ عام 52 أزمة البديل ، في الوقت الذي تغير العالم وتحولت الدول الديمقراطية إلي المؤسسية مثل انجلترا وأمريكا التي تتم فيها الانتخابات خاصة الرئاسية بكل شفافية ونزاهة وتسفر عن وجود وجوه جديدة ، ويقابل الرأي العام هذه النتائج باستحسان شديد لثقته في أن هناك سياسات وبرامج محددة سلفا لأي رئيس تسفر عنه الانتخابات، أما في مصر فيحدث العكس ، دولة فرعونية مركزية عمرها 7 آلاف سنة وتابع أتذكر مقولة المفكر المصري الراحل جمال حمدان عندما قال "المصريون يقدسوا الحالم" ، وقال النظام السياسي في مصر هرمي يعتمد علي القرارات من قمة الهرم مهما كانت المشكلات صغيرة ، وأضاف أن الدستور المصري يعطي سلطات كبيرة جدا لرئيس الدولة تكاد تحوله من رئيس إلي زعيم إلي اله في بعض الأحيان ، وهذا يجعل نظرة المحيطين تقبل بعدم وجود بديل ، وتابع للأسف المحيطين بالرئيس يتعاملوا مع مقعد الرئيس وكأنه معقد الإله، ومن اجل ذلك لديهم قصر نظر ولا يستطيعوا أن يروا أن مصر ولادة وبها المئات من القيادات الشابة القادرة علي المساهمة بجدية في خدمة هذا الوطن من موقع الرئاسة ، وقال إن مصر عدلت الدستور في عام 2005 ونص المادة 76 يسمح لأول مرة بانتخاب رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح ، ثم تم تعديل نفس المادة في التعديلات الدستورية عام 2007 لتوسيع فرص المشاركة ومعني ذلك توافر الإرادة السياسية وان يكون هناك منافسة علي موقع الرئاسة ، واعتقد أن انتخابات الرئاسة القادمة ستكون مفاجأة لعدد كبير من المراقبين السياسيين ووقتها سوف تتحول النظرة الخاطئة لبعض المسئولين من عدم وجود مرشح بديل لمبارك ، وأشار إنني لم اصدق أبدا حكاية الوريث ، وما أؤمن هو تعديل النظام السياسي إلي نظام برلماني ، والحد من سلطات رئيس الجمهورية وانحصار سلطاته في الحكم بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وان يكون الأمين علي وحدة البلاد وان يمثل مصر في الشئون الخارجية ، وتابع إذا توفرت هذه الشروط في رئيس الجمهورية فلا يعنينا من يكون الرئيس القادم ، وأكد سيد عبد العال ، أمين عام حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي المعارض علي أن كل المؤشرات تشير إلي أن الرئيس مبارك هو المرشح القادم ، وانه لا يوجد احد من قيادات النظام يجرؤ علي التفكير في الترشح في وجود مبارك خاصة وان الرئيس المصري لم ينفي الترشح للرئاسة ، وتابع إذا ظلت المواد الدستورية (76،77،88) كما هي دون تغيير فان التجمع سيعلن مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة مثل ما حدث في انتخابات 2005 ، لان بقاء المواد بلا تعديل مؤشر خطير علي انفراد مرشح الحزب الحاكم بالرئاسة ، وان هناك نية مبيته قبل إجراء الانتخابات لفوز مبارك ، حيث يمنع المستقلين من الترشح ويغيب الإشراف القضائي علي الانتخابات ويضيع مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين ماليا وإعلاميا ، وأضاف إن نظام التوريث قائم في حالة عدم ترشح مبارك بقيادة مجموعة المنتفعين في النظام الحالي أصدقاء ابن الرئيس. ويرى الدكتور عمار علي حسن مدير مركز دراسات وكالة أنباء الشرق الأوسط ان جزء من تسويق جمال مبارك رئيسا للجمهورية كان يعتمد علي أن الساحة فارغة من أشخاص لديهم قدرة ومكانة واعتراف دولي كبير وخبرة. وظهور شخص مثل الدكتور محمد البرادعي يربك هذه الحسابات لأنه يضع جمال مبارك في محل مقارنة مع البرادعي وهو أمر بالتأكيد ليس في صالحه لأنه هناك فارق في السن وفي الخبرة وفي العلاقات الدولية وفي الشعبية خاصة أن موضوع التوريث تم حصاره شعبيا وقوبل برفض كبير. والأكثر أهمية أن إعلان البرادعي جاء في توقيت تراجعت فيه شعبية جمال مبارك كثيرا وبالتالي فإن طرح اسم البرادعي أثر كثيرا فكرة ترشح جمال مبارك ولكن الأضواء التي سلطت على البرادعي بعد مجيئه بدأت يوم بعد يوم تقل نظرا لان الرجل يتعامل مع الأمر بأسلوب مختلف عما تعودت عليه المعارضة المصرية فاثأر ذلك انتقادات كثيرة حوله من جانب مفكري ومنظري النظام وحتى من جانب أنصار البرادعي ولذلك يجد جمال مبارك حاليا الفرصة متاحة أمامه كي يعود للظهور مرة أخرى. أما الدكتور حسن نافعة المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فقال ان هناك من يعتقد أن صفحة توريث السلطة فى مصر طويت نهائيا وإلى الأبد، ويستدلون على ذلك بتصريحات لكبار المسئولين، من بينهم أمين عام الحزب الوطني، تؤكد أن الرئيس مبارك سيكون مرشح الحزب الوطني في الانتخابات المقبلة. غير أنني لا أتفق مطلقا مع وجهة النظر هذه، لعدة أسباب أولها أن الهيئة العليا للحزب الحاكم لم تعلن بعد رسميا عن مرشحها للرئاسة.. وهذا يعني أننا إزاء تصريحات قد تصح او لا تصح وهذا هو الأرجح في وجهة نظري ..وثانيها أن الفترة المتبقية على فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة تزيد على العام، وهى فترة طويلة نسبيا، يمكن أن تحدث خلالها أشياء قد تغير كثيرا من المعطيات الراهنة والتى ترجح كفة عدم ترشح جمال وثالثها: أن ترشح مبارك الأب لفترة ولاية سادسة يعنى أن مبارك الابن سيكون هو الرئيس الفعلى والحاكم من وراء ستار. فعمر الرئيس الأب سيتجاوز 83 عاما عند بداية الولاية السادسة وسيقترب من 90 عاما عند نهايتها، وهى سن متقدمة لا تسمح لصاحبها بممارسة مسؤوليات الرئاسة على الوجه الأكمل فى بلد مهم ومثقل بالمشاكل. ولأن الدستور المعمول به حاليا لا يحدد سقفاً لسن الترشح للرئاسة، ولا يسمح فى الوقت نفسه بتفويض أحد باختصاصات رئاسية، باستثناء رئيس الوزراء في حالتي الغياب المؤقت أو العجز الجزئي فقط، فضلا عن أن الأحوال الصحية للرئيس تعد من أسرار الدولة العليا، وفقا لتقاليدنا الفرعونية، فالأرجح أن يسند للابن مهمة الاضطلاع بالأعمال الرئاسية التي لا تسمح ظروف والده الصحية في سن كهذه، وحتى بافتراض أن جمال لن يصبح مرشحا رئاسيا، الآن أو في أي وقت آخر، فلن يضع ذلك نهاية لظاهرة توريث السلطة فى مصر، والتي تعنى، في التحليل الأخير، عدم تمكين الشعب المصري من اختيار رئيسه، وإسناد هذه المهمة الخطيرة لشخص أو لهيئة. فقبل تعديل المادة 76 من الدستور كان رئيس الدولة فى النظام المصري يقوم منفردا بتوريث سلطته لنائب يختاره هو. أما في ظل الوضع الراهن، الذي تغيب فيه كلياً كل الضمانات اللازمة لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة ومراقبة محليا ودوليا، فلم يعد بوسع أى شخص آخر سوى مرشح الحزب الوطني الفوز بالمقعد الرئاسي، أى أن الحزب هو الذي يورث السلطة لنفسه في هذه الحالة، ويضيف نافعة انه لا يهم إذن أن يكون اسم من سيقع عليه اختيار الهيئة العليا للحزب الحاكم، مبارك الأب أو مبارك الابن أو أى شخص آخر، لخوض انتخابات الرئاسة، لأن استمرارية النخبة والسياسات الحاكمة ستصبح مضمونة إذا استمرت الأوضاع والمعطيات الراهنة على ما هى عليه، وستكون هى الوريث. ويضيف نافعة ان ذلك يعني ببساطة شديدة أن إغلاق باب التوريث فى مصر، أيا كان نوعه، لن يتم إلا بتوافر شرطين: أولهما، فتح باب الترشح للرئاسة أمام المستقلين وبضوابط مقبولة، وثانيهما: انتخابات حرة نزيهة وشفافة ومراقبة محليا ودوليا. ويرى الدكتور عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة "كفاية" ان جمال مبارك لن يحكم مصر رسمياً في أي وقت، وهناك فرق بين أن تبحث عن عريس وعن رئيس، تعلم اللغات مش مؤهلات رئيس جمهورية. صحيح انه من الممكن فرضه على نحو ما يفرض أى شىء، ممكن فرضه بالقوة ،لكن المشكلة أن الأجهزة الأمنية تنصح ببقاء الوضع الحالي كما هو، لأن أى خلخلة فى الصيغة الحالية غير مضمونة النتائج. وتصورهم الأقرب لظنهم أن يكون الأمر سجالاً على التوريث بالمؤسسة الحاصل منذ 52 لذا نجد ان هناك صراعا بين أجنحة في السلطة أحداها تريد جمال وأخرى لا تريده ولذلك يصر الرئيس كعادته ان يترك الأمور كي تنضج ووقتها سيرى مبارك الى اين يتجه