فى الوقت الذى تسعى فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلى زيادة الوجود العسكرى لها فى أفغانستان، فى محاولة لتحقيق انتصار حاسم على حركة طالبان المتمردة، مع السعى لحشد حلفائها لزيادة أعداد قواتهم هناك، فجرت مصادر بريطانية مفاجأة من العيار الثقيل، عندما كشفت أن مجلس الوزراء البريطاني، يخطط سراً لخفض عدد قواته فى أفغانستان، فيما يعد ضربة قوية للاستراتيجية الجديدة للرئيس الأمريكى باراك أوباما، التى قرر اعتمادها فى البلاد التى غزاها سلفه جورج بوش فى عام 2001. ويأتى هذا الإعلان مع تزايد أعداد القتلى البريطانيين هناك، إلى حد تجاوزه أعداد القتلى فى حرب العراق، مما يعطى مؤشرا خطيرا على مسار العمليات العسكرية للجيش البريطاني، ويرفع من الضغوط الداخلية على حكومة رئيس الوزراء جوردون براون، لتقليص عدد قواته المقاتلة فى أفغانستان، والتى تتركز فى إقليم "هلمند"، الذى ينشط فيه مقاتلو طالبان. وأكدت المصادر أن رئيس الوزراء يرغب فى سحب 1500 جندى من أفغانستان، وذلك بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، التى ستجرى هناك الشهر القادم، فى محاولة من براون لتحسين صورته شعبيا، بعد إنهيارها طوال الأسابيع القليلة الماضية. ويواجه مخطط براون، حسبما تشير المصادر، اعتراضات شديدة من قادة عسكريين سابقين، يرون أن غير أن هذه الخطوة تعد "وبالاً" على القوات البريطانية هناك، وعلى مستقبل الحرب على الإرهاب, واعتبروا المخطط مجرد رد فعل عصبى من براون، إذ تأتى بعد واحد من أكثر الأسابيع دموية فى تاريخ الجيش البريطانى الحديث، حيث ارتفع عدد الجنود البريطانيين الذين قُتلوا فى الصراع الدائر بأفغانستان إلى 184 جنديا, بزيادة خمسة عن إجمالى الذين لقوا مصرعهم فى العراق. وأفادت المصادر البريطانية بأن الأحداث الأخيرة فى أفغانستان، تسببت فى إثارة جدل حاد داخل الأروقة السياسية والعسكرية فى لندن, وهو ما قد يمثل مؤشرا لسجال بين المؤسستين، يأخذ طابعا علنيا، ظهرت معالمه عندما اتهمت شخصيات بارزة فى حزب العمال الحاكم، قائد الجيش الجنرال سير ريتشارد دانات، بالخوض فى شؤون السياسة، عندما صرح بأن القوات الموجودة فى ساحة الحرب الأفغانية، تعانى من قلة فى الجنود والمروحيات، بعد أن أدلى بتصريح سابق حول حاجة القوات البريطانية إلى ألفى جندى إضافى فى إقليم "هلمند"، على مأدبة عشاء خاصة مع نواب برلمانيين من حزب المحافظين المعارض. وزاد من سخونة الموقف، إنضمام آباء الجنود القتلى، إلى سياسيين وقادة عسكريين سابقين، فى مطالبتهم لحكومة براون بتوفير المزيد من الأموال، اللازمة لشراء مروحيات وعربات مصفحة للجنود. ويمثل المخطط البريطانى ضربة قوية إلى علاقة الزواج الكاثوليكي، التى تربط الولاياتالمتحدة وبريطانيا، فى حال إقرار الحكومة له، أو عرضه على مجلس العموم البريطاني.