شهدت فعاليات ندوات كاتب وكتاب مناقشة كتاب "الحضارة فريضة إسلامية" للدكتور محمود حمدي زقزوق، وتضمنت المناقشة التي حضرها كلاً من الدكتور أحمد زايد عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة والدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة وأستاذ مقارنة الأديان، أهمية الحضارة باعتبارها فريضة إسلامية. وأعرب الدكتور سالم عبد الجليل في مستهل حديثه عن إعجابه الشديد بعنوان الكتاب، فقد أعطي الحكم للحضارة باعتبارها فريضة إسلامية، حيث قال الله عز وجل في كتابه "هو أنشأكم في الأرض واستعمركم فيها"، أي أن عمارة الأرض صورة من صور عبادة الخالق، مثلها مثل الصوم والصلاة، ووجه عبد الجليل انتقاده للأمة الإسلامية قائلاً: "إن أمة اقرأ لم تعد تقرأ، وأكد أن العقل هو ثمرة النفحة الإلهية وهو وكيل الله عند الإنسان ومن يهمل استعماله فهو آثم لأن الله كرم الإنسان بالعقل لصنع الحضارة. وصنف أستاذ الفكر المقارن الحضارة إلي ستة أبعاد أولها البُعد الإنساني، فلا حضارة بدون مراعاة لحقوق وحرية الإنسان بما في ذلك حرية الاعتقاد، حيث أعلنها الإسلام صريحة "لا إكراه في الدين"، وأن العقيدة تعرض ولا تفرض. أما البعد الثاني فهو أخلاقي، والثالث تقدمي حيث لم يولد أحد عالمًا، لكن يجب السعي واكتساب العلم، ويأتي الدين ليكون البُعد الرابع للحضارة لأنه فطرة مكنونة بالإنسان والبُعد الخامس هو الثقافة التي ترتبط بتواصل الحضارات مستشهدًا باستفادة الرسول الكريم بثقافة المجوس في غزوة الخندق، أما البُعد الأخير هو البُعد التوازني. ووصف الدكتور أحمد زايد الحضارة بأنها الجزء المتقدم من الثقافة، مدللاً رؤيته بأن ثقافات الدول الأخري تستجيب للتغيرات التي تحدث حولها، وهكذا صنع الإغريق واليونانيون والمسلمون الأوائل حضارتهم من خلال استيعاب الحضارات الأخري والدمج بينها، فعندما ترجمت كتابات أرسطو ارتقت الحضارة الإسلامية. وفي تحليل للواقع المصري في الآونة الأخيرة، أكد زايد أن فهم الدين من جانب واحد من أهم أسباب تأخر المجتمع، ففهم الجانبين المادي والروحي يحول العبادات إلي طاقة تصنع الحضارة مستدركًا الخطأ الذي نقع فيه باتهام الغرب بالمادية، حيث إن المجتمع الغربي لم يتجاهل الدين، بل جعله علاقة شخصية بين الإنسان وربه، وهو ما دعا الله له بالفعل. واتهم عميد كلية الآداب المجتمع بالتدين الشكلي وانخراطه في أسلمة الأكل والشرب والملبس وظهور فكرة التطرف وعدم قبول الرأي الآخر. وأضاف: الحضارة تزول عندما تحاول دك الحضارات الأخري وربما تنهار الحضارة الغربية لهذا السبب نتيجة لطمسها وقتلها ومحاولة الهيمنة علي الحضارات الأخري، بالرغم من تحقيقها العلم والتقدم. ودعا زايد إلي الاهتمام بما دعا به كتاب زقزوق من الاهتمام بالعقل والدين والقيم الحضارية واحترام حقوق الإنسان والحب والجمال. وأشار وكيل وزارة الأوقاف إلي أن الاختلاف بين الحضارات هو اختلاف فطري ليؤدي وظيفة في الحياة وهي عمارة الأرض التي تحتاج إلي الاختلاف الفكري والعرقي، فالإسلام لا يأتي ليمثل القطب الأوحد، فكان مقصودًا ألا يصير الإسلام هو الدين الأوحد كما قال الله عز وجل "أفأنت تكره الناس علي أن يكونوا مؤمنين". ودعا في ختام حديثه إلي ضرورة تحديد موقع الأمة الإسلامية علي الخريطة الحضارية الآن لنستطيع الرقي بالحضارة الإسلامية. وأضاف أن هناك 14 مليون يهودي نجحوا في إحداث التغيير والتأثير في العالم، مشيرًا إلي أن الاختلاف الإسلامي ليس مع العقيدة اليهودية لكنه اختلاف جوهري مع المبدأ الصهيوني المغتصب للحق الفلسطيني. واستطرد قائلاً "الحضارة تصنع القيم التي تنقسم إلي قسمين، قسم إنساني وآخر يدعو للتفكير والتعلم بصفة عامة، بحيث لا يقتصر علي العلم الشرعي فقط.. مشددًا علي أن حقوق الإنسان أسس لها الدين وليست دعوة من دعوات المجتمع المدني.