تقدم التيار الشعبى المصري، بتحية الإجلال والإحترام لجماهير الشعب المصرى العظيم التى ثارت وانتفضت على مدار أكثر من أسبوعين عقب إصدار الإعلان غير الدستورى الذى سعى للتمهيد لديكتاتورية جديدة فى البلاد ، وتمكين تيار بعينه من الهيمنة على مصائر الوطن ومقدراته ، وتقويض مؤسسات الدولة وتعطيلها من أجل تمرير سيناريو سيطرة طرف واحد على كتابة دستور البلاد وسلطته التشريعية . و أضاف "لتيار الشعبي"، عبر بياناً رسمياً له اليوم،الأحد، إن هذه التحية الواجبة ، تأتى فى ظل نجاح جماهير الثورة فى إجبار السلطة الحاكمة على التراجع الجزئى فى مواجهة موجة الغضب الجماهيرى التى انطلقت فى ميدان التحرير وميادين الثورة بمحافظات مصر ووصولا إلى قصر الاتحادية .. وإننا إذا كنا نرى هذا التراجع الجزئى خطوة أولى بفضل الضغط الشعبى ، فإننا نؤكد مجددا على أن التراجع عن قرارات خاطئة ومحاولة معالجة جذور الأزمة التى تمر بها البلاد لا ينبغى أن يقاس بانتصار أو هزيمة طرف ، وإنما بالنظر لمصلحة الوطن وإرادة الشعب ، ونؤكد أن استمرار سياسة معاندة الشعب والاصرار على انفراد فصيل بعينه على فرض رؤيته ن تمثل إلا المزيد من نحر مشروعية النظام الحالى . و قال "البيان"، إن التيار الشعبى المصرى ، الذى قاطع مع باقى القوى الوطنية والثورية ، ما سمى بالحوار الوطنى الذى جرى أمس ، لأسباب متعددة تتعلق بطبيعة الحوار وجدول أعماله والظروف التى يقام فيها ومدى جديته فى لاستجابة لكامل مطالب الحركة الشعبية على مدار الأسبوعين الماضيين ، وهو ما تأكد صحته بنتائج هذا الحوار ، فإنه يبدى الملاحظات التالية : أولا : أن ما يسمى بالحوار الوطنى سبقه مؤتمرين صحفيين لقيادات جماعة الاخوان المسلمين بدا خلالهما واضحا استمرار لغة التهديد والاتهامات والاستقطاب ، والحديث عن مؤامرات لاسقاط نظام الحكم ، وهو ما يؤكد استمرار نفس أسلوب التفكير والحوار من طرف جماعة تظن أنها قادرة على الانفراد بالوطن واستمرار نفس السياسات فى ظل تصور واهم أنهم يمثلون الأغلبية ، وهو ما يثبت يوما بعد الآخر عدم صحته . ثانيا : أن نتائج ما سمى بالحوار الوطنى والذى غاب عنه ممثلى قوى المعارضة الحقيقية لم يحقق الحد الأدنى من مطالب الحركة الشعبية الثورية على مدار الأسبوعين الماضيين ، فمع الغائه للاعلان الدستورى السابق إلا أنه استبدله بإعلان دستوري جديد دون سابق نقاش وطنى حقيقى ، وفى ظل تساؤلات مشروعة حول أحقية رئيس الجمهورية الذى انتخب كرئيس للسلطة التنفيذية فى اصدار اعلانات دستورية ، خاصة وأنه بنفسه وجماعته وحزبه كانوا من معارضى حق المجلس العسكرى فى المرحلة الانتقالية فى اصدار اعلانات دستورية دون استفتاء الشعب عليها .. كما أن هذا الحوار أسفر عن الحفاظ على ما ترتب من آثار ناجمة من الاعلان الدستورى السابق رغم الغائه ، بالإضافة إلى الإصرار على طرح دستور مشوه يقيد حقوق وحريات المصريين للاستفتاء بعد أيام قليلة ، بل وتحصين موعد طرحه للاستفتاء بالنص عليه فى الاعلان الدستورى الجديد ، رغم استمرار الخلاف حول مشروع الدستور واستمرار الخلاف حول مشروعية ودستورية الجمعية التى كتبت هذا المشروع . ثالثا : أن دماء الشهداء والمصابين والجرحى التى سالت فى شوارع مصر ، بدءا من أحداث محمد محمود الثانية ، ووصولا إلى مجزرة قصر الاتحادية التى تذكرنا بموقعة الجمل ، مسئوليتها معلقة فى رقبة د. محمد مرسي وجماعته وحزبه ، فدور أى سلطة أو نظام حاكم هو حماية أمن وأرواح المصريين جميعا دون تمييز ، ونعتبرهم جميعا شهداء لنا وللوطن بغض النظر عن انتمائاتهم السياسية والفكرية ، ولا نزايد بدماء أحد منهم بادعاءات انتمائهم ، التى ثبت كذب بعضها والسعى للمتاجرة بها ونسب بعضهم بالزور لجماعة الاخوان وحزبها أو إغراء ذوي بعضهم بادعاء الانتماء للاخوان للمتاجرة بدمائهم ومحاولة قلب الحقائق وتشويهها واظهار أن المتظاهرين والمعتصمين هم من اعتدوا ، رغم وضوح الصورة التى بدأت بقرار الاخوان بنزول أعضائهم فى مكان الاعتصام السلمى أمام قصر الاتحادية وسعيهم لفضه بالقوة والعنف ، ومرورا باستخدام العنف والسلاح ضد المتظاهرين والمعتصمين ، ووصولا إلى إحتجاز بعضهم وتعذيبه والاعتداء عليه ومحاولة انتزاع اعترافات مزورة قهرا لادانة قوى وشخصيات بعينها ، وهو ما تورط فيه رئيس الجمهورية نفسه بادعاء وجود اعترافات موثقة ، قبل أن تصدر النيابة قرارها بالافراج عنهم وهو ما يؤكد عدم صحة ادعاءات مرسى وجماعته . و شدد "البيان"، علي إن هذه الدماء التى سالت ، ووقائع الاحتجاز والتعذيب والعنف التى جرت ، لا يمكن التسامح معها ولا مرورها دون حساب عاجل ، وتحويل المسئولين عن قرار نزول مؤيدى مرسى لفض اعتصام سلمى بالقوة إلى التحقيق والمحاكمة فورا ودون تباطؤ ، وإلا فالشرعية التى يتحدثون عنها تنهار وتسقط ، لأنها ستتحول إلى شرعية حماية العنف والإرهاب وتهديد المواطنين والمعارضين والاعتداء عليهم . رابعا : أنه لم يعد ممكنا قبول استمرار الوضع الراهن لجماعة الاخوان المسلمين التى لا يحكمها قانون ولا تخضع للدولة ، بل وتنصب نفسها محل مؤسسات الدولة ، لذا فلا سبيل إلا لتقنين وضع الجماعة فورا أو إصدار قرار بحلها . خامسا : أننا كنا ولا زلنا وسنبقى دائما نرحب بالحوار سبيلا لحل الخلاف ، لكن لا حوار مع اسالة الدماء ، ولا حوار من أجل المراوغة والتلاعب والالتفاف ، ولا حوار الا بالاستجابة أولا لما طالبته ونادت به جماهير الثورة فى الميادين والشوارع ، وهو ما يعنى ضرورة وقف الدعوة فورا للاستفتاء على مشروع الدستور ، لحين التوافق الوطنى والشعبى على سبل حل الأزمة والتوصل لصيغ مشتركة للتوافق حول مشروع الدستور .. ونشير هنا لأن تأجيل موعد الاستفتاء ممكن رغم ما يتردد من بعض أطراف السلطة والمؤيدين لها أن ذلك الموعد خاضع للاعلان الدستورى ونص مادته 60 التى كانت محلا للاستفتاء فى 19 مارس ، وهو منطق مغلوط ، لأن هذه المادة ذاتها خضعت للتعديل بقيام مرسى بمد فترة عمل الجمعية لمدة شهرين عندما أراد ذلك كمخرج من أزمة الجمعية ، وهو ما يؤكد أن الأمر متعلق بالارادة السياسية .. ونؤكد مجددا ما سبق أن دعونا له ، من التزام الرئيس بما تعهد به من عدم طرح الاستفتاء على الدستور الا بالتوافق بين الجميع ، وعدم طرح مشروع الاستفتاء قبل اصدار حكم المحكمة الدستورية بخصوص شرعية تشكيل الجمعية التأسيسية التى كتبت الدستور ، كما نكرر مجددا أن الدستور ليس محل أغلبية وأقلية ، وإنما محل للتوافق ، وأن طرح هذا المشروع المعيب للاستفتاء فى ظل الظروف الراهنة تحت دعاوى الديمقراطية والاستقرار وتحكيم الارادة الشعبية انما هو محاولة للتحايل والالتفاف وتزييف الوعى الشعبى .. ونؤكد أن رهاننا دائما على ارادة الشعب ووعيه وقدرته على استكمال ثورته ، لكننا فى ذات الوقت نرفض ان يتم استفتاء الشعب باسم الديمقراطية على دستور يكرس للاستبداد وهيمنة طرف بعينه على مستقبل الوطن ويقيد حريات المصريين ويهدر حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية ، فضلا عن أن يطرح هذا المشروع للاستفتاء فى أجواء الاستقطاب الحالى التى ستحول الأمر من ممارسة ديمقراطية لنموذج مشابه لما جرى فى استفتاء 19 مارس الذى لا يزال الوطن يعانى من آثاره المربكة حتى الآن ، وبعد أن سالت دماء شهداء ومصابين فى الاحتجاجات الرافضة لهذا المشروع . سادسا : إن استمرار الأجواء الحالية التى تسود فيها لغة التخوين والتهديد والارهاب وقمع المعارضين والتلويح بتلفيق القضايا لهم أو تصفيتهم جسديا أو منعهم من التعبير عن آرائهم ، هى كلها مسئولية السلطة الراهنة ، وأننا نثق تماما أن شعبنا المصرى لن يقبل استمرار مثل هذه الممارسات وحمايتها من جانب السلطة دون حساب ، وأن شعبنا سيستمر فى النضال من أجل حريته وكرامته ولن يخضع لابتزاز التخويف والتهديد . سابعا : أننا نتمسك بسلمية حركتنا ونضالنا ، وإذ ندين تماما كل أعمال العنف وأى طرف يبادر لها ، من اعتداء على متظاهرين أو حرق مقرات أو غيره ، فإننا نحمل مسئولية هذا الاحتقان الشعبى والسياسى والاجتماعى للسلطة الحالية التى لم تنجح فى التخلص من عباءة انتمائها الضيق لتكون تعبيرا عن كل المصريين ، ونحذر من أن الاستمرار فى ذلك النهج الذى يقسم الشعب المصرى ويضعه فى مواجهة حزب وجماعة لن يكون فى صالح من يحكمون . وإذ ندعو كل أعضاء التيار الشعبى وكافة أعضاء القوى السياسية والثورية وجماهير شعبنا للالتزام الكامل بسلمية المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات ، وادانة أى مظاهر مبادرة للعنف أيا كانت أسبابها ودوافعها والحرص على منعها ، فإننا نثق أن سلمية ثورتنا هى السبيل الوحيد لاستكمالها وانتصارها . ثامنا : أن استمرار الحديث عن وجود مؤامرة ضد مرسى وجماعة الاخوان دون مكاشفة الشعب بحقائقها وتفاصيلها ، لن يعنى إلا أن تلك مجرد أوهام لا صحة لها يتم استخدامها لتشويه المعارضين وترهيب الشعب .. والتيار الشعبى المصرى إذ يدرك تماما مصلحة أطراف عديدة تسعى لاجهاض الثورة وتهديد مصالح الوطن والشعب ، فإنه يدرك أيضا أن سبيل مواجهة ذلك يكون بالمكاشفة والمصارحة وتقديم الأدلة وتفعيل القانون ، كما يدرك تماما أن محاولة استخدام ذلك لتقييد القوى الوطنية والثورية المعارضة وتشويهها والطعن فى رموزها لن ينطلى على أحد ولن يسبب إلا مزيدا من الاحتقان والغضب والاستقطاب . و أختتم "البيان"، قائلاً : "أخيرا ، فإن التيار الشعبى المصرى إذ يدعو فورا لوقف الدعوة للاستفتاء على مشروع الدستور الحالى كسبيل وحيد وأخير لتجاوز الأزمة الراهنة ، وإذ يدرك خطورة استمرار التباطؤ من جانب السلطة فى الاستجابة للارادة الشعبية والوطنية ، فإننا نؤكد أن قرارنا دائما كان وسيبقى رهنا لارادة ومطالب جماهير الثورة ، فالشعب هو قائدنا الحقيقى ، وهو وحده القادر على استكمال ثورته والانتصار لها" .