الجرف وأخواتها اعتمدت جماعة الإخوان المسلمين بمصر تغييرات في "لائحة قسم المرأة"؛ تتيح زيادة تمثيلهن في الهيكل التنظيمي للجماعة إلا أنه يتوقف عند حدود ما يعرف ب"مكتب إداري المحافظة"، حيث يمثلهن فيه أحد الرجال. كما بقيت عضوية الهيئتين القيادتين، مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة، بعيدة عن عضوية النساء، بحسب ما كشفت عنه مصادر إخوانية . المصادر المطلعة داخل الجماعة كشفت أن "مجلس شورى الجماعة اعتمد في أحد اجتماعاته مؤخرا تصورا جديدا يتيح لنساء الجماعة في كل شعبة (الوحدة الرئيسية المكونة للجماعة)- انتخاب مسئولة ومجلسا لشعبة نسائية بشكل منفصل عن مجلس الشعبة الرئيسي- يدير عمل عضوات الجماعة في الشعبة". هذه المسئولة المنتخبة تمثل شعبتها في مجلس المنطقة، المؤلف من عدة شُعب، بحيث لا يتدخل الرجال في هذا الهيكل الجديد، بخلاف ما كان عليه الحال في السابق، حيث كان يشرف على عمل "الأخوات" أحد الإخوان، الذي يعرف ب"مشرف الأخوات" في الشعبة، وكان يتواصل معهن عبر إحداهن باعتبارها "منسقة" فقط. ومنذ إقرار هذا "التغيير الهيكلي"، تجري عضوات الجماعة حاليا في مختلف محافظات مصر، انتخابات داخلية، لاختيار مسئولات الشُعب والمناطق في "الإخوان المسلمين". ورغم هذه النقلة النوعية، التي أتاحت لعضوات الجماعة فاعلية أكبر واستقلالا أوسع في العمل داخل التنظيم، بحسب تصريحات متطابقة لعدد من عضوات الجماعة، إلا أن الهيكل الإداري الجديد للأخوات يتوقف عند المكتب الإداري للمحافظة، حيث يكون هناك مسئول من الإخوان عن الأخوات في المحافظة يتابع أعمالهن، ويكون حلقة الوصل بينهن وبين قيادة الجماعة. ووفقا ل"منال أبو الحسن"،القيادية بجماعة الإخوان المسلمين فإنه "رغم ما أتيح للمرأة الإخوانية من مساحة عمل أكبر داخل الجماعة، إلا أنها لم تُمثل بعد في مجلس شورى الجماعة ومكتب الإرشاد" أعلى هيئتين داخل الجماعة. إن "الأخوات الآن ينتخبن قياداتهن كما الحال بالنسبة للإخوان في شعبهم.. يخترن من يمثلهن، ويتم إقرار الاختيارات من قبل قيادات الجماعة، لكن هذا لا يمنع مسارا آخر للاختيار عبر طرح قيادة الجماعة أسماء محددة؛ لاعتبارات تتعلق بالتخصص والخبرات الخاصة بالمرأة في مساحة العمل العام". وانتقدت مؤخرا نادية العوضي رئيس الاتحاد العالمي للصحفيين العلميين، والعضوة السابقة بجماعة الإخوان المسلمين وضع المرأة في الجماعة. وقالت في صفحتها الخاصة على موقع "فيس بوك" إن "الإخوان لا يقبلون السيدات وسطهم بشكل رسمي، وكانت الانتقادات لهم كثيرة من داخل الاخوان أنفسهم، لكن كان رد فعلهم في الغالب الأعم هو التأكيد على أنهم على حق وأن كل من ينتقدهم على باطل". ومن آن إلى آخر، تتعرض جماعة الإخوان المسلمين لاتهامات من داخل وخارج الجماعة بتهميش المرأة، وعدم وجود مجال مناسب لعملها داخل التنظيم، وهو ما تنفيه الجماعة، مؤكدة احترامها وتقديرها لدور المرأة في المجتمع. والشعبة في جماعة الإخوان المسلمين هي أصغر وحدة إدارية، وتُحدد بنطاق جغرافي واضح المعالم يضعه المكتب الإداري، وتتكون من قرابة 40 من أعضاء الجماعة. والمنطقة عبارة عن مجموعة شُعب في محيط جغرافي متقارب. أما المكتب الإداري فيدير عددا من المناطق، ويمثل في الغالب محافظات الجمهورية، ويتبع مكتب الإرشاد مباشرة. وأنشأ حسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 في الإسماعيلية أول قسم للأخوات في تاريخ الجماعة عام 1932 تحت مسمى "فرقة الأخوات المسلمات". وأصدر البنا أول لائحة لفرقة الأخوات في 26 أبريل 1932 ميلاديًّا والتي نصت على أن "رئيس الفرقة هو المرشد العام لجمعيات الإخوان المسلمين، وتتصل بأعضائها وكيلة عنه تكون صلة بينهن وبينه" ومع اتساع نطاق عمل الجماعة وانتقال إدارتها من الإسماعيلية للقاهرة شكلت أول لجنة تنفيذية للأخوات المسلمات في 14 أبريل عام 1944 من 12 عضوة، يقمن بإدارة عمل القسم، كما تم تطوير لائحة القسم للمرة الثانية لتناسب اتساع مجال العمل. وبعد أن وصل عدد شعب الأخوات المسلمات نحو 150 شعبة في أنحاء مصر، تم تطوير لائحة القسم للمرة الثالثة في العالم 1951 ونصت على أنه "يسند الإشراف على هذا القسم للمرشد العام للإخوان المسلمين رأسًا، ولفضيلته أن ينتدب من الإخوان العاملين سكرتير اتصال لتنظيم الأعمال الإدارية بالقسم، وتتصل الهيئة العامة بالمركز العام للإخوان المسلمين عن طريق السكرتير الذي انتدبه فضيلة المرشد بالأخوات عن طريق الشعب". وظل عمل الأخوات المسلمات معلنا حتى قيام ثورة 1952 وبداية الصدام بين الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر والجماعة في عام 1954، حيث بدأت الجماعة ككل تتجه للعمل السري، بما في ذلك قسم الأخوات اللائي تعرض بعضهن للمحاكمة والسجن عام 1965 أشهرهن الداعية الراحلة زينب الغزالي، وشقيقة المفكر الإخواني الذي حكم عليه بالإعدام سيد قطب، حميدة قطب. وعادت الجماعة للعمل مع بداية حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1970 حيث أطلق معظم قيادات الجماعة من السجون في أوائل سبعينيات ولكن بقي عمل المرأة بها غير منظم هيكليا. وفيما أرجع قياديون في الجامعة في تصريحات صحفية متواترة ذلك الوضع إلى الخوف على "الأخوات" من التعرض ل"الملاحقات الأمنية"، اعتبر مراقبون ذلك "التراجع في وضع المرأة داخل الجماعة عما كانت عليه في بداية التأسيس يأتي بدافع الهاجس الأمني وتأثر بعض القيادات التي خرجت من السجن في السبيعينيات وسافرت إلى عدد من دول الخليج بالفكر الوهابي". وعقب ثورة 25 يناير 2011 أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن أنها بصدد تطوير هيكلها الداخلي وخاصة وضع ألأخوات اللائي لا يحق لهن بحسب اللائحة الحالية الترشح في انتخابات المكاتب الإدارية للمحافظات ولا التصويت فيها، فضلا عن مجلس شورى الجماعة ومكتب إرشادها، وأوكلت هذا الملف للقيادي بالجماعة خيرت الشاطر. ويختلف وضع الأخوات المسلمات في مصر عن أقرانهن في كثير من الدول العربية، ابرزها المغرب التي تحظى فيها المرأة بمشاركة واسعة داخل هيكل الجماعة.