«الأزهرى» يشارك فى حفل تنصيب الرئيس الإندونيسى نائبًا عن «السيسى»    بث مباشر على تيك توك.. طبيبة تونسية تنقل عملية جراحية من داخل العمليات (تفاصيل)    اليوم.. وزير التعليم يستعرض خطط وسياسات الوزارة أمام البرلمان    «مصر الجديدة للإسكان» تقر زيادة رأس المال 667.5 مليون جنيه    السيسي يلتقي بوتين وعددا من الرؤساء المشاركين بقمة البريكس    اسعار التوابل اليوم الثلاثاء 22-10-2024 في محافظة الدقهلية    إغلاق وتشميع محلات تحولت من سكني إلى تجاري بالجيزة (صور)    نجم الأهلي السابق يكشف مستقبل محمود كهربا مع الفريق    إغلاق كازينو بشارع الهرم لممارسة أنشطة سياحية دون ترخيص (صور)    لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم فى ضيافة الليلة العمانية بالأوبرا (صور)    استقرار سعر الدولار اليوم في البنوك    عواقب صحية كارثية لشرب كوكاكولا يوميا، أخطرها على النساء    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تصل ل 20 ألف جنيه.. أسعار تذاكر حفل عمرو دياب نوفمبر المقبل    للمسافرين.. تعرف على مواعيد القطارات اليوم على خطوط السكك الحديد    استطلاع: غالبية الألمان يرفضون إرسال المزيد من الأسلحة إلى إسرائيل    قائد القوات البحرية: مصر نجحت في منع الهجرة الغير شرعية منذ 2016    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وسرقته بسوهاج    استشهاد وإصابة فلسطينيين بتفجير في بيت لاهيا    عاجل - وزير الدفاع الأميركي: منظومة ثاد الأميركية المضادة للصواريخ باتت "في مكانها" بإسرائيل    حقيقة صرف مكرمة ملكية بقيمة 1000 ريال لمستحقي الضمان الاجتماعي في السعودية    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    الكلاب في الحضارة الفرعونية.. حراس الروح والرفاق في عالم الآلهة    مجدي عبد الغني ل كهربا: أنت ليك ماضي معروف.. والناس مش نسياه    رئيس جامعة بنها: ندعم أفكار الطلاب وابتكاراتهم    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    مصرع شاب وإصابة 2 آخرين في حادث انقلاب سيارة بأسيوط    محمد عبدالجليل معلقًا على غرامة كهربا: حذرت لاعبي الأهلي من محمد رمضان    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    كسر بالجمجمة ونزيف.. ننشر التقرير الطبي لسائق تعدى عليه 4 أشخاص في حلوان    عاجل - تمديد فترة تخفيض مخالفات المرور وإعفاء 50% من الغرامات لهذه المدة    الصحة اللبنانية تدين تعرض إسرائيل لأكبر مرفقين طبيين في البلاد وتطالب بموقف دولي إنساني    حل سحري للإرهاق المزمن    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ما حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    «القابضة للمطارات»: مؤتمر المراقبين الجويين منصة للتعاون ومواجهة تحديات الملاحة    بعد منعه من السفر… «هشام قاسم»: السيسي أسوأ من حكم مصر    إسرائيل تتوعد: الهجوم على إيران سيكون كبيرًا وسيجبرها على الرد    مدحت شلبي يوجه رسائل نارية ل حسين لبيب بعد أزمة السوبر    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    المؤتمر العالمي للسكان والصحة.. الوعى في مقابل التحديات    متحدث الصحة: نعمل بجدية ومؤسسية على بناء الإنسان المصري    رئيس انبي: «حصلنا على 21 مليون جنيه في صفقة حمدي فتحي.. واللي عند الأهلي ميروحش»    عاجل - هجوم إسرائيل على طهران.. القناة 14 الإسرائيلية: منازل كبار المسؤولين في إيران أضيفت كأهداف محتملة    شيرين عبدالوهاب تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية (تفاصيل)    رانيا يوسف: إشمعنى كلب الهرم يتكرم وكلبي في فيلم أوراق التاروت ما حدش عايز يكرمه؟    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    عاجل - طبيب تشريح جثة يحيى السنوار يكشف عن الرصاصة القاتلة والإصابات المدمرة (تفاصيل)    ارتفاع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء تواصل الصعود التاريخي.. وعيار 21 يسجل أرقامًا غير مسبوقة    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    أبرز موافقات اجتماع مجلس مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأقصر    50 جنيهًا تُشعل خلافًا ينتهي بجريمة قتل في كفر الشيخ    ابتعدوا عن 3.. تحذير مهم من محافظة الإسماعيلية بسبب حالة الطقس    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصوفية ... بيت العنكبوت (7)
نشر في مصر الجديدة يوم 09 - 07 - 2013

"مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا و إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت" - (العنكبوت - 41)
الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله، الذى أنزل رسوله بدين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون.
والحق الذى لا مراء فيه انه لولا حفظ الله لكتابه و لسنة نبيه صلَّ الله عليه وسلم ، لضاع هذا الدين كما ضاع من قبل على أيدى الذين فرقوا دينهم شيعا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات .
وفيما حذرنا النبى صلَّ الله عليه و سلم أن نحذوا حذوهم ، فقد تنبأ لأمته أنها ستفترق بدورها إلى 72 فرقة ، كلهم مسلمون وكلهم يظنون أنهم على الحق ، وفيهم المصلون والمؤدون الزكاة و الصائمون ، وهم جميعا يشهدون بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، إلا أنهم فى النار جميعا إلا فرقة واحدة ، وصفها النبى صلَّ الله عليه وسلم ، بأنها المتبعة للكتاب والسنة ، العاضة عليهما بالنواجذ .
من هنا لم يكن من حق أى فرد أن يخرج عن حدود الكتاب والسنة ، بل الجميع ... شاءوا أم أبوا ، هم واجتهاداتهم الفقهية خاضعون لهذه الحدود بلا تأويل أو تعطيل ولا تكييف أو تحريف .
كتاب و احد إذن و سنة واحدة ، وطريقة واحدة وفرقة واحدة هى الناجية، وليس من وراء ذلك سوى الخروج عن صحيح الدين بدرجات متفاوتة، وهذا ما يعد تحديدا المفهوم الذى يمكن من خلاله دحض جميع الثوابت الراسخة التى تميز الفكر الصوفى ، وهو الفكر الذى سارت على نهجه إحدى أهم الفرق الإسلامية على مر التاريخ ، والتى تعد - بجدارة - ضمن الفرق الضالة المبدلة لدين الله ، المحدثة فيه ما ليس منه ... كما سنرى .
فساد الأصول
إن الواقع يؤكد أن فساد التصوف قد استشرى حتى بلغ أصول الدين ذاتها ، و على سبيل المثال يقول الصوفية أن مرتبتى "الإسلام" و " الإيمان" محدودتان بمن اقتصر علمهم وعملهم على علم الشريعة من كتاب وسنة ، وهو ما يطلقون عليه علم " الظاهر" ... أما المرتبة الثالثة "الإحسان" فقد قفزوا عليها و استأثروا بها عنوة ، بحجة أنهم وحدهم الذين يعبدون الله كأنهم يرونه ، وهم بالفعل يزعمون فى تخاريفهم الصوفية أن الخواص منهم يسلكون معارج التصوف إلى أن يرتقون إلى حال المشاهدة والقرب من الملأ الأعلى !!!
وفى هذا محض بهتان ، لأن أعمال و أحوال من هم فى مرتبة الإحسان ، هى من نفس جنس أعمال وأحوال كل ممن هم فى مرتبتى الإسلام والإيمان ... مع اختلاف فى مدى توفيق الله لمن شاء من عباده لكى يسبقوا غيرهم فى مضمار التنافس على مرضاة الله بالطاعات التى أمروابها من قبل الله ورسوله .
فرواد مرتبة الإحسان ليسوا ببدع من عباد الله و لا هم على طريقة أهدى من طريقة الرسول فى عبادته لله ، بل هم على اتباع مطلق لأوامر الله ورسوله .
والأدلة القرآنية كثيرة فى شأن إثبات المظاهر المشتركة بين كل من المحسنين وبين المؤمنين والمسلمين ، ولا توجد إشارة واحدة تنبئ عن انفصال أو انعزال ، بل تفاضل وأفضلية نتيجة لإخلاص أكبر و التصاق أقوى بأوامرالله ، بينما الأرضية مشتركة والمواصفات ثابتة ، فهم جميعا يتسابقون على فعل الخيرات والطاعات ويعلون من شأن الجهاد فى سبيل الله، وهم جميعا آمرون بالمعروف ناهون عن المنكر، ملتزمون بتطبيق شرع الله فى أرضه وهم يحكمون بما أنزل الله فى القضايا كلها، وجميعا يعتبرون محمدا رسول الله هو النموذج الأمثل للعبد المسلم وهم به - صلى الله عليه و سلم - مقتدون .
من ناحية أخرى فإن خصائص " المحسنين " تختلف عن خصائص المتصوفة ، بنفس درجة إختلاف جميع طبقات المسلمين عنهم ، لأن الصوفى مهما أظهر التزاما واعترافا بالشرع من كتاب وسنة ، فإنه يبقى معتقدا أنه قد سبق الجميع بما توصل إليه من منهج أسمى أخذه عن الحىالذى لا يموت ، وليس عن ميت من ميت كأهل علم الظاهر بزعم المتصوفة، مصداقا لمقولتهم الشهيرة " أخذتم علمكم ميتا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحى الذى لا يموت" !!
وهذه الخصوصية المزعومة منهم لأنفسهم تعد أساس التباين بينهم و بين الموحدين بمراتبهم الثلاث ( إسلام - إيمان - إحسان ) والذين يقفون جميعا على ذات الأرض ، فقط تختلف قاماتهم وليس "مقاماتهم" !!
... و تعتبر الإختلافات الفاصلة بين أهل الصوفية و أهل السنة ( مسلمين ومؤمنين ومحسنين ) أكثر من أن تحصيها رسالة واحدة ، ولكن يمكن رصد بعض تلك الإختلافات كما يلى :
* ما من شيخ من شيوخ الصوفية إلا واعتزل الناس و التزم حياة الزهد ، إن لم يكن طوال مراحل تصوفه ففى بعضها ، مخالفا بذلك النص القرآنى " قل من حرم زينة الله ... الآية ".
وصحيح السنة ومن نصوصها "لا رهبانية فى الإسلام"، وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأذن لمن أراد السياحة ، بمعنى اعتزال الحياه و التعبد بعيدا عن الناس ، بل علمه أن سياحة الأمة المحمدية هى الجهاد فى سبيل الله ، كذلك أن الدعوة لاعتزال الناس محلها آخر الزمان عندما تفشوا الفتن ويضيع الدين و تظهر علامات الساعة الكبرى ، أما النبى و صحابته وتابعيهم فلم يتعمدوا أبدا التخلى عما رزقهم الله من طيبات الرزق ، سواء عن طريق التجارة التى وصفها النبى صلى الله عليه وسلم بأن فيها تسع أعشار الربح ، أوعن طريق الغنائم الهائلة التى أورثها الله المجاهدين من جيوش المسلمين عبر فتوحاتهم ، و هم فى نفس الوقت لم يتوقفوا عن الإنفاق فى سبيل الله والتصدق و تجهيز جيوش الغزو ، كما كان فيهم أغنى الأغنياء مثل عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف .. وغيرهم كثيرون على امتداد عصور الأمة ، بل قد وردعن على بن أبى طالب مقولته الشهيرة " لو كان الفقر رجلا لقتلته "!!!
* يختلف الصوفية أيضا عن أهل السنة فى نفيهم الصفات التى أثبتها الله لنفسه بنص القرآن و السنة الصحيحة وآمن بها أهل السنة دون تكييف أو تعطيل أو تشبيه أو تمثيل، كصفات اليد والساق والأصابع والعين والضحك والغضب والحياء ، وهى الثابتة نصا فى الكتاب والسنة و هى ليست على سبيل المجاز كما يزعم معطلى الصفات ومنهم أهل الصوفية و غيرهم .
* يأتى أيضا فى سياق الإختلافات ، كم غير عادى من البدع، يشهد عليه حلقات الذكار وأورادهم الألفية وحلقات السماع ، وهذه الأخيرة تحديدا ما ورد شيئ يدل على صحتها فى صحيح السنة فيما أعلن الفقهاء الأربعة وغيرهم كثيرون من علماء السلف بطلانها وكراهيتهم لها على أقل تقدير.
والأنكى من ذلك أنهم قد استغنوا بنصوصهم المزيفة فى تلك الأوراد عن ما ورد فى صحيح السنة بحجة أنها تفوقها منفعة وفوائد فى التقرب بها إلى الله.
كذلك يصر الصوفية على الجمع بين القبور والمساجد فى أضرحتهم الشهيرة ( وجه آخر من التشابه مع الشيعة ) برغم ما ورد من أحايث صحيحة غير منسوخة تنهى عن ذلك صراحة ، ويرد بعضهم على ذلك بأن المساجد لم تكن موجودة أصلا أيام اليهود والنصارى ،بل استحدثتفقط أيام المسلمين ، أو ان الحديث كان يروى قصة تاريخية لا أكثر !
وذلك فى تعليقهم على لعن الله على لسان رسوله - صلى الله عليه و سلم - لليهود و النصارى بسبب اتخاذهم من القبور مساجد ، فهل يعقل أن تكون آخر وصايا النبى لأمته قبل أن يلقى ربه ، رواية تاريخية بلا هدف ؟؟؟
وهل نسى هؤلاء أن لفظ المسجد قد اقترن بالحياة على الأرض من قبل آدم وإلى أن تقوم الساعة ؟
وهل غفلوا عن نص الآية التى تكشف لنا أن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وقد بنته الملائكة ثم من بعده بأربعين المسجد الأقصى الذى بارك الله حوله ؟؟؟
وهل نسوا القوم الذين عاصروا أهل الكهف واقترحوا بناء مسجد عليهم ، وقد كان هذا ومثله مما فعله اليهود و النصارى وكان سبيلا إلى انحراف عقيدتهم ، لذا فقد حذرنا النبى من ذلك ، دفعا لشبهة صرف أى جزء من العبادة من دعاء أو توسل أو تبرك بغير الله ، إلى غير الله .
وهل لم يقرأوا التاريخ لكى يفهموا أن قبر النبى صلى الله عليه وسلم ، لم يتم اتخاذه مسجدا لا فى حياته ولا من بعده فى عهد الخلفاء الراشدين الذين كانوا إذا أردوا توسعة المسجد النبوى فعلوا ذلك من جميع الجهات ،عدا جهة القبر الذى كان مكانه بيته - صلى الله عليه وسلم - وبالتحديد بين جدران غرفة زوجه عائشة - رضى الله عنها - و بقى الأمر على ذلك إلى أن جاء أمير المؤمنين "الوليد بن عبد الملك" ، فأراد هدم بيوت أهل البيت نكاية فيهم بحجة توسعة المسجد النبوى، على خلفية الصراع الطويل بين بنى أمية و أهل البيت، ولم يكن الوليد هذا صحابيا ولا تابعيا و لا يتخذ رأيه أوفعله قدوة تحتذى وهو لا يختلف فى تعامله مع الحرم النبوى عن تعامل سابقه الحجاج بن يوسف الثقفى الذى حاصر البيت الحرام وقصفه بالمنجنيق، حين استعصم به جيش عبد الله بن الزبير - رضى الله عنه - قبل أن يقوم الحجاج بقتل وقطع رأس الصحابى الجليل فى قلب الأرض الحرام.
ويذكر فى هذا السياق تصريحات مستفزة جاءت حديثا على لسان مفتى مصر السابق - الشيخ على جمعه - ونشرت بصحيفة الأخبار الرسمية بتاريخ 7 يناير 2006 ، قال فيها أن المسجد النبوى أفضل منزلة من المسجد الحرام، وقد أوضح بزعمه أن ذلك يرجع إلى أن جسد النبى مدفون فيه وهو بذلك لا
يلغى فقط ما اتفق عليه العقل والنقل فى صريح الدين، بل إنه - هكذا ومن تلقاء نفسه - يلغى حديثا صحيحا غير منسوخ ولا هو مشروط بمدة حياة النبى، يفيد أن الصلاة فى المسجد الحرام تعدل آلاف من الصلوات فى نظيره النبوى .
كما أنه وإذا كان بعض العلماء قد أفتى بجواز الصلاة بالمسجد المبنى على قبر بشرط التوجه للقبلة وتجنب القبر، فهى فتوى مردودة على أصحابها ليس فقط لأنها وسيلة إلى الشرك، ولكن أيضا لأن مجرد اجتماع القبر والمسجد منهى عنه مطلقا ودون استثناء ، بنص الحديثالصحيح " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد".
وآخر نصه "..... وأن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، فإنى أنهاكم عن ذلك"
وكذا فى حديثه - صلَّ الله عليه و سلم - لأم سلمة وأم حبيبة بشأن كنيسة رأتاها بالحبشة وفيها صور صالحى النصارى على جدرانها فقال "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا و صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة".
• و أخيرا فإننا إذا استندنا إلى ما اجتمعت عليه الأمة من تقسيم للحديث الشريف إلى صحيح وحسن و ضعيف ، فإننا وبالمقابل نجد أن جميع كتب الفكر الصوفى - دون أدنى استثناء - تعتمد ، إما على الإستشهاد بأحاديث لم ترد بكتب الصحاح و تنتمى للضعاف منها ، وإما على تأويل منحرف ولى لأعناق الأحاديث لكى تتفق - قسرا - مع فكرهم المنحرف ... ونظرة واحدة لأى من كتاب من كتب الصوفية تكشف أن جميع ما يستندون إليه من أحاديث ، لا تخرج عن ما هو مجتمع على ضعفه أو بطلانه أوما يزعمون أنه حديث جاء على لسان أحد الصالحين رواه عن قلبه عن ربه بزعمه أو أخذه مشافهة عن النبى صلى الله عليه وسلم ، ليضاهئوا به ما جاء فى صحيح السنة وتم إثبات صحته عبر أجيال و أجيال من علماء الحديث .
الصوفية .. ومشابهة النصرانية
لقد جاء فى محكم الهدى النبوى من الأدلة ، الكثير مما يوجب على المسلمين مخالفة اليهود والنصارى فى نهج عبادتهم ظاهرا وباطنا على أساس أن الشريعة التى صححها الله ونقاها من خبث أهل الكتاب وتحريفهم لها ، قد اشتملت على أوامر صريحة بالتزام مخالفتهم ، ليس فقط فى العقيدة و أساليب العبادات ، بل وحتى فى مظهر المسلم و هيئته ... والأحاديث فى تلك القضية لامجال لتأويلها وهى لم يتم نسخها بأخرى تغير أو تقلل من التزامنا بها ،كما أنها غير مرتبطة فقط بفترة ظهور الدين الإسلامى ، كما يزعم بعض معارضيها من الصوفية والعلمانيين !!
فحديث مثل الذى تضمن التنبؤ و التحذير - فى آن واحد - من أن المسلمين سوف يتبعون سنن اليهود و النصارى شبرا بشبر وذراعا بذراع أو كحذو القذة بالقذة ، وأنه حتى لو دخلوا جحر ضب لدخله من ورائهم المسلمون ، يعد موجها للأمة على امتدادها وخصوصا فى مراحل عمرها الأخيرة ، عندما تصبح السيادة لليهود والنصارى فى الأرض ويقع المسلمون تحت رحمتهم ، فإما أن ينسحقوا أمام جيوشهم و إما يقلدوهم و يتبعون نهجهم السياسى والإقتصادى والإجتماعى كما هو حادث الآن بصورة تفصيلية.
و يضم منهج مخالفة أهل الكتاب العديد من الإشارات النبوية ، مثل إباحة صبغ المشيب من الشعر ولكن بالحناء الملونة وليست السوداء، وضرورة خف الشارب وإعفاء اللحية - لمجرد مخالفة المشركين - وكذا تعمدالنبى - صلَّ الله عليه وسلم - صوم التاسع من شهر ( ...) إضافة ليوم عاشوراء، لا لشئ إلا مخالفة لليهود .. وقد خالفهم أيضاعندما سأله أهل المدينة عما يدعيه اليهود من حرمة جماع المرأة من ظهرها ولو من موضع إنجاب الذرية، فنزلت الآية القرآنية " نساؤكمحرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ".
وهو ما أثار حفيظة اليهود وقتها فقالوا قولتهم الشهيرة ( مال هذا الرجل لا يترك شيئا من هدينا إلا و خالفنا فيه ) !!!
* من هذا المنطلق يتأكد لدينا كم "التشابه" المذموم بين أهل الصوفية وأهل الكتاب ( !! ) سواء من حيث تحريف شريعة الله أو باختراع شريعة إضافية، وذلك بناء على ما يدعون أنها أحاديث مروية عن النبى ، تلقاها منه الصالحين من أوليائهم كالبدوى والرفاعى والشعرانى ... إلخ .
فهم - تماما كالنصارى - لم يكتفوا بالغلو فى نبيهم برفعه لمرتبة الألوهية، ولكن أيضا حرفوا شريعة الله بشأن حقيقته - صلَّ الله عليه و سلم - واعتبروه نورا أزليا وقطبا متصرفا فى الكون وأن الله قد خلق الكون من نوره ، بل وأن الله ما خلق الأفلاك والأكوان إلا من أجله ، و وصل بهم الضلال فى الإعتقاد فيما يتعلق بكينونة النبى صلى الله عليه و سلم ، أن ادعوا أنه أول خلق الله ، مع أن "القلم" و ليس النبى محمد هو أول ما خلقه الله ، وكان آدم أول من خلق الله بنص الكتاب والسنة .. !
ثم اخترعوا عقيدة بأكملها بلاسند شرعى واحد أطلقوا عليها "الحقيقة المحمدية" أو "النور المحمدى" الذى سار فى جميع الأنبياء ونهلوا منه جميعا إلى أن استقر فى جسد النبى محمد !!!... وهو ما لم يقل به لا الله ولا رسوله فى أى نص صحيح من الكتاب و لا السنة !!
وهم فى ذلك قد نسوا أحاديث كثيرة وصحيحة ، نهى فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - عن مجرد إطرائه فجاء على لسانه " لا تطرونى كما أطرت النصارى بن مريم ، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله و رسوله " وفى حديث بسند حسن رواه بن ماجة ، قال له بعض أصحابه : أنت سيدنا، فقال السيد الله تبارك وتعالى .. فقالوا أفضلنا وأعظمنا طولا ... قال " قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ".
كما روى النسائى وأحمد ذات الحديث بنص مشابه فى المعنى، ذلك أن بعضهم قالوا له - صلى الله عليهو سلم - يا خيرنا وابن خيرنا و سيدنا وابن سيدنا ، فقال يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان .. أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعونى فوق منزلتى التى أنزلنى الله عز وجل .
والثابت عبر استطلاع كل الأحاديث الشريفة ، أنه ما من صحابى ولا أعرابى فى زمن النبوة قد نادى النبى قائلا " يا سيدى " بل ناداه الناس جميعا بقولهم " يا رسول الله "، وذلك بالرغم من علمهم بكونه صلى الله عليه وسلم "سيد ولد آدم" حقا ، وكما ورد فى صحيح الحديث الذى انتهى بقوله " ولا فخر " بما تحمل تلك الكلمة من دلالة على خشيته أن يقع فى مزلة الفخر بالنفس ، تماما كما خشى علينا من نعته بلقب "سيدنا" التى عدها إطراء مذموما ، فماذا لورأى وسمع جحافل العبارات الإنشائية المحملة بالغلو فى شخصه ، وصولا لدرجة التقديس بل والإقتراب به من مرتبة الألوهية ، بما نسبوه له - زورا - من قدرة على المنح والمنع وإضفاء البركات ومغفرة الذنوب و قضاء الحوائج وتفريج الكربات ، وفى ذلك شرك بالله الوحيد القادر على كل تلك المهام ، وفى ذلك أيضا مشابهة تامة للنصارى الذين عاملوا نبيهم عيسى عليه السلام و أمه العذراء بذات المعاملة .
وهم أيضا - تماما كالنصارى - اختاروا الرهبانية والإنعزال عن الناس بحجة التفرغ للعبادة و هو ما فعله و حض عليه شيوخهم دون استثناء .
وهم أقاموا المساجد على أضرحة صالحيهم وتوسلوا بهم وتقربوا بهم إلى الله، وصرفوا إليهم جانبا من عبادتهم كالإستغاثة بهم وبالنبى وبدعائهم إياهم من دون الله ومن طلب قضاء الحوائج منهم أو عن طريقهم و الطواف حول أضرحتهم تمثلا بالطواف حول الكعبة و النذر والذبح عند مشاهدهم كالسيدة زينب والمرسى ابو العباس وغيرهم.
وهم الذين شابهوا النصارى فى الإحتفال بمولد نبيهم ، فأقاموا المولد النبوى على غرار “الكريسماس” أو عيد الميلاد المجيد على الطريقة القبطية ... وهو الباب الذى فتح الطريق أمام إقامة موالد الأولياء، تماما كما احتفل النصارى واليهود بميلاد قديسيهم ، وهى البدعة التى انفرد بها الشيعة فى عصر الفاطميون وتلقفها الصوفية ليكملوا بها عقد بدعهم الرخيصة .
مأساة إمام
هى مأساة حقيقة، تلك التى انطوت عليها حياة ذلك الإمام الراحل "حجة الإسلام/ أبى حامد الغزالى"، الذى تحول من خندق أهل السنة والجماعة إلى معسكر أهل البدع والضلال ... وبعد أن كان إماما للناس وأستاذا فى الفقه الشافعى ، صار إماما للصوفية ومدافعا صلبا عن ما دسوه على الدين من شطحات ونرهات عكرت صفوه وزادت الأمة فتنة على فتنة وزيغا على زيغ .
ولد الغزالى فى مدينة "طوس" من مدن خراسان بأرض المشرق ، التى حذرت أحاديث صحيحة أنها ستكون بوابة الفتن كما ورد آنفا ، وذلك عام 450 ه ، حيث استقى علم الفقه قبل أن ينتقل إلى نيسابور ثم مكة ليستقر بها و يتتلمذ على أيدى علماء الشافعية ، حتى أصبح من أشهر علمائهم وناظر خصومه من أهل المنطق والجدل بجدارة بالغة .
ثم قصد بغداد ( أيضا بأرض المشرق ) حيث تولى كرسى التدريس بأحد مدارسهاالدينية وأقام على نشر علمه الغزير وأصبح تشد إليه الرحال طلبا لما لديه من درجات رفيعة فى علوم الدين .
وفجأة ... حدث التحول الكبير فى حياة الإمام ، حيث انقطع عن التدريس واتجه إلى دمشق واعتزل الناس واختار حياة الفقر والزهد ، وانزوى فى زاوية بالمسجد الأموى وصار يطوف بالأضرحة و المشاهد ويسيح فى الصحراء ما يقرب من عشر سنوات قبل أن يعود لبغداد ويعقد بها مجلسا للوعظ و ليحدث هناك بكتابه الشهير "إحياء علوم الدين"، الذى خلط فيه بين أسس الفقه الشافعى وبين أصول المنهج الصوفى وحيث تجاورت فيه أصول الدين الصحيح من خلال الفقه الشافعى الذى استند إلى تفسيرات الكتاب المجتمع عليها من علماء الأمة ، والأحاديث الصحيحة المرتكزة على أقوى الإسنادات و أوثق الرواة المتفق عليهم من جانب أئمة الجرح والتعديل، جنبا إلى جنب مع منهج يعتمد على روايات فردية ، إسناداتها لا تتجاوز أن " حدثنى قلبى عن ربى " أو " حدثنى روح القدس " .. أما رواتها فلا مكان لهم ولا مكانة على خريطة الجرح والتعديل وعلم الحديث.
وأخيرا انتهت رحلة التصوف بالإمام بأن فارق الفكر الصوفى قبيل وفاته مباشرة وذلك بعد أن ألف كتابا يفند فيه الكثير من أسس ذلك الفكر، وأطلق على كتابه "المنقذ من الضلال" واعترف فيه بردته عن الباطل ورجوعه إلى الحق .
إلا أن أهل الصوفية لم يعترفوا أبدا بهذا الكتاب ولا بتلك العودة عن مذهبهم .. وبقى الغزالى فى نظرهم حجة العلم الصوفى وإمامهم الأكثر شهرة ، وظل كتابه "الإحياء" أهم مراجعهم على الإطلاق .
بينما مات الغزالى – غفر الله له - وقد انقلب على كل من حاولوا هدم أصول الدين من عقل ونقل ليؤسسوا بدلا منه منهاج إلغاء العقل وتوهين النقل، بل وتزييفه أحيانا ... ! فسبحان الذى يضل من يشاء على علم ، ويهدى من يشاء من بعد ضلالة، وله الحمد على ما هدانا إليه وما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.